الثلاثاء 21/مايو/2024

الجنائية الدولية تلاحق الاحتلال

خالد معالي

ما أن تناقلت وسائل الإعلام قرار المحكمة الجنائية الدولية، بأنها تسعى للتحقيق في “مزاعم” ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة والضفة الغربية و”شرقي” القدس، حتى لاقى ترحيبا فلسطينيا من مختلف القوى والفصائل، رغم أن القرارات الدولية سواء من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو المؤسسات الدولية لم تطبق بحق الفلسطينيين، كون دولة الاحتلال تعتبر نفسها فوق القانون الدولي في ظل الدعم الأمريكي كقوة تحكم العالم بالإكراه.

أن يقف “نتنياهو” ويصرح بأن الإعلان والقرار باطل فهو تحصيل حاصل، لكن كيف يفهم الشعب الفلسطيني المعارضة الأمريكية لقرار محكمة الجنايات الدولية، غير إصرار واشنطن على توفير غطاء لجرائم الاحتلال، وأنه تشجيع للاحتلال على ارتكاب مزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وهو ما يحولها لشريكة في العدوان المتواصل، وهذا الموقف الأمريكي المنحاز دوما يحرج ويفضح من كان يقول يوما بأن أوراق المنطقة والحل بأمريكا، وأنها راعٍ نزيه لعملية السلام، التي لم تبق شيئا في الضفة الغربية إلا والتهمه الاستيطان.

أن يأتي متأخرا خير من ألا يأتي أبدا، حيث قالت المدعي العام للجنايات الدولية “فاتو بنسودا”، إن المحكمة ستفتح تحقيقًا كاملًا في الأراضي الفلسطينية، وإن لديها قناعة بأن جرائم حرب ارتكبت أو ترتكب في الضفة الغربية بما يشمل “القدس الشرقية” وفي قطاع غزة، ويكفي أن القانون الدولي يعتبر الاستيطان لوحده جريمة حرب، هذا غير جرائم القتل والمجازر الجماعية والطرد والتهجير ومصادرة الأراضي وغيره الكثير.

“نتنياهو” استشاط غضبا وقال إنه لا يوجد دولة اسمها فلسطين، وبالتالي اعتبر أن التحقيق باطل قانونيا، في مراوغة منه وقلب صارخ للحقائق، حيث أن دولة فلسطين معترف فيها من أكثر دول العالم، وحتى لو لم يكن هناك دولة فهل يقبل أي إنسان أو دولة أو المجتمع الدولي قتل وتهجير وطرد 13 مليون فلسطيني!؟

سخط وغضب “نتنياهو” كشف خوفه من أي صوت أو أي حركة أو أي قرار لا تعمل في صالح كيانه المزعوم، فالإعلان اعتبر فلسطينيا خطوة في الاتجاه الصحيح تعكس انكشاف طبيعة الاحتلال الإسرائيلي لدى المنظومة الدولية، وحجم الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني ووضوح الحقيقة التي حاول الاحتلال إخفائها واستخدم كل أدواته في تضليل الرأي العام العالمي والعدالة والمؤسسات الدولية.

سيعمل الاحتلال جاهدا على إلغاء الإعلان، ويبقى الجزء الأهم هو سرعة تطبيقه والضغط من الفلسطينيين، وأن لا يكون مصير القرار كمصير غيره من القرارات التي كانت لصالح الفلسطينيين ولم يجر تطبيقها.

“نتنياهو الذي سارع  بالقول بأن المحكمة الجنائية الدولية “ليس لها سلطة” للتحقيق في مزاعم بارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية، وواصفا ذلك بأنه “يوم أسود للحقيقة والعدالة”، وأن لا ولاية قضائية للمحكمة في هذه القضية، كل هذا يشير إلى مدى تضايقه من هكذا إعلان قد يفضح جرائمه ويقدمه للعالم على
أنه مجرم حرب وبقية قيادات الاحتلال.

بشكل ماكر ركز “نتنياهو” على دولة،  مضيفا أن المحكمة لها سلطة فقط لنظر الالتماسات التي تقدمها دول ذات سيادة. لكن لا وجود لدولة فلسطينية.

في المحصلة، وإن كان المجتمع الدولي ومؤسساته لا تطبق قراراته على الاحتلال في ظل الدعم الأمريكي في المرحلة الحالية، إلا أن ذلك لا يعني عدم مواصلة فضح وكشف جرائمه أمام العالم واستصدار القرارات لذلك، كون القوي لا تدوم قوته، وغدا يضعف ويحاكم على جرائمه أيا كان وهو ما ينطبق على دولة الاحتلال التي تظن أن قوتها مخلدة، وما علمت أن الأيام دول، وأن الزمن ما عاد يعمل لصالحها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات