الثلاثاء 21/مايو/2024

تهجير غزة وهوس إسرائيل الديموغرافي

ناصر ناصر

أعادت تصريحات المصدر السياسي الكبير والمرجح أن يكون رئيس الوزراء نتنياهو –نفسه – التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية ومنها هآرتس 20-8، حول قيام دولة الاحتلال بخطوات عملية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، التذكير بما يسمى إسرائيليًّا الخطر الديموغرافي أو شبح الديموغرافيا؛ أي ضمان أغلبية يهودية في البلاد، والذي رافق المشروع الصهيوني الكولونيالي الاستيطاني منذ نشأته. فلماذا تهجير غزة؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ وهل هناك احتمالات عملية لتطبيقه؟ 

استخدمت “إسرائيل” أسلوب التهجير بكل الوسائل، ومنها التطهير العرقي للتخفيف من أعداد الفلسطينيين في أرض فلسطين قدر الإمكان، ولتحقيق هدف الصهيونية الأول، وهو فرض أغلبية يهودية في فلسطين العامرة بأهلها منذ عمق التاريخ، لم يحقق هذا الأسلوب وحده النتائج المرجوة، فجلبت عشرات آلاف اليهود من العرب وغيرهم، لتنجح في إقامة دولة “إسرائيل” على أنقاض الشعب الفلسطيني في العام 48، لكن الخطر الديموغرافي عاد يهدد “إسرائيل” بعد احتلالها وسيطرتها على الفلسطينيين في العام 67.

لقد تشكل الخطر الديموغرافي العنصري في ذهنية المستوطنين الجدد بسبب ثبات وتمسك الفلسطينيين بأرضهم رغم كل أساليب التهجير الناعمة والخشنة، وخاصة بعدما أكدت العديد من الجهات ومنها مسؤول عسكري كبير في الجيش وفق هآرتس 26 آذار 2018 بأن “إحصائيات الجيش تظهر أن أعداد العرب القاطنين في “إسرائيل” والضفة وغزة أكثر من أعداد اليهود”، مما شكل ورطة وأزمة مستمرة للصهيونية الاستيطانية.

 فكيف سيحافظون على أغلبيتهم اليهودية المصطنعة؟ وهل سيكون ذلك من خلال الموافقة على حل الدولتين للخلاص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، كما تطرح أحزاب الوسط واليسار في “إسرائيل”؟ أم سيستمر وضع الاحتلال العسكري وهو أبرتهايد زاحف باستمرار؟ أم سيقومون بعملية ضم لمناطق ال 67 مع حرمان أهلها من حقوقهم السياسية، وبذا التضحية بالمبادئ الديموقراطية وبالأغلبية العددية مقابل مبدأ صهيوني استيطاني آخر وهو السيطرة على أرض فلسطين بالكامل. كما يطرح اليمين المتشدد في “إسرائيل”.

لقد جاءت تصريحات المصدر السياسي الكبير – نتنياهو على الراجح – في هذا الوقت بالذات لتعبر عن عجزه وفشله أمام صمود الفلسطينيين في غزة وسائر مناطق فلسطين، ولتظهر محاولة إضافية من نتنياهو لكسب تعاطف المزيد من مصوتي اليمين في “إسرائيل” ممن يحلمون بترحيل الفلسطينيين بشتى الوسائل.

إن قيام أعداد معينة وصغيرة جدا من الفلسطينيين بالهجرة خارج فلسطين لأسباب مقبولة وأخرى مرجوحة وثالثة مرفوضة، لا تعني نجاحا يذكر للمخططات الإسرائيلية في التهجير، بل تعني فشلا إسرائيليا رغم كل الجهود والمحاولات والإمكانات المسخرة لذلك وعلى رأسها حصار وقهر الشعب الفلسطيني، كما أنها تعني ثباتاً وصموداً ووعياً فلسطينيًّا متزايداً، وما تزايد شعور “إسرائيل” بالخطر الديموغرافي إلا دليلاً ساطعا على ذلك.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات