خديعة القرن.. الاستثمار مقابل الأرض!
خرج كوشنير على القوم في زينته منتشياً، كما لو كان في حفل زفاف محاولاً إظهار الثقة في خطابه المنمق مع ديباجة مزخرفة بالأرقام، محاولاً ترويج سلعته الكاسدة بالبهرجة المخادعة.
ربما لم يتنبه كوشنير للتناقض الفجّ في طرحه، فهو من جهة يرى أن ما يسمى بالسلام الاقتصادي يصلح لأن يكون مدخلاً لما يراه حلاً، في حين أنه قال في خطاب افتتاحه لمؤتمر المنامة: «لا يمكن تحقيق النمو الاقتصادي والازدهار للشعب الفلسطيني من دون حل سياسي دائم وعادل للصراع».
أي أنه اعترف مبكراً بفشل فكرة المؤتمر القائمة على تقديم «السلام الاقتصادي» على «الحل السياسي»، وكأنه يقول أيضاً لا قيمة لكل تلك البهرجات التي قدمتها والتي سنقدمها لاحقاً خلال الورشة.
يدرك كوشنير ومن معه من طباخي الصفقة أنهم يقدمون خديعة، وأن الهدف من وراء كل المسعى والمخطط الحالي لصفقة القرن هو تثبيت الاحتلال وبعض الوقائع الاستيطانية والتهويدية على الأرض، وترسيخ منطلقات دولية ورسمية تتعاطى مع القضية الفلسطينية بتجاوز صارخ للحقوق السياسية والوطنية الأساسية للشعب الفلسطيني.
مبلغ 50 مليار دولار المقترح للاستثمار على مدار عشر سنوات، والمخصص منه للفلسطينيين يقدر بقيمة 28 مليار دولار، ليس سوى استخفاف بوعي الجماهير وتدليس ممنهج، فلو حسبناها حسبة مادية بعيدًا عن الحسابات الوطنية والأخلاقية والدينية والقيمية سنجد أن صفقتهم هزلية للغاية.
أظهر تحقيق استقصائي عن غاز غزة عرضته الجزيرة مؤخراً، ضمن برنامج «ما خفي أعظم» أن عوائد حقول الغاز المحيطة بغزة لو أمكن الاستفادة منها تبلغ نحو 4.5 مليار دولار سنوياً (45 مليار دولار في 10 سنوات من مورد واحد فقط)، ناهيك عن الموارد والثروات الطبيعية الأخرى التي ينهبها الاحتلال ويستفيد من عوائدها.
كما أن وجود المسجد الأقصى في فلسطين يجعلها مزاراً لمئات ملايين المسلمين سنويا، حال لم تكن محتلة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الفلسطيني، وكذلك لأعداد مشابهة أو أكثر من المسيحيين، نظراً لوجود معالم مثل كنيستي المهد والقيامة، وما إلى ذلك.
التكلفة اليومية لاستمرار الاحتلال أعلى ماديا بكثير من تلك الاستثمارات الكاذبة. وبغض النظر عن الحسابات المادية، فإن المشكلة ليست مشكلة مبلغ بل مبدأ، فالحرية، الكرامة، الوطن…، هي الثمن وليست سلعاً.
تذكّرني فصول مسرحية ورشة البحرين الهزلية القاسية بمشهد سقيا جنود الاحتلال للعجوز الفلسطينية «غالية أبو ريدة» خلال اجتياحهم منطقة خزاعة عند حدود قطاع غزة في عدوان عام ٢٠١٤، فبعد أن التقطوا صورة معها وهم يسقونها الماء، أعدموها بدم بارد.
نعم هم يريدون الصورة، أن يظهروا للعالم بأنهم يعطفون على الشعب الفلسطيني ويهتمون بمعاناته، وفي الليل بعيداً عن الصورة يجهزون على ذات الشعب وعلى أرضه وأحلامه ومستقبله والمقدسات.
إنه المشهد الذي أرادوه قبل الإمعان في مخطط تصفية القضية الفلسطينية، وأراده آخرون قبل أن يضعوا أيديهم بأيدي قادة الاحتلال علانية، بعد أن وضعوها سرًّا، ومن الجيد أن الفلسطينيين لم يحضروا الورشة، كي لا يكونوا شهود زور على المخادعة.
فلسطين ليست سلعة، ولا مجرد أمتار أرض مختلف على سعرها، هي قضية كل مؤمن، وكل حر، وكل صاحب ضمير، هي شرف، ومن لم يعرف الشرف لا يدرك ماهيته، ويظن أنه سلعة تباع وتشترى.
صحيفة العرب القطرية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
الاحتلال ينفذ مداهمات واعتقالات في الضفة وسط اشتباكات ومواجهات
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت اشتباكات ومواجهات مع قوات الاحتلال الصهيوني - فجر الأربعاء- في عدة محاور من الضفة الغربية خلال حملة...
بدران: لا تنازل عن الوقف الشامل للعدوان وعودة النازحين
الدوحة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران، أن الوقف الشامل للقتال وعودة النازحين، هي أبرز الخطوط الحمراء التي...
لليوم الـ 235.. القسام يواصل التصدي وتكبيد العدو الخسائر
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عز الدين القسام لليوم الـ 235 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور، والتي...
تحقيق يكشف عن استشهاد معتقلين من غزة في معسكر سدي تيمان
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الثلاثاء، عن استشهاد اثنين من أسرى قطاع غزة المحتجزين في معسكر سدي تيمان،...
أيرلندا تعترف رسميا بدولة فلسطين وتقيم معها علاقات كاملة
دبلن – المركز الفلسطيني للإعلام اعترفت أيرلندا رسميا الثلاثاء بدولة فلسطين، وأعلنت إقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها، حسب وزير الخارجية مايكل مارتن....
أمريكا تحب إسرائيل دائما.. نيكي هيلي توقع على قذائف لجيش الاحتلال
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام شاركت المندوبة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي في حملة توقيعات على القذائف التي يطلقها جيش...
جامعة دنماركية تسحب استثماراتها من شركات تعمل في المستوطنات
كوبنهاغن – المركز الفلسطيني للإعلام قالت جامعة كوبنهاغن الدنماركية، الثلاثاء، إنها "ستوقف الاستثمار في الشركات التي لها نشاط تجاري في المستوطنات...