الأربعاء 29/مايو/2024

بيرزيت؛ الاستثناء الحرّ الذي تتجاهله فتح

لمى خاطر

إلى أي حدّ يحق لحركة فتح استثمار نتيجة انتخابات جامعة بيرزيت للقول إنها دليل على أجواء الحرية والانفتاح التي توفّرها السلطة في الضفة؟

ربما يبدو هذا الكلام قابلاً للتصديق عند سماعه للوهلة الأولى، لكن الحقيقة تنطوي على ظلام مركّب على أكثر من صعيد.

فجامعة بيرزيت في مجال الحرّيات هي الاستثناء وليست القاعدة في الضفة، وفضل الانفتاح فيها وبيئة العمل الطلابي والنقابي الجيدة نسبياً يعود فضلها لإدارة الجامعة وليس للسلطة ولا لحركة فتح، لأنها باختصار جامعة تحترم نفسها ومعنيّة بسمعتها الأكاديمية، وهي تحصد ثمار ذلك كما نلاحظ باستمرار عبر محافظتها على تقدّمها على جميع الجامعات الأخرى في الضفة في تقييم الجامعات السنوي على مستوى العالم، بل إنها الوحيدة -فلسطينيا- التي تصنف ضمن أفضل مائة جامعة عربية.

في المقابل فإن واقع الجامعات الأخرى في الضفة يقول إنها مزارع أمنية يتم فرض إرادة السلطة وأجهزتها الأمنية فيها بالترهيب، ولا تملك إداراتها سوى الانصياع، وثمة مهازل أمنية ونقابية كبيرة حدثت على مدار الأعوام السابقة والعام الحالي في الجامعات الأخرى، منها عرقلة نشاطات الكتلة الإسلامية ومنعها داخل حرم الجامعات، وتوجيه إنذارات أكاديمية لبعض طلبتها وطالباتها لمجرّد تنظيمهم احتجاجات داخل الجامعات على انتهاكات الأجهزة الأمنية، ومنها أن إحدى الجامعات حاولت فرض قانون ينصّ على الترشّح الفردي في الانتخابات الطلابية وحظر ترشح الكتل فيها وذلك تماشياً مع رغبة حركة فتح، ثم حدّدت موعداً لإجراء الانتخابات خلال الامتحانات الفصلية النهائية، قبل أن تتخذ لاحقاً قراراً بالتأجيل.

يُضاف إلى ذلك أن الحملات الأمنية المتكاملة التي تنفّذها أجهزة السلطة والاحتلال طالت جميع مظاهر النشاط للكتلة الإسلامية لدرجة اقتحام الجامعات ومصادرة كل شاراتها ومظاهرها، حتى إن الأجهزة الأمنية في الخليل اقتحمت جامعة البوليتكنك بعد الدعاية الانتخابية مباشرة وصادرت مواد الكتلة، دون أي استنكار من إدارة الجامعة. وفي جامعات أخرى ترى مندوبي الأجهزة الأمنية يلاحقون الطلبة والطالبات جهاراً نهاراً داخل الحرم الجامعي ودون خجل. وأسوأ منه التجرؤ على اقتحام عناصر السلطة منازل عدد كبير من طالبات الكتلة وتفتيشها ومصادرة كثير من أغراضهن، واستدعائهن للتحقيق، إضافة للاعتقالات التي يتعرّض لها الطلبة على مدار العام على خلفية نشاطات طلابية خالصة يُفترض أنها غير محظورة وفق القانون الفلسطيني أو حتى قانون الجامعات الداخلي.

في المحصلة، فإن مُخرجات بيئة جامعية يُتاح فيها العمل الطلابي والتنافس النقابي لجميع الأطياف ستختلف حتماً عن تلك التي تخضع لترهيب وعرقلة ومنع، وتتواطأ إداراتها مع سياسات الأجهزة الأمنية، فحين يتاح للطالب أن يعاين بنفسه أداء مختلف الأطر الطلابية داخل الجامعة؛ ستكون قدرته على التمييز أعلى، وحين يمكنه أن يعبّر عن انتمائه بحريّة سينعكس الأمر تلقائياً على مستوى ونوعية نشاطه النقابي.

وتبقى هناك عوامل إضافية قد تؤثر سلباً أو إيجاباً على حظوظ كتل طلابية دون أخرى، لكنها لا تشكّل دائماً عاملاً حاسما، فشراء الأصوات والإنفاق بسخاء على الطلبة خلال موسم الانتخابات يساعد حزب السلطة على استجلاب أصوات الفئة غير المبالية أو تلك المهتمة بمصالحها المادية والتي ستختار مقاطعة التصويت إن لم تجد من يغريها به ، فيما نجد أن انتعاش المقاومة ضد الاحتلال يخدم الكتلة الإسلامية إلى حدّ ما كون المقاومة تساهم في تحرير وعي الجيل الناشئ وإبقائه على صلة أوثق بقضيته، والانحياز إلى الفئة التي يراها ألصق بهذه القضية والأكثر عطاءً على الصعيد المقاوم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات