الإثنين 29/أبريل/2024

العام الدراسي بغزة.. صورة قاتمة ومصير مجهول

العام الدراسي بغزة.. صورة قاتمة ومصير مجهول

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

من بين مخاوف عديدة تواجهها الفتاة أريج حمادة بما فيها عيشها في خيمة في رفح جنوب قطاع غزة، وفقدانها عدد من ذويها، وسط استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة للشهر السابع تواليًا، لا تخفي قلقها من ضياع عامها الدراسي وهي التي كانت تمني نفسها بالتفوق ودراسة الطب.

وقالت حمادة لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام: اندلعت الحرب بعد شهر تقريبا من بدء دراستنا، كنت وضعت لنفسي خطة لأحقق التفوق الذي اعتدت عليه، وحتى في الأيام الأولى للحرب كنت أواصل الدراسة على أمل أن تتوقف ونعود للدراسة.

وأضافت: لكن بمرور الأسابيع فقدت العديد من أفراد أسرتي ثم أجبرنا على النزوح والعيش في خيمة ودمر منزلنا، يوم نزحنا اصطحبت بعض كتبي ولكن مكتبي وملازمي كلها باتت تحت الركام كما هي طموحاتي.

أما الطفل محمد محمود (7 أعوام) من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، فكان يبدأ عامه الدراس الأول بحماس وأمل قبل أن تندلع الحرب الأعنف في قطاع غزة، وبات مستقبله الدراسي مجهولًا كباقي أقرانه الطلبة في القطاع المحاصر.

يقول محمد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” بكل براءة إنه اشتاق لمدرسته ومعلمه، وأنه لم يفرح بمدرسته بعد.

كل ما يتمناه محمد أن تنتهي حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وأن يعود وأقرانه إلى المدرسة، ليبدؤوا مسيرة العلم والتعليم، وصولًا لتحقيق الأهداف والآمال.

يقول والده: إن الضرر بالغ، مضيفًا: منذ أعوام يعاني أبناؤنا من فاقد تعليمي كبير. حروب و(كورونا)، والآن حرب غير مسبوقة.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر، استشهد آلاف الطلبة والمعلمين ودمرت مئات المدارس أو حولت لمراكز إيواء، وحُرم أكثر من 625 ألف طالب وطالبة، في غزة من مواصلة تعليمهم.

ويخشى كثير من الأهالي والطلاب من أن هذا العام قد انتهى، ولا يعرفون ماذا سيحل بهم مع تهديدات حكومة الاحتلال بمواصلة الحرب لأشهر أخرى، وغياب خطة واضحة لمصير العام الدراسي.

ويستعد الطلبة في قطاع خلال شهري مايو ويونيو لتقديم الامتحانات النهائية للعام الدراسي، ليكون طلبة غزة فقدوا عمليا عامهم الدراسي.

وقالت ميسرة أبو العطا، والدة الطالبة في الثانوية العامة نداء إنها قلقة على مصير ابنتها التي كانت تخطط أن تصبح طبيبة.

“لن يعود التعليم بسرعة، لأن كل شيء دمر، قتلوا الناس والطلبة والمعلمين، وقصفوا المدراس والجامعات، لا يوجد أي مكان لإيواء النازحين سوى المدراس، كم علينا الانتظار كي يعود أبناؤنا لمقاعد الدراسة”، تضيف أبو العطا.

وفيما يبدو أن المسألة معقدة وطويلة، وليست مرتبطة بانتهاء الحرب وفقط، الكثير يبدون قلقًا من فقدان العام الدراسي بكامله.

وأدت الحرب الإسرائيلية حتى الآن إلى تضرر 75 بالمائة من المباني المدرسية في قطاع غزة.

وقال بيان أصدرته «أونروا» ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم (يونسكو) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن عودة آمنة للتعليم في غزة، مرتبطة بإنهاء الحرب هناك.

وقال محمود علوان، الذي يعمل في مدرسة حكومية في مدينة خانيونس إنه لا يمكن إنقاذ الموسم الدراسي الحالي بأي شكل من الأشكال.

وأضاف: «المدارس لم تعد صالحة. غزة لم تعد صالحة للحياة. المسألة معقدة».

واتهم العطل، الذي فقد مثل 22 ألف مدرس مثله مصدر رزقهم الوحيد، إسرائيل باستهداف ممنهج للتعليم. وقال: «ليست المدارس فقط. دمروا الجامعات عن عمد وقتلوا قامات علمية كثيرة. إنها حرب على التعليم كذلك».

ويرسم كثير من المتخصصين صورة قاتمة للوضع التعليمي، إذ لا يتعلق الأمر بطلاب الثانوية العامة وحسب، وإنما يواجه الطلاب الأصغر مشكلة كبيرة تتعلق بخسارتهم المحتملة لعام من أعمارهم، أو ترفيعهم إلى صفوف أعلى مع فاقد تعليمي كبير، بينما خسر طلاب الجامعات عاماً دراسياً كاملاً، وربما أكثر في ظل قصف وتدمير الجامعات الكبيرة في غزة، تدميراً كاملاً.

قصف مدرسة
قصف مدرسة

بدوره، يتحدث مدير مديرية التعليم في مدينة رفح أحمد لافي عن مستقبل العملية التعليمية، ويؤكد “الصورة قاتمة، ولا يمكن أن يتنبأ أحد بمستقبل واقع هذه العملية إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها تماما”.

ويضيف “لا يمكن تصور ما سيكون عليه التعليم وجميع المدارس يشغلها النازحون، أو تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي جراء الاستهداف الإسرائيلي”، ويعتقد أن الخطر الأكبر يعصف بطلبة الثانوية العامة الذين لم يجلسوا على مقاعد الدراسة سوى شهر واحد فقط، و”هؤلاء مستقبلهم مجهول، كونهم يتقدمون لامتحانات موحدة على مستوى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس”.

ويرى لافي أنه لا يمكن تصور السيناريوهات المتاحة لاحقا لإنقاذ المسيرة التعليمية، بما فيها التعليم الإلكتروني، ويعدّه أمرا معقدا للغاية في ظل الدمار الهائل في المنازل السكنية والمنشآت، وعدم توفر الكهرباء، وتردي خدمات الاتصالات والإنترنت.

وكشفت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية عن أن 5424 طالبًا استُشهدوا و9193 أصيبوا بجروح منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر على قطاع غزة والضفة.

وقالت الوزارة في بيان لها، إن عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 5379، فيما بلغ عدد المصابين إلى 8888، موضحة شهداء الضفة الغربية من الطلاب وصل عددهم إلى 48 طالبًا، وبلغ عدد المصابين 305، إضافة إلى اعتقال 97.

أما المعلمون والإداريون فقد استشهد منهم 255 وأصيب 891 آخرون في قطاع غزة، بينما في الضفة الغربية أصيب 6، واعتُقل أكثر من 73.

وأشار بيان الوزارة إلى أن 286 مدرسة حكومية و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، ما أدى إلى تعرض 111 منها لأضرار بالغة، و40 للتدمير بالكامل، كما تعرضت 57 مدرسة في الضفة للاقتحام والتخريب، كما تم استخدام 133 مدرسة حكومية كمراكز للإيواء في قطاع غزة.

قصف مدرسة

وأكد البيان أن 620 ألف طالب في قطاع غزة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسية، ويواجهون ظروفا صحية صعبة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات