الإثنين 29/أبريل/2024

أبو راشد من اعتقال “مرمرة” إلى سجون هولندا

أبو راشد من اعتقال “مرمرة” إلى سجون هولندا

أمستردام – المركز الفلسطيني للإعلام

معتقل منذ أكثر من شهرين استجابة لرغبة إسرائيلية واستحياء هولندي دون دليل قانوني.

يواجه منذ أن بدأ العمل من أجل فلسطين، اللوبي الإسرائيلي الذي ادعى بأنه يمول حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو ادعاء مستمر منذ 20 عاما بعد ولادة “مؤتمر فلسطيني أوروبا” مباشرة.

أمين أبو راشد، المولود عام 1967 في مخيمات الشتات الفلسطيني، كما يتحدث عن نفسه، يعيش في مدينة روتردام بعد أن وصل إلى هولندا لاجئا في التسعينيات وحصل بعدها على الجنسية الهولندية، وفق تقرير لوكالة قدس برس للأنباء.

منذ البدايات الأولى وهو يتعرض إلى حملة تحريض بلا قيود أو حدود من قبل دولة الاحتلال، ومن قبل حلفائها في أوروبا وبشكل مباشر في هولندا. وتعتبره المخابرات الإسرائيلية “أحد قادة نظام جمع التبرعات والرئيس المالي لحماس في أوروبا الغربية”.

وصفته صحيفة “دي تليخراف” الهولندية بأنه ” زعيم حماس الهولندي” و “رجل حماس” أثناء التحضيرات والترتيبات لانطلاق “أسطول الحرية” المتوجه إلى قطاع غزة عبر اليونان.

وذكرت وقتها بأن أبا راشد هو “العقل المدبر” وراء الأسطول بعد أن ساعد في ترتيب شراء القارب الهولندي وتمويل العملية، وهو منسق “الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة”، والمتحدث الرسمي في “حملة كسر الحصار عن غزة”.

وحين تعرضت السفينة التركية “مافي مرمرة” لهجوم من قبل البحرية الإسرائيلية في أيار/ مايو عام 2011، كان أبو راشد على متنها، ولم يصب الرجل خلال الهجوم الإسرائيلي.

وبينما تم اعتقاله واحتجازه في سجن “بئر السبع” لبضعة أيام عرض الاحتلال عليه إمكانية إطلاق سراحه “بإجراء سريع” بسبب جنسيته الهولندية، لكنه رفض الاستفادة من ذلك من حيث المبدأ. وفيما بعد تم إطلاق سراحه.

ولم تجد الحكومة الهولندية ضيرا في الإعلان بأنها ستتكفل بكافة مصاريف رفع الدعوى القضائية التي أقامها أبو راشد ومواطنة هولندية ضد السلطات الإسرائيلية على خلفية اختطافهما من على متن سفن “أسطول الحرية” من المياه الإقليمية الدولية.

وزعمت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية بأن “اسمه مع حماس هو أمين أبو إبراهيم”.

برز اسمه بشكل واضح وجلي للعيان بوصفه مؤسسا ورئيسا لـ”مؤتمر فلسطينيي أوروبا” وعضو الأمانة العامة في “المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج” ، ورئاسة مؤسسة الإسراء، وعضوية مؤسسة الأقصى بهولندا وكلاهما جزء من “اتحاد الخير” والذي فرضت بحقه وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عام 2008، لكن الاتحاد الأوروبي لم يحذو حذوها، وهو أيضا عضو في حركة مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي ” BDS”.

وكان “مركز العودة” قد أطلق في عام 2003 “مؤتمر فلسطينيي أوروبا” ، قبل أن يصبح مبادرة مستقلة أريد لها أن يكون مظلة تجمع فلسطينيي أوروبا، وأن يكون منصة للإجماع الوطني في وجه اللوبيات الصهيونية الداعمة للاحتلال في أوروبا وحماية القضية الفلسطينية من الاندثار.

كما دأب المؤتمر على جمع الساسة والمفكرين وصناع الرأي من عموم أوروبا وغيرها من دول العالم تحت مظلة مناصرة الحق الفلسطيني.

وسجل للمؤتمر إسهامات بارزة في نشر الرواية الفلسطينية وبيان الحق الفلسطيني، وفضح الادعاءات الإسرائيلية، وكشف جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، والتمسك بالحقوق والثوابت الفلسطينية غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق بالحرية والعودة وتقرير المصير.

وقد جاءت الدورة الأخيرة للمؤتمر بمدينة مالمو جنوب السويد في 27 أيار/ مايو الماضي، وسط مقاطعة واتهام فلسطيني رسمي من منظمة التحرير الفلسطينية لمنظمي المؤتمر بـ”الارتباط بمنظمات إرهابية” زاعمة أن الهدف منه “ضرب تمثيلها الشعب الفلسطيني وشقّ صفه”. وسط اتهامات لرئيس المؤتمر بالصلة بحركة حماس، الأمر الذي نفاه أبو راشد.

وغابت تلك الاتهامات في دورات المؤتمر السابقة (نظم 19 دورة سابقة) وعقدت في دول أوروبية بحضور ممثلي السفارات الفلسطينية.

كما لم تحضر تلك الاتهامات في دورة عام 2006 في مدينة مالمو ذاتها، حين ألقى سفير فلسطين في السويد كلمة الرئيس محمود عباس، في المؤتمر. ولا كانت موجودة في دورة عام 2016 التي شاركت السفارة الفلسطينية فيها.

وما أن غادر أبو راشد مدينة مالمو السويدية حتى أقدمت السلطات الأمنية الهولندية على اعتقاله في حزيران/ يونيو الماضي، ووجهت إليه “شبهات بإرسال مبالغ مالية إلى منظمات مرتبطة بحركة حماس”، وذكرت السلطات الهولندية بأنه قام بتحويل 5.5 مليون يورو إلى “حماس” بمساعدة ابنته التي أطلق سراحها إلى حين المحاكمة.

ولا تزالا السلطات الهولندية تحتجزه منذ أكثر من شهرين دون محاكمة، رافضة الإفراج عنه إلى حين محاكمته بتهم ملفقة رغم أنه يعاني وضعا صحيا صعبا، وفي انتهاك واضح لما تنص عليه القوانين والأعراف الدولية بهذا الخصوص.

وحتى تكون معاناة عائلته كبيرة تم احتجازه في منطقة بعيدة ثلاث ساعات عن منزل العائلة التي تقدمت بطلب نقله لمنطقة قريبة إلا أن طلبهم قوبل بالرفض.

وكانت اللمسات الإسرائيلية واضحة في كتابة هذه المسرحية وتسييس المحاكمة بتدخل خارجي إسرائيلي، ورضوخ من طرف السلطات الهولندية التي استندت في القضية إلى ادعاءات وتقارير إسرائيلية مجمعة وعبارة عن فرضيات وانطباعات زائفة دون أي دليل يذكر.

الادعاء الهولندي اعتمد على تقارير متحيزة دون مسوغ قانوني واضح، وللأسف فإن جلسة استماع أخرى ستعقد في الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل وحتى ذلك الوقت لا يمكن نشر تفاصيل كثيرة حول القضية، وسيبقى أبو راشد رهين الاعتقال، إذ تعتبر هولندا من البلدان القليلة في أوروبا التي لديها اعتقال على ذمة التحقيق.

عرف أبو راشد على مر هذه السنوات بدوره في تأمين الاحتياجات الأساسية للمحتاجين، وتقديم ما يستطيع لهم، وبأنه مشغول دوما بالمساعدات الإنسانية في فلسطين وسوريا ( أثناء حصار مخيم اليرموك رغم المخاطر التي تحيط به) ولبنان والأردن.

وكثيرا ما وصف أمين أبو راشد بأنه “مستشار للحكومة الهولندية” في الشؤون الفلسطينية والعربية والفلسطينية والأقليات، فقد شارك ضمن وفد هولندا الرسمي أثناء الإعداد لمونديال قطر 2022، وكان الوحيد من بين الوفد من الأقلية العربية والمسلمة.

وهذا الانقلاب في العلاقة الرسمية معه يكشف دور اللوبي الإسرائيلي في أوروبا ومدى تأثيره على القضاء الأوروبي لمنع النشاطات الفلسطينية والتضييق على النشطاء ومناصري القضية الفلسطينية من خلال الاعتقال أو الترحيل أو المضايقات.

وبحسب قانونيين فإن اللوبي الإسرائيلي في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية قام بزراعة خلاياه داخل المنظومة القضائية لمحاصرة العمل الفلسطيني على كافة المستويات.

لكن، كما يقولون فأن الهزيمة ليست نتيجة نهائية وحتمية، فلا تزال أوروبا وأمريكا ساحات للنضال الفلسطيني رغم حروب اللوبي الإسرائيلي لمحو الذاكرة الفلسطينية، وهي محاولة يغلقها البؤس والفشل

أبو راشد يدفع ثمن انتمائه إلى شعبه وقضيته الفلسطينية عبر استنزافه واستهلاك قواه ومعنوياته، وهي حملة تؤشر على المأزق الذي تعيشه دولة الاحتلال في استهداف الشخصيات الفاعلة في العمل الفلسطيني في أوروبا.

لكنها لن تنجح فهي تمارس الخداع منذ 75 عاما ولم تنجح أبدا في دثر ودفن فلسطين وشعبها الذي بقي صامدا يقاوم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات