الثلاثاء 21/مايو/2024

معركة قضائية أردنية ضد جوجل انتصارًا لـفلسطين.. هذه حكايتها

معركة قضائية أردنية ضد جوجل انتصارًا لـفلسطين.. هذه حكايتها

كان بعمر الزهور يوم أن حاول إرباك العدو بتغيير اتجاه لوحات إرشادية مكتوبة باللغة العبرية، فنجح في ذلك وضلّ جنود الاحتلال مسيرهم في أرض لا يعرفون تضاريسها.

بعد مضي عقود على الحادثة، يحاول أيمن الحسيني،  الذي كان في الحادية عشرة من عمره آنذاك، أن يسترد ولو شيئا بسيطا من حقه ويعود لقهر الاحتلال بآلية جديدة، من خلال ملاحقته ما فعلته شركة جوجل بحذف اسم فلسطين إلى جانب مدن فلسطينية، واستبدالها بأسماء عبرية.

معركة قانونية
وتوجه صاحب الأرض إلى القانون مقاوما بطريقة جديدة لا تختلف كثيرا عن المقاومة بالسلاح لينير الطريق أمام من فقدوا الأمل.

وفي حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام” يبيّن أيمن الحسيني أن المقاومة ليست فقط رفع السلاح؛ فهناك قانون يمكن أن نلجأ إليه لاسترداد ولو القليل من حقنا المسلوب وإرباك العدو ومن يسانده.


منحوتة خريطة فلسطين التاريخية

وأضاف الحسيني أنه ومنذ 72 عاما لم يُرفع أي اعتراض أو قضية ضد الاحتلال أو من يسانده، وهذه هي القضية الأولى عربيا، ويطالب فيها بتعويض عن ما سببته الشركة من أذىً لحق بالشعب الفلسطيني الذي شاهد أسماء مدنه تتغير بأخرى، وأبصر جريمة القضاء على اسم فلسطين.

وفي يوليو الماضي أثار حذف “جوجل” اسم فلسطين عن خرائطها، واستبداله بـ”إسرائيل”؛ ردود فعل فلسطينية وعربية غاضبة، ومطالبات لمحرك البحث العالمى بالتراجع عن هذا الإجراء.

وحينها، دشّن النشطاء عبر الفضاء الأزرق حملات واسعة حملت وسومًا عدة أبرزها #فلسطين و #فلسطين_قضيتي و#فلسطين_على_الخارطة؛ للتعبير عن تضامنهم مع فلسطين وقضيتها، في وجه الخطوة التي أقدمت عليها الشركة الأمريكية.

القضية الجديدة رفعت في المحاكم الأردنية، ويؤكد الحسيني أن القضاء الأردني سجل القضية بكل سهولة ويسر، ولم يتعرض لأي ضغط لسحب القضية.

وثائق تاريخية
وردًّا على من يشكك بأهمية القضية، ومن يرى أنها تخدم المصلحة الشخصية للحسيني، وأنها لن تنجح؛ أكد الحسيني بوضوح حصوله على وثائق رسمية تثبت وجود فلسطين قبل قيام كيان الاحتلال، حصل عليها من وزارة الخارجية والسفارة الفلسطينية والأمم المتحدة، وهي عبارة عن وثائق من زمن الدولة العثمانية والبريطانية آنذاك، وتؤيد وتدعم كل ما يطالب به.

ودعا الحسيني الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء العالم إلى التفكير بطرق مشروعة لزعزعة الاحتلال ولو بالكلمة.

القضية هي الأولى
ويقول المحامي محمد الطراونة، المترافع بالقضية في حديثه مع “المركز الفلسطيني للإعلام“: “القضية هي الأولى من نوعها في الوطن العربي وليس في الأردن فقط، وأساسها مبنيّ على التعويض لما تسببت به شركة جوجل من ضرر نفسي ومعنوي ليس فقط لموكلي أيمن الحسيني بل للشعب الفلسطيني والعربي”.

ويشدد الطراونة أنه ليس من حق جوجل تغيير الأسماء على الخرائط؛ إلّا إن نفذت ذلك الأمم المتحدة بذلك؛ لأنها هي من تملك الحق بتغير أسماء الدول، وجوجل تملك حق النشر، ولا تملك حق المعلومة.

وبعد الضجة الإعلامية التي أحدثتها الحملات التي أطلقها الناشطون ضد جوجل اعتذرت الأخيرة بنشر خريطة فلسطين بداخلها وُرودٌ إلا أنها لم تحذف اسم “إسرائيل” من خرائطها.

وتحدث الطراونة عن عدة خطوات له قبل أن يرفع القضية رسميًّا في المحاكم الأردنية؛ حيث بحث عن مقر الشركة في الأردن، وأخرج وثائق يستهدى بها إلى أن فلسطين كانت موجودة قبل الاحتلال منها؛ وثيقة وعد بلفور، واتفاقية سايكس بيكو، وغيرها من الوثائق والصور التي تبين معالم فلسطين قبل الاحتلال الصهيوني وبعده، من جهات رسمية كالسفارة الفلسطينية والمكتبة الوطنية والحصول على خريطة فلسطين الموثقة في الأمم المتحدة.

وأكد الطراونة تسجيل القضية بالمحكمة، منبهًا إلى أن غياب المعرفة القانونية وحق المواطن برفع مثل هذه القضايا جعلت القانون مبنًى مهجورًا يعلوه النسيان إلّا أن رفع أولى القضايا في محكمة عربية والمطالبة عبرها ببعض الحقوق المسلوبة يحتاج -كما بين الطراونة- إلى حراك شعبي ودعم إعلامي مع التأكيد أنه يمكن لأي مواطن أن يرفع دعوى مشابه لها، وعلى أي مواطن أن يعرف ما له وما عليه في القانون.

سوابق وتغييب إعلامي
ويشير خبير القانون الدولي أنيس قاسم لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن ملف الملاحقة القانونية للاحتلال ومناصريه له سوابق سواء فيما يتعلق بالولاية القضائية الدولية، أو من خلال الدعاوى المرفوعة للمحكمة الجنائية الدولية، خاصة مع يتعلق بجرائم الحرب التي اقترفها الاحتلال في قطاع غزة عام 2014 واستمراره في سياسته الاستيطانية.


ووفق قاسم؛ هناك تغييب إعلامي لهذا الحراك، الذي بحاجة إلى قيادة فلسطينية تتبنى القضايا بقوة أكبر، وليس كما نراه حاليا من مواقف خجولة خائفة من تحريك ودعم هذه القضايا.

ولبيان حق المواطن الفلسطيني في رفع قضايا ضد الاحتلال نتيجة تعرضه للانتهاك أو العدوان من العدو الصهيوني، أكد القاسم أن مثل هذه القضايا كانت موجوده قديما، وكانت ترفع في أي دولة أوروبية بكل سهولة ويسر قبل أن ترمي الولايات المتحدة بثقلها لتعديل القوانين المحلية في تلك الدول لحماية “إسرائيل”.

وذكّر القاسم برفع قضية من ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا في محكمة بروكسل ضد شارون، وأنه ليومنا هذا هناك مسؤولون صهيونية لا يستطيعون دخول دول أوروبية هم مطلوبون فيها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات