الثلاثاء 21/مايو/2024

منع التصدير.. قرار إسرائيلي يكشف عجز السلطة عن حماية المزارعين

منع التصدير.. قرار إسرائيلي يكشف عجز السلطة عن حماية المزارعين

أماط منع الاحتلال “الإسرائيلي” الصادرات الزراعية الفلسطينية من الوصول إلى الأسواق الخارجية اللثام عن مدى تحكم الاحتلال بالقرار الاقتصادي الفلسطيني، وتجاهله لبنود اتفاق باريس الاقتصادي، كما أبان حجم العجز لدى السلطة الفلسطينية في سرعة اتخاذ القرارات الكفيلة بحماية المزارعين والمصدّرين، الذين باتوا معرضين لمزيد من الخسائر.

وشرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، في تنفيذ قرار منع تصدير المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى دول العالم عبر الأردن وحتى إشعار آخر.

وأوضح الوكيل المساعد للقطاع الاقتصادي في وزارة الزراعة طارق أبو لبن، أن القرار الإسرائيلي يشمل منع تصدير منتجات الخضراوات والفواكه وزيت الزيتون والتمور، وأنه يأتي ردا على قرار الحكومة الفلسطينية منع استيراد العجول الإسرائيلية منذ أشهر.

وأشار أبو لبن، في تصريح له، أن قيمة تصدير هذه المنتجات تبلغ سنوياً 100 مليون دولار، وتتركز غالبية زراعتها في الأغوار، التي هي محور الحديث في “صفقة القرن”.

تهديد الخسارة
وأكد سليم أبو غزالة، مدير شركة الريف للاستثمار والتسويق الزراعي، أن شركته مهددة بالخسارة وعدم مقدرتها على الالتزام تجاه المزارعين إن استمرت سلطات الاحتلال في حظر تصدير المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى الخارج.

وبين أبو غزالة أن 500 مليون شيقل هي حجم العقود التي أبرمتها شركات التسويق الزراعي الفلسطينية مع الشركات الخارجية، وكل تأخير عن التزام الشركات الفلسطينية بالموعد يعرضها للخسارة المالية، وفق ما نقلته صحيفة فلسطين.

وتتخصص شركة الريف في تصدير منتجات فلسطين من التمور وزيت الزيتون إلى دول أوروبا، وأمريكا، واليابان، وماليزيا.

وأشار أبو غزالة إلى أن مجلس المصدّرين بحث مع وزارة الاقتصاد برام الله سبل التغلب على العراقيل الإسرائيلية، مشدداً على أن خطوات الاحتلال تتناقض مع منظمة التجارة الدولية.

من جانبه قال رئيس جمعية النخيل إبراهيم تمارا: “حتى الآن أعاد الإسرائيليون 9 شحنات من التمور كانت في طريقها إلى الخارج، معظمها إلى تركيا، من أصل 25 شحنة كان يفترض أن تصدر خلال هذه الأيام”، وأضاف في تصريح له: “هناك تعاقدات للمصدّرين مع العديد من الأسواق، خصوصًا تركيا استعداداً لشهر رمضان، وأوروبا وشرق آسيا. المصدرون توقفوا عن شحنها إلى حين اتضاح الأمور”.

وأشار تمارا إلى أن تركيا تستورد حوالي 1000 طن من النخيل سنويًّا من أراضي السلطة الفلسطينية، وأن هذه الكمية ستزيد إلى 3000 طن هذا العام، ولكن حتى الآن لم تتجاوز صادرات التمور الفلسطينية إلى تركيا 220 طنًّا من الموسم الحالي، من أصل 3000 طن يفترض تصديرها إلى تركيا.

وبلغ الإنتاج الفلسطيني من التمور الموسم الحالي حوالي 10 آلاف طن، كان يفترض توجيه 6 آلاف منها للتصدير والباقي لاستهلاك السوق المحلية، في حين تجاوز إنتاج فلسطين من زيت الزيتون الموسم الماضي حوالي 30 ألف طن، ولا تتجاوز حاجة السوق المحلية 1000 طن سنوياً.

قاعدة بيانات
من جهته حث المزراع الستيني خليل أبو عامر، من سلفيت وسط الضفة المحتلة، وزارة الزراعة على ضبط عشوائية زراعة المحاصيل، مبيناً أن كل مزارع يزرع ما يراه مناسباً في أرضه من المحاصيل، وهذا التصرف العشوائي، يترتب عليه فائض في بعض المنتجات وعجز في أخرى.

واقترح أبو عامر في حديثه لصحيفة “فلسطين” أن تنشئ وزارة الزراعة قاعدة بيانات، تستطيع خلالها توجيه المزارعين نحو الأصناف التي يحتاج إليها السوق المحلي. ويمتلك المزارع أبو عامر(6) دونمات، يزرع فيها الزيتون، والليمون والعنب ومحاصيل حقلية. وأشار إلى أن المزارع الإسرائيلي لا يأبه بمنع وصول منتجاته إلى الأسواق الفلسطينية، أو حال تأثر مزروعاته بتقلبات الطقس؛ لأن حكومته تعوضه، بخلاف الفلسطيني الذي يضطر إلى الاستدانة للعودة مجدداً للزراعة أو العزوف.

من جانبه قال خالد منصور، مسؤول العمل الجماهيري في الإغاثة الزراعية: إن اتفاق “أوسلو” وما تمخض عنه من اتفاق “باريس” الاقتصادي جعل الفلسطينيين وكأنهم في جزيرة منعزلة داخل بحر الاحتلال، لا يستطيعون التواصل مع العالم الخارجي، وأظهر مدى تحكم الاحتلال بالقرار الاقتصادي الفلسطيني.

ودعا منصور في حديثه لصحيفة “فلسطين” إلى وضع إستراتيجية جديدة تتضمن تحقيق الاكتفاء الذاتي، وقال :”من الضرورة أن نقدم الدعم والإسناد للمزارعين في محنتهم الحالية، وتعويضهم عن الخسائر، لكن بألّا تقف الجهود عند ذلك وحسب بل أن تلتقي كل الجهات الرسمية والشعبية والأهلية والقطاع الخاص من أجل وضع إستراتيجية جديدة تؤدي إلى الاكتفاء الذاتي، ما يعزز صمود المزارعين ويسد احتياج السوق المحلي ونتخلص من هيمنة الاحتلال”.

وأشار منصور إلى التقاعس الرسمي والشعبي تجاه مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، مؤكداً في الوقت نفسه ضرورة أن يجد المستهلك المحلي منتجات ذات جودة وسعر مناسبين، وقال: “ينبغي النظر إلى المقاطعة على أنها سلاح إستراتيجي، لا تقف عند مدّة زمنية محددة”، لافتاً إلى أن الاحتلال يوجه بضائع درجة ثانية وثالثة إلى السوق الفلسطينية، ويهرّب أيضاً عبر مستوطناته بضائع منتهية الصلاحية، ويساهم قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بالأسعار الثابتة بـ 7%.

وحسب وزارة الاقتصاد الفلسطينية، بلغت قيمة صادرات المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى السوق الإسرائيلية 88 مليون دولار خلال العام 2018، تمثل 68% من حجم الصادرات الزراعية الفلسطينية للعالم البالغة حوالي 130 مليون دولار، في حين إجمالي حجم التبادل التجاري بين فلسطين ودول العالم في العام 2018 بلغ 7.694 مليار دولار.

استباحة الأسواق
من جهته قال الاختصاصي الاقتصادي د. سمير عبد الله: إنه يجب ألا تبقى الأسواق الفلسطينية مستباحة للتجار الإسرائيليين، في الوقت الذي توضع العراقيل أمام تجار الاحتلال لدخول السوق الإسرائيلي.

وقال عبد الله لوكالة “صفا”: إن أهمية هذا القرار تكمن في أن تفهم “إسرائيل” أن عليها أن تتعامل باحترام مع المزارعين والمؤسسات والتجار الفلسطينيين، ولا تتخذ قرارات تضرّ بهم، وأن تعلم أن هناك سلطة تهتم بمصالح مزارعيها وتدافع عنها.

وأكد أن الاحتلال لم يلتزم طوال السنوات الماضية بالمرور الحر للمنتجات الزراعية الفلسطينية إلى السوق الإسرائيلي، وفق ما نصت عليه اتفاقية باريس الاقتصادية.

وأوضح أن الاحتلال يلجأ أحيانا لفتح أسواقه لأصناف زراعية محددة وفي أوقات محددة، كأن يكون لديه نقص بتلك الأصناف، أو لوجود فرصة أمام التجار الإسرائيليين للتصدير للخارج وليس لديهم الكميات الكافية، فيسعون للحصول على كميات من المزارعين الفلسطينيين. وبيّن أن الاحتلال، تاريخيا، يمنع دخول أي منتجات زراعية لأسواقه؛ لحماية المزارعين الإسرائيليين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات