السبت 27/أبريل/2024

غزة تئن من وجع الحصار والعدوان .. والحرمان يُسعر براكين غضب

غزة تئن من وجع الحصار والعدوان .. والحرمان يُسعر براكين غضب

محاصرون حتى الموت .. مرضاهم يرقدون في مستشفيات بلا دواء بانتظار الأجل .. يعيشون في منازل بلا كهرباء، لا طعام ولا غذاء، بل إن شربة الماء النظيفة وكسرة الخبز أصبحت عملة نادرة، ليس هذا فحسب؛ بل يرافق ذلك آلة قتل تعمل ليل نهار في حصد أرواح من لم يقتله الحصار.

هذه باختصار، قصة حصار، لم يستثن الصغار ولا الكبار، يعيشها مليون ونصف المليون إنسان في قطاع غزة في القرن الحادي والعشرين، بل إن مآسي وتداعيات هذا الحصار بدأت تشير إلى كارثة إنسانية لم يشهدها تاريخ البشرية الحديث.

غزة تموت ببطء

المعاناة في غزة رسمها الدكتور محمد عوض أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني، حيث حذّر من أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة “يموت ببطء يوماً بعد يوم جراء تصاعد الحصار الإسرائيلي وتفاقم أزمة الوقود”.

بل ويؤكد أن قوات الاحتلال الصهيوني تعمل بكل قوة على زيادة معاناة المواطنين من خلال تشديد الحصار على قطاع غزة وتصعيد العدوان العسكري، وتقليص كميات الوقود ومنع علاج المرضى بالخارج وعرقلة وصول المواد الغذائية والأدوية للمواطنين المحاصرين.

الأوضاع في غزة جعلت جهات عديدة تطلق نداءات استغاثة عاجلة جداً لإنقاذ غزة؛ فهذا “انطوان جراند” مدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة قد نبّه من أن الظروف الصعبة والقاسية جداً التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة جراء الحصار وإغلاق المعابر وتفاقم أزمة الوقود، “تساهم بشكل واضح في زيادة معاناة السكان بغزة”.

وذكر أن الصليب الأحمر ليس لديه القدرة لتوفير كميات الوقود اللازم لاحتياجات سكان القطاع وبالكاد يستطيع توفير الوقود لتغطية برامجه وفعالياته المختلفة، داعياً المنظمات الدولية إلى إنقاذ غزة والتدخل لوقف معاناة المواطنين.

حذار من غضب الجوعى والمحاصرين

لكن عدم تحرّك دول العالم العملي لنجدة غزة والضغط على السلطات الصهيونية لرفع الحصار، قد يدفع الفلسطينيون إلى خيارات أخرى ليحافظوا على حياتهم.

“انتبهوا من غضبة الجوعى والمحاصرين في غزة، بعد أن بدأت الكارثة تتحقق”، لم يكن هذا تحذيراً أو تهديد من قبل الفصائل الفلسطينية والتي نبّهت من ذلك؛ ولكنه كان تحذيراً صادراً من الأمم المتحدة نفسها.

ويقول كريس غونيس المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، التابعة للأمم المتحدة محذّراً السلطات الإسرائيلية والعالم أجمع: “عندما يكون الناس جائعين غاضبين؛ فإن هذا لا يصب لا في مصلحة السلام ولا في مصلحة إسرائيل على الصعيد الأمني”، في إشارة واضحة إلى أن الفلسطينيين لن يقبلوا أن يموتوا وحدهم.

يأتي ذلك بعد أن أطلقت العديد من الوزارات والمؤسسات الحقوقية نداءات استغاثة قالت فيه إن الموت في الطريق وسلسلة كوارث باتت قاب قوسين أو أدنى، وكذلك تحذيرات من قبل مختلف القطاعات الخدماتية والإنسانية التي أكدت أن كارثة بيئية وصحية قد بدأت فعلياً في غزة بسب الحصار.

وجع الحصار يشتد

الوضع ذاته حذّرت منه “الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة”، والتي قالت إن هبّة شعبية عارمة في قطاع غزة قد تحصل لكسر الحصار الجائر المفروض منذ عامين، والذي اشتدت وطأته منذ عشرة أشهر؛ بعد أن أثّر بشكل كبير على جميع مفاصل الحياة الدقيقة، وذلك في ظل عدم وجود تحرّك عملي لإنهاء الحصار.

وقال أمين أبو راشد، رئيس الحملة: “إنه في الوقت الذي يفقد فيه أهل قطاع غزة، المليون ونصف المليون إنسان، جميع مقوّمات العيش والحياة بتفاصيلها، والتي وصلت إلى حد التحذير من أزمة وشيكة في الخبز والغذاء، إضافة إلى ندرة المياه المعقمة وتوقف آبار المياه وانتشار مياه الصرف الصحي الملوثة في الشوارع؛ فإن المحاصرين وبعد أن نفذ كل ما لديهم من خيارات ووسائل سيلجئون لكسر الحصار بأيديهم وسيخرجون باتجاه من يفرض الحصار عليهم”.

ولفت أبو راشد الانتباه إلى خطورة الوضع الإنساني المتدهور في غزة، لا سيما وأن مائة وواحداً وأربعين مريضاً، ثلثهم من الأطفال، توفوا حتى الآن جراء منعهم من العلاج بسبب الحصار الظالم، والذي يحول دون أن يتلقى المرضى العلاج الطبي خارج القطاع.

رفع الحصار قبل فوات الأوان

وإزاء الأوضاع الإنسانية الخطيرة؛ فقد تصاعدت الدعوات والنداءات الصادرة عن مؤسسات حقوقية دولية ومحلية للمطالبة برفع الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عامين، وذلك قبل فوات الأوان ووقوع كارثة إنسانية محققة.

فقد أكد تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية “أوتشا” أن نقص الوقود في قطاع غزة لأشهر مضت “أدى إلى التشويش على مناحي الحياة الضرورية”، محذراً من أن الغياب الكامل للوقود سيزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير.

بدوره؛ وصف المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر الحصار الصهيوني للشعب الفلسطيني بأنه “أبشع صور القهر ضد المدنيين” مما يلزم الأمم المتحدة بضرورة التصدي له، محملاً الاحتلال المسؤولية الكاملة لضمان أمن وسلامة المدنيين الفلسطينيين وصيانة حقوقهم.

واستنكر المجلس، الانتهاكات الصهيونية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني وخاصة انتهاك الحق في الحياة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي تخرق القانون الدولي والإنساني واتفاقيات جنيف. وقال “إن كارثة إنسانية وصحية محققة تقع اليوم في قطاع غزة يتغافل عنها العالم، لا سيما وأنها تتفاقم بشدة يوماً بعد يوم”.

كما أطلقت مختلف المراكز، التي تُعنى بحقوق الإنسان والتي تتخذ من الأراضي الفلسطينية مقراً لها، نداءات ومناشدات عاجلة لرفع الحصار فوراً، معتبرة أن ما يجري هو “جريمة ترتكبه السلطات الإسرائيلية”.

وطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف إزاء ما يجري في قطاع غزة واحترام القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان، والضغط على الاحتلال ليوقف سياسة العقاب الجماعي وغيرها من الجرائم، التي تعرض حياة المدنيين وممتلكاتهم أفراداً وجماعات لخطر حقيقي وداهم”.

صبر غزة بدأ ينفذ

وبذلك؛ فقد أصبح التحذير من نفاذ صبر أهل قطاع غزة تحذيراً دولياً، وليس داخلياً فحسب، بعد أن بدأ الحصار يهدد حياة المحاصرين بالفناء، فالجميع يلمس الواقع ويؤكد أن أهل غزة لن يبقوا صامتين وهم يرون أبناءهم وأطفالهم وكبار السن فيهم والمرضى يموتون أمام أعينهم بسبب الحرمان من العلاج وحتى من الغذاء والماء”.

فملامح الكارثة الإنسانية التي تتشكل حالياً في قطاع غزة على مرأى من الجميع، التي باتت معالمها واضحة؛ تفرض على المجتمع الدولي ومؤسساته الفاعلة إلى مضاعفة الجهود لكسر الحصار فوراً، من خلال الضغط على السلطات الصهيونية؛ لأنّ استمرار الإغلاق الصارم للمعابر يتسبب حتماً في تشكيل الكارثة ووقوع الأسوأ على الصُعُد الإنسانية والصحية والمعيشية في هذه الرقعة الضيقة المكتظة بالسكان، بحسب تحذيرات المؤسسات الإنسانية والحقوقية الدولية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات