الأحد 05/مايو/2024

انتفاضة الجامعات الأمريكية.. صرخة في وجه دعم واشنطن لحرب الإبادة على غزة

انتفاضة الجامعات الأمريكية.. صرخة في وجه دعم واشنطن لحرب الإبادة على غزة

واشنطن – المركز الفلسطيني للإعلام

مع دخول حركة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية يومها العاشر، يتسع نطاقها وتنضم إليها جامعات جديدة، لتتحول إلى ما يشبه الانتفاضة العارمة الرافضة لحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، والمطالبة بوقف تسليح الولايات المتحدة لإسرائيل.

وامتدّت الاحتجاجات التي بدأت في جامعة كولومبيا إلى نحو 44 جامعة وكلّية أميركية، رغم حملات الاعتقال الجماعية التي نفذتها السلطات المحلية بحق الطلبة والمتظاهرين المساندين لهم، وتهديد إدارات الجامعات بتنفيذ المزيد من الاعتقالات في حال استمرت التظاهرات والاحتجاجات.

ودعت شخصيات سياسية لاستخدام وحدات “الحرس الوطني” للتصدي للطلاب المناهضين لإسرائيل، فيما حثّت منظمة العفو الدولية الجامعات الأميركية على احترام وحماية حقّ الطلاب في الاحتجاج السلمي.

جامعة كولومبيا.. شعلة الانطلاق

في 18 أبريل/ نيسان، بدأ طلاب مؤيدون لفلسطين في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة اعتصاماً في حديقة الحرم الجامعي، احتجاجا ًعلى الاستثمارات المالية المستمرة للجامعة في الشركات التي تدعم احتلال فلسطين والإبادة الجماعية في غزة، حيث تم اعتقال أكثر من 100 طالب خلال المظاهرات.

وفي وقت لاحق، امتدت مظاهرات الطلاب المؤيدين للفلسطينيين إلى جامعات رائدة أخرى في الولايات المتحدة، مثل جامعات نيويورك وييل، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة كارولينا الشمالية.

ويواصل طلاب جامعة كولومبيا في نيويورك اعتصامهم المفتوح منذ 10 أيام احتجاجاً على ما يعتبرونه إبادة جماعية للشعب الفلسطيني.

وقال الطلاب في الجامعة إنهم لن يتراجعوا عن الاعتصام من أجل فلسطين محررة حتى تقوم الجامعة بالكشف عن جميع الشركات والمؤسسات المستفيدة من الإبادة الجماعية وسحب استثماراتها منها، وتوفير العفو لجميع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين واجهوا إجراءات تأديبية أو اعتقلوا.

تهديد بتعبئة الحرس الوطني

في هذه الأثناء، هدّد رئيس مجلس النواب مايك جونسون خلال زيارة إلى جامعة كولومبيا، بأن يطلب من الرئيس جو بايدن تعبئة الحرس الوطني في الجامعات التي تعاني من “فيروس معاداة السامية”، على حدّ تعبيره.

ويتهم جزء من المجتمع الأمريكي الجامعات الأمريكية بمعاداة الصهيونية، الأمر الذي أدى إلى استقالة رئيستي جامعة هارفرد وجامعة بنسلفانيا من منصبهما هذا الشتاء.

وتحرك تصريحات جونسون ذكريات أليمة تعود إلى العام 1970 حين قُتل طلاب عزل برصاص عناصر من الحرس الوطني خلال احتجاجات ضد حرب فيتنام.

اتساع نطاق الاحتجاجات

من لوس إنجلوس إلى نيويورك، مرورا بأوستن وبوسطن وشيكاغو وأتلانتا، اتسعت الحركة الاحتجاجية للطلاب الأميركيين المؤيدين لفلسطين، حيث نظمت احتجاجات في عدد من الجامعات المرموقة عالميا مثل هارفرد ويال وبرينستن.

ويتكرر المشهد منذ أيام في أنحاء مختلفة من البلاد، حيث يقوم طلاب بنصب خيام في جامعاتهم للتنديد بالدعم العسكري، الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل والوضع الإنساني في قطاع غزة، ثم تقوم شرطة مكافحة الشغب في كثير من الأحيان بإخلائهم، بناء على طلب إدارة الجامعة.

يأتي ذلك فيما بدأ صباح الخميس مئات الطلاب بالتجمع في حرمي جامعتي جورج تاون وجورج واشنطن بالعاصمة الأميركية واشنطن، في امتداد للاحتجاجات المتواصلة بجامعة كولومبيا.

وردد الطلاب، الذين تجمعوا في الحديقة الكبيرة وسط حرم جامعة جورج تاون، شعارات مثل “فلسطين حرة” و”وقف إطلاق نار فوري في غزة”، كما نصبوا خياما في الأماكن التي أعطت فيها الشرطة إذنا بذلك.

وفي جامعة جورج واشنطن، رفع الطلاب لافتات مؤيدة لفلسطين وبدؤوا السير بشكل جماعي نحو حرم الجامعة. وأفاد مراسل الجزيرة بأن طلابا مؤيدين للقضية الفلسطينية أنشؤوا مخيما بحرمها.

وأقام طلاب مؤيدون للفلسطينيين خياماً في جامعة بنسلفانيا، ودعوا إدارة الجامعة إلى سحب استثماراتها من إسرائيل.

كما يواصل طلاب من جامعة هارفارد اعتصامهم المفتوح داخل الحرم الجامعي احتجاجاً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وقد أغلقت إدارة الجامعة الحرم الجامعي ورفضت دخول وسائل الإعلام إلى ساحة الاعتصام.

في غضون ذلك، واصل طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا اعتصاماً مفتوحاً احتجاجاً على حرب الإبادة الجماعية في غزة، ورفع الطلاب عريضة بمطالبهم تتضمن وقف التعاون بين الجامعة وجيش الاحتلال، مؤكدين أن 70% من طلبة الجامعة يوافقون على هذا المطلب.

وما زالت الاحتجاجات تتواصل وتمتد إلى جامعات وكليّات أخرى في أنحاء الولايات المتحدة

حملة اعتقالات

ومنذ بداية الاحتجاجات، شنّت السلطات الأمريكية حملات اعتقال جماعية للطلاب والمحتجين، مستخدمة العنف في الكثير من الحالات.

ففي بداية الاحتجاجات، اعتقلت الشرطة الأمريكية 108 طلاب من جامعة كولومبيا التي انطلقت منها الاحتجاجات.

كما اعتقلت السلطات الأميركية نحو 100 محتج في جامعة جنوب كاليفورنيا والعشرات في جامعة تكساس بمدينة أوستن.

ونقلت وكالة رويترز نقلاً عن الشرطة الأميركية أنّه تم توقيف 93 شخصاً خلال مظاهرة في جامعة في لوس أنجلوس.

وقالت شرطة جامعة إنديانا في مدينة بلومنغتون إنّها اعتقلت 33 شخصاً في حرم الجامعة، بعد رفض المحتجين المتضامنين مع غزة إزالة خيام الاعتصام.

كما أعلنت شرطة بوسطن اعتقال أكثر من 108 طالب خلال احتجاج في كلية إيمرسون في بوسطن بولاية ماساشوستس، وسط استمرار تصاعد احتجاجات طلاب الجامعات الأميركية المطالبة بوقف الدعم الأميركي لإسرائيل بحربها على غزة.

وشملت الاعتقالات الأكاديميين، حيث اعتقل اثنان منهم على الأقل بجامعة إيموري في ولاية جورجيا ضمن احتجاجات على الحرب في غزة.

عنف الشرطة

لم تكتفِ الشرطة الأمريكية باعتقال الطلاب المحتجين في الجامعات الأمريكية، بل عمدوا إلى استخدام العنف أثناء فضّهم للاعتصامات، وأثناء عمليات الاعتقال.

فقد قام عناصر الأمن الذين يمتطون جياداً بتوقيف طلاب في جامعة تكساس الواقعة في مدينة أوستن، كما طردت الشرطة صباح الخميس طلاباً من جامعة إيموري في أتلانتا جنوب الولايات المتحدة.

وفي أحدث اشتباك داخل حرم جامعي، تحرك أفراد من الشرطة على الفور في مواجهة طلاب محتجين بدؤوا يقيمون مخيما في جامعة برينستون بولاية نيوجيرزي، حسبما أظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي.

ونشرت وسائل إعلام مختلفة، إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مشاهد مصورة لتعامل الشرطة العنيف مع الطلاب والمحتجين في الجامعات الأمريكية.

بين معاداة الاحتلال ومعاداة السامية

من جهتهم، نفى طلاب يهود في جامعة كولومبيا الأميركية صحة ادعاءات رئيس مجلس النواب مايك جونسون بأن المظاهرات الداعمة لفلسطين تعتبر تهديداً معادياً للسامية، مؤكّدين أنّه لم يقل الحقيقية.

وأوضح الطالب اليهودي سام أنّه يدعم المظاهرات في حديقة الحرم الجامعي للمطالبة بقطع إدارة الجامعة علاقاتها التجارية مع الشركات التي تدعم إسرائيل، وأعرب عن فخره بالمشاركة في المظاهرات.

وفي ردّه على سؤال بشأن وجود تهديد على اليهود بالجامعة، قال سام “بالتأكيد، لا يوجد”، مبينا أنه تلقى دعماً في منطقة الاحتجاج “أكثر من أي جزء آخر من الجامعة”.

وأضاف “أعتقد أن الطلاب الذين يزعمون أنهم يواجهون الكثير من معاداة السامية في الحرم الجامعي يخلطون بين معاداة إسرائيل ومعاداة السامية”.

مخاوف نتنياهو من ثورة الطلاب

لم يتأخر نتنياهو عن إدانة المظاهرات الطلابية في الجامعية الأمريكية، بل اتّهم القائمين عليها بدعم حماس ومعاداة السامية، وحرّض قوّات الأمن الأمريكيّة على قمعها بقوّة.

وفي تعليقه على تلك الإدانة، يرى الكاتب عبد الباري عطوان أنّ مخاوف نتنياهو والحركة الصّهيونيّة عموماً من انفِجار هذه الثّورة الطُّلّابيّة واتّساع دائرتها يرجع إلى أنّ الثورة حصلت في جامعات النّخبة الأمريكيّة.

وأضاف أنّ الطُّلّاب الذين تعرّضوا للقمْع والاعتِقال بعضهُم من أبناء أعضاء مجلسيّ النوّاب والشيوخ ورجال الأعمال، والطّبقة السياسيّة الحاكمة في أمريكا، وهؤلاء الطُّلّاب هُم قادة أمريكا الجُدُد.

ولفت عطوان إلى وجود أعداد من الطُّلّاب اليهود في أوساط الطّلبة المحتجّين، ورفعهم الإعلام الفِلسطينيّة، وارتدائهم للكُوفيّة، يعّد صفعة قويّة لنتنياهو، وتفنيداً لاتهامات المحتجين بمُعاداة للسّاميّة.

كما أكّد الكاتب أنّ هذه المظاهرات تشير إلى اتّساع دائرة الأمريكيين الذين يعتقدون بأنّ دعم حكومتهم لمجازر الاحتلال في غزة بالمال والسّلاح يُعرّض أمريكا ومصالحها في العالم للخطر.

معركة حقيقية

من ناحيته، يرى الكاتب والباحث أسامة أبو ارشيد أنّ ما يجري في الجامعات الأمريكية معركة حقيقية، قد يكون لها تداعيات مستقبلية جوهرية، على الانحياز الأميركي الأعمى لإسرائيل، وعلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وأوضح الكاتب أنّ الطرف الإسرائيلي وحلفاءه في الولايات المتحدة، واللوبي الصهيوني، يدركون تماماً خطورة ما يجري، وأثره السلبي الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل، لذلك سارعوا لإدانة الطلبة المحتجين، طالبوا بالتعامل الأمني العنيف معهم.

ويشدّد ارشيد على أنّ أكثر ما يقلق المؤسسة التقليدية الأميركية الحاكمة، واللوبي الصهيوني وحلفاءه، أنّ الجيل الأميركي الناشئ أكثر حساسية نحو الحقوق الفلسطينية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات