الثلاثاء 21/مايو/2024

الظلم يدمر الدول ويخرب العمران!!

الظلم يدمر الدول ويخرب العمران!!

صحيفة الشرق القطرية

الطواغيت لا يقرأون التاريخ، ولا يعتبرون بمن سبقهم، لو جلس كل ظالم قليلاً يتأمل سيرة الطغاة والمستبدين لعرف أن الظلم هو أقصر الطرق إلى نهاية مأساوية يذوق فيها الطاغية كأس الظلم الذي سقاه الآخرين، وما أشد مرارة الظلم !!

لكن نهاية الظالمين تأتي على ما أقاموه من بنيان وما شيدوه من عمران فتأتى عليه من الأساس وتقوض صروح العز والأبهة التي بذل الطاغية كل جهده ليبنيها، وظلم العباد للحفاظ عليها .

لقد حفظ لنا التاريخ سيرة الكثير من الطغاة الظالمين ليعتبر أولو الألباب بنهايتهم، وليعرفوا أن الظلم أهم أسباب الدمار والخراب .

أستطيع أن أقدم لكم سيرة الكثير من الطغاة الظالمين، وكان الموت هو النهاية الحتمية، لكن هذا الموت تتعدد أسبابه، وتتجلى فيه آيات الله وحكمته.. ثم يزول الملك ومظاهر الفخر والمجد والثراء.. ويظل العباد يلعنون الظالمين .

يعتقد الظالم أن الدنيا تدوم له، وهو يقترب حتماً من نهايته الأليمة، ويخطط للحفاظ على الملك بقهر شعبه وهو يسرع الخطى إلى النهاية .

نموذج شارون

أقدم لكم نظرات في سيرة بعض الطغاة الظالمين.. واختار لكم شارون.. أين شارون الآن؟! إنه يرقد أسير مرض لا شفاء منه، لا يستطيع حراكاً.. يتعفن الجسد ويتقرح، وتفوح الروائح الكريهة من جسده الضخم.. ينتظر الموت الذي سيأتي حتماً ولكن بعد عذاب طويل، وحتى يشعر كل من حوله بالقرف والاشمئزاز، ويتمنون له الموت الذي يتمناه لنفسه .

وهذا العذاب في الدنيا.. وما أدراك بعذاب الآخرة !!

لم يعد أحد يتذكر شارون إلا ويلعنه.. تتذكر نساء فلسطين شارون الذي قتل أبناءهن وأزواجهن.. ها هي آيات الله تتجلى.. الله يقتص من شارون الظالم لدموع الأطفال اليتامى والأمهات الثكالى والزوجات الأرامل .

كان شارون يتصور أنه ملك بني “إسرائيل” الذي سيبني مملكة “إسرائيل الكبرى”، ومن أجل ذلك الحلم كان يبطش بقسوة بأطفال فلسطين الذين لا ناصر لهم إلا الله، فانظروا ما فعله الله بهذا الظالم، وكيف اقتص لهم في الدنيا عبرة لكل الظالمين وآية لكل البشر وتثبيتاً للمؤمنين .

هل هناك ظالم في هذه الدنيا يمكن أن يتمنى لنفسه نهاية مثل نهاية شارون؟ ها هو يرقد عاجزاً لا يملك من أمر نفسه شيئاً.. تذكروا كيف كانت كاميرات المصورين تتسابق لالتقاط صور لجسده الضخم كالبلدوزر وهو يتحرك باستعلاء وغرور كأنه يتحدى البشر وخالقهم .

الله أخذه أخذ عزيز مقتدر.. الله انتقم لأطفال فلسطين الذين حطم شارون عظامهم وأذاقهم مرارة اليتم. لم يعد أحد من الصحفيين يهتم بأن ينقل لجماهيره تقريراً عن الحالة الصحية لشارون.. الكاميرات لا يمكن أن تنجح في تصوير الروائح الكريهة التي تنبعث من جسده.. لا أحد يجرؤ على الاقتراب.. لم يعد أحد يهتم حتى أقرب المقربين، انفض الجميع وبقي لشارون المرض والعجز ولعنات المظلومين، وظلام الدنيا، وعذاب الآخرة .

الكثير من الأطفال الذين كسر شارون عظامهم وقطع أطرافهم ويتمهم يقتربون الآن من مرحلة الشباب.. ها هو الظالم يرقد عاجزاً ضعيفاً خائر القوى لا يهتم به أحد، وها هم المظلومون مازالوا يكافحون لتحرير أرضهم ويحلمون بالعدل والحرية، ويرجون من الله نصراً، ويثقون في أن نصر الله آت بلا ريب .

عيون الأطفال الذين يتمهم شارون وكسر عظامهم مازالت تشع نوراً وطهراً وضياء وجمالاً ومقاومة وإصراراً وبطولة، وعيون شارون انطفأ فيها نور الحياة، وحلت فيها ظلمات ما ارتكب من آثام وجرائم .

أيدي الأطفال التي كسر عظامها شارون مازالت قادرة على رمي الحجارة وصنع الصواريخ وإطلاقها على المستوطنات التي أقامها شارون على أرضهم المغتصبة، ويد شارون مشلولة عاجزة لا تستطيع حراكاً .

المظلومون في فلسطين يأملون في نصر الله وعدله، وويل لشارون ولكل الظالمين من عدل الله في الدنيا والآخرة .

وننتظر نهاية بوش !

وظالم آخر يوشك أن يتعرض لنهاية مؤلمة.. إنه بوش الذي يتعامل مع البشر بصلف واستعلاء وغرور.. لقد قتل بوش الملايين في العراق، وعذب الآلاف في السجون، وانتهك حقوق الإنسان، وقتل الأسرى في أفغانستان، وأغرق العالم في المآسي الناتجة عن الظلم .

لكن قواته تتعرض الآن لهزيمة حتمية على أيدي المقاومة العراقية، وبعد شهور معدودة سيترك البيت الأبيض ليتعرض بعدها لمحاكمة شعبية كقائد مهزوم، سيظل الشعب الأمريكي يلعنه لسنوات طويلة حتى تأتي النهاية. إن مصيره لن يختلف كثيراً عن مصير شارون.. وعلى أية حال فسوف يتعرض بوش لعذاب نفسي طويل بعد أن تزول مظاهر العز والقوة والجبروت لن يهتم به أحد من الصحفيين، ولن تطارده كاميرات التليفزيون .

شعب أمريكا سيحاسب بوش على جريمته، وعلى أرواح ملايين العراقيين التي أزهقها ظلماً وعدواناً، وعلى أرواح آلاف الجنود الأمريكيين التي ذهبت ضحية لغروره .

آلاف من الجرحى الأمريكيين سيطاردون بوش باللعنات بعد أن يزول الحكم، تذكروا أيها السادة صورة بوش وهو يرتدي ملابس طيار وينزل من طائرته ليعلن نهاية الحرب في العراق.. كان يتخيل أنه حقق نصراً.. ثم تحول نصره إلى هزيمة.. آلاف من الجنود الأمريكيين يعودون جرحى، وقد قطعت أيديهم وأرجلهم وأصيبوا بعاهات مستديمة سوف يتذكرون صورته وهو يعلن النصر، وسيلعنون غروره وأيامه السوداء .

وملايين الأسر في العراق التي فقدت الأحباب سوف تفرح غداً بنصر الله وهي تشهد نهاية بوش المأساوية، نهاية بوش تقترب.. عشرة شهور على الأكثر ويزول حكمه، ويضطر إلى الاعتراف بالهزيمة، وتعود قواته إلى أمريكا مهزومة مدحورة، ويومها سيتذكر الجنود الأمريكيون المأساة التي تعرضوا لها في العراق، ويلعنون العولمة والأمركة والرسملة .

وطغاة العرب أيضاً !!

أما طغاة العرب الذين أعانتهم أمريكا على ظلم شعوبهم فلن يجدوا لهم غداً نصيراً بعد أن تعود سيدتهم أمريكا مهزومة، ويومها سيجدون أنفسهم وجهاً لوجه مع شعوبهم المظلومة التي اضطهدوها وقهروها .

لقد كان طغاة العرب أشد بأساً وأكثر صلفاً وغروراً فأعانوا أمريكا على ظلمها مقابل أن تعينهم على ظلم شعوبهم، ولقد استباح بعضهم حرمات الناس وانتهكوا حقوقهم .

وفي حماية الظالمين الكبار استفحل خطر الظالمين الصغار فقلدوا أسيادهم في البطش بالعباد .

نتيجة الظلم في بلاد العرب كانت شديدة القسوة، فتزايد فقر الناس حتى أصبحت لقمة الخبز منتهى أمل الملايين بالرغم من الكنوز التي تملأ أرض العرب، الظالمون تفرغوا لقهر الشعوب بحجة حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار فلم يحققوا تنمية ولا تقدماً .

والظلم دائماً يرتبط بالفساد ويقوى في ظل الاستبداد.. ولذلك نهب الفاسدون ثروات البلاد وتركوا العباد نهباً للجوع والفقر .

كان الظلم هو أهم عوامل الخراب، الناس خائفون من أن تقيم مشروعات صغيرة لأنها لا تأمن ظالماً يغتصبها فضاقت الدنيا على سعتها بالناس. ولأن المشروعات الصغيرة هي أساس النهضة والتنمية والتقدم فقد ازدادت بلاد العرب تخلفاً لأن الظلم قلل قدرة الناس على المخاطرة .

يتساءل البعض لماذا بلاد العرب متخلفة، والإجابة واضحة لكل ذي لب. إنه الظلم والطغيان والاستبداد والفساد. لقد ساد الظلم فزاد الفقر والتخلف، وعلا الطواغيت وحكموا ففشلت التنمية وخاف الناس قسوة الظالمين فآثروا الفقر مع السلامة. سياط الجلادين التي ألهبت ظهور العباد قللت قدرة الناس على التفكير والإبداع والابتكار والاختراع فتقدمت الأمم وتخلفنا، واغتنى الناس وافتقرنا .

والظلم سبب الهزائم التي لحقت بنا.. استأسد حكامنا علينا وكانوا في ميادين القتال كالنعامة .

الأعوان والخائفون

وأعوان الظالم وجنوده يحملون على ظهورهم أوزار ظلمه.. فلولا عونهم ما تمكن الظالم من رقاب الناس.. أعوان الظالم يبيعون دينهم بدنياه .

والله سبحانه وتعالى يملي للظالم وأعوانه حتى إذا أخذهم لم يفلتهم.. جنود الظالم هم السلاح الذي يبطش به، والسوط الذي يجلد به ظهور الخلق، يكسبون من دنياهم الإثم، وتلوث أيديهم بدماء الضحايا.. هم في الدنيا عبيد، وويل لهم من عذاب الله في الآخرة.. لو لم يجد الظالم أعواناً يزينون له الظلم ويبررونه ويمدحون أفعاله الفاجرة فيزيدونه غياً، ما استمرأ الظلم، وما ازداد صلفه وجبروته .

أعوان الظالم مسؤولون عن ظلمه، يحملون على ظهورهم وزر هذا الظلم وإثمه، وفي العصر الحديث هناك الكثير من الإعلاميين الذين لوثوا أقلامهم بإثم الدفاع عن الظالمين، وتبرير ظلمهم، وخداع الناس وتضليلهم مقابل دنيا يصيبونها من يد الظالم، والدنيا تزول والدفاع عن الظالمين يظل عاراً على صاحبه، وإثماً على ظهر كاتبه .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات