الإثنين 29/أبريل/2024

الحرب النفسية.. سلاح إسرائيلي يتحطم بجدار الوعي الشعبي والمقاومة الذكية

الحرب النفسية.. سلاح إسرائيلي يتحطم بجدار الوعي الشعبي والمقاومة الذكية

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

شهدت الحروب مدار التاريخ استخدم البروباغندا وباقي أساليب الحرب النفسية على نطاقٍ واسع، فهي سلاح متين ومؤثر وأحد الأركان الأساسية في الحروب، وغالبا ما تبدأ الهزائم العسكرية بالهزيمة النفسية.

وتسببت معركة طوفان الأقصى، التي أطلقتها كتائب القسام، في السابع من أكتوبر، بحالة إحباط كبيرة لدى جيش الاحتلال والمستوطنين، وحطمت حصونهم ومعنوياتهم، وتفوقت على أجهزتهم الأمنية والعسكرية.

كما شكّل أسر المقاومة لمجندين وضباط من مستوطنات غلاف غزة، صدمة كبرى غير متوقعة، وفضيحة لكيان الاحتلال بعد أن تحطمت هيبته العسكرية والأمنية المزعومة.

دعاية فارغة تكشفها الحقائق

الباحث والمختص في شؤون العدو الصهيوني صلاح الدين العواودة أكد أن الاحتلال يمارس الحرب النفسية في محاولة بائسة لترميم صورته المحطمة. مشيرا إلى أن الدعاية الصهيونية موجهة أولا للجمهور الصهيوني، بمحاولة إرضاءه وإشباع رغبته في الانتقام من الفلسطينيين بالحديث عن التدمير والقضاء على حماس، وإظهار حجم الغارات الجوية، وكميات المتفجرات المستخدمة.

وأضاف العواودة في حديث خاص لـ “المركز الفلسطيني للإعلام” أن الاحتلال أيضا يستهدف الفلسطينيين بدعايته، بالحديث المتكرر عن التهجير، وضرورة القضاء على حركة حماس، ومحوها مع الوجود، وغير ذلك. مشيرا إلى أن الاحتلال يحاول تضخيم إنجازاته لكنه يفقد مصداقيته أمام شعبه.

واستدرك عواودة قائلا: المعطيات على الأرض مختلفة عما يقولون، والتأثير ليس كما يظنون، وحتى إن أثروا على بعض الناس نسبيا أو مؤقتا، فهذا التأثير أيضا واضح أنه لا يستمر كثيرا، فالحقيقة لها صورة واحدة، والفرية التي نشروها بقتل الأطفال تم تفنيدها، ومع الأيام يكتشف العالم الحقيقة، والرواية الفلسطينية بدأت تسيطر على الإعلام، لأنها واقعية وحقيقة وصادقة.

وتابع “تحدثوا عن ترحيل شمال قطاع غزة، وجرب بعض الناس الخروج تحت الخوف والتهديد، لكنهم استهدفوا بقصف الاحتلال بشكل وحشي، بالتالي اكتشف الناس خديعة الاحتلال فالقصف نفسه في كل غزة، وهي كلها بلا كهرباء وماء، بالتالي اضطر عدد من النازحين للعودة إلى بيوتهم والإصرار على عدم النزوح.

وتابع “في اجتماع الكنيست الليلة وأثناء خطاب نتنياهو، دوت صفارات الإنذار في القدس، وهرعوا جميعا إلى الملجأ، وهذه الصورة لوحدها لا يمكن تغطيتها بأي حرب نفسية، ولن ينجح العدو في إخفاء الحقيقة.

ولفت الخبير إلى أن نتنياهو حاول تسويق فكرة شيطنة حماس، ووجوب القضاء عليها، ولم ينجح هو وبايدن في تسويقها، ولم تتسع لتشمل دائرة أكبر في العالم.

يشار إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الأسبق إيهود باراك أعلن في تصريح صحفي أمس أنه “لا يمكن القضاء على حماس، كونها حركة أيديولوجية متجذرة في الشعب الفلسطيني وكل العالم”.

تحطيم الهيبة واختراق الوعي

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي إن “العدو الصهيوني يعتمد على عدة عوامل في عدوانه على غزة، في مقدمتها الحرب النفسية، على المستويات السياسية والدعائية والإعلامية، كما تعتمد العملية العسكرية نفسها على عامل الحرب النفسي، والتأثير على معنويات الناس”.

وأضاف عرابي في حديث خاص لـ “المركز الفلسطيني للإعلام” أن “الاحتلال يعتمد على الدعم الأمريكي، الذي يطلق يد الاحتلال الإسرائيلي لضرب أهلنا داخل قطاع غزة بالصورة المتوحشة التي نراها الآن”.

ورأى أن “المقاومة حققت انتصارا ناجحا من كل النواحي؛ بالمعنى الاستخباراتي، وقدرتها على خداع العدو؛ أو بالمعنى التنفيذي وتحقيق الأهداف المباشرة من هذه العملية، سواء بتدمير فرقة غزة، وهي الفرقة المسؤولة عن العمليات العسكرية ضد قطاع غزة، وتدمير الفرق الاستخباراتية المتقدمة، وما حصلت عليه المقاومة من وثائق ومعلومات استخباراتية”.

وشدد على أن “طوفان الأقصى حطمت هيبة جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأسطورة الجيش الذي لا يقهر، والاستخبارات التي تعرف كل شيء”.

وأكد عرابي أن “المعركة ضربت الوعي الصهيوني، وحطمت صورة الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية أمام المجتمع الصهيوني، وكذلك نجحت في تحطيم صورة الجيش الإسرائيلي على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي”.

وأشار إلى أنها “وجهت ضربة لبعض مخططات التصفية للقضية الفلسطينية، ورفع ثقة الفلسطينيين والعرب والمسلمين بأنفسهم”.

الوعي الشعبي يفشل الحرب النفسية

وفي السياق ذاته، أكد الكاتب والمحلل السياسي محمد غازي الجمل، اليوم الاثنين، أن ما يسعى له الاحتلال في حربه الهمجية على قطاع غزة، كسر إرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، عبر معاقبة الحاضنة الاجتماعية للمقاومة، وإحداث شرخ في العلاقة بينهما.

وقال الجمل في مقابلة خاصة مع “المركز الفلسطيني للإعلام” إنه “كما هو معروف في الاستراتيجيات العسكرية، أن الهزيمة هي حالة نفسية لدى الطرف الآخر تمنعه من الاستمرار في المقاومة، ولذلك يسعى الاحتلال إلى نشر الترويع بين الشعب”.

وأشار إلى أن “الاحتلال يهدف بشكل أساسي إلى تهجير الفلسطينيين وإخلاء الأرض له، عبر ارتكاب الفظائع، ويستلهم في ذلك ما فعله من مجازر في الحروب السابقة، يصل صداها إلى بقية الشعب، فيغادر تجنبا لها”.

واستدرك “ولكن شعبنا يعي ذلك، ولن يكرر عملية تهجيره القسري، وهو يتنقل داخل غزة، ويرفض أي خروج من القطاع تحت أي مسمى، لمعرفته بالنتيجة التي عانها الفلسطينيون بالشتات منذ نكبة 1948”.

ولفت إلى أن “التهديدات العسكرية عالية السقف التي يطلقها الاحتلال والولايات المتحدة وحلفاؤهم تصنف ضمن الحرب النفسية، التي تدفع البعض إلى قبول ما يريد الاحتلال، أو تخفيض شروطه، ولكن المقاومة والشعب يحملون وعيا عاليا، جراء خبرة تراكمية في الصراع مع هذا الاحتلال”.

وشدد الجمل على أن “الاحتلال نفسه يعاني بقوة من أثر الحرب النفسية، التي توقعها به المقاومة، بفعل الأداء المبهر الذي أدته في 7 أكتوبر، ثم الأداء الإعلامي المذهل المرافق له، والذي وثق ما حصل، وخاطب الاحتلال والعالم بلغة مدروسة ووعي استهدف الجبهة الداخلية له، ورأينا بداية تحرك الجبهة الداخلية والمتظاهرات التي تطالب بالإفراج عن الأسرى”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات