الأحد 19/مايو/2024

الشهيد مصطفى قمبع.. حجر وبندقية وبينهما تاريخ حافل بالنضال

الشهيد مصطفى قمبع.. حجر وبندقية وبينهما تاريخ حافل بالنضال

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام

الحاجة باسمة قمبع تجلس في منزل جيرانها بالبلدة القديمة في جنين بحالة من الصدمة والذهول، بعد أن استشهد نجلها مصطفى (32 عامًا) وتفجير الاحتلال الصهيوني منزل العائلة صباح أمس الخميس.

“قتلوه قدامي، مين راح يفتح الباب عليّ من بعده، ديري بالك على الأطفال يما”، بهذه الكلمات تتمتم الأم المكلومة التي تبكي بحرقة شديدة، حبيبها رحل إلى الأبد.

ويعرف الشهيد مصطفى قمبع بلقب “أبو علي الكستوني” وأعلن الاحتلال تصفيته لكونه “مطلوبا” لأجهزته، بعد أن أصابه بعدة رصاصات في صدره وبطنه في اقتحام البلدة القديمة لجنين صباح الخميس.

وأوضحت مصادر محلية أن الاحتلال اعتقل في العدوان ذاته شقيقه هاني وشاب آخر يدعى حسن الهصيص.

وقبل انسحابها، فجّرت قوات الاحتلال منزل عائلة الشهيد بالمتفجرات، وتركت جثمانه بداخله.

ماذا حدث؟

 وروت الأم وقائع الصباح الدامي في منزلها قائلة: “استيقظت على صوت إطلاق نار مفزع وكثيف جداً، فناديت بأعلى صوتي على مصطفى، وكان في شقته العلوية لوحده”.

وما أن اشتد إطلاق الاحتلال النار بدأ مصطفى بالصراخ على أمه أن تأخذ الأطفال لحمايتهم،.

وكانت القوات الخاصة تحاصر منزل العائلة المكون من 3 شقق، إحداها يسكنها مصطفى، وبدون إنذر بدأ جنود الاحتلال بإطلاق النار بشكل مباشر ومستمر على البناية السكنية.

وحاول مصطفى الاشتباك مع القوات الغازية بالرصاص، لكن تعزيزات عسكرية إسرائيلية كبيرة وصلت محيط المنزل وحاصرت الحي بأكمله، واعتلى القناصة المنازل القريبة.

وحاول مصطفى الهرب من حصار جنود الاحتلال فقفز من شقته، لكن رصاص القناصة أصابه بشكل مباشر فسقط أرضا ولم يتحرك.

تقول والدته: “لم يهتموا لوجود الأطفال، ولم يكتفوا بإصابته، والواضح أنهم لم يأتوا لاعتقاله وكان بإمكانهم ذلك بعد إصابته بكل سهولة. أرادوا قتله فقط”.

بعد تأكد قوات الاحتلال من استشهاد مصطفى، قاموا باعتقال شقيقه الأكبر هاني واعتدوا عليه بالضرب المبرح داخل جيب عسكري، حيث أكد شهود عيان في الحي أن صراخه كان مسموعا وهو يتعرض للضرب بعد اعتقاله.

وأمام المنزل الذي لحق به دمار كبير، تجمّع عدد من سكان الحارة القديمة والمعروفة باسم “السيباط” بمدينة جنين، وبدأ عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني بإزالة الركام، وقدر مسؤولوه أن المنزل أصبح عرضة للسقوط كاملا.

وهذا الصباح، لم تكن المرة الأولى التي واجه بها “الكستوني” جنود الاحتلال، فقد هوجم منزله وتعرّض للاعتقال أواخر العام الماضي، وأصيب في قدمه خلال اشتباك مسلح مع القوات المقتحمة.

ونُقل مصطفى حينها إلى مستشفى سجن الرملة، وأفرج عنه في مارس/آذار الماضي. وهو شقيق الأسير سامر قمبع المعتقل بسجون الاحتلال منذ قرابة العام دون محاكمة.

ويعرف أهالي جنين الشهيد مصطفى منذ طفولته، كواحد من “أطفال الحجارة” في انتفاضة الأقصى الثانية من 2000-2005، حيث كان يخرج إلى شوارع المدينة في اجتياح عام 2002 ويرشق الجيبات والآليات العسكرية بالحجارة والزجاجات الحارقة. ووثقت إحدى الوكالات العالمية صورة مصطفى قمبع طفلا تلاحقه دبابة إسرائيلية في شوارع جنين.

صورة شهيرة

وفي عام 2003، كان الشهيد فتى يواجه دبابات الاحتلال بالحجارة وفي 2023 حمل البندقية، وهو ما زال على عهد المقاومة.

في صورة تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر الشهيد، خلال طفولته، التي رافقت انتفاضة الأقصى، وهو يركض أمام دبابة “ميركافا” تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال اقتحامها جنين، وعلى الصورة نص توضيحي من ذلك الزمن يشير إلى فتى يشارك في المواجهات.

قبل شهور، اعتقلت قوات الاحتلال الشهيد مصطفى بعد أن أصابته بالراص داخل منزله، وخلال هذا الاعتقال ذاق ألم الإصابة ومرارة المعاناة في سجون الاحتلال، كما يقول في مقابلة صحفية معه.

يروي الشهيد، في المقابلة، أن الاحتلال رفض إجراء عملية جراحية له رغم حاجته الضرورية لها جراء إصابته بالرصاص الحي، في القدم، وكان أطباء إدارة سجون الاحتلال في “عيادة سجن الرملة” التي يصفها بــ”المسلخ”، يكتفون ببعض المسكنات.

وأضاف: احتجزني الاحتلال في بداية اعتقالي، في مستشفى “العفولة”، ثم نقلوني إلى “عيادة سجن الرملة” دون أن تجري لي العملية الجراحية التي احتاجها، وكل هذه الإجراءات في سياق عمليات التعذيب والتنكيل الممنهجة بالأسرى والجرحى.

في هذا الاعتقال عاش القمبع مع الأسير الشهيد ناصر أبو حميد، في “عيادة سجن الرملة”، خلال فترة معاناته من مرض السرطان والإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة سجون الاحتلال، قبل أن يرتقي، ويقول الشهيد في المقابلة: “الأسرى يعانون وبحاجة لكل دعم وخاصة المرضى والجرحى منهم”.

واستمر مصطفى في التصدي لاقتحامات الاحتلال في فتوته وشبابه حتى اعتقاله العام الماضي. تقول والدته “لم يمضِ على خروجه من الأسر سوى شهور، أفرجوا عنه ليقتلوه أمام عيني”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات