الثلاثاء 21/مايو/2024

مرابطات الأقصى.. سدٌّ منيع في التصدي لقطعان المستوطنين

مرابطات الأقصى.. سدٌّ منيع في التصدي لقطعان المستوطنين

يعي المقدسيون حجم الهجمة الصهيونية المستمرة على المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، فتجدهم لا يكلون ولا يملون من التصدي لاقتحامات قوات الاحتلال الصهيوني، وقطعان المستوطنين باستمرار، بإدراك كاملٍ منهم أنّهم على قدرٍ عالٍ من المسؤولية أمام هذا الاستفزاز الصهيوني وسط صمت عربي ودولي واسع إزاء ما يجرى هناك.

وتقف المرابطات المقدسيات سدًّا منيعًا في وجه التغول الصهيوني على المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، ويوازي دورهن دورَ الشباب المقاوم لما يقمن به من دور مهم في الرباط المتواصل في باحات الأقصى وأمام بواباته.

وفي كل محاولة اقتحام للمسجد الأقصى من المستوطنين وقوات الاحتلال توثق كاميرات الإعلام مدى ثبات المقدسيات أمام الهجوم الصهيوني المتكرر، والتي كان آخرها اليوم؛ حيث تجرأ الاحتلال ومستوطنوه على الاعتداء على المرابطات بالضرب والسحل في باحات المسجد الأقصى، بهدف إنزال الرعب في نفوسهن ومنعهن من استكمال دورهن في حماية المسجد وباحاته.


ومنذ محاولة الاحتلال تحديد أصناف المسلمين المسموح لهم الدخول إلى المسجد الأقصى والصلاة فيه، برز دور المرابطات في المسدد الأقصى؛ حيث كانت النساء من الفئات التي سمح لها الاحتلال بالدخول للمسجد الأقصى قبل أن يمارس أيضاً اعتداءاته الاستفزازية بحقهن في السنوات الأخيرة، واستهدفهن باعتقالهن وإبعادهن وضربهن.

سلاح الرباط

وابتدع المقدسيون -بحسب حديث مراقبين مقدسيين لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“- سلاح الرباط في المسجد الأقصى وباحاته منذ عام 2010، وهو ما يعني ملازمتهم المسجد الأقصى المبارك ومداومة الوجود فيه وعدم الانصراف عنه؛ حتى لا يكون شاغرا وحيدا.

وتتم عملية التنسيق بين المرابطين حتى يمتلئ المسجد في كل وقت مع ممارستهم أشغالهم اليومية وأدوارهم الطبيعية، وهنا يتجلى دور المرابطات فهن يبدأن في رباطهن من الساعات الأولى، يدخلن في زيِّهن الطبيعي ويحتشدن قبل الثامنة صباحا قبل موعد الاقتحامات.



فإذا تم الاقتحام وسط حماية جنود الاحتلال تهتز ساحات الأقصى بهتافات المرابطات وتكبيراتهن وتبدأ معركة بينهن وجنود الاحتلال وقطعان المستوطنين.

وخلال السنوات الأخيرة، تزايدت أعداد المرابطات، وأصبحن ينتهجن أساليب متعددة في دخول الأقصى والتخفي ومجابهة الاقتحامات، يشاركهن الرجال المرابطون في ساحاته وحوله حتى اشتعلت انتفاضة السكاكين وهبّت، وانتشر الهلع والفزع في قلوب المحتلين حتى وصلت إحصائيات المقتحمين للمسجد الأقصى المبارك إلى أقل نسبة تحققت في عام 2016.

ملاحقة مستمرة

وتقول المرابطة المقدسية هنادي حلواني: إنّ الاحتلال الصهيوني لم يتوقف عن ملاحقة أي عنصر بشري داخل المسجد الأقصى سواء المرابطون أو المرابطات، ممن لهم دور في حماية المسجد من مخططات التهويد واعتداءات المستوطنين المتطرفين.

المرابطة حلواني، وهي أم لأربعة أطفال، تعرضت خلال الأعوام الماضية لتجربة الاعتقال حوالي 63 مرة، إلى جانب إصدار قرارات إدارية ضدها بالإبعاد عن ساحات الأقصى، تجدَّد كلما تنتهي.


هنادي حلواني.. رباط على أبواب الأقصى

وشملت تلك القرارت 15 مرابطة مقدسية، وتتصدر هنادي القائمة التي تشمل خديجة خويص وفاطمة خضر والعشرينية مادلين عيسى، كما تشمل القائمة سيدات وفتيات من الأعمار كافة منهن الابنة والأم والجدة، لكن ما حدث مع هنادي الحلواني مختلف؛ فهي المرأة الوحيدة التي اعتقلها الاحتلال من داخل بيتها، وتعرضت 3 مرات للحبس الانفرادي.

وتشير حلواني لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ المرابطات المقدسيات لهن الدور الأبرز في التصدي لاعتداءات الاحتلال ومنعه ومستوطنيه الاستفراد بالمسجد الأقصى، وإفشال كل المحاولات الصهيونية، وهو ما جعلهن عرضةً للاستهداف والملاحقة باستمرار.

وعملت المرابطات المقدسيات بأشكال وألوان مختلفة للتصدي لاستهدافات واقتحامات المسجد الأقصى بأشكال متعددة؛ كان أبرزها إعداد وجبات الطعام والإفطار الجماعي للمرابطين والمرابطات في باحات المسجد الأقصى وأمام بواباته، وهو أكثر ما كان يغيظ الاحتلال وقطعان مستوطنيه.

وظهرت هنادي الحلواني، في فيديوهات الإفطار الجماعي في ساحات الأقصى، وفي “تحدي المقلوبة” الذي يخشاه الاحتلال، وأصبحت من أشهر الناشطات والمرابطات المقدسيات عبر شبكات التواصل ووسائل الإعلام لدورها الكبير في فضح جرائم الاحتلال.

وتحققت أمنية الحلواني، بالرباط في أولى القبلتين عام 2011 بالفعل مع انطلاق مشروع مصاطب العلم الذي سمعت عنه بالصدفة، وقررت الانضمام إليه بأي وسيلة، وتقدمت بطلب للالتحاق به مُدرسةً، وحين سُئلت عن سبب التقدم للمشروع في المقابلة قالت “حبّي وعشقي للمسجد الأقصى”، فتم قبولها مباشرة.

وكان وزير حرب الاحتلال السابق موشيه يعلون قرر في عام 2015 حظر “نشاط المرابطين والمرابطات في الأقصى، وعدّهم كجمعيات غير مشروعة”، بدعوى أنهم “يثيرون ويفتعلون المشاكل خلال اقتحامات المستوطنين”.



ولم تكتفِ سلطات الاحتلال بذلك؛ بل تحاول إصدار لائحة اتهام بحق ثلاثٍ من المرابطات، هن: هنادي الحلواني، وعايدة الصيداوي، ومدلين عيسى.

وتوضح حلواني أنّ التكبير أصبح تهمة نعاقب ونحاكم عليها، لكن نقول للاحتلال: “كل اعتداءاتك لن تثنينا عن مواصلة رباطنا ودفاعنا عن المسجد الأقصى”.

مشروع الرباط المنظّم

والرباط بشكله المنظّم المعاصر مشروع منظّم، دشّنته مؤسّسة “عمارة المسجد الأقصى” ثمّ مؤسّسة “نساء من أجل الأقصى”، ثمّ مؤسّسة “الفجر”، وهي مؤسّسات موالية للحركة الإسلاميّة- الجناح الشمالي في أراضي 48، وبدأ العمل على المشروع في الأول من حزيران/ يونيو2011 بدءًا بـ 50 طالبة ومعلّمة.

وكانت الفكرة الأساسيّة للمشروع تعليم تلك الطالبات القرآن الكريم والعلوم الشرعيّة والعلوم الاجتماعيّة في باحات المسجد الأقصى، وكانت المشاركات في المشروع في البداية من النساء القاطنات في البلدة القديمة، والمناطق القريبة من المسجد الأقصى تحديدًا، مثل باب حطّة وباب السلسلة.



توسّع المشروع لاحقًا بمشاركة النساء الفلسطينيّات من أراضي 48، لتشارك فيه النساء من الناصرة وعرّابة البطوف وأمّ الفحم والنقب، وفي اليوم الأخير للمشروع، وهو اليوم ذاته الّذي حُظِرَت فيه الحركة الإسلاميّة الشماليّة في 17 تشرين الآخِر (نوفمبر) 2015، بلغ عدد المنتسبات للمشروع نحو 650 طالبة ومعلّمة.

وتقوم فكرة الرباط بمجملها على المكوث في المسجد الأقصى في ساعات الاستهداف الصهيوني له، وفي الحديث عن مشروع “مصاطب العلم” كانت الفكرة منه تحقيق أكبر وجود بشريّ في المسجد الأقصى، خلال مدّة الاقتحامات الصهيونية، عبر فكرة نقل ممارسات الحياة اليوميّة إلى داخل المسجد الأقصى ومحيطه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات