الثلاثاء 21/مايو/2024

حراك سياسي نشط لإنقاذ إسرائيل وإجهاض انتصار المقاومة

حراك سياسي نشط لإنقاذ إسرائيل وإجهاض انتصار المقاومة

هذا هو وقت المراجعة الحقيقية للسياسة والدبلوماسية في الإقليم؛ فواحة الديمقراطية المزعومة في الشرق الأوسط “إسرائيل” لا أحد يكبح شهيتها في قتل المدنيين والمنازل فوق رؤوس أصحابها بغزة.

للمرة الأولى منذ بدء الحصار على غزة عام 2007م تولي السياسة الدولية اهتماماً حقيقيًّا للمعاناة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليونيْ نسمة، نسي العالم في السنوات القليلة الماضية همومهم.

جولة العدوان الأخيرة على غزة أسقطت ورقة التوت الأخيرة عن سوأة “إسرائيل” وهي تقصف المنازل وتقتل النساء والأطفال، وترد المقاومة نصرةً لمعاناة القدس وغزة في آن واحد.

ويشهد الإقليم حركة دبلوماسية نشطة لوزراء خارجية دول مؤثرة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على رأسهم “بلينكن” وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ولقاءات ثنائية لوزراء خارجية مصر والأردن والسلطة الفلسطينية و”إسرائيل”.

حلفاء “إسرائيل” يدركون تماماً خطورة ما جرى، وأن حليفتهم أضحى مستقبلها السياسي في خطر حقيقي بسبب ممارسات “إسرائيل” العنصرية وتكرار جرائم الحرب التي ترتكبها صباح مساء في أرض فلسطين المحتلة جميعها.

حراك سياسيّ
ثمة انقلاب إستراتيجي يهزّ القارب في الشرق الأوسط؛ فـ”إسرائيل” حليفة الولايات المتحدة الأمريكية الأولى تضرَب في عمق مدنها، ومطارها الوحيد مغلق، وجميع بلداتها تحت نيران قذائف متواضعة التقنية.

ورغم محاولة الأمريكان طرح ملف غزة من نافذة الإعمار والشؤون الإنسانية، وتحذو حذوهم دول غربية وعربية أخرى استعدت لتقديم ملايين الدولارات للإعمار وتخفيف الحصار إلا أنهم جميعاً يدركون أن عدوان الاحتلال وسياسته التعسفية هي جوهر المسألة.

ويؤكد د. جورج جقمان، المحلل السياسي، أن هناك 3 أطراف مؤثرة في الحراك السياسي والدبلوماسي الأخير، هي الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية ومصر والأردن واليابان إذا تحدثنا عن دورها في التمويل.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “يتصدر الحراك السياسي ملف إعمار غزة، وتضع إسرائيل عليه شروطا، في حين تحرص الدول المؤثرة في المشهد على عدم تكرار الاشتباك والتصعيد وأن تبقى غزة على حالها”.

قبل يومين قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فتح تحقيق دولي في جرائم ربما ارتكبت خلال عدوان “إسرائيل”، في حين نددت بالخطوة “إسرائيل” وأمريكا. سرعة القرار هنا مهمة، ولها دلالة سياسية وقانونية.

المؤثرون في المشهد السياسي من حول “إسرائيل” يحاولون احتواء الفضيحة الأخلاقية التي ارتكبتها حليفتهم ضد المدنيين بغزة، وإجهاض إنجاز المقاومة التي انتصرت على الاحتلال.

ويرى د. محمود العجرمي، المحلل السياسي، أن الولايات المتحدة الأمريكية موقفها واضح منذ بدء العدوان في حق “إسرائيل” فيما تفعل دون الالتفات أنّ نصف الضحايا من أصل 255 شهيدًا بغزة و30 بالضفة والقدس هم نساء وأطفال، وآلاف الجرحى.

يحاولون الآن منح السلطة الفلسطينية التي تجاهلوها في ملف التسوية مراراً حقنة تشجيع وهم يربطون أموال الإعمار ببوابتها خشية أن تنال المقاومة بغزة مزيدا من الإنجاز في ملف غزة.  

ويؤكد د. تيسير محيسن، المحلل السياسي، أن الحراك السياسي والدبلوماسي النشط في الإقليم بزعامة أمريكا هدفه منع المقاومة وحماس بالدرجة الأولى من جني ثمار جولة العدوان التي دافعت فيها عن قضية القدس المحتلة وغزة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “حتى معنويًّا وأدبيًّا لا يريدون أن تكسب المقاومة شيئا وتبرز انتصارها الذي يحاولون تفريغه من مضمونه وإبطال معادلة إمكانية التغلب على إسرائيل، فهم يدعموها لتبقى قوية وآمنة”.

حلول مقترحة
أجندة السياسة الأمريكية متوجهة صوب عديد من الملفات بعد انتهاء حقبة “ترمب”، الرئيس الأمريكي السابق، لذا فإن إدارة “بايدن” الحالية تميل لتسكين أزمات الشرق الأوسط لا حلها، لكن ما وقع في غزة و”إسرائيل” أجبرها على الحضور سريعاً.

وكان 500 ديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية وقّعوا قبل أيام على رسالة تطالب الرئيس الأمريكي ببذل المزيد لحماية حقوق الإنسان الفلسطيني، ومحاسبة “إسرائيل” بعد تصاعد جرائمها خلال العدوان الأخير على غزة.

ويبين المحلل جقمان أن الدور الأمريكي الآن يريد تغيير مخرجات فترة “ترمب” في الصراع بشكل محدود، ويتناول ملف الإعمار بدرجة أساسية دون اهتمام حقيقي بملف التسوية.

الاحتلال يربط أي تقدم في المشهد السياسي مع الفلسطينيين عامةً أو المقاومة بغزة خاصةً بملف الجنود الأسرى لدى المقاومة، وهو شرط يظهر في كل مرحلة منذ انتهاء عدوان 2014م.

ويرفع الاحتلال من وتيرة التهديد حين يلوح بالاغتيال وقصف المنازل إذا سقطت قذائف المقاومة مستقبلاً على المدن والبلدات الإسرائيلية.

ويقول المحلل محيسن: إن إدارة “بايدن” تكرر طرح حل الدولتين لإحياء مسار التسوية المتعثر منذ سنوات، وهو الأمر ذاته الذي يريد الدفع باتجاهه عباس رئيس السلطة الفلسطينية.

ويتابع: “تعثرت التسوية في فترة ترمب، وحققت المقاومة الآن انتصارا، لكن اللاعبين السياسيين يضعون أمام المقاومة مشهدا معقدا، وآخرون اقتنعوا أنه لا يمكن تجاوزها كجسم مؤثر، أرجح أن يفضي الحراك لدور مهم للمقاومة”.

حالة الدعم الشعبي والجماهيري التي حظيت بها غزة والمقاومة وهي تدافع عن القدس وتقاوم العدوان لاقت تفاعلاً وتجاوباً لافتاً في عواصم عربية وإسلامية وحتى غربية.

ويؤكد د. محمود العجرمي، المحلل السياسي، لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنه متفائل بمستقبل المقاومة، وأن أطرافا عربية وغربية على رأسها المستشارة الألمانية “ميركل” باتت تقول علينا الحديث مباشرة مع حماس كمخرج للأزمة.

ملامح المشهد الميداني والسياسي في العدوان الأخير كانت استثنائية، وتذكّر بأصول الصراع الذي اغتصبت فيه “إسرائيل” أرض فلسطين ومارست الجرائم ضد المدنيين لسبعة عقود.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات