الأحد 19/مايو/2024

الشهيد محمود النباهين.. رحل صائمًا مبتسمًا

الشهيد محمود النباهين.. رحل صائمًا مبتسمًا

من دون استئذان، رحل الشاب محمود النباهين (24 عاما) بنيران الاحتلال، بعد استهدافه قرب المنطقة الحدودية شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة، تاركاً خلفه سيرة عطرة وحكايات وسجايا توّجتها ابتسامة دائمة لا تفارق محياه.
 
أكثر من يبدو حزيناً على فراق “محمود” شقيقه الأكبر محمد (29 عاما)؛ “إذ فقد ركناً مهماً في الأسرة، داوم على خدمتها وتلبية ما تطلب”، كما يقول.

ويضيف لمراسلنا: “أخي إنسان بشوشٌ دائم الابتسامة، يحرص على حضور جنازات الشهداء كافة، يلازم المسجد حتى شروق الشمس، وعند استشهاده كان صائماً”.

ومما يتناقله المواطنوان عن سجاياه الكثيرة، أنه (الشهيد محمود) حرص طوال حياته القصيرة، على معاونة الجرحى، خلال أسابيع العدوان على غزة عام (2014م)، ويدلّ عربات الإسعاف على مواقع ضحايا الاحتلال.

وفي آخر يوم من حياته، لاحظ “محمد” هدوءًا غير معتاد على شقيقه الشهيد، وهو يتجاذب أطراف الحديث معه ووالده في البيت، يقول: “تلك السكينة والهدوء لم أجد لها تفسيرًا إلا بعد رحيله؛ إنها لحظات ما قبل الشهادة”.

وفي حين يتحلى “العبد النباهين” والد الشهيد محمود برباطة جأش، تشد من أزره مزيدٌ من القصص المتوالية على لسان المعزّين، وهم يخبرونه عن مواقف كثيرة لابنه تعكس شجاعته ومبادرته لفعل الخير.

يقول الأب: “ابني مداوم على الاعتكاف وقيام الليل طيلة رمضان، يتنقل بين كل أبناء مخيم البريج يتفقد احتياجاتهم، وقد كان مراراً يأتي على البيت يسأل عن أحوالنا ومستلزماتنا اليومية”.

ويكشف الأب المكلوم عن سر “محمود” لأول مرة، قائلا: “لقد تأثّر برحيل صديق له ارتقى بنيران الاحتلال قبل شهور، وكانت دموعه لا تتوقف طوال أسابيع حزنا عليه، إذ كنت أراقبه خلسةً، وكان دوما يدعو الله للّحاق به”.

حكايات لا تنتهي

ولا تنقطع حكايات الشهيد محمود النباهين، صاحب الابتسامة الدائمة والخلق الرفيع، الذي عكست جنازته مقدار حب الناس له في وسط قطاع غزة.

ويقول فتحي أبو جريّ، صديق النباهين، لمراسلنا: “إنه عاش معه (محمود) سنوات عرفه فيها إنسانا بسيطا، عاش فقيراً ورحل فقيراً، يتحرك بين أهله وأصدقائه وأبناء شعبه في كل مكان، ينثر الخير ويساعد الناس قدر استطاعته”.

ويضيف: “لقد فقدت إنسانا غاليا على قلبي، كان الشقيق التاسع الذي لم تلده أمي، فكل الكلمات لا تفيه حقه؛ لأن عطاءه للمجتمع وحثّه من حوله على العبادة لا ينقطع، وجنازة التشييع خير دليل على محبته”.

وأمس الأول، شيع الآلاف الشهيد القسامي محمود النباهين، ونعته  كتائب الشهيد عز الدين القسام، وقالت إنه أحد عناصرها المقاتلين.

أما جمال الهندي، القيادي في حركة حماس، فيؤكد أن مخيم البريج فقد أحد أبنائه المخلصين، وقد بكاه كل من عرفه، بعد أن عاش بينهم محافظاً على العبادة.

ويتابع: “محمود له سمات خاصّة تركت أثراً في الواقع وداخل قلوب كل من عرفه. عزاؤنا أنه شهيد عند ربه. ميراثه سيرة طيبة وحسن معاملة مع ابتسامة ميزته دوماً، وهو قدوة لكل الشبان من عمره في مخيم البريج”.
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات