الإثنين 20/مايو/2024

فلسطينيو الداخل.. المجتمع الفتي.. وسياسات الاحتلال

علي بدوان

المجتمع الفلسطيني، في الداخل والشتات، مجتمع فتي، حيث تُشكل فئة صغار السن نسبة مرتفعة منه في حين تشكل فئة كبار السن أو المسنين نسبة قليلة من التعداد العام للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، فهو مجتمع تفوق فيه نسبة من هم دون السادسة عشر من العمر، لتبلغ نحو 60% من المواطنين الفلسطينيين، بالرغم من تفاوت نسبة الخصوبة للمرأة الفلسطينية من مكان لآخر، حيث تُحدد تلك النسبة (مفهوم الخصوبة) عدد الحالات الإنجابية للمرأة الفلسطينية خلال عمرها الإنجابي. حيث تُشير المعطيات المتوفرة أن نسبة الخصوبة للمرأة الفلسطينية في قطاع غزة وفي الداخل 1948 هي الأعلى بين الفلسطينيين، بعد أن كانت تلك النسبة هي الأعلى بين لاجئي فلسطين في لبنان وسوريا في الفترات الماضية.

ومؤخراً، أظهرت المعطيات التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية “الإسرائيلية”، أن أعداد المواطنين الفلسطينيين في “إسرائيل” (أبناء الوطن الأصليين) قد ازدادت بنسبة 1000%، أي تضاعفت نحو عشر مرات، عما كان عليه الأمر بُعيد النكبة عام 1948، وبعد تهجير قرابة 900 ألف فلسطيني من المناطق التي احتلتها عصابات الهاغاناة والبالماخ عام 1948.

كما ونُشير هنا، واستناداً لعدة مصادر، بأن عدد سكان فلسطين قبل النكبة كان بحدود مليون وستمائة ألف مواطن عربي فلسطيني يملكون 94% من الأرض بما فيها الأراضي الأميرية، وكان المستعمرون اليهود يسيطرون فقط على 6% من الأرض فقط حصلوا عليها بطرق مختلفة في ظل تواطؤ سلطات الانتداب البريطاني مع الحركة الصهيونية. أما وفق سلطات الانتداب البريطاني، فقد بلغ عدد سكان فلسطين في أيار/مايو 1948 ما مجموعه 211500 مواطن، منهم 138000 مواطن عربي و700000 يهودي.

وبحسب دائرة الإحصاء “الإسرائيلية”، بلغ عدد المواطنين الفلسطينيين في شهر تشرين الثاني/نوفمبر العام 1948، 156 ألفاً. لكن هذا الرقم يشمل، حتى العام 1995، من تسميهم الدائرة بـ”آخرين” وهم غير المعرّفين دينياً والمسيحيين غير العرب. حيث يبلغ عدد سكان الدولة العبرية اليوم نحو 8.891.8 مليون نسمة، فيما تبلغ أعداد المواطنين الفلسطينيين من بينهم نحو 1.860.3. لكن هذا الرقم يشمل الفلسطينيين في القدس المحتلة والمواطنين العرب في قرى هضبة الجولان السورية المحتلة (نحو 20 ألف مواطن سوري)، الذين يقترب عددهم من نحو 350 ألفاً.

ومن نافل القول، أن نُشير بأن الزيادة السكانية بين المواطنين الفلسطينيين في الداخل 1948 ومنذ النكبة وحتى اليوم هي زيادة طبيعية فقط، بينما تأتت الزيادة السكانية لليهود بفعل موجات الهجرات الاستيطانية الاستعمارية الكولونيالية بشكل رئيسي، وخاصة منها موجات الهجرات الكبرى التي تمت في عقد تسعينيات القرن الماضي من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، وهي الموجات التي أدّت لحدوث تحوّل سكاني مؤثر مع قدوم نحو مليون ونصف من يهود الاتحاد السوفييتي إلى فلسطين، ولولا تلك الهجرات لكانت أعداد المواطنين الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية تفوق أعداد اليهود بنحو مليون مواطن على الأقل.

في هذا السياق، إن السياسات المتبعة “إسرائيلياً” تجاه المواطنين العرب أصحاب الوطن الأصليين في الداخل عام 1948، سياسة عنصرية، حيث المواطنة المُنتقصة، سياسة أبناء الجارية، والتي باتت مساراتها التشريعية صارخة بعد إقرار الكنيست “قانون القومية”. لكن تجلياتها واضحة منذ العام 1948 وحتى الآن، حيث نلحظ التالي:

أولاً: وضع المواطنين العرب تحت نظام الحكم العسكري من عام 1948 وحتى العام 1966، مع ما رافقه من ممارسات، كان منها حملات التطهير العرقي ومصادرة الأراضي في مناطق مختلفة من فلسطين، وحشر المواطنين العرب في مناطق أشبه بالكانتونات (المعازل)، كما يجري حتى الآن بشأن التعامل مع التجمعات العربية من قرى وبلدات في منطقة النقب جنب فلسطين المحتلة.

ثانياً: تُشير المعطيات “الإسرائيلية” ذاتها، إلى أنَّ معدل دخل العائلة في “إسرائيل” يبلغ حوالي خمسة عشر ألفاً بالعملة “الإسرائيلية” (الشيكل) شهرياً، بينما معدل دخل العائلة لدى المواطنين الفلسطينيين في “إسرائيل” هو قرابة سبعة آلاف (شيكل). ويبلغ معدل الإنفاق للعائلة الفلسطينية عشرة آلاف (شيكل)، بينما العائلة اليهودية تنفق ثلاثة عشر ألف (شيكل)، بالرغم من أنَّ العائلة الفلسطينية أكثر عدداً من العائلة اليهودية.

ثالثاً: التمييز في التعليم من حيث الدراسة في المراحل الأولى وصولاً إلى التقييد في إمكانية تسجيل الشبان العرب في الجامعات المختلفة وخاصة منها كليات العلوم وهندسة المعلوماتية والتقنيات، ومع اشتراطات إضافية كل عام. حيث يبلغ عدد الطلاب في الجامعات والكليات الأكاديمية في “إسرائيل” نحو 266.9 ألف طالب، يُشكّل الطلاب العرب من أبناء أصحاب الوطن الأصليين من بينهم حوالي 17%، لكن في الوقت نفسه يدرس حوالي 15 ألف شاب فلسطيني من الداخل المحتل عام 1948 خارج البلاد، بينهم عشرة آلاف في الأردن وأكثر من ثلاثة آلاف في الجامعة العربية الأميركية في مدينة جنين بالضفة الغربية.

رابعاً: التمييز في الموازنات الخاصة بالخدمات ككل المقدمة للوسط العربي، ومنها الخدمات البلدية، والاجتماعية وغيرها للبلدات والقرى العربية في الجليل والمثلث والنقب والساحل، مقارنة بما يقدم للتجمعات اليهودية والمستعمرات.

خامساً: التفاوت في معدل الأعمار بين اليهود والعرب، نتيجة تدني الخدمات المقدمة للمجتمع العربي، وخاصة في جانبها الصحي. حيث يبلغ معدل أعمار النساء في “إسرائيل” 84 عاماً، بينما معدل أعمار النساء الفلسطينيات هو 81 عاماً تقريباً. ومعدل أعمار الرجال قرابة 81 عاماً، بينما معدل أعمال الرجال الفلسطينيين أقل بسنتين. ومن بين أسباب تدني معدل الأعمار: البنية التحتية المتدنية نسبياً في البلدات العربية، وتوفر الخدمات بشكل أقل، عمل الرجال الفلسطينيين في أماكن ومهن خطيرة، حوادث سير أكثر…

سادساً: التمييز في فرص العمل لوظيفي، واستبعاد المواطنين العرب من عشرات الوظائف الحكومية، ومنها ما يتعلق بالعمل في الوزارات التي يُشار اليها بــ”الوزارات السيادية”. وقصرها على اليهود فقط.

المصدر: صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات