الثلاثاء 30/أبريل/2024

اجتياز الحدود.. جرأة تكسر حاجز الخوف

اجتياز الحدود.. جرأة تكسر حاجز الخوف

“رأيته عن قرب اقترب من موقع القنّاصة ومضى للأمام. ناداه جندي إسرائيلي في كمين منخفض وسحبه من يده، وتعاركا بالأيدي حتى صرخ الجندي مستغيثاً، وبعدها أطلق الجنود وابلا من الرصاص فاستشهد على الفور”.

يلخّص أحد الشهود العيان لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” ما حدث على حدود مخيم البريج مع الشهيد الفتى أحمد أبو نعيم (17 عامًا) في مسيرة العودة بجمعة (انتفاضة القدس) التي شهدت مشاهد جريئة للتماس واقتحام السلك الفاصل خاصّة شرق البريج.

يقول الشاهد العيان الذي رفض كشف اسمه: “دخلنا مجموعة من الشبان بعد قص 3 فتحات في السلك الفاصل، واقتربنا من موقع القناصة على بعد عشرات الأمتار من السلك، فلم نجد أحدًا، ولكنني شاهدت مشهد العراك بين الشهيد أبو انعيم وأحد الجنود كان ضمن كمين مموّه في منطقة منخفضة”.


الشهيد أحمد أبو نعيم يتعارك مع أحد جنود الاحتلال

واستشهد 7 مواطنين أحدهم طفل، وأصيب أكثر من 250 برصاص الاحتلال في جمعة انتفاضة القدس شرق قطاع غزة، التي تعدّ الأكثر قوة من حيث التماس والمواجهات، بعد مليونية 14 مايو/ أيار الماضي.

ويؤكد الشاهد أنه تابع تبادل لكمات بين الشهيد الفتى أبو نعيم وأحد الجنود الذي حاول الاستهتار باقتحامه الحدود حين ناداه قائلاً: “هات يدك”، فانتصب الشهيد أبو نعيم فوق أكياس رملية يستخدمها الجنود لتدعيم دشمة القناصة، وبعد العراك تعرّض أبو نعيم لوابل رصاصات قاتلة”.

 


حاجز الخوف

الشهيد الثاني على حدود البريج كان أحمد الطويل (27 عاما) الذي شاهده المتظاهرون وهو يقترب من موقع لقناصة الاحتلال على بعد عشرات الأمتار من السلك الفاصل قرب حفارات يستخدمها الاحتلال في بناء الجدار العازل، وعندما لم يجد شيئا أمامه عاد من حيث أتى فتعرض لإطلاق نار من قوات الاحتلال.

ويقول شاهد آخر عرف نفسه بـ”أبو محمد” لمراسلنا: “كان (الشهيد أحمد الطويل) قرب الشهيد أبو انعيم وجهاً لوجه أمام الجنود. حاول العودة بعد انتهاء مشهد العراك، فحضرت جيبات عسكرية وأطلقوا النار، حاول بعض الجنود سحب الجثمان، فتقدمت فتيات خلّصن الجثمان قبل اختطافه”.

 


جرأة متصاعدة

على حدود غزة كسر شبان مسيرة العودة حاجز الخوف منذ مارس الماضي، وطافوا في المنطقة العازلة قبل تخطّي السلك الفاصل.

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام قبل أسابيع لقطةً مصوّرة للشاب عز الدين زقوت (24 عامًا) وهو يقتحم موقعًا لقناصة الاحتلال شرق غزة.

 

اجتاز عزّ الدين الحدود أعزلَ، وعندما وصل الموقع كان فارغًا، بجواره كان يقف عدة جنود، وعلى بعد عشرات الأمتار توقفت عربة عسكرية، صعد عزّ التلّة الترابية، فأسرعت العربة نحوه، وبدأ موقع عسكري بإطلاق نار مع جنود ترجّلوا من العربة قبل أن يعود بسلام.


عز الدين زقوت داخل السياج الحدودي

ويقول أحد الشبان الذين اجتازوا السلك الفاصل شرق جحر الديك قبل شهر لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إنهم قطعوا عشرات الأمتار، واصطحبوا معهم في طريق عودتهم مجسّات على شكل أقراص معدينة يستخدمها الجيش في بناء الجدار الخرساني الفاصل مع غزة.

ويروي شابٌّ آخر لمراسلنا رحلة اجتياز الحدود شمال موقع “كسوفيم” قرب بوابة النمر حين قصّ السلك الفاصل مع عشرة شبان، وانتزع لوحات إلكترونية مثبّتة على الطريق الأول.

ويحكي شابٌّ ثالث عن رحلة تثبيت العلم الفلسطيني فوق السلك الفاصل الثاني بعد قصّ السلك اللولبي الأول شرق البريج والمغازي على مسافة (150) مترًا من الحدود.



ويضيف: “اجتزت السلك مرات كثيرة، وفي إحداها حوصرنا في طريق عودتنا في أحد منخفضات وادي غزة؛ حتى تقدمت عدة فتيات تحت الرصاص والغاز بعد إصابة 4 شبان كانوا يحاولون الوصول إلينا. دخلنا مرة ثانية لموقع قرب أبو مطيبق، وأخذنا أكياسا يستخدمها القناصة في موقعهم، وكتبنا بالطلاء اسم الشهيدة الفتاة وصال الشيخ”.

وفي الإرباك الليلي؛ تعدّى الشبان حاجز الخوف حين اقتربوا من السلك الفاصل، وقذف الشاب (أبوعبادة) كما أسمى نفسه زجاجات حارقة على بعد 100 متر شرقاً.


null

ويتابع: “تعرضنا لإطلاق نار، وأصبت بشظية في قدمي عندما صعدنا على أول دشمة عسكرية قبل أن نشعل النيران، ونلقي الزجاجات، ثم نعود تحت إطلاق نار من دبابة حضرت للمكان”.

كسر حاجز الخوف
“حاجز الخوف انكسر منذ وقت طويل. الآن نحن أمام رفع وتيرة التحدي”.. بهذه العبارة يفسّر اللواء يوسف شرقاوي الخبير العسكري ما ينمو باطّراد على حدود غزة ضمن جرأة غير مسبوقة.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أتوقع تطور الجرأة قريباً واقتحام كتل بشرية للحدود. حرب الجيل الرابع تتحدث عن اقتحام بكثافة بشرية تحاكي كثافة النيران في العمليات العسكرية. هذا يزيد توتر الجنود، ويشجع على الاقتحام بشكل جمعي”.

تكرار أفعال الجرأة الميدانية قرب السلك الفاصل يترجمها رامي أبو زبيدة الباحث في الشأن العسكري أنها ذات أثر فاعل على يد شباب أعزل لا يملك إلا الإرادة.

مشاهد اقتحام الدشم العسكرية التي يستخدمها القنّاصة، والانتقال من البالونات والطائرات الورقية إلى الإرباك الليلي، منحت الشبان -حسب متابعة أبو زبيدة- خبرة وتجربة متصاعدة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “تلاشى حاجز الخوف. حلم الوصول للحدود انتقل لاقتحامها أمام القنّاصة، وهذا تحدٍّ أمني يحدث بلبلة، وينزع ثقة الجنود؛ ما يعزز آراء المراقب العام للدولة (العبرية) والمدعي العام لشكاوى جنود الاحتلال الذين تحدثوا مؤخراً عن عدم جاهزية الجيش”.

سيكولوجيا الجمهور

ويؤكد د. درداح الشاعر، أستاذ علم الاجتماع بغزة، أن سيكولوجيا وتأثير الجمهور على الحدود تمنح الأفراد قوّة وثقة، وربما تلغي التفكير المنطقي.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “اقتراب الشبان واقتحام السلك الفاصل صورة تحدٍّ. الشباب هم القوة المحركة للمجتمع؛ فلديهم القوة النفسية والبدنية، ووجود النساء والأطفال والشيوخ فئات غير متجانسة يمنحهم الدافع للإقدام على الخطر”.

ورغم تفسير الشاعر لما يجرى في مسيرة العودة من جرأة، إلا أنه يؤكد الحاجة الماسّة للحفاظ على سلامة شبانٍ تحلّوا بالجرأة ذخيرةً لأي مواجهة مع العدوّ، مع ضرورة كبح جرأتهم وتنظيمها؛ للاستفادة منها وطنياً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

هنية يستقبل وفودًا جزائرية وتركية

إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام استقبل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عدة وفود وشخصيات وبحث معهم تطورات الحرب الصهيونية على غزة،...