الإثنين 20/مايو/2024

الحماية الأممية للفرق الطبية بين أطراف النزاع في القانون الدولي

د. محمد النويني*

شكل حادث استهداف المسعفة الطبية رزان النجار على حدود غزة ، بموازاة فعاليات مسيرات العودة إلى الوطن، استنكارا و شجبا من قبل الأسرة الحقوقية الدولية، و نشطاء قانونيين يدافعون عن المبادئ و الحقوق الأساسية التي نادت بها العهود الدولية و قننتها الاتفاقيات الأممية.

حيث لفضت الشابة رزان النجار أنفاسها الأخيرة عن سن 21 ربيعا بواسطة أعيرة نارية لمجند إسرائيلي ،على الرغم من احترامها لكل الشروط المتفق عليها دوليا في هذا الصدد، من قبيل ارتداء الوزرة البيضاء و حمل الشارة التي تبرز دورها و مهمتها الإنسانية.

هذا الفعل الذي قام به الجيش الإسرائيلي يحضره القانون الدولي الإنساني حسب مقتضيات المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تجرم توجيه الأعمال الانتقامية أو الاقتصاص من أفراد الخدمات الطبية، و التي عرفتهم المادة 8 من البروتكول الإضافي الأول لعام 1977 على أن ” أفراد الخدمات الطبية هم الأشخاص الذين يخصصهم أحد أطراف النزاع إما للأغراض الطبية دون غيرها و إما لإدارة الوحدات الطبية، و إما لتشغيل أو إدارة وسائط النقل الطبي.

إن حادث إغتيال الأطقم الطبية الذي أصبح يتكرر في المشهد الفلسطيني يتعارض مع روح المواد 24 و 36 و 20 من اتفاقية جنيف الأولى و الثانية و الرابعة على التوالي لعام 1949 ، و التي تؤكد على أن القانون الدولي الإنساني يكفل واجب الاحترام و الحماية لأفراد الخدمات الطبية من قبل أطراف النزاع المشتغلين بصفة رسمية في البحث عن الجرحى و المرضى أو جمعهم أو نقلهم أو بمعالجتهم أو في الوقاية من الأمراض في النزاعات المسلحة.

إن الجيش الصهيوني بآلياته العسكرية الثقيلة و المتطورة و بأسلحته الفتاكة المحرمة دوليا يواجه محتجيين سلميين بصدور عارية لا يملكون سوى إيمانهم بقضيتهم و عدالة مطلبهم الذي يتمثل في حق العودة إلى موطنهم الذي هجروا منه قسرا سنة 1948 و الذي نص عليه منطوق القرار الأممي الشهير رقم 194 الصادر في دجنبر من ذات السنة ،حيث يخول للفلسطينيين المهجرين قسرا من حق العودة إلى وطنهم و تعويض المتضررين منهم.

إن أسمى حق مقدس تنادي به كل الأديان و تحميه جل المواثيق الدولية هو الحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي حيث يعتبر حقاً أساسياً من حقوق الإنسان المقررة في القانون الدولي الإنساني، حيث تنص المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن” لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه”. كما تنص المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن ” الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته بشكل تعسفي”. وتنص اتفاقية جنيف الرابعة، الصادرة سنة 1949 و الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب، على حظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وأعمال القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب ضد الأشخاص المحميين بموجب تلك الاتفاقية.

هكذا أكمل المحتل فصلًا جديدًا من فصول عنصريته ودمويته باستهدافه المتعمد والمباشر للمسعفة رازان النجار و لعشرات الشهداء و آلاف الجرحى أثناء تخليدهم لذكرى النكبة في عشريتها السابعة، على مرأى ومسمع من الأسرة الدولية وبخرق واضح لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة في جريمة مكتملة الأركان تدخل في عداد جرائم ضد الإنسانية .

* محام بهيئة الدارالبيضاء  – المغرب

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات