الأحد 19/مايو/2024

هنية قائدًا عامًّا لحماس

مصطفى الصواف

وقف شجاعا ليعلن انتهاء ولايته وتولي أخيه لرئاسة قيادة حماس.. هكذا هم رجال حماس وقادتها، لا يتصارعون على مناصب ولا يسعون إليها، ولكن تأتيهم التكاليف والمسئوليات، ويحملونها دون تردد ولا يسعون إليها بل تفرض عليهم بطريقة شورية ديمقراطية بعيده كل البعد عن الأنانية والشخصنة وحب الذات.

خالد مشعل القائد الذي لا يختلف عليه اثنان من قواعد حركة حماس أنه رجل لا يشق له غبار، قاد الحركة برضا الحركة، وتحمل مرحلة غاية في التعقيد والأهمية فكان من خيرة القادة. مشعل أول أمس أعلن بنفسه عبر وسائل الإعلام عن فوز الأستاذ إسماعيل هنية برئاسة المكتب، وهذا لم نعهده من أحد أن يعلن من كان يتولى عن من سيتولى، وهذا إن دل فإنما يدل عن قيم وأخلاقيات قلما نجدها في أي انتخابات أن يقوم الرئيس السابق بالإعلان عن فوز من سيحل محله.

نعم هذه هي حماس الحركة الشورية الديمقراطية التي تربط علاقات قادتها ببعضهم البعض الأخوة والمحبة والترابط والإيثار، بإعلان مشعل تكون حماس قد أسدلت الستار على عملية انتخابية بدأت في يناير وانتهت يوم إعلان مشعل فوز إسماعيل هنية، ومرت الأيام تلك ولم نسمع عن تنافس أو صراع بين أقطابها وقادتها، وجرت الانتخابات وفاز من فاز والرضا يرتسم على وجوه الجميع، فالفوز لدى حماس تكليف لا تشريف، ولكن وفي نفس الوقت قد تجد بعض الأشخاص ممن غاب عنهم فهمُ الشورى والانتخابات في حركة حماس الفهم الحقيقي أن يبدي امتعاضا أو تذمرا لأن فلانًا فاز وهو لم يفز؛ ولكنها تبقى حالات فردية.

اليوم بات إسماعيل هنية رئيسا لحركة حماس، فوز لم يكن مستغربا بل كانت مجمل التوقعات تقول أن أبو العبد سيكون رئيس المكتب في الفترة القادمة، ولكن الأمر الذي يجب أن يدركه الجميع أن حركة حماس حركة مؤسسات، القرار فيها لا يتحكم به شخص حتى لو كان رئيس الحركة، فالقرار صناعة مؤسسة يلتزم فيه من هو على رأس الهرم ومن هو في قاعدة الهرم فالجميع سواء، ولكن قد يتميز شخص عن شخص في مدى القبول من كافة التوجهات والقوى والدول والنظم، وهي مسألة لا شك ستوثر على مستوى التعامل مع الشخصية والتعاطي معا، لذلك يجب علينا أن لا نغفل الفروق الفردية لكل قائد، وهي مسألة لها اعتبارها، أما السياسات والمواقف لا تتغير ولكن أدوات تنفيذ السياسات قد يحدث فيها تغيير لأن كل شخص له أدواته المختلفة وطريقة تفكيره، فقد يتناول هذا الموضوع بشكل مختلف عمن تناوله سابقه، وقد يقدم ملفًّا ويؤخر آخر، ولكن تبقى القواعد ثابتة وكذلك المبادئ والسياسات.

كثيرة هي التساؤلات التي تطرح.. هل اختيار إسماعيل هنية وهو من قطاع غزة سيعيد الثقل في حماس إلى الداخل؟ هل سيقيم هنية في غزة أو في الخارج؟ هل سنجد تغيرات في سياسة حماس بعد الوثيقة واختيار هنية؟ أسئلة كثيرة ومشروعة، لكن نعتقد أن الذي يحكم الإجابة على مثل هذه التساؤلات هو المصلحة، مصلحة حركة حماس طالما أن الشأن هو شأن داخلي لحماس.

نعتقد أن حماس وحدة واحدة حيثما وجدت، وتحكمها قواعد تنظيمية ملزمة للجميع؛ فلا يوجد فرق بين داخل وخارج، فالكل يشكل الكل ولا فرق، ثم إن كان الرأي فنرى أن يكون هنية خارج قطاع غزة لسهولة الحركة والانتقال من وإلى مكان إقامته، لذلك المصلحة تقتضي في ظل هذه الظروف أن ينتقل هنية للإقامة للخارج مع تواجده في القطاع بين الحين والآخر.

أما التغيرات السياسية فهي تغيرات شكلية في طريقة تناول القضايا وأدواتها، أما السياسات كسياسات فهي ثابتة محكومة بقرارات مؤسسة، ومن يكون على رأس المؤسسة هو أداة تنفيذية مع هامش محدود في هذا المجال.

في الختام نقول أعان الله إسماعيل هنية على هذا التكليف وجزى الله خالد مشعل على ما قام به في السنوات الماضية، وستبقى مكانته عالية ومحفوظة، ولا يعني ترك المنصب ترك المكانة فهو باقٍ قائدًا عاملًا متفانيًا، هكذا عرفنا قادة حماس من قبل الشهيد الشيخ أحمد ياسين، الدكتور موسى أبو مرزوق، واليوم مشعل، وغدا هنية وهكذا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات