السبت 27/أبريل/2024

رباعي القدس.. 10 سنوات من الإبعاد لم تقتل حلم العودة

رباعي القدس.. 10 سنوات من الإبعاد لم تقتل حلم العودة

عشر سنوات من الإبعاد عن المدينة المقدسة، لم تقتل في نواب القدس المبعدين والوزير الأسبق في الحكومة العاشرة حلم العودة؛ فهي إن أبعدتهم عن القدس بأجسادهم إلا أن قلوبهم متعقلة برحابها، فالاحتلال أخرجهم من المدينة لكنه لم يستطيع أن يخرج القدس والأقصى من قلوبهم، ولم ينه يقينهم الراسخ بالعودة.

عشر سنوات مرت على قيام وزير الداخلية الصهيوني الأسبق أوري بار أون، وتحديدا بتاريخ (29-5-2006)، بتخيير النواب المقدسيين محمد أبوطير وأحمد عطون ومحمد طوطح، ووزير شؤون القدس السابق في الحكومة الفلسطينية العاشرة المهندس خالد أبو عرفة، بين الاستقالة من مناصبهم في المجلس التشريعي والحكومة، أو مصادرة إقاماتهم ووثائقهم الشخصية، بحجة “عدم الولاء للدولة”، وأمهلهم وقتئذ شهراً واحدا لاختيار أحد الأمرين.

وبمرور عشر سنوات على هذا القرار، يسلط “المركز الفلسطيني للإعلام” الضوء على قضية نواب القدس المبعدين عن المدينة وشعورهم، وأين وصلت القضية أمام المحكمة العليا الصهيونية؟، وكيف يمارسون حياتهم اليومية وعملهم، علماً بأن النائب الشيخ محمد أبو طير تم إعادة اعتقاله يوم (٢٩-١-٢٠١٦)، وقد أمضى إلى الآن ما مجموعه ٣٤ عاماً في سجون الاحتلال، ولا يزال يقبع خلف قضبانها.

في انتظار الحكم

يقول المهندس أبو عرفة لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “كان زملائي الثلاثة أعضاء المجلس التشريعي قد فازوا في الانتخابات عن دائرة مدينة القدس بتاريخ (٢٥-١-٢٠٠٦م)، أما أنا فقد عينت وزيراً لشؤون القدس بتاريخ (٢٨-٣-٢٠٠٦م)، ولم تنقض مهلة الشهر التي “منحنا” إياها وزير الداخلية الصهيوني للاختيار بين مناصبنا الوطنية وبين الاستقالة، حتى بادرت حكومة الاحتلال باعتقالنا بتاريخ (٢٩-٦-٢٠٠٦م)، بحجة قيام المقاومة الفلسطينية بتفجير عبوة ناسفة في تل الربيع “تل أبيب”، ومن ثم أسر الجندي الصهيوني (جلعاد شاليط) بتاريخ (٢٤-٦-٢٠٠٦م)”.


وأكد أن نتائج الانتخابات التي جاءت بعكس توقعات سلطات الاحتلال، كانت وراء قرار الاحتلال بشن حملة اعتقالات شعواء هي الأولى في التاريخ السياسي المعاصر؛ حيث طالت ٤٥ نائباً و٩ وزراء وعدداً من رؤساء البلديات، وكذلك استهدفت العملية الديموقراطية الفلسطينية، وضربت الوحدة الفلسطينية وابتزّت قياداتها.

وأضاف أبو عرفة: “بعد ٤ سنوات خرجنا نحن الأربعة من السجون في عام ٢٠١٠م، وكان آخرنا الشيخ محمد أبوطير، فأمهلتنا شرطة الاحتلال شهراً لمغادرة مدينة القدس. ولم نكن لنغادر المدينة بمحض إراداتنا، فما أن انتهت فترة الشهر حتى أقدمت السلطات على اعتقال الشيخ أبو طير من بلدته صور باهر، فقررنا أنا والنائبان أحمد عطون ومحمد طوطح بتاريخ (١-٧-٢٠١٠م)، الاحتجاج على إجراءات الاحتلال ضدنا، والاعتصام في خيمة داخل مقر الصليب الأحمر في حي الشيخ جراح لمدة تسعة عشر شهراً، إلى أن قامت سلطات الاحتلال باقتحام المقر واختطافنا بتاريخ (٢٣-١-٢٠١٢م)، حيث أودعنا السجون لعامين آخرين”.

أما بالنسبة للمداولات في المحاكم الصهيونية؛ فقال أبو عرفة: “استمرت ما يزيد على تسع سنين في المحكمة العليا، رفع خلالها طاقم المحامين، استئنافات عديدة، طالبوا من خلالها بتأجيل سحب الإقامة (الهوية الزرقاء) أو إلغاء القرار من أصله، أو السماح بالبقاء في مدينة القدس إلى حين البت بالقضية، إلا أن المحكمة العليا رفضت ذلك”.

واقترحت على وزارة الداخلية أن تكون الوزارة صاحبة القرار في إعادة النظر بقرار مصادرة الإقامات، إلا أن الداخلية أكدت أوائل أيلول من عام ٢٠١٥م على موقفها القاطع والنهائي بعدم إمكانية إرجاع الإقامات للنواب المقدسيين الأربعة، ممّا أعاد الكرة وللمرة الأخيرة والنهائية إلى المحكمة العليا، ولا يزال ملف القضية على طاولة رئيسة المحكمة للشهر التاسع من السنة التاسعة على التوالي، انتظاراً للبت فيه.

أهداف الاحتلال

وتابع أبو عرفة: “نحن نعدّ أن سلطات الاحتلال خرقت التعهدات والمواثيق الدولية بقرارها إبعادنا، وانتهكت كافة حقوقنا الأساسية، السياسية منها والإنسانية على وجه الخصوص. وأكدت من خلال إجراءاتها على استمرارها في سياسة التهجير والتطهير العرقي ضد المقدسيين، بهدف الاستفراد بالمدينة وتهويدها. وقد أعربنا عن خشيتنا منذ اللحظة الأولى في أن مصادرة إقاماتنا على خلفية سياسية وبحجة (عدم الولاء لإسرائيل) يشكل سابقة خطيرة، وهو بمثابة جريمة إنسانية، ويمهّد لإبعاد المزيد من الشخصيات العامة والقيادات المقدسية، كمقدمة لإبعاد وتهجير آلاف السكان”.

وقال إن سياسة سحب الهويات طالت ١٤٥٥٠ مقدسياً بين عامي ١٩٦٧- ٢٠١٥م، ومارست سلطات الاحتلال سياسة الإبعاد للمقدسيين حتى ولو كانوا يحملون الإقامات المقدسية، فأبعدت هيئات قيادية واعتبارية، وخاصة أعضاءً من “الهيئة الإسلامية العليا”، التي تولّت أمر القدس والضفة الغربية عقب الاحتلال عام ١٩٦٧م. وأبعدت ٦٠ شخصية وطنية بين أعوام ١٩٦٧- ١٩٨٧م. وأبعدت سبعة أشخاص من محافظة القدس عام ١٩٩٢م إلى مرج الزهور في جنوب لبنان لمدة عام كامل، لاحقاً صار اثنان منهما عضوين في المجلس التشريعي عام ٢٠٠٦م. هما : ابراهيم أبو سالم ووائل الحسيني. وأبعدت ٢٩ أسيراً مقدسياً من أصل ٤٥ تم الإفراج عنهم ضمن صفقة “وفاء الأحرار” بتاريخ ١٨/١٠/٢٠١١م، بين حركة حماس و”إسرائيل”، ١٤ منهم إلى قطاع غزة، بينما أبعدت ١٠ أسرى إلى تركيا، و٥ إلى قطر.

وأبعدت عن القدس إلى الضفة الغربية أو إلى الداخل الفلسطيني عام ٢٠١٥م (٢٦) مواطناً مقدسياً، لمدد تراوحت بين ٥- ٦ أشهر، هذا عدا عن إبعاد المئات من المقدسيين عن المسجد الأقصى المبارك خلال السنوات الماضية، وتحديداً عام ٢٠١٥م الذي شهد إبعاد ٣٢٣ مقدسياً، منهم ١٤٤ من الرجال، و١٢٦ من النساء، و١٨ فتى و٨ فتيات.

وأضاف أبو عرفة: “لقد ضمّت النخب السياسية والأكاديمية في مدينة القدس صوتها إلى صوتنا تحديداً في العام ٢٠١٠م، وعدّت إبعادنا استهدافاً للمجتمع المقدسي ومؤسساته وشرائحه السياسية كافة، وضربة قاصمة لما تبقى من السيادة العربية في المدينة، كما عدّوه سابقة خطيرة تمهد لإبعاد أي شخصية مقدسية تمارس العمل السياسي أو الدور القيادي الوطني”.

أصحاب حق

ولفت أبو عرفة إلى أنه من الناحية القانونية “نحن نعدّ أنفسنا أصحاب الحق في المدينة، برغم اعتبار سلطات الإحتلال إيانا أصحاب “إقامة دائمة” دون حق التمتع بامتيازات “المواطنة الكاملة”، وأستذكر هنا أن مجلس الأمن الدولي كان قد أكد بتاريخ ١٨ كانون الأول عام ١٩٩٢ على قراره رقم ٧٩٩، وخاصة في البند الثاني من القرار، عندما أكد المجلس على وجوب إعادة سلطات الاحتلال للمبعدين الفلسطينيين من مرج الزهور في جنوب لبنان إلى منازلهم”.

ويصف أبو عرفة القرار الصهيوني بالجائر وغير القانوني، وقال إن وزير الداخلية الصهيوني يدعي بأن سلطاته بسحب إقاماتنا مستمدة من “قانون الدخول إلى “إسرائيل” للعام ١٩٥٢”، كما ادعى أننا مجبرون على إعطاء الولاء لدولة “إسرائيل” ما دمنا مقيمين فيها، وأن عضويتنا في المجلس التشريعي تعدّ بمثابة عضوية في (برلمان أجنبي)، وأن ذلك يعني الولاء للسلطة الفلسطينية، ونسي أو تناسى أن سلطات الاحتلال قد سمحت بإجراء الانتخابات في مدينة القدس، وهي تدرك أن ذلك يحصل من منطلق ولاء المقدسيين لدولتهم الفلسطينية، وقد سمحت لهم بالترشيح والانتخاب منذ البداية ولم تمنعهم.

وأضاف: “ثم تطوّر الاتهام ضدنا في الصورة التالية: “أنه وبسبب أن المذكورين انتخبوا للمجلس التشريعي الفلسطيني باسم حركة حماس المعادية لـ”إسرائيل”، فقد انتهكوا وبشكل خطير الحد الأدنى من الالتزام لدولة “إسرائيل”، حسب التعبير الصهيوني.

ويتابع وزير القدس السابق: “ردّ طاقم المحامين في قضيتنا على الادعاءات الصهيونية بأن (قانون الدخول إلى “إسرائيل” لسنة ١٩٥٢م) لا يُعطي وزير الداخلية صلاحية إلغاء المواطنة عن المقدسيين الأربعة، لأن القدس لا تزال حتى هذا الوقت هي مركز حياتهم ومسكنهم، كذلك لا يمكن تطبيق (قانون الدخول إلى “إسرائيل” لسنة ١٩٥٢م) على الأفراد الذين ولدوا في فلسطين، وأن طلب الدولة المحتلة من المواطنين الأصليين “الولاء” غير قانوني، كما أن المادة ٤٩ من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر الإبعاد للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة، وأن هذا الإبعاد ينتهك الحق في الحياة الأسرية. وأن المقدسيين الأربعة، قد تمت معقابتهم بذريعة انتمائهم السياسي. والسؤال هنا: لقد تعرض المبعدون الأربعة عن القدس إلى ثلاثة اعتقالات، بذريعة اشتراكهم في المجلس التشريعي والحكومة الفلسطينية، فلماذا يعاقبون مرة رابعة بسحب هوياتهم؟”.

وفيما يخص الفلسطينيين من موضوع الاعتراف بيهودية الدولة، يقول أبو عرفة: “يلزم أن نؤكد على تقرير صدر عن مركز الزيتونة وأشار إلى أن حكومة نتنياهو عندما تطلب من السلطة الفلسطينية الاعتراف بيهودية “إسرائيل” كشرط من مجمل شروط مواصلة المفاوضات بين الطرفين، معناه أن “يهودية إسرائيل” أمرٌ مرهونٌ باعتراف الفلسطينيين، وهذه نقطة ضعف صهيونية، وقوة للفلسطينيين يمكنهم التمسك بها، أي عدم الاعتراف بالمطلب الصهيوني، وليس مجرد الإعلان أن هذا المطلب ليس شأناً فلسطينياً. في المقابل علينا أن نتنبأ في حال إقرار قانون الولاء لـ”اسرائيل” ارتفاع منسوب الاضطهاد لفلسطينيي الـ ٤٨ ومدينة القدس، ومضاعفة الاحتلال لسياسات التهجير” .

ويضيف: “نلفت النظر هنا إلى أن معيار (عدم الولاء لدولة إسرائيل) والذي بموجبه صادرت سلطات الاحتلال إقامات ١٦ مقدسياً، إنما جاء في السنوات العشر الأخيرة كتطور ثالث لسياسة مصادرة الإقامات؛ فقد أشارت دراسة أعدها الدكتور منير نسيبة مدير مركز العمل المجتمعي، إلى أن المرحلة الأولى استغرقت ٢٨ عاماً، أي ما بين عامي ١٩٦٧- ١٩٩٥م ، وصادرت سلطات الاحتلال خلالها ٣١٥٠ إقامة بذريعة إقامة أصحابها “خارج إسرائيل”، أو حصولهم على جنسيات أو إقامات أجنبية، أما المرحلة الثانية فشهدت تطورا آخر بعد العام ١٩٩٥م، حيث أدخلت السلطات معيار “مركز الحياة”، وصادرت بسببه إقامات ١١٥٠٠ مقدسي” .

وأكد أبو عرفة أن القانون الدولي يحظر الإبعاد الجماعي، وينص على عدم جواز التعرض للشخص في حياته أو أسرته أو مسكنه، ومن حقه التحرك بحرية في حدود دولته، وأن الإبعاد لأي سبب هو جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.

وقال: “إننا أخرجنا من بلدنا بغير حق، وعلى قوات الاحتلال التراجع عن قرارها بإبعادنا، وعليها إعادة وثائقنا الشخصية والثبوتية، وأن تتركنا نعيش في مدينتنا أعزاء”.

وأردف وزير شؤون القدس السابق قائلا: “على المجتمع الدولي ألا يبقى صامتاً، بينما دولة الاحتلال تقضي على الوجود الفلسطيني في القدس، تهدم البيوت وتصادر الأراضي والممتلكات، وتبني المستوطنات وتفرض الحصار، وتبني الجدران العنصرية العازلة، وتضع نقاط التفتيش العسكرية حول القدس، وتخطط لإبعاد الفلسطينيين في كل مكان داخل وخارج المدينة، ناهيك عن الانتهاك اليومي لحرمة المسجد الأقصى المبارك ومحاولات تهويده”.

وأضاف “يجب أن لا ننسى أنه على الفلسطينيين بذل جهود أكبر نحو تشكيل مرجعية مركزية قابلة للاستمرار في العمل الميداني، في سبيل “توحيد الجهد الوطني” من أجل مقاومة سياسة مصادرة الإقامات، ولا بد من العمل على أولوية تجديد بناء مؤسسات المجتمع المدني، على قاعدة وطنية، وبميزانيات مستقلة، مهمتها رفد الجهات المعنية بالدراسات والمقترحات الضرورية”.

وتابع أبو عرفة قائلا: “هنا نوصي أهلنا المقدسيين أن يتشبثوا بأرضهم وممتلكاتهم مهما قست عليهم الظروف، وأن يعدّوا رباطهم وصمودهم وظيفتهم اليومية، وخيام الاعتصام بيتهم ال

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات