السبت 25/مايو/2024

المحرر الجنيدي يروي لـالمركز تفاصيل إضراب الأسرى

المحرر الجنيدي يروي لـالمركز تفاصيل إضراب الأسرى


رقرقت عيناه غير مرة، تحامل على آلمه، حاولنا أن لا نثقل عليه، ولكنه أصر علينا أن نفرغ كل ما في جعبتنا، فلقد شارك الأسرى (22) يوما من إضرابهم، قبل أن يفرج عنه الاحتلال راضخا، وميض النصر والعزة يلمع في عينيه، وأصعب لحظات الإضراب عليه عندما ألقى السلام على زملائه الأسرى مودعاً.

على سرير الشفاء في إحدى مستشفيات الخليل، وبعد ساعات من الإفراج عنه التقيناه، تحدث إلينا عن تفاصيل إضراب الأسرى الإداريين، الذي بدأ في (24-4)، حدثنا عن بطولات القادة في الصمود، لم يتمالك نفسه حينما ذكر لنا عنجهية الاحتلال وأساليب تعذيبه، وأكثرها إهانة التفتيش العاري.

 الأسير المحرر زيد الجنيدي يصف أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني بأنها في أسوأ حالاتها، محذرا أن حياة الأسرى في خطر حقيقي، وهي مهددة بمفارقة الحياة بأي لحظة، ناهيك عن أن أجسادهم التي  تضمر يوما بعد يوما.
 
الجنيدي، أضرب عن الطعام لمدة (22) يوما، ورضخ الاحتلال وأفرج عنه أمس الخميس (15-5) في ذكرى يوم النكبة، من عزل الرملة، يقول إن الأسرى المضربين يتعرضون لحملة شرسة من قبل إدارة السجون، ففي كل يوم يتعرضون للتفتيش العاري بشكل مستمر، ويحرمون من زيارة أهاليهم، بالإضافة إلى الحرمان من لقاء محاميهم والخروج إلى ساحة الفورة داخل السجن.

 ومن مستشفى الأهلي في الخليل، التقى مراسلنا، المحرر الجنيدي في مقابلة خاصة، أوضح فيها: أن”هناك حملة مقصودة في الاعتداء على الأسرى الشيوخ والنواب والوزراء المضربين عن الطعام داخل السجون، ويدلل “تم ضرب الشيخ النائب محمد جمال النتشة حتى فقد الوعي لمدة أربعة ساعات متواصلة، فيما تم الاعتداء على النائب محمد ماهر بدر وكسر أصبع يده، بالإضافة إلى خلع كتف الأسير طارق ادعيس والاعتداء عليه بالضرب المبرح، وهذا ما دفع الأسرى في كافة السجون إلى حالة من الاستنفار والغضب العارم”.
  
وفيما يلي نص المقابلة 

 * ما الذي دفع الأسرى الإداريين للإضراب عن الطعام؟

  – دخل الأسرى الإداريون الإضراب المفتوح عن الطعام لإنهاء اعتقالهم الإداري، فهذا الاعتقال ظالم وجائر ومخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية، البعض من الأسرى أمضى في الاعتقال الإداري ما يقارب أربعة عشر سنة مثل الأسير مازن النتشة الذي نقل الى مستشفى سوروكا لتردي وضعه الصحي، والبعض الآخر أمضى أكثر أو أقل من ذلك.
 كما وجد الأسرى أن هذا الملف لن ينتهي، فقرروا أن يخوضوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى لو دفعوا أروحهم ثمنا لذلك.

 * كيف بدأ الإضراب من قبل الأسرى، وما هي الخطوات التي اتخذت من قبل إدارة السجون بحقهم؟

 –  بدأ التشاور من قبل الأسرى في كافة السجون، والكل أجمع على خوض الإضراب، واتفق الأسرى فيما بينهم على البدء يوم الخميس (24/4) بالإضراب المفتوح عن الطعام.
كانت إدارة السجون والاستخبارات تعتقد أن الأسرى غير جادين في هذا الإضراب، وإنما هي محاولة للضغط عليهم، إلا أن الأسرى في صباح هذا اليوم (الخميس) أبلغوا إدارة سجن عوفر إرجاع جميع وجبات الطعام والعزم على الإضراب المفتوح.
 
بدورها، أبلغتنا إدارة السجون الصهيونية معاقبة كل من ينوي خوض الإضراب عن الطعام في نقله إلى عزل “ايلون” الرملة، وطلبت من الأسرى الذين ينوون الإضراب الوقوف على بوابة السجن للخروج إلى عزل الرملة، وإذ بالأسرى يتفاجأون أن الأسير الشيخ محمد جمال النتشة يقف في بداية الصف، يتبعه الأسير الشيخ نبيل النتشة، وهو مريض بالسرطان، فما كان من الأسير الوزير عيسى الجعبري، الذي يعاني العديد من الأمراض، والذي كان الاتفاق معهم عدم المشاركة بالإضراب بسبب وضعهم الصحي الصعب، باللحاق بإخوانه.

 في هذه اللحظات أصبح المشهد تراجيديا محزنا لأبعد ما تتصور، فبدأ الأسرى يقبلون أيديهم ويترجون هؤلاء الشيوخ المرضى في عدم خوض الإضراب ويبكون بكاء شديدا، إلا أن عزيمة هؤلاء القادة وإصرارهم على التحدي وخوض المعركة في وجه إدارة السجون، دفعتهم الى رفض طلب الشباب، والإصرار على البدء بالإضراب قبل الشباب وقبل الأشبال، وهذا ما قهر ضباط الاستخبارات وهم ينظرون إلى هذا المشهد المليء بالعزة والكرامة.

 * كيف تصف سجن عزل الرملة، وما هي المقومات الحياتية الموجودة فيه؟

  -عزل الرملة من أسوأ السجون لدى الاحتلال، فهو معروف بالحر والرطوبة معا، ويحتوي على مجموعة من الزنازين تضم كل زنزانة ما بين خمس إلى ثماني أسرى، في هذا السجن لا يمتلك الأسرى أي مقومات للحياة، في هذه الزنازين لا يوجد عند الأسرى سوى بطانية وفرشة، بالإضافة إلى ملابسهم التي على أجسادهم. 

 * كم عدد الأسرى المضربين في كافة السجون، وكم يوجد منهم في عزل الرملة؟
 
–  الآن في سجن الرملة (49) سجيناً مضرباً عن الطعام ، أما عدد الأسرى المضربين في كافة السجون(200) أسير منهم (110) أسرى إداريين، والباقي أسرى من ذوي الأحكام وكل أسبوع ينضم (100) أسير إلى الإضراب من ذوي الأحكام تضامنا مع إخوانهم الإداريين.

*حدثنا عن الحياة اليومية للأسرى المضربين؟

 – حرمونا من كل شي، من (الفورة) والزيارات، ورؤية المحامي ومن أخذ بعض العلاجات، في الفترات السابقة وفي الإضرابات التي خاضها الأسرى سابقا، كان الأسير في حال إصابته بوعكة صحية يتم إعطاؤه (جلوكوز) أما اليوم يصل الأسير إلى حالة صحية ويخرج دما من فمه، ومع ذلك ترفض الإدارة إخراجه إلى العيادة إلا بعد سبع ساعات وبعد التهديد من قبل الأسرى بالاستنفار.

* ما الذي يتناوله الأسرى خلال الإضراب؟

 – لا يتناول الأسرى سوى الماء، فهم يرفضون أخذ الملح والفيتامينات، منذ بداية الإضراب في (24-4).

 * ماذا عن التفتيش بالنسبة للأسرى المضربين؟

 – كان التفتيش مرتين يوميا، عند الثالثة فجراً والسادسة مساء، وهو من تخصص وحدة (اليماز) وهذه الوحدة معروفة برذالتها ووحشيتها في التعامل مع الأسرى، وكنا نجرد من كل الملابس لمدة خمس دقائق في كل مرة.

 *  كيف يتعامل الضباط وشرطة الاحتلال والأطباء مع الأسرى المضربين؟

 – سيئ جداً، فقد كان الأسرى يطلبون بعض الأمور ولكن الرد بالمماطلة والإهمال، أما الأطباء فلم يمر علينا بوحشيتهم، فقد كانوا سيئين جدا لأبعد الحدود.
 بالأمس (14-5) تقيأ الأسير إبراهيم أبو عياش دما، فأحضروا أحد الأطباء من مستشفى سجن الرملة، فقاس ضغط دم الأسير من شباك باب الزنزانة، وقال له إذا أردت أن أعالجك فك الإضراب وتناول الطعام، فرفض الأسير ذلك، فذهب الطبيب ولم يقدم له شيئا.

 *  كيف تم الاعتداء على الشيخ محمد جمال النتشة، وما الذي جرى؟

 -دخلت وحدة (اليماز) ونحن نائمين، تقريبا في حدود الساعة الثامنة صباحا، وذلك لأننا لا ننام إلا بعد الفجر، وقاموا بتكبيل جميع من في الغرفة، وهم الشيخ محمد جمال النتشة، وطارق ادعيس، والنائب محمد ماهر بدر، وأنا (زيد الجنيدي) وإيهاب القواسمي.

 الشيخ أبو همام (محمد النتشة) وأثناء تقييده، حرك يده فقاموا بضربه على رأسه، ما أدى إلى فقدانه الوعي وسقوطه على الأرض لمدة أربع ساعات، لم يأت أي طبيب لإسعافه، فحاول الشيخ ماهر بدر إنقاذه فقاموا بالاعتداء عليه، فكسر أحد أصابع يده، بعد ذلك حاول طارق ادعيس مساعدة الشيخين، فتم الاعتداء عليه بوحشية وخلع كتفه بالكامل.
 
هذا المشهد دفع الأسرى إلى حالة استنفار بأقسام السجن، بالرغم من مضي عشرة أيام على الإضراب، ووضعنا الصحي سيء جداً.

 حينها هدد الأسرى بإشعال السجون بالكامل، فتداركت إدارة السجون الصهيونية خطورة الموقف، وهدأت الموضوع وأخرجت الشيخ أبو همام والأخ طارق ادعيس إلى العيادة بعد أربع ساعات من الإغماء، ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا بالاعتداء عليهم داخل العيادة.

 وما إن تبادر إلى الأسرى خبر الاعتداء مرة أخرى، حتى بدأوا بالتكبير والصيحات في كافة الغرف، ما دفع الإدارة إلى العرض على الشيخ (أبو همام النتشة) في تهدئة الوضع والاتصال مع الأسرى في كافة السجون، لإدراكهم مدى تأثير هذا الشيخ الجليل على باقي الأسرى، ولكنه رفض ذلك فأرجعوه إلى غرفته على الحمالة، ولم يقدموا له أي علاج.
 
    وعندما شعرت سلطات الاحتلال بخطورة الموقف، أرسلت مدير الاستخبارات في سجونها، وقام مدير القسم الأسير محمود شبانة بإبلاغه رسالة الأسرى، وهي” أننا أوصلنا ما حدث إلى كافة السجون وسوف نشعل كافة السجون”. فطلبت الإدارة بتهدئة الوضع، بعد ذلك رجعت الأمور إلى ما هي عليه، وتفاجأنا بعد يومين بقيام إدارة السجن بعزل الشيخ أبو همام إلى العزل الانفرادي، وكذلك تم نقل الأسير الشيخ مازن النتشة إلى المستشفى لتدهور وضعه الصحي بطريقة حرجة.

 * هل بدأت إدارة السجون بالتفاوض مع الأسرى حول مطالبهم؟

 -هناك لجنة من قبل الأسرى مكونة من سبعة أشخاص، وهي المفوضة في التفاوض مع إدارة السجون، ثلاثة منهم في عزل الرملة وهم الدكتور أمجد الحموري، والنائب عبد الجابر فقهاء، وأشرف عصفور، كما يوجد ثلاثة من سجن النقب، وعملت إدارة السجون على عزلهم منذ بداية الإضراب في عزل (هولكيدار)، والأخير في سجن مجدو، وحتى اللحظة لا يوجد أي حوار.

 *هل كانت هناك زيارات من قبل المحامين لكم؟

 – للأسف، لا يوجد أي زيارة، ورسالة الأسرى إلى الصليب الأحمر الدولي ” أنتم متواطؤون مع إدارة السجون” فهم لم يزورونا بتاتا، ولم يصل أي محامي من قبل نادي الأسير كذلك.

 * كيف هي معنويات الأسرى المضربين داخل السجون؟

 -عاليه لأبعد حدود، لإيمانهم بأن قضية الاعتقال الإداري يجب أن تنتهي إلى غير رجعة، ومطالب الأسرى عادلة ومشروعة ولن ينفكوا عن إضرابهم حتى ولو دفعوا أرواحهم في سبيل هذه القضية.

هناك أسرى مرضى يستفرغون دماً،  نعرض عليهم كل يوم أن يخرجوا من الإضراب لخطورة حالتهم، ولكن إصرارهم يدفعهم للرفض مصممين على الاستمرار حتى ينتصروا في معركتهم، مهما دفعوا ومهما أدى بهم الحال. 

 *  ما هي رسالتكم إلى الشعب والقيادة؟

 -لا تتركونا وحدنا في المعركة، لا تتركوا أبناءنا وزوجاتنا وأمهاتنا لوحدهم في الميدان، شاركوهم المسيرات والاعتصامات والفعاليات التضامنية، لأنه بصراحة إذا ترك الأمر كما هو يزداد سوءا يوما بعد يوم، فالأخوة الأسرى يوما عن يوم يضمرون، ولا يستطيعون الذهاب إلى الحمام والوقوف على أرجلنا.
أما بالنسبة للقيادة، عليهم أن يبذلوا جهودا أكبر، فقد وصلتنا جهود الأخ خالد مشعل وموسى أبو مرزوق في قضية الأسرى، وكذلك جهود الأخ عيسى قراقع فهذه جهود مباركة، ونطالب بالمزيد لقضية الأسرى.

 *  هل فعاليات التضامن مع الأسرى في الخارج تصل إلى الأسرى؟

 – الفعاليات التضامنية مع الأسرى في الخارج تصل كلها إلى داخل السجون بطرق مختلفة، وهي مهمة جداً بالنسبة لهم، فهي تدفعهم إلى الصمود وتعطيهم دفعة إل

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات