أبو عرفة : قدمنا نموذجًا متقدمًا في مواجهة الاحتلال

قال وزير شؤون القدس السابق المهندس خالد أبو عرفة بأنهم قدموا خلال الاعتصام بمقر الصليب الأحمر نموذجا متقدما لأهل مدينة القدس في مواجهة الاحتلال ومقاومة سياسته اتجاه المدينة وأهلها، وأوصلوا للاحتلال بأنهم لن يخرجوا من القدس أبدا ولم يقبلوا بهدم بيوتهم ومصادرة أرضهم وتركها .

وقال أبو عرفة خلال مقابلة مع مراسل ” المركز الفلسطيني للإعلام” بمناسبة مرور عام على بدء اعتصامه برفقة النائبين المقدسيين احمد عطون ومحمد طوطح في مقر بعثة الصليب الأحمر بحي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة بعد قرار الاحتلال بسحب هوياتهم وإبعادهم عن المدينة بأنه وإخوانه النواب المعتصمون قرروا إما أن يبقوا بالقدس أعزاء  أو أن يدفنوا تحت ترابها شهداء .

إغلاق باب الإبعاد

وحول قرار بدء الاعتصام، ذكر المهندس أبو عرفة بأنهم ومنذ اللحظة الأولى التي قرروا فيها البدء باعتصام مفتوح كانوا يدركوا أنهم مقبلين على خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 1948 وأنهم وبرغم المشاق والمعاناة التي سيتعرضوا لها فقد وضعوا ذلك في كفة والإبعاد عن المدينة والإذعان لقرار الاحتلال في كفة أخرى .

كما ذكر بان قرار الاعتصام جاء لكسر باب الإبعاد وإغلاقه للأبد بشكل كامل فقد كان هناك قائمة معدة تشمل 315 شخصية مقدسية من كافة الفصائل والاتجاهات وهذا الأمر جعلهم يصرون على مقاومة الاحتلال بهذا الأسلوب واللجوء إلى مؤسسة دولية والصمود في هذا الخندق والبقاء بالقدس دون الخروج منها ومنع الاحتلال من تنفيذ قراره بإبعادهم وحماية قيادات الفصائل  في القدس وشخصياتها الاعتبارية من أي استهداف مستقبلي يهدف إلى إبعادهم عن المدينة المقدسة .

وأشار أبو عرفة بأن إصرار الاحتلال على سحب هويته وإبعاده عن مدينة القدس خاصة بعد الإفراج عنه في عام 2010 بعد قضائه ثلاث سنوات ونصف شكل موقفا محرجا للاحتلال حيث كان هناك تناقضا واضحا في القانون بخصوص التعامل بقضيته فهو وزير معين ليس عضوا في المجلس التشريعي ولم يكن بعد الإفراج عنه على رأس عمله و كان من المفروض أن يكف الاحتلال عن ملاحقته ولكن وجد نفسه مضطرا للتعامل معه كبقية النواب ومصرا على ذلك ، وبذلك يستدل بأن استهدافه والنواب يأتي ضمن جملة الحملة التي يشنها الاحتلال بحق القدس وأهلها ومقدساتها لتفريغها من القادة والشخصيات الفاعلة والمؤثرة فيها والتي تعمل على فضح جرائمه أمام العالم .

نتائج الاعتصام

وعن النتائج التي وصلوا إليها بعد عام كامل من الاعتصام قال الوزير أبو عرفة بأنهم وفقوا بشكل كبير خلال اعتصامهم بمقر الصليب الأحمر بحيث استثمروا هذه الأشهر بشكل لا يوصف وبدرجة كبيرة بتوفيق الله تعالى ومآزرة أهالي القدس والوفود التي زارتهم وتضامنت معهم وتمكنوا أن يقووا شوكتهم ويواجهوا الاحتلال بعزيمة وإصرار ويقدموا كل ما يستطيع برغم المعاناة والمشقة والبعد عن عائلاتهم  .

كما أنهم قطفوا من النتائج القدر الذي لم يكن متوقعا من خلال الندوات والمحاضرات التي كانت تعقد في خيمة الاعتصام وعبر المقابلات والاتصالات مع وسائل الإعلام المختلفة وان هذه النتائج ما كانت لتحصد لو كانوا في بيوتهم أو مبعدين عن القدس.

وأضاف ان وفودا أوروبية أبلغتهم بأن قضيتهم سلط الضوء عليها بشكل أوسع وأن قضية إبعادهم أصبحت اشهر الملفات التي تتعلق بمدينة القدس خاصة أن قرار الاحتلال يعتبر سياسيا بامتياز وهو يصنف كجريمة إنسانية وجريمة حرب .

وعن الاستمرار بالاعتصام، أكد أبو عرفة بأنه ليس لمدى بقائهم في خيمة الاعتصام أي اعتبار بالنسبة لهم لان ذلك يشكل وسيلة نضالية متقدمة وخط دفاع أول لأهل القدس، وان عليهم دورا يجب القيام به فهم يمثلون شعبهم ودورهم قيادي ومتقدم و ثقيل ويجب أن يقوموا به وهم بداخل خيمة الاعتصام دون تقصير وعليهم أن يشاركوا شعبهم همومه ويبقوا على تواصل معهم ، وهذا الأمر يشرفه وإخوانه أعضاء المجلس التشريعي بان يكونوا في الخندق نفسه في الاعتصام والرباط ومقاومة الاحتلال.

ضغوطات الاحتلال

كما سلط أبو عرفة الضوء على الضغوطات المختلفة التي قام بها الاحتلال للتأثير على اعتصام نواب القدس ووزيرها بمقر الصليب الأحمر وكشف بأن الاحتلال لم يترك أي وسيلة ضدهم  إلا واتبعها لان هذا ديدنه وليس عنده خط احمر ولا يحتكم للأعراف الدولية أو التقاليد الأخلاقية ، وقال بأن الاحتلال وجه عدة رسائل للصليب الأحمر حاول خلالها إفهامه وإقناعه انه مؤسسة غير دولية من التصنيف الأول ولا تحوز على حصانة المؤسسات الدولية والسفارات وان سلطات الاحتلال تستطيع اقتحام مقره لاعتقال النواب والوزير المعتصمين .

كما أن الاحتلال حاول إنشاء حملة شعبية صهيونية للعمل على الاحتجاج على إدارة الصليب لقيامها بحماية قادة حماس الذين يقومون بالأعمال الإرهابية حسب وصفه وكان ذلك عن طريق استخدام رسائل الهواتف النقالة والقنوات الإعلامية المختلفة وعن طريق المسيرات المتكررة حول المقر والشوارع المحيطة فيه .

وأوضح بان الضغوطات تفاقمت لتصل إلى السفراء والقناصل في مدينة القدس حيث وصلتهم رسائل بشكل أو بآخر بأنه لا يجب عليهم أن يصلوا ويتضاموا مع المعتصمين لان بذلك تشجيع للعنف وعرقلة لمسيرة السلام حسب زعم الاحتلال،  وهذا ما ابلغهم به شخصيات اعتبارية محلية وأوربية وكذلك بعض الجهات من داخل دولة الكيان التي كانت متضامنة مع معاناة الوزير والنواب ورافضة لقرار الاحتلال والذين وعدوا بتفعيل قضيتهم والعمل على إنهائها إلا أنهم تراجعوا عن ذلك بفعل تهديدات الاحتلال وضغوطه.

رسالة الوزير المهدد بالإبعاد

ومن خيمة الاعتصام وجه الوزير خالد أبو عرفة رسالة إلى أهل القدس بارك فيها نضالهم وجهادهم حيث شحذوا هممهم وقرروا الدفاع عن أنفسهم ومقدساتهم بعد أن تخلا عنهم الكثيرون وكانوا حراس أوفياء للمسجد الأقصى المبارك في وجه الاحتلال ووسائله الشيطانية ، وقال بأن هناك جيلا جديدا ينافح عن بلداته واستطاع أن يدفع هجمة الاحتلال بصدوره العارية وأيديه العزلاء إلا من إيمانه بعدالة قضيته .

ودعا أهل القدس إلى أن يستمروا في ثباتهم ورباطهم فهم سيحققون النصر ومن شاء من العرب والمسلمين أن يشاركهم بشرف النصر فليتفضل ومن لم يشأ فهذا شانه .

كما وجه أبو عرفة رسالة إلى العرب والمسلمين وخص منهم النخب من العلماء والمفكرين وقادة الرأي ونبه أن عليهم أن يعلموا أنهم بالقدر الذي كانوا فيه هم السبب الرئيسي وراء التغيير والثورات التي تحصل في بلادهم بسبب فكرهم وتواصلهم مع الأمة ومطالبتهم الدائمة بالتغيير فإن عليهم أن يعلموا انه أيضا  منوط بهم أن يحافظوا على البوصلة واضحة ونقية حتى تصل هذه الثورات إلى بر الأمان ، ويعتبروا القدس أولوية لثوراتهم وانه فور نضج أنظمة العرب والمسلمين سياسيا فعليهم التوجه لتحرير فلسطين لان ذلك يحمي حاضرنا وهويتنا ومستقبلنا جميعا فلا عزة ولا كرامة إلا بتحرير القدس وفلسطين .

أما رسالته إلى قادة المجتمع الدولي والمصنف زورا بالشرعية الدولية فقال لهم ” كفاكم استهتارا بمصائر الشعوب فقد بانت الحقيقة واتضح نفاقكم وتبين أنكم لا تحترمون ديمقراطية ولا حقوق إنسان فهذه شعوب تقتل بالجملة أمام أعينكم وانتم ترقصون على جراحها وانكشف الطابق وانقلب السحر على الساحر وإذا لم تستمعوا لصوت العقل وإذا لم تلتزموا بما تدعوا إليه الأعراف والمواثيق الدولية فان التاريخ سيلعنكم ولن يرحمكم “.