الأحد 26/مايو/2024

الأسير المبعد عزام: الأسرى الفلسطينيون يواجهون معاناة كبيرة.. وقرارات الإبعاد أم

الأسير المبعد عزام: الأسرى الفلسطينيون يواجهون معاناة كبيرة.. وقرارات الإبعاد أم

أكد الأسير المحرر محمود عزام أنه اختطف في سجون الاحتلال لمدة 12 عامًا دون أية تهمة أو قضية أو تاريخ إفراج، لافتًا إلى أن اختطافه جاء انتقامًا منه بحكم قرابته من الشيخ الدكتور الشهيد عبد الله عزام.

واستنكر عزام في حوارٍ خاصٍّ مع “المركز الفلسطيني للإعلام”، يُنشر لاحقًا، بشدة اهتمام العالم بقضية جندي صهيوني أسير لدى المقاومة الفلسطينية، في حين يتجاهلون 11 ألف أسير في سجون الاحتلال قضَوا سنوات عمرهم داخل الأسر.

وأكد عزام أن الأسرى يواجهون معاناة كبيرة بسبب الممارسات العنصرية لسلطات الاحتلال ضدهم، مشيرًا إلى أن أشد حالات القمع كانت في عام 2003م؛ حيث تعرَّض الأسرى لضربات قوية تمثلت في تقسيم السجون إلى أقسام مستقلة والعقوبات المالية التي أرهقتهم، بالإضافة إلى تعرية الأسرى وإذلالهم وإرغامهم على الكشف عن عوراتهم، فضلاً عن فرض شرطيات لتفتيش الأسرى داخل السجون، واللاتي يقمن بعمل إغراءات للأسرى من أجل التغرير بهم ومحاولة جلب المعلومات منهم والإدلاء باعترافات.

وحول قضية الإبعاد من الضفة إلى غزة أكد عزام أن قرار الإبعاد أمر خطير وظالم، قائلاً: “رغم أني أدرك أنني بين أهلي وإخواني في غزة، ولكن بُعدي عن زوجتي وأولادي الذين حُرمت رؤيتهم سنينَ طويلة يؤلمني ويؤلمهم أيضًا، غير أن هذا القرار الظالم صحبه سحبٌ لهويتي الشخصية؛ حيث لم يتبقَّ معي أية أوراق تثبت شخصيتي”.

فإلى تفاصيل الحوار:

* بدايةً.. البطاقة الشخصية للأسير المحرر محمود عزام.

** محمود سعيد صالح عزام، من جنين قرية سيلة الحارثية، متزوج ولديَّ خمسة من الذكور وبنتان.
ابني الكبير عادل يدرس في مصر ماجستير حاسوب، قضيت في السعودية ست سنوات كانت بين عملٍ ودراسةٍ، وقضيت في باكستان 12 عامًا، وقضيت في السجون الصهيونية 12 عامًا أيضاً بدون تهمة وبدون قضية، ومؤهلي العلمي ماجستير في الشريعة الإسلامية.

* حدثنا عن الشهيد الدكتور عزام؟ وما العلاقة التي تربطك به؟

** علاقتي به هي قرابة من الدرجة الأولى؛ فهو خالي، ولكن لا يعني ذلك أن سيرته وفكره حكرٌ لرجل أو لعائلة.

والشيخ الشهيد عبد الله عزام صاحب فكر ومنهج، وعالم غزير العلم؛ حيث أخرجنا له حوالي 70 إلى 80 كتابًا، وفرَّغنا له أشرطة الكاسيت تُقدَّر بـ306 شرائط، و50 شريط فيديو، وجمعنا كل هذا في موسوعة أربعة مجلدات بحجم “البداية والنهاية”؛ كل مجلد 1200 صفحة، وأخرجنا له عن حياته كل ما قيل وكتب عنه من الخطباء والكتاب والشعراء، وأنا كنت أحد العاملين في دعوة الدكتور عبد الله عزام، بل أنا كنت على رأسه في إخراجه إلى الأمة كتجربة للأمة، وكانت هناك تجربة عظيمة للشيخ عبد الله عزام.

* وكيف كانت حياته؟ وما أبرز صفاته؟ وما أبرز ما تعلمت منه؟

** حياته كانت حياة طيبة، وألخصها أنها كانت حياة “العذاب العذب”؛ حيث كانت مرهقة جدًّا، ولكن كانت قوية الصلة بالله، ولذلك كان مع أهله وأبنائه وأقرانه يتعامل مع الكل كالأب الحنون، وكنت أتمنى لو عشت الزمن كله مع الشيخ وما مللت، وأعتقد أن عمري الفعلي هي أربع السنوات التي قضيتها مع خالي الشيخ؛ لأني بصراحة استفدت الكثير.

وكان من أجمل وأروع الصفات التي كان يتحلى بها الشيخ هي حبه لإخوانه وتفكيره في العالمية لا في الإقليمية، وكانت قضيته المركزية هي قضية فلسطين، وكان يقول “فلسطين بعد أفغانستان”.

وكانت له مقولة جميلة يقول فيها: “لا يفارقني ثلاث: المصحف، والوضوء، والسواك”، ولكن أضاف إليها: “سلاحي وكتابي”.

والشيخ كان قدوة رائعة، وقد كان يقول: “لقد عجم عليَّ كثير من أمور في السيرة النبوية لم أجد حلها إلا في أرض الجهاد”، وكان يقول إن الحركة الإسلامية هي الصاعق التي تفجر طاقات الشعب وتقود الشعب وهو وقود المعركة، وأنا أتمنى أن يعود كل متعلم إلى فكره.

* كيف بدأت عملية الأسر؟ وما خلفية ذلك؟

** عندما كنت في باكستان قرَّرت أن آتيَ إلى سيلة الحارثية مسقط رأسي وأهلي وأولادي؛ لأنني كنت أريد أن أربط الأولاد بوطنهم، وأرسلتهم إلى بلدتنا سيلة الحارثية على أن ألحق بهم بعد شهر، وبالفعل بعد شهر استخرت الله كثيرًا ولم أرتح للعودة إلى فلسطين، واتصلت بزوجتي أم عادل وقلت لها إنني لم أرتح للمجيء، ولكن عندما أخبرت زوجتي أمي وأبي بذلك غضبا مني، وعندما اتصلت بهما ردًّا: “من لا يريدنا لا نريده”، فأثر ذلك في نفسي كثيرًا وقررت سريعًا العودة خوفًا من غضبهما، وعدت في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1997م، وبعد عشرين يومًا فقط من وصولي إلى فلسطين داهمت قوات الاحتلال بيتي، وقبل أن اعتقلتني في منتصف الليل فتشوه بما في ذلك خزانتي الشخصية، وكان مما أحرزوه صورٌ لخالي الشيخ الشهيد الدكتور عبد الله عزام وبجانبه شابٌّ لا أعرفه، وبعدها انطلقت بي القوات الصهيونية إلى سجن “الجلمة” وحقَّقوا معي 50 يومًا؛ تعرَّضت في 16 يومًا منها لـ”شبح” في السقف بمكبلات صغيرة وضيقة كادت أن تقطع أطرافي، وأصبح عندي شبه شلل في يدي، وطلبت بالذهاب إلى الطبيب فأعطوني حبة مسكن فقط.

* ما طبيعة الأسئلة التي كانت توجَّه إليك أثناء التحقيق؟

** كان يسألونني: أين كنت؟ ومع من كنت؟ ومن تعرف؟ ومن الذي جاء إلى باكستان من العرب؟ وقلت لهم أنا كنت أسكن في مدينة بيشاور في باكستان، وهي كبيرة.

* وهل تعتقد أن تهمتك هي صلتك بالشيخ عبد الله عزام؟

** بكل تأكيد، وهي لها معنى ولها بُعد، وأظن أنها عملية انتقام أكثر من أنها قضية؛ حيث كان يظنون أن هناك شيئًا كبيرًا عندي بحكم قربي من الشيخ عبد الله عزام، وأن لدي أسرارًا كثيرة ولكنهم لم يجدوا شيئًا.

* كيف قضيت 12 عامًا في سجون الاحتلال؟ وماذا فعلت؟

** بصراحة كنت أعيش في السجن على أعصابي كإنسانٍ ليس له تهمة وليس له قضية ولا تاريخ إفراج، وانتظرت كثيرًا؛ ولذلك كان أصعب شيء عليَّ في الأسر أن يسألني أحد الأسرى: ما قضيتك؟ وهو الجواب الأصعب للسؤال الصعب، فماذا أجيب وأنا لا أعرف، فيأتيني واحد وأشرح له كل ما حدث معي من البداية، ويأتي بعده آخر وآخر؛ مما اضطرني إلى كتابة ما حدث معي كتابة حتى أرتاح وأعطيها لكل شخص يسألني عن قضيتي.

* تحدث لنا عن الأسرى ومعاناتهم وكيف كانوا يقضون يومهم؟

** كان الأسرى القدامى من كل الحركات الفلسطينية، خاصة حركة “حماس”، يستوعبون الأسرى تربويًّا، ويعقدون لهم دورات وينتظمون في أسر، لكن بعد ارتفاع العدد بشكل كبير، خاصة بعد انتفاضة الأقصى لم يستطيع الإخوة القدامى استيعاب هذا العدد الكبير من الناحية التربوية، وأنا أتحدث هنا عن حركة “حماس” بالأخص.

ولذلك حدثت مشكلات في بعض الأقسام تعذَّر على المسؤولين حلها، ومن وقتها ومع بداية 2005 ينتخب أسرى “حماس” 15 عضوًا منهم يشكلون هيئة عليا لأسرى الحركة، وهذه الهيئة هي التي تحسم الأمور بالخطوط العريضة والإستراتيجية في السجون، كالإضراب عن الطعام وغيره.

* كيف تشرح لنا معاناة الأسرى في سجون الاحتلال؟

** معاناة الأسرى في السجون الصهيونية كبيرة وصورها كثيرة؛ منها تقسيم السجون إلى أقسام مستقلة للسيطرة عليها، وفرض عقوبات مالية أرهقت الأسرى، وكذلك الاستفزازات، بالإضافة إلى تعرية الأسرى وإذلالهم وإجبارهم على الكشف عن عوراتهم، بل وصل الأمر إلى تعيين شرطيات لتفتيش الأسرى بداخل السجون يقمن بتعليمات مباشرة بمحاولة إغراء الأسرى والتغرير في محاولة منهن لاستخراج معلومات واعترافات منهم.

ومن صورة معانة الأسرى أيضًا الإهمال الطبي المتعمد، والذي يحرم المرضى بسببه من تناول العلاج إلا حبة “الأكامول”، وكذلك حرمان أهالي الأسرى من الزيارة، وخصوصًا أسرى غزة المحرومين من رؤية أهاليهم منذ أكثر من ثلاث سنوات.

* كيف تنظر إلى قرار الإبعاد إلى غزة؟

** أمر الإبعاد خطير، وأنا مستاء جدًا من هذه القرار الصهيوني الظالم رغم أني أدرك أنني بين أهلي وإخواني في غزة، ولكن بُعدي عن زوجتي وأولادي الذين حُرمت رؤيتهم سنين طويلة يؤلمني ويؤلمهم أيضًا، غير أن هذا القرار الظالم صحبه سحب لهويتي الشخصية؛ حيث لم يتبقَّ معي أية أوراق تثبت شخصيتي.

* كيف كنتم تتابعون هذا الاهتمام العالمي بشاليط مقابل تجاهل معاناة 11 ألف أسير؟

** هذا أمر مجحف، وإن دل على شيء دل على أنه ليس هناك عدل في العالم.. أين حقوق الإنسان؟!.. 11 ألف أسير لا يُلتفت إليهم ولا يعمل لهم ضجة مثل ضجة شاليط الجندي الواحد.

نحن لم نجد من يقف مع هؤلاء الأسرى، خاصة الذين قضَوا أكثر من 30 عامًا في سجون الاحتلال، مثل نائل البرغوثي وغيره؛ فهذه قضية يجب الاهتمام بصورة كبيرة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات