السبت 27/أبريل/2024

الشيخ رائد صلاح.. قائد حكيم في معركة الأقصى

الشيخ رائد صلاح.. قائد حكيم في معركة الأقصى
نجح الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، في إثارة اهتمام إعلامي حول الحفريات التي تجري في منطقة باب المغاربة المؤدي إلى الحرم القدسي الشريف.

وتمكن صلاح، الذي يحظى بشعبية واحترام، يتجاوز مؤيديه، وأحيانا إلى خصومه السياسيين، من البدء بحملة إعلامية سبقت، أعمال الحفر، عندما أقدمت سلطات الاحتلال في منتصف شهر كانون الثاني 2007، على هدم منازل عمرها اكثر من الف عام، في المنطقة، وهي عملية لا تقل خطورة مما يجري حاليا.

ودأبت مؤسسة الأقصى للدفاع عن المقدسات، التي يديرها مقربون من صلاح، على تسجيل الخروقات الاحتلالية ليس فقط في القدس ومحيط الحرم القدسي الشريف، ولكن شمل عملهم توثيق أي اعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية في انحاء فلسطين التاريخية.

وينحدر صلاح من مدينة أم الفحم، القريبة من الخط الأخضر، التي كان للحزب الشيوعي الإسرائيلي، الذي يضم أغلبية عربية، النفوذ الأكبر فيها، ولكنها أيضا تميزت بان حركة أبناء البلد ذات التوجه الوطني والقومي، انطلقت من هذه المدينة، ولم تشكل حركة أبناء البلد تهديدا لنفوذ الحزب الشيوعي سواء في أم الفحم أو في البلدات والمدن العربية في الداخل.

وكانت المدينة مع ما يعرف بمنطقة المثلث، آلت إلى دولة الاحتلال، ليس بالقتال، ولكن في مفاوضات الهدنة التي أعقبت سكوت المدافع في حرب 1948، حيث تنازل المفاوضون العرب عن المنطقة، التي قدمت لهم ضمن خارطة صهيونية.

وتحولت الحادثة في الوعي الفلسطيني، إلى رمز لقلة حيلة المفاوضين الفلسطينيين والعرب وجهلهم وعدم اطلاعهم، وضعف إخلاصهم، كما حدث فيما بعد مرات كثيرة.

وبالنسبة للاسرائيليين، الذين فرحوا بمنطقة المثلث، أبدوا ضيقا من مدينة أم الفحم خصوصا، التي تحولت إلى اكثر المدن العربية في الداخل كثافة، وطرحت أفكاراً ترشح المدينة ضمن تبادل أراض في اتفاق سلمي مع الفلسطينيين، بحيث تنتقل المدينة إلى السيادة الفلسطينية مقابل ضم مستوطنات يهودية في المناطق المحتلة إلى اسرائيل.

في هذه المدينة، التي تعاني من إهمال في الخدمات المقدمة من قبل الحكومة الاسرائيلية، برز تيار ديني إسلامي، ضم مجموعة من الشبان، كان من بينهم رائد صلاح، وهو من عائلة كثيرة الأولاد.
وانضم صلاح إلى الحركة الإسلامية التي أسسها الشيخ نمر درويش، وتمكن صلاح من اختراق سيطرة الحزب الشيوعي على المدينة، ونجح على رأس قائمة الحركة الإسلامية في انتخابات البلدية التي اصبح رئيسا لها.

وكان فوزه مؤشرا على تصاعد قوة جديدة في الوسط العربي في الداخل، وفيما بعد اختلف صلاح مع قيادة الحركة الإسلامية التي قررت خوض الانتخابات للكنيست، فانقسمت الحركة إلى جناح خاض الانتخابات للكنيست وله ممثلون في البرلمان الاسرائيلي، وجناح آخر يقوده الان صلاح ونائبه كمال الخطيب، يقصر عمله على البلديات.

واستقال صلاح من رئاسة بلدية أم الفحم، التي غير أنصاره اسمها إلى (أم النور) ليتفرغ للدفاع عن المسجد الأقصى.
وتمكن طوال السنوات الماضية، من أن يكون المبادر الأول فيما يخص المسجد الأقصى، رغم ما سببه ذلك من حساسيات لشيوخ دائرة الأوقاف التقليديين.

وله ولزملائه يعود الفضل لإعادة الحياة إلى التسوية الشرقية للمسجد الأقصى التي تعرف بالمصلى المرواني، وهو بناء ضخم كان مهملا، فعمل وزملاؤه، على تنظيفه، وتبليطه، حتى تدخلت السلطات المحتلة ومنعت إكمال عملية ترميمه، ولكنه الان يستخدم، رغم التشققات في أعمدته بسبب الحفريات الاسرائيلية.

ونجح في عقد مهرجان سنوي في أم الفحم بعنوان (الأقصى في خطر) سرعان ما استقطب اهتماما عالميا، يحضره ضيوف من دول إسلامية.
ومنعت السلطات الاسرائيلية صلاح من السفر للخارج، قبل ثلاثة أعوام، ثم عمدت إلى اعتقاله، بتهمة نقل أموال إلى حركة حماس، وهي التهمة التي لم تثبت عليه، وبالمقابل اتهم سلطات الاحتلال باعتقاله، بسبب نشاطه من اجل المسجد الأقصى، وعندما تم الإفراج عنه قبل اقل من عام، منع من الوصول إلى القدس، لعدة اشهر.

وبعد أن انتهت مدة الحظر على وصوله للقدس، عاد الشيخ صلاح إلى المسجد الأقصى، وتبنى قضية مقبرة مأمن الله، وهي المقبرة التاريخية خارج أسوار المدينة، التي يجري عليها بناء متحف أطلق عليه متحف التسامح.

وخلال الأشهر الماضية شن صلاح حملة من اجل التنبيه لخطورة الحفريات الاسرائيلية في محيط المسجد الأقصى، ونشط في إعداد مواد فلمية عن ما يجري وزعها على الصحافيين، وعقد عدة مؤتمرات صحافية، وحشد قوى أخرى خصوصا من الداخل، لنصرة قضية الأسرى.

وفي حين لم ينجح صلاح، في إثارة الاهتمام اللازم من الرأي العام الإسلامي والعربي، فيما يجري حول الأقصى، خلال الأشهر الماضية، نجح أخيرا، في إثارة الاهتمام فيما يتعلق بما يجري الان في باب المغاربة. واعتصم صلاح، في المنطقة، ولكن سلطات الاحتلال اعتقلته، وأفرجت عنه بشرط أن يظل بعيدا عن أسوار المدينة المقدسة 150 مترا، ويسري هذا المنع لمدة عشرة أيام، ثم مدد الى 60 يوما.
 
وبينما يوجد صلاح مع عدد قليل من أنصاره على بعد 150 مترا من أسوار البلدة القديمة، ينفذ أنصاره، اعتصاما أمام باب المغاربة، وهو الباب الشمالي للبلدة القديمة، الذي يفضي إلى حارة المغاربة وباب المغاربة الآخر، وهو أحد ابواب المسجد الأقصى. ويأمل صلاح أن تؤدي جهوده إلى انتفاضة العالمين العربي والإسلامي لما يهدد المسجد الأقصى، الذي يعتقد أن الأخطار تواجه هذا المسجد اكثر من أي وقت مضى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات