الأحد 19/مايو/2024

حاكموا قادة حماس إنهم أناس يتطهرون

أبو العُلا محمد

 

كان شريط الأنباء في القنوات الفضائية يوم الأربعاء 4/10/2006 يدور وتدور معه عجلة التاريخ إلى الوراء، كان يدور ويكرر خبرين يعيدان إلى الذاكرة تاريخ الأمم البائدة مع أنبيائها وخصوصا قصة نبي الله لوط مع قومه، كان شريط الأنباء هذا يكشف ويُجلي ما تبقى من غموض وشبهة أو عدم فهم لطبيعة العلاقة المشبوهة وغير المقدسة بين الإدارة الأمريكية وتيار أوسلو التصفوي والضاغط على الحكومة الفلسطينية بكل الوسائل والأساليب من اجل التفريط والتنازل، كان الخبر الأول يتحدث عن إشادة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية بقيادة فتح وحكمتها وضرورة تغيير الحكومة الفلسطينية بما يتوافق مع الشروط الأمريكية الإسرائيلية، وكان الخبر الثاني يعلن عن قيام حركة فتح بتسيير مظاهرات تطالب بحلّ الحكومة ومحاكمة قادة حماس.

    وهنا يجب أن يتوقف التاريخ ليدون المواقف والتحالفات المشبوهة، هنا يجب أن يتوقف التاريخ ليبين حجم المؤامرة على خيارات شعبنا بل على قضية الشعب الفلسطيني برمتها، وهنا يجب التأمل والتدبر لمن تبقى في عقله وقلبه ذرّة شك حول مدى الانحدار الذي وصلت إليه الحالة الفلسطينية على يد الأوسلويين وممارساتهم التي تكاد تعصف بالكل الفلسطيني ، فيوم أمس يصدر بيان عن كتائب شهداء الأقصى يدعوا إلى اغتيال قيادات حماس ويضع قائمة بأسماء هؤلاء القادة وعلى نفس الطريقة الإسرائيلية وبالأسلوب ذاته، واليوم تخرج مظاهرات فتحاوية تطالب بمحاكمة قادة حماس، وتنقلب الموازين والقيم فيصبح الأبيض اسود والأسود أبيض، يصبح الحق باطلا والباطل حقا، أصبحنا نعيش حالة نبي الله لوط عليه السلام مع قومه حينما تكالب عليه قومه ليحاكموه ويُخرجوه من بينهم في مشهد تراجيدي كوميدي نقله القرآن الكريم لنا في بثّ حيّ ومباشر من ساحة الحدث ..، من بلدتي سادوم وعاموره… انظروا…قاعة محكمة يجلس في قفص الإتهام نبي الله لوط عليه السلام…ويجلس على منصة القضاء أكابر المفسدين من المتساقطين أخلاقيا واجتماعيا…وعلى منصة الإدعاء العام عتلّ زنيم (كوندا) من زبانية القوم يتلوا لائحة الاتهام، حيث تدور كل التهم حول محور واحد …( المتهم لوط يتم ضبطه في كل يوم وفي كل لحظة وهو يحاول الإصلاح، يُسمع وفي كل كلامه يدعو إلى الفضيلة ومحاربة الفساد الأخلاقي والسياسي والمالي، يحاول دائما ان ينقلب على ما اعتدنا عليه من الشهوات والممارسات واستعباد الشعب لمصالحنا، باختصار أيها السادة لوط يدعو إلى التطهر والطهارة، لوط أيها السادة يريد أن يحرمنا من كل شهواتنا الممنوعة والمحرمة…لذا فإني أرجو من عدالة المحكمة ان توقع بهذا الخارج على الإجماع السادومي العاموري أقسى العقوبات حتى يكون عبرة لغيره ) ثم تدور همسات وهمهمات في قاعة المحكمة ويميل القضاة بعضهم على بعض في مشهد تشاوري تآمري ثم يعتدلون ويستعد كبيرهم لتلاوة الحكم بينما نبي الله لوط في قفص الإتهام شامخ كالسيف فردا، وينطق القاضي بالحكم ( بعد النظر في حيثيات القضية وبعد سلسلة طويلة من المشاورات والمؤامرت توصلت هيأة المحكمة إلى حقيقة ان المتهم مذنب ومدان بتهمة الطهارة العظمى وبناءٍ عليه حكمت المحكمة على لوط ومن تبعه بالإبعاد عن البلد حتى لا يبقى من يقف في طريق شهواتنا وفسادنا) … رفعت الجلسة.

    بالله عليكم ألا ينطبق هذا المشهد على واقعنا الفلسطيني وبشكل كامل، بالله عليكم الا ينطبق على حالنا وواقعنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يشير فيه إلى زمان يأتي على الناس يكون فيه الحليم حيران، يُصدّق فيه الكاذب ويُكذّب فيه الصادق، يُؤتمن فيه الخائن ويُخوّن فيه الأمين… بالله عليكم اليس هذا هو الزمان المشار إليه؟؟

   ثمّ … من الأحق بالمحاسبة والمحاكمة أيها السادة ؟؟؟ ومن يحاسب ويُحاكم من أيها القوم ؟؟؟ من يتولى الحكم على من ؟؟؟ صحيح أن مبدأ المحاسبة والمحاكمة يجب ان يترسخ … (ولا يحاربه احد إلا انتم) … صحيح أن ميزان العدل يجب ان يقوم لتقوم حياة الناس بالقسط … ولا يوقفه ويمنعه من الحياة إلا انتم… ولكن … تحاكمون من يا سادة ؟؟؟ حالنا وحالكم كفتاتين إحداهما كسحاء برصاء بكماء صماء والأخرى بهية الجمال ولكن في وجهها شامة أخذت الأولى تعيب عليها وجود هذه الشامة في وجهها وتعدها عليها قبحا وعيبا…صحيح يجب ان تُعقد مُحاكمات ولكن لمن:

    = يجب ان تُعقد المحاكم لمن اوردوا شعبنا الفلسطيني موارد الهلكة باتفاقياتهم وسلامهم المزعوم.

    = يجب ان تُعقد المحاكم لمن قاموا بالتنسيق الأمني المشبوه وطاردوا الشرفاء وضيّقوا عليهم.

    = يجب ان تُعقد المحاكم لمن اعتقلوا وعذّبوا وقتلوا المجاهدين من ابناء شعبنا الفلسطيني.

    = يجب ان تُعقد المحاكم لمن سلموا المطاردين والمطلوبين لسلطات العدو المحتلة.

    = يجب ان تُعقد المحاكم لمن ساوموا المقاتلين على إلقاء سلاحهم مقابل المال.

    = يجب ان تُعقد المحاكم لمن نهبوا وسرقوا مال وقوت الشعب الفلسطيني وبالمليارات.

    = يجب ان تُعقد المحاكم لمن سخّروا كل مقدّرات الشعب الفلسطيني لصالحهم وصالح تنظيمهم.

    = يجب أن تُعقد المحاكم لمن وضعوا أيديهم في ايدي الامريكان والإسرائيلين في حصار الحكومة الفلسطينية.

    = يجب ان تُعقد المحاكم لمن قدموا النصائح للأمريكان حول السبل الأنجع في إسقاط وإفشال الحكومة.

    = يجب ان تُعقد المحاكم لمن راحوا يهرّبون أموال وذهب الشعب الفلسطيني إلى الخارج من اجل تركيعه.

    = يجب ان يُحاكم من أقام وبنى مراكز الرذيلة والقمار والسقوط الأخلاقي.

    = يجب ان يُحاكم من قام بحملات متلاحقة من التصفيات السياسية للمعارضين حتى من داخل التنظيم نفسه.

    = يجب ان يحاكم من امر واكثر من مرة بإطلاق النار على متظاهرين محتجين على الظلم والتفريط والاعتقالات السياسية وقتل سبعة عشر امام مسجد فلسطين عام 1994 وقتل العديد من المحتجين على غزو أمريكا لأفغانستان عام 2001.

    = يجب ان يُحاكم من يدير مافيات الإجرام في قطاع غزة والضفة وبغطاء تنظيمي معروف لكل أبناء شعبنا.

    = يجب ان يُحاكم من امتهن التخريب وصناعة الفلتان الأمني وتخريب المؤسسات الأهلية والحكومية.

    = يجب ان يحاكم كل من يستهتر بالدم الفلسطيني ويعبث بحياة الناس.

    = يجب ان يُحاكم من قتل مكي وموسى عرفات وجاد تايه وحاول قتل نبيل عمرو وطارق ابو رجب.

    = يجب أن يُحاكم من قتل الراحل أبا عمار ومن أوعز بإقفال ملف التحقيق في اغتياله.

    = يجب ان يُحاكم كل من اخطا بحق الشعب الفلسطيني وهدر حقوقه وضيع مستقبله.

وخلاصة القول… نعم يجب ان يُحاكم كل هؤلاء وإن كان بينهم أحد من حماس أفرادا أو قيادات فليحاكموا …ولكن يجب ان لا يكون العمى السياسي والتنظيمي هو الذي يحكم على هذا او ذاك ..نعم ليحاكم كل المسيئين إلى شعبنا وقضيته وليقل التاريخ كلمته.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الرشق: قلوبنا مع الشعب الإيراني الشقيق

الرشق: قلوبنا مع الشعب الإيراني الشقيق

الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام أعرب عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، عزت الرشق، عن قلقه من الأنباء التي تحدثت عن تعرض طائرة...