الثلاثاء 21/مايو/2024

​أبو جهاد.. مقاوم لا يتعب

​أبو جهاد.. مقاوم لا يتعب

وسط الحسرة والألم، ينظر المزارع عبد اللطيف الدمس (أبو جهاد، 75 عاما) من مدينة سلفيت؛ لأرضه خلف الجدار العنصري الفاصل في منطقة واد هياج، ويتذكر يوم كان وعائلته يجمعون القمح والسمسم من حقلهم، ببالغ الفرحة والسعادة، حتى صادرها الاحتلال، وقتلوا ولده، إبان انتفاضة الأقصى.

“أبو جهاد” مزارع من مدينة سلفيت، ويعمل أيضا في قطاع البناء، ما عاد يقدر على المضي قدما في مجال عمله المفضل بالزراعة، بسبب كثرة الأمراض وكبر السن، وبالرغم من ذلك يقول: “لو أتيحت الفرصة لي بفلاحة أرضي خلف الجدار، لزرعتها، حتى أستعيد بعض الذكريات الجميلة التي سلبها الاحتلال مني وعائلتي”.

ولا ينسى “أبو جهاد”، تاريخ (14-12-2001)، يوم استشهد ابنه “جواد” خلال تصديه لاقتحام جنود الاحتلال لمدينة سلفيت، رفقة خمسة شبان، قتلهم جنود الاحتلال وقواته الخاصة جميعا، خلال اقتحام المدينة من عدة جهات.

لن نرحل
يقول “أبو جهاد”، لمراسلنا: “قتلوا ولدي، وسلبوا أرضي، وسجنوني لأسباب تافهة، وكدت أموت، بعد أن وضع الجنود في حضني قنبلة غاز، عقب احتجاجي على مصادرة أرضي”، ويتابع: “هم يريدون أن يهجرونا من هذه الأرض، لكننا صامدون ولن نرحل، وسنموت واقفين وندفن فيها”.

وعن مصادرة أرضه، يضيف: “مستوطنة اريئيل زحفت باتجاه واد هياج الخصب، ودفن المستوطنون موتاهم فيها، وأقيم الجدار لاحقا، وما عاد الاحتلال يسمح لنا بدخول أراضينا؛ إلا في أوقات يحددها الاحتلال مسبقا لا تكفي للزراعة أو العناية بالأرض، كما أن الجيش شيد نقطة وبرجا عسكريا فوق أرضي، شمال سلفيت، وبذلك قطع مصدر رزقنا من هذه الأرض الخصبة”.
 
وعن مساحة الأراضي التي صادرها الاحتلال، يتابع: “صادروا قرابة 38 دونما من واد هياج، (عبارة عن أراضٍ زراعية وبعضها مراعي)، ومن ثم صادر لاحقا 21 دونما من منطقة السنابل، لإقامة برج عسكري وثكنة عسكرية، لتراقب مدينة سلفيت على مدار الساعة، وتزعج المواطنين بالكشافات وإطلاق الرصاص والصراخ من الجنود على البرج العسكري الذي بات مصدر قلق وإزعاج متواصل”.

ويتحسر “أبو جهاد” على ما آل إليه الوضع الحالي من زحف ونمو استيطاني لا يتوقف، ويؤكد أن مدينة سلفيت ما عادت تقدر على بناء المنازل من الجهة الشمالية، نتيجة بناء الجدار ومستوطنة “اريئيل” (ثاني أكبر  مستوطنة في الضفة الغربية)، وما عاد المزارعون يستطيعون الاعتناء بما تبقى من أشجار الزيتون خلف الجدار، نتيجة الإغلاق المحكم.

وعن الأيام الجميلة في الحصاد، يطلق العنان لخياله متذكرا: “كنا نمضي مع زقزقة العصافير لحصد حقول القمح والسمسم صيفا، وكانت روح التعاون (العونة)، أفضل  مما هي عليه الآن، وكانت أيامنا أفضل وأجمل وكلها سعادة؛ إلى أن جاء الاحتلال وشرع ببناء وحدات استيطانية صغيرة العدد، وتحولت مع الزمن إلى مستوطنات ضخمة، ويتبع لها منطقة صناعية، وتحولت أيامنا لتعاسة مع الاحتلال”.

وعن الاحتجاج لدى سلطات الاحتلال على مصادرة أرضه، يقول “أبو جهاد”، إنه اعترض، وبقية المزارعين، على المصادرات ومنعهم الدخول لأراضيهم، لكنه يصمت برهة، ويقول: “لمن الشكوى، إذا كان القاضي نفسه الخصم والحكم”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات