الإثنين 20/مايو/2024

انطلاق جلسات محكمة العدل الدولية بشأن محاكمة إسرائيل بالإبادة الجماعية

انطلاق جلسات محكمة العدل الدولية بشأن محاكمة إسرائيل بالإبادة الجماعية

لاهاي – المركز الفلسطيني للإعلام

بدأت محكمة العدل الدولية -ظهر الخميس- أولى جلساتها بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقال وكيل جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، إن الشعب الفلسطيني تعرض للنكبة في عام 1948، وجردته إسرائيل من حقوقه غير القابلة للتصرف، مثل حق العودة وتقرير المصير.

وطالب، بوقف السياسات التمييزية التي ترتكبها إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني مستخدمة الحصانة التي تُمنح لها، وفي الفترة الأخيرة صعّدت إسرائيل عدوانها بحق الشعب الفلسطيني.

وأضاف، أن إسرائيل ترسخ نظام الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية، وتفرض حصارا على قطاع غزة، وتحرض ضد الشعب الفلسطيني وقتله، ما ينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية.

وقال: “نحن وممثلو دولة فلسطين وحقوق الإنسان نرفع هذه الدعوى المدعومة بالتقارير بالنيابة عن مواطني قطاع غزة الذين لا يستطيعون العيش بأمن”.

إسرائيل تجاوزت كل الحدود 

وقال وزير العدل في جنوب إفريقيا رونالد لامولا “لا يمكن لأي هجوم مسلّح على أراضي دولة مهما كانت خطورته (…) أن يقدّم أي تبرير لانتهاكات الاتفاقية”.

واتهمت بريتوريا في وقت لاحق، إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وقالت إنها “تدرك تمامًا حجم المسؤولية الخاص ببدء ملاحقات ضد إسرائيل لانتهاك الاتفاقية”.

وأشار الوزير لامولا إلى أن بلاده تقدم هذا الطلب نيابة عن دولة فلسطين من باب الإيمان بمنع الإبادة الجماعية، مشيرا إلى أن ما يحصل في غزة مخالف للاتفاقيات الدولية، ويجب العمل على وقف حالة التدمير التي تتعرض لها فلسطين.

وأضاف أن إسرائيل تسيطر على كل شيء في القطاع، وتمنع إمكانيات الحياة، وتحرم المواطنين من حقوقهم الأساسية.

ونبه إلى أن المجتمع الدولي يعتبر إسرائيل دولة محتلة، وكان هناك محاولات عدة لمنع العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، فكل ما يحصل لا مبرر له لا في القانون ولا في الانسانية، مؤكدا أن إجراءات إسرائيل تجاوزت كل الحدود.

وأشار إلى أنه وفق المادة الأولى للمحكمة تقدمت جنوب إفريقيا بهذه الدعوى لضمان صون العدالة والأخلاق، ووقف أعمال الإبادة الجماعية لضمان حقوق كل انسان في الحياة والتمتع بالسلام والأمن.

وأوضحت المحامية من وفد جنوب إفريقيا عادلة هاشم، “أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة دفعت السكان “إلى حافة المجاعة”.

وأكدت أن “الوضع بلغ حدا بات فيه الخبراء يتوقعون أن يموت عدد أكبر من الناس جراء الجوع والمرض”، جراء أفعال عسكرية مباشرة، مؤكدة ضرورة منع إسرائيل من الاستمرار في ارتكاب الإبادة الجماعية”.

وأوضحت أن غزة من أكثر مناطق العالم اكتظاظا ويواجه سكانها حرب إبادة لم يشهدها التاريخ، ولا تسمح إسرائيل بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، لذا على المحكمة أن تقوم بدراسة ما ترتكبه إسرائيل من جرائم، وأن تستصدر قرارا لوقف أعمال الإبادة بحق المواطنين الفلسطينيين.

وقالت: هناك مواد مسموعة ومرئية ستُعرض على المحكمة لتوضيح كيف تنتهك إسرائيل اتفاقية الإبادة الجماعية، ومستوى القتل الذي تستخدمه إسرائيل، الذي لم يشهده مكان آخر، مبينة أنه لا يوجد مكان آمن في غزة، وقتل وجرح عشرات الآلاف على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، و70% من الضحايا من النساء والأطفال، وما زالت نسبة كبيرة منهم تحت الأنقاض.

وأضافت: “الشعب الفلسطيني يتعرض للقتل في البيوت، والمساجد، والكنائس، والمدارس والمستشفيات، ويُقتلون، وهم يبحثون عن الطعام والأمان، ووُجد الكثير من الضحايا في مقابر جماعية، فإسرائيل ترتكب عمليات قتل جماعي بحق العائلات الفلسطينية، وتعمل على إيقاع ضرر لا يمكن تخيله، وتصيب المواطنين بإعاقات، وتجبرهم على الخروج من منازلهم، حيث هُجروا أكثر من مرة”.

ونوهت إلى أن إسرائيل طلبت من الأطفال والمرضى الخروج من المستشفيات، ودمرت أكثر من 300 ألف وحدة سكنية، ودمرت البنية التحتية بشكل كامل، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يحتفل بتدمير المدارس والمؤسسات الفلسطينية، ويدعون إلى بناء المستعمرات على أراضي قطاع غزة.

وبينت، أن إسرائيل تعمل على تجويع الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث أصبحت على حافة مجاعة حقيقية، وتعرقل وصول المساعدات.

وعرضت هاشم مقاطع فيديو لتهافت المواطنين على شاحنات المساعدات التي وصلت إلى قطاع غزة، حيث لا يوجد ملابس، ولا مساكن، ولا مياه نظيفة في القطاع، ويواجه القطاع حالة من تفشي الأمراض، ويُحرم المصابون والجرحى من تلقي العلاج.

وأشارت إلى أن الإجراءات التي ترتكبها إسرائيل تمنع النساء من الولادة بالطرق الإنسانية، إذ إن 15% من النساء يواجهن مشاكل متعلقة بالحمل والولادة، وتستهدف إسرائيل العاملين في مجال المساعدات الإنسانية.

حماس ترحب

ورحب عضو المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة الدكتور باسم نعيم، بانعقاد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية اليوم في ⁧‫لاهاي‬⁩ بناءً على طلب ⁧‫جنوب أفريقيا‬⁩ بتهمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية، ونتطلع لأن تصدر المحكمة قراراً ينصف الضحايا، بوقف العدوان فوراً على ⁧‫غزة‬⁩ ومحاسبة مجرمي الحرب.

وستتناول جلسات الاستماع مطلب جنوب أفريقيا بفرض إجراءات طارئة، وإلزام إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية في غزة في حين ستنظر المحكمة في حيثيات القضية، وهي عملية قد تستغرق أعواما.

وفي الدعوى المؤلفة من 84 صفحة، تشير جنوب أفريقيا إلى أن إسرائيل فشلت في تقديم الأغذية الأساسية والمياه والأدوية والوقود وتوفير الملاجئ والمساعدات الإنسانية الأخرى لسكان القطاع.

وأشارت أيضا إلى حملة القصف المستمرة التي دمرت مئات الآلاف من المنازل واضطرت نحو 1.9 مليون فلسطيني إلى النزوح، وأسفرت عن استشهاد 23 ألف شخص وفقا لبيانات السلطات الصحية في غزة.

وستستمع لجنة من 17 قاضيا، منهم قاضيان من إسرائيل وجنوب أفريقيا، إلى مرافعات مدتها 3 ساعات لكل طرف.

ومن المتوقع صدور حكم بشأن التدابير المؤقتة في وقت لاحق هذا الشهر. وأحكام محكمة العدل الدولية مُلزِمة، لكن المحكمة لا تملك تنفيذها.

وفي دلالة على ثقل مصطلح الإبادة، أرسلت إسرائيل قاضيا سابقا بالمحكمة العليا كان قد نجا من المحرقة النازية (الهولوكوست) التي وقعت قبل توقيع اتفاقية الإبادة الجماعية.

وستعين جنوب أفريقيا قاضيا أمضى في شبابه 10 أعوام في جزيرة روبن التي التقى فيها الرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا.

وتحقق محكمة أخرى في لاهاي، وهي المحكمة الجنائية الدولية، بشكل منفصل في تهم ارتكاب فظائع في غزة والضفة الغربية. وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية وترفض ولايتها القضائية.

من جانبه قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أمس الأربعاء “معارضتنا للمذبحة الجارية بحق شعب غزة دفعتنا بصفتنا دولة إلى اللجوء إلى محكمة العدل الدولية”.

وأضاف “بصفتنا شعبا تجرع يوما مرارة السلب والتمييز والعنصرية والعنف الذي ترعاه الدولة، نحن واضحون في أننا سنقف في الجانب الصائب من التاريخ”.

وأكدت جامعة الدول العربية دعمها وتأييدها الكامل الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وخرق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، معربة عن تطلعها إلى حكم عادل يوقف الحرب العدوانية على قطاع غزة ويضع حدا لنزيف الدم الفلسطيني.

في السياق، أعلن المجلس الرئاسي الليبي أمس تأييده للدعوى ضد إسرائيل، وأكد في بيان الدعم بكل السبل للخطوة المتخذة من جنوب أفريقيا تجاه الشعب الفلسطيني، وما يتعرض له من إبادة جماعية غير مسبوقة على يد الاحتلال الإسرائيلي.

أما تونس فقالت إنها لن تنضم لأي دعوى تقدم ضد إسرائيل “لما في ذلك من اعتراف ضمني بهذا الكيان” لكنها أكدت أنها ستقوم بتقديم مرافعات شفاهية.

وفلسطينيا، تجمع العشرات أمس الأربعاء في رام الله بالضفة الغربية المحتلة لـ “شكر” جنوب أفريقيا على رفعها الدعوى أمام محكمة العدل الدولية.

وقال رئيس بلدية رام الله عيسى قسيس للحشد من أمام تمثال لنيلسون مانديلا يبلغ ارتفاعه 6 أمتار قدّمته في العام 2016 بلدية جوهانسبرغ (جنوب أفريقيا) “نشعر أن جنوب أفريقيا تسمع قلوبنا، وتسمع آلامنا”.

تعليق خبير حقوقي

من جهته، قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده: إن جنوب أفريقيا تركت وحيدة في تقديم الدعوى أمام المحكمة ولم تنضم معها أي دولة، مؤكدًا أن إعلان الدعم لا يقدم ولا يؤخر وموقف شعبوي لا أكثر.

وأضاف عبده على حسابه على منص إكس: مواقف القضاة تاريخيا تتأثر بموقف بلدانهم، مشيرًا إلى أن 8 دول من أصل 15 لديها مواقف منحازة للاحتلال، ناهيك عن مواقف سلبية شخصية لقضاتها وآراء حول مدى صلاحية المحكمة في تحديد ما إذا كانت الجريمة إبادة من عدمه.

ونبه إلى أن المحكمة لن تصدر قراراً الآن فيما إذا كان الاحتلال قد ارتكب الإبادة من عدمه، بل الهدف تنفيذ حكم قضائي مؤقت بوقف النار وهذا يحتاج أيضاً وقت.

وأشار إلى أن الاحتلال يعمل على مدار الأيام الماضية لتصدير مواقف من المستشار القضائي والجيش لتلافي أي إدانة، لكن يبقى أهم ما في الأمر أن جريمة الإبادة رسخت التاريخ كاتهام للاحتلال لا يمكن إنكاره.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات