الإثنين 29/أبريل/2024

جيش الاحتلال والتخوف من مواجهة القسام وجها لوجه بحرب برية

جيش الاحتلال والتخوف من مواجهة القسام وجها لوجه بحرب برية

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

أدت عملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها كتائب القسام، إلى انهيار استراتيجية الاحتلال بالتعامل مع قطاع غزة، وحكم حركة المقاومة الإسلامية – حماس له.

وكشفت العملية بحرفيتها ومباغتتها الفشل الذريع، الذي منيت به مختلف مكونات المنظومة العسكرية والأمنية، التي استندت إسرائيل إليها في تنفيذ إستراتيجيتها.

فشل يتلوه فشل

وقال تقرير نشره المركز العربي للأبحاث، حول إخفاق الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) والمخابرات العامة (الشاباك) في توقّع العملية أو الوصول إلى معلومة بشأنها إنه “فشل كبير إضافة إلى فشل أكبر في هشاشة الجدار الأمني، الذي بنته إسرائيل حول غزة، وراهنت على قدرته في منع المقاتلين الفلسطينيين من اختراقه”.

وأضاف التقرير “كما أخفق الجيش الإسرائيلي في حماية مستوطناته وقواعده العسكرية الواقعة بالقرب من قطاع غزة، مما تسبّب في شلل القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية وأفقدها توازنها، فتعاظم الفشل وأدى إلى بطء شديد في التدخل لاستعادة المواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية التي سيطر عليها المقاتلون الفلسطينيون”.

ونقلا عن قناة الجزيرة في تقريرها “هل جيش إسرائيل مستعد لمواجهة القسام من المسافة صفر؟”، تسببت عملية القسام في شل قدرة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على اتخاذ القرار والتجاوب مع متطلبات الوضع الأمني والعسكري، وامتد الارتباك إلى مؤسسات الدولة الأخرى التي أقعدتها صدمة الهجوم عن التعاطي سريعا مع نتائجها.

وانشغلت الصحافة والرأي العام في إسرائيل على مدار الأسبوع الماضي، بتفسير حقيقة الهجوم الذي تمكن خلال دقائق من تحطيم أسس النظرية الأمنية الإسرائيلية القائمة على 3 أركان: “قوة الردع، والأسوار، ودعاية الجيش الذي لا يقهر”.

استدراك الهزيمة وبعض ماء الوجه

ورأت صحافة الاحتلال أن “القيادة الإسرائيلية تحاول جاهدة استدراك فشلها الذريع وهزيمتها، بالهجوم المباغت المذهل، ونتائجه التي وضعت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته في مأزق كبير أمام الجمهور والرأي العام الإسرائيلي وحلفائه”.

ووفق مراقبين، حاورتهم الجزيرة، يكمن عجز نتنياهو وحكومته وجيشه في أنه قدم حكومته اليمينية المتطرفة على أنها وحدها القادرة على توفير الأمن للإسرائيليين، فإذا بالجمهور الإسرائيلي أمام هجوم خلّف آلاف القتلى والجرحى، إضافة لعشرات الأسرى -وفق التقديرات الإسرائيلية- يحمل بعضهم رتبا عسكرية كبيرة، لم تكشف عنها المقاومة بعد.

واستكمالا لهذا السياق، فإن ما يطفو على وجه الحرب التي أعلنتها إسرائيل الطابع الانتقامي نتيجة الصدمة، وهو ما تجلى في تصريحات قادتها، كقول نتنياهو “ما سنفعله بأعدائنا سيتردد صداه لأجيال”.

لذا، فإن القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية تحاول أمام هذه الهزة العنيفة البحث عن مخرج يعيد لها بعض ماء الوجه، فأعلنت حالة الحرب من أول يوم، ووضعت هدفا واحدا لعملياتها العسكرية في القطاع يتلخص في القضاء المبرم على حركة حماس.

عنف الاحتلال هدف بذاته

ووفق تقرير نشره مركز الجزيرة للدراسات، أن رفع مستوى العنف الإسرائيلي في قطاع غزة هو هدف بحد ذاته في هذه الحرب، وهو ما تبدَّى منذ الأيام الأولى لها.

فقد شنت إسرائيل حرب إبادة لا هوادة فيها على المدنيين العزل في قطاع غزة، وقطعت عنهم الماء والكهرباء وسبل العيش كافة، وطالبت بتهجير نصف سكان القطاع من مناطق سكناهم، وبلغ عدد ضحايا هذه الحرب نحو 2200 شهيد وآلاف الجرحى، ومئات آلاف المهجرين.

جمهور الاحتلال: لا عودة للهيبة

ورغم كل هذا العنف غير المسبوق، فإن الجمهور الإسرائيلي يرى أن حكومته لن تستعيد هيبتها، كما أن عشرات آلاف قذائف الدبابات والطائرات المقاتلة والصواريخ والزوارق الحربية لن تطفئ “وهج النصر” الذي حققته المقاومة في أول دقائق المعركة.

واستخدمت النائبة في الكنيست عن حزب الليكود الحاكم تالي جوتليف مصطلح “رد الكرامة لإسرائيل”، حين قالت -في تغريدة لها على منصة إكس- إن “انفجارا يهز الشرق الأوسط وحده سيعيد لهذا البلد كرامته وقوته وأمنه.. إطلاق صواريخ قوية بلا حدود لا تترك حيا بالأرض فقط، بل تسحق غزة وتسويها بالأرض وتضربها دون رحمة”.

وانطلاقا من هذا وفي محاولة لمحو “عار الهزيمة”، فقد شكل نتنياهو حكومة طوارئ، وأعلن وزير الأمن استدعاء أكثر من 300 ألف من قوات الاحتياط استعدادا لشنّ حرب على قطاع غزة.

واجتمعت الحكومة الإسرائيلية وكلفت “الكابينت” السياسي الأمني المكوّن من 11 وزيرًا باتخاذ القرار بشنّ الحرب أو عملية عسكرية كبيرة.

الهجوم البري

ينطوي الغزو البري لقطاع غزة على مخاطرة كبيرة للجيش الإسرائيلي، إذ ينبغي عليه خوض القتال من منزل إلى منزل في الأحياء السكنية، خصوصا أن مساحة غزة لا تحتمل تحقيق أهداف إسرائيلية كبيرة هناك، كما أنه يحمل مخاطر هائلة على المدنيين.

فعلى سبيل المثال، في العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، تكبدت كتائب المشاة الإسرائيلية خسائر فادحة في حي الشجاعية بسبب الألغام المضادة للدبابات والقناصة والكمائن، بينما استشهد عشرات المدنيين.

لذا، فإن استعداد كتائب القسام ومن ورائها فصائل المقاومة للهجوم الإسرائيلي سيعقد مهمة جيش الاحتلال الإسرائيلي ويجعل منها مهمة شبه مستحيلة، فهناك العبوات الناسفة ونصب الكمائن، وشبكة الأنفاق المخيفة الواسعة، وقذائف الدروع المتطورة التي أعلنت عنها المقاومة.

وفي مقابل وجود آلاف المقاتلين المدربين في كتائب القسام والمقاومة الذين يتمتعون بعقيدة قتالية عالية واستعداد كبير للشهادة، وهو ما أظهره هجوم “طوفان الأقصى”، فإن قوات المشاة الإسرائيلية التي ستنفذ الهجوم تصنف على أنها أضعف بكثير من قوات النخبة الإسرائيلية التي كانت في غلاف غزة، وفق المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوسي يهوشواع.

وستسمح الحرب البرية لقوات المقاومة -وفي مقدمتها كتائب القسام- بأن تقود زمام المبادرة، إذ سيفرض الهجوم البري بالضرورة القتال من مسافة صفرية وسيسمح بالمناورة وتطويق العدو من الخلف والهجوم عليه خروجا من أنفاق لا يعرف من أين ستفتح عليه أبوابها، كما يقول المفكر الفلسطيني منير شفيق في تقدير موقف عسكري نشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويتابع تقدير الموقف أن الانتقال إلى القتال من مسافة صفر والإفادة من طبيعة مدن القطاع ومخيماته هما سمتان ستسمحان بترجيح تفوق المقاومة.

تحرير الرهائن

ويضاف إلى ما سبق أن هذه الحرب تختلف عن سابقاتها بوجود هدف لاستعادة الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة في غزة، ويمثل مصيرهم عقدة مهمة في حسابات العملية العسكرية البرية.

ومن جهته، يرى المحلل العسكري الإسرائيلي أمير بار شالوم أن إنقاذ هذا العدد الكبير من الأشخاص المحتجزين في مناطق مختلفة من غزة قد يكون أمرا خارج نطاق قدرات قوات الكوماندوز التابعة لوحدة النخبة الإسرائيلية.

في المقابل، يولي الرأي العام الإسرائيلي أهمية قصوى لمصيرهم، وهو أمر يضعف التحرك ضد غزة، إلا إذا عزم الاحتلال على تفعيل “بروتوكول هانيبال” والتضحية بهم مقابل استعادة هيبة الردع التي فقدها، إذ إن أمر استعادتهم يعني بالضرورة عقد صفقة مع حماس للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، بينما يبدو الاحتلال غير جاهز لمثل هذا.

مهمة مستحيلة

في ظل هذه المعطيات، فإن هدف إسرائيل النهائي للحرب على غزة لا يزال مهمة مستحيلة، بينما يرى مراقبون عسكريون أن أي عملية عسكرية في غزة -في حدها الأدنى- ستكون “جولة سادسة”، ولكن أشد عنفًا من الخمس التي سبقتها، وأكثر إصرارا في استهدافها للقتل والإبادة للفلسطينيين، والبحث عن صورة اقتحام لغزة باحتلال أجزاء منها وتشديد الحصار عليها.

كما تطرح تساؤلات كبيرة لدى المحللين العسكريين في إسرائيل عن مدى نجاح العملية في إضعاف المقاومة في غزة.

وبدأت كتائب القسام، معركة طوفان الأقصى، في السابع من تشرين أول/ أكتوبر، بسلسلة من عمليات اقتحام المجاهدين للمغتصبات والمواقع العسكرية في غلاف غزة وقتل وأسر عدد كبير من جنود العدو.

ومنذ انطلاق المعركة، تمكن مجاهدو القسام من اقتحام عدد من مغتصبات ومواقع العدو وقتل وأسر عدد من جنوده، واعترف العدو (في حصيلة غير نهائية) بسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى في صفوفه.

ومن جهته، أعلن جيش الاحتلال شن عدوان انتقامي على المدنيين في قطاع غزة، بعد فشله في مواجهة المقاومين، مطلقا عدوانا غاشما أطلق عليه “عملية السيوف الحديدية”.

وتسبب هذا العدوان باستشهاد أكثر من 2329 فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء في حين تجاوز عدد الإصابات 9 آلاف جريح وتهجير الآلاف داخل القطاع.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات