الإثنين 29/أبريل/2024

27 عاماً على هبة النفق.. الحفريات لم تتوقف والتصدي متواصل

27 عاماً على هبة النفق.. الحفريات لم تتوقف والتصدي متواصل

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام
تصادف اليوم الذكرى الـ27 لاندلاع هبة النفق، التي استشهد فيها 63 فلسطينيا، وأصيب أكثر من 1600 آخرين.

هبّة النفق اندلعت في 25 سبتمبر/أيلول 1996؛ احتجاجا على حفر وافتتاح الاحتلال للنفق الغربي أسفل المسجد الأقصى المبارك.

فبعد احتلال ما تبقى من القدس عام 1967، بدأ الاحتلال بهدم حارة المغاربة الواقعة جنوب غرب المسجد الأقصى، ثم أخذ بالحفر أسفل الرواق الغربي للمسجد الأقصى حتى أحدث نفقا كبيرا يبلغ طوله 330 مترا.

تفاصيل النفق

يمر النفق الغربي أسفل عدد من المدارس الإسلامية الأثرية الواقعة في الرواق الغربي للمسجد الأقصى، كالمدرسة التنكزية والمدرسة الأشرفية والمدرسة البلدية والمدرسة الجوهرية والمدرسة المنجكية، كما يمر أسفل باب السلسلة وباب السكينة، وأسفل باب المطهرة ورباط الكرد، وأسفل سبيل قايتباي الذي يقع إلى الشرق من الرواق الغربي.

وحسب ما كشفت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، فإن ارتفاعات النفق تختلف من منطقة إلى أخرى، حسب طبوغرافية الأرض التي يمر فيها، حيث يرتفع في بعض المناطق مترين فقط، بينما يصل في مناطق أخرى إلى 25 مترا.

وأدى حفر النفق إلى ثقب عدد من آبار المياه أسفل الرواق الغربي للمسجد الأقصى، كبئر المدرسة التنكزية الذي ثقب بالكامل وأفرغ من مياهه، وكذلك بئر المدرسة العثمانية الذي صب بالخرسانة، إضافة إلى بئر سبيل قايتباي، وبئر رباط الكرد والمدرسة المنجكية، حسب ما كشف مدير مركز المخطوطات رضوان عمرو للجزيرة نت.

كما أحدث بناء النفق تصدعات كبيرة في أبنية الرواق الغربي، حيث تفسخت جدران المدارس بعضها عن بعض، كما انهار درج دائرة الأوقاف الإسلامية، بالإضافة إلى انهيار في منطقة سبيل قايتباي، كما تخلخلت أساسات 16 معلما إسلاميا.

وفشل الاحتلال مرتين في فتح النفق، الذي يرمي إلى تحقيق عدة مكاسب سياسية وأمنية واستيطانية، أبرزها: توسيع حائط البراق، وتهديد الأحياء العربية الاسلامية المحيطة به، كما حدث لحي باب المغاربة في عام 1967، الذي هدمه الاحتلال لتوسعة استيطانه في محيط الأقصى، وقلب البلدة القديمة.

لكن في المرة الثالثة افتتح النفق بأمر من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ما أثار غضب الفلسطينيين الذين توحدوا جميعهم لمواجهة المحتل، فاندلعت مواجهات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال وامتدت من شمال فلسطين إلى جنوبها.

ويهدف الاحتلال من خلال النفق إلى تأكيد سيادته على مدينة القدس، وتزوير ومحو أي أثر اسلامي وعربي، وتهديد المقدسات، وتحويلها إلى أماكن دينية وسياحية تابعة له.

هبة فلسطينية عارمة

وما أن علم الفلسطينيون بافتتاح النفق حتى انطلقت مآذن مدينة القدس بالدعوة لمواجهة هذا الاعتداء.

وانتشر أهالي المدينة في الشوارع وتعالت صيحات الاستنكار من حناجرهم، وحالت قوات الاحتلال دون وصولهم لموقع النفق، حيث كانت تُوضع اللمسات الأخيرة لتثبيت الباب الحديدي الذي يؤدي إلى مدخل يصل حائط البراق بباب الغوانمة أحد أبواب المسجد الأقصى.

وتخلّلت المواجهات اشتباكات مسلحة في بعض المناطق الفلسطينية، كان أعنفها حصار أكثر من 40 جنديا صهيونياً داخل مقام يوسف شرقي مدينة نابلس، وتحرير المقام من سيطرة الاحتلال ورفع الأذان مجددا داخله بعد عشرات السنين من سيطرة الاحتلال عليه.

ورغم الطابع السلمي الذي خيم على المظاهرات الفلسطينية واجهت قوات الاحتلال المحتجين على افتتاح النفق والمظاهرات بإطلاق الرصاص المطاطي والحي بكثافة، كما استُخدمت المروحيات والدبابات بالإضافة لاشتراك المستوطنين في إطلاق النار على المواطنين الفلسطينيين.

وكانت أعنف المواجهات شهدتها محافظات القدس، ورام الله، والخليل، وبيت لحم، ونابلس، كما اندلعت مواجهات في طولكرم، وقلقيلية، وجنين، وأريحا.

وبلغ عدد الشهداء الذين ارتقوا في هذه الهبّة التي استمرت لثلاثة أيام، 63 شهيدًا، وأصيب نحو 1600 آخرين بجراحٍ متفاوتة في عموم الأراضي الفلسطينية.

الحفر لا زال مستمراً

وبعد 27 عاماً على افتتاح النفق، لا زالت الحفريات متواصلة وباتت تشكل تهديداً حقيقياً للمسجد الأقصى المباركـ قد تؤدي إلى انهياره في أي لحظة.

هيئة أمناء الأقصى حذرت الشهر المنصرم من الحفريات الصهيونية المتواصلة التي تهدد بانهيارات وشيكة لأجزاء من المسجد الأقصى، نتيجة عبث الاحتلال بأساسات المسجد.

وقال عضو الهيئة الباحث المقدسي فخري أبو دياب، في تصريحات صحفية، إن حكومة الاحتلال الفاشية تسعى لتنفيذ مخطط خطير؛ يهدف لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم.

وأوضح أن حكومة الاحتلال، تسعى لتعزيز وجودها في المسجد الأقصى المبارك من خلال فرض وقائع جديدة، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعرقل أنشطة الأوقاف الإسلامية في القدس والأقصى، وتعمل على إلغاء الوصاية الأردنية على المسجد المبارك، ولا تسمح بترميمه، حتى لا يكشف عن الحفريات الموجودة أسفله.

ودعا أبو دياب الأردن كوصية على المسجد الأقصى أن ترسل بعثات مختصة ومهنية للكشف عن حفريات الاحتلال أسفل المسجد.

يذكر أن سلطات الاحتلال تفرض قيودا على إجراء إصلاحات وترميم ضروري في المسجد، ويقدر عدد المشاريع التي يمنع الاحتلال تنفيذها بــ 27 مشروع إعمار في مختلف أنحاء المسجد المبارك، وتشمل إصلاح تمديدات للمياه، وسطح المسجد الأقصى، وتبديل قبة الرصاص، وإصلاح أرضية المسجد، في الوقت الذي تواصل فيه الحفر تحت أساسات المسجد الأقصى.

الباحث في شؤون القدس جمال عمرو، قال في تصريحات صحفية، إن الحفريات في أسفل المسجد الأقصى ومحيطه وصلت إلى مرحلة متقدمة جداً.

وكشف أن الاحتلال انتقل في الفترة الحالية إلى الحفرية الـ58، وهي الأكثر خطورةً، وتقع بجوار حائط البراق وملاصقة تماماً لما يعرف بالفراغ الفلسطيني العربي اليبوسي الكنعاني الذي عقدت فيه الحكومة الصهيونية اجتماعها نهاية مايو المنصرم، وقررت فيه تخصيص ملايين الدولارات لمواصلة الحفريات في ذات المكان، لتتجه جنوباً ونحو الشرق تقريباً تحت المتحف الإسلامي ومصلى النساء ومسطبة أبو بكر الصديق.

وبحسب المختص عمرو، فإن هذه المساحة من الحفريات كبيرة جداً، وهي “مكان حساس وخطير جداً، ويخشى أن يبنى فيها كنيس الخراب الثاني، عندها ستكون كارثة كبرى، لأن تلك المساحة مثل المصلى المرواني تتسع لأكثر من أربعة آلاف مصلٍّ”، وفقاً لقوله.

وكشف الباحث معاذ اغبارية، في تصريحات لموقع العربي الجديد في شهر يونيو المنصرم، عن نفق جديد يُحفَر أسفل الأقصى، جرى الدخول فيه لمسافة 150 متراً، ويشكل امتداداً لنفق طويل جداً يمتد لمسافة 60 متراً،.

وهذا النفق الجديد سيستمر من الزاوية الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى إلى حائط البراق تحت الزاوية الفخرية، ولا يعرف أين ينتهي بسبب انقطاع الأكسجين، لكنه يبعد 7 أمتار تقريباً عن أساسات الأقصى.

وبحسب الباحث، فإن الاحتلال يسيطر في هذه الحفريات على باطن الأرض، وهي ملاصقة للأقصى، وترتبط بمخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، ومن خلالهما يحكم الاحتلال وجمعياته الاستيطانية على ما يجري حالياً من اقتحامات وممارسات المستوطنين في المسجد، وهو ما يفسر اقتراح قانون السيطرة على أكثر من 70 بالمائة من مساحة المسجد.

وليست الحفريات وحدها التي تهدد المسجد الأقصى، فعشرات المشاريع والمخططات الصهيونية باتت تستهدفه علانية في محاولة ليس لتقسيمه فحسب، بل لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه.

وفي طريق الوصول لذلك يتم تغيير الواقع داخل المسجد من خلال اقتحامات يومية وأداء طقوس تلمودية وفرض وقائع تهويدية متزايدة يوماً بعد يوم، وليتم ذلك بهدوء تتصاعد حملات التضييق على المقدسيين والمصلين المسلمين ويمنعون من الدخول بحرية إلى مسجدهم علاوة على تصعيد سياسة الإبعاد عنه وعن مدينة القدس، والاعتداء الجسدي على المرابطين والمرابطات على بواباته.

ورغم كل هذا لا زال الصمود الفلسطيني سيد الموقف ولا زال الفلسطينيون جاهزون على الدوام لتقديم دمائهم وأرواحهم فداء لقبلتهم الأولى ومسجدهم المبارك دون تردد أو تأخير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات