الإثنين 29/أبريل/2024

عام على استشهاد إبراهيم النابلسي.. أيقونة بطولة لم تغب والمقاومة مستمرة

عام على استشهاد إبراهيم النابلسي.. أيقونة بطولة لم تغب والمقاومة مستمرة

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام
عام مر على رحيل أيقونة لا زال يتردد اسمها مع كل رصاصة يطلقها المقاومون في الضفة، ومع كل حجر ينطلق من يد طارهة تستهدف الاحتلال والمستوطنين، ومع كل كلمة تحد تنطلق من أفواه وحناجر الشبان التواقين للتحرير والعودة.

لم يكن إبراهيم علاء عزت النابلسي، المولود في 13 أكتوبر/ تشرين أول 2003، ظاهرة أو اسماً عابراً، بل كان أيقونة لثورة الضفة وتجدد عنفوانها.

فالرجل الذي لم يتجاوز عمره 19 عاماً استنفرت لأجله أجهزة دولة تقول إن لديها جيشاً لا يقهر، وتصدر تكنولوجيا التجسس والمراقبة للعالم أجمع، ورغم ذلك فشلت قوافل جنودها وآلياتها الجرارة في اعتقال الشاب الثائر أو اغتياله أكثر من 4 مرات.

حكاية الفصل الأخير

تمر اليوم الأربعاء، الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الاحتلال الصهيوني للقائد الثائر المجاهد إبراهيم النابلسي، واثنين من رفاقه، بعد استهداف منزل تحصنوا فيه داخل البلدة القديمة في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة.

ففي فجر التاسع من أغسطس 2022، تسللت قوة صهيونية خاصة، تبعها تعزيزات كبيرة من جيش الاحتلال، وحاصرت أحد المنازل في حارة الحبلة، ما أدى لاندلاع اشتباكات مسلحة مع المطارد إبراهيم النابلسي ورفيقه الشهيد إسلام صبوح (32 عاماً).

واستمرت الاشتباكات المسلحة وقتاً طويلاً، تخللها سماع أصوات انفجارات، وتصاعد ألسنة الدخان نتيجة استخدام الاحتلال صواريخ لمهاجمة المنزل المحاصر، في حين نادت قوات الاحتلال عبر مكبرات الصوت تطالب البطل إبراهيم بتسليم نفسه، ليرد عليهم بالرصاص والبارود.

وفي نهاية العملية ارتقى البطل إبراهيم شهيداً، ورفيقيه إسلام صبوح وحسين جمال طه، بعد اشتباكات عنيفة.

وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن جيش الاحتلال اغتال النابلسي بعد مطاردة استمرت نحو عام.

تنسب سلطات الاحتلال للشهيد إبراهيم النابلسي مع مقاومين آخرين، تنفيذ عمليات إطلاق نار استهدفت الجنود والمستوطنين، من بينها إصابة قائد جيش الاحتلال شمال الضفة روعي تسافاج، عند قبر يوسف شرق نابلس أواخر شهر حزيران / يونيو 2022.

بطولة ومحاولات اغتيال

ونجا إبراهيم النابلسي من 4 محاولات اغتيال خلال الأشهر الأخيرة في حياته، بعد مداهمة جيش الاحتلال لأماكن كان يقيم فيها.

وكان من أبرز محاولات اغتياله في فبراير/ شباط 2022، حين نجا من عملية الاغتيال التي استشهد فيها ٣ من رفاقه المقاومين، وهم أدهم مبروك الشيشاني ومحمد الدخيل وأشرف مبسلط، كما نجا من عملية اغتيال خلال اقتحام حارة الياسمينة في نابلس قبل استشهاده بـ٣ أسابيع.

وحاولت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية اعتقال النابلسي، واندلعت اشتباكات مسلحة أكثر من مرة بينه وبينها.

وتنسب له سلطات الاحتلال مع مقاومين آخرين، تنفيذ عمليات إطلاق نار استهدفت الجنود والمستوطنين، من بينها إصابة قائد جيش الاحتلال شمال الضفة روعي تسافاج، عند قبر يوسف شرق نابلس أواخر شهر حزيران / يونيو 2022.

وعقب استشهاده كشفت كتائب القسام عن أجزاء من رسالة صوتية بعتها الشهي النابلسي لقيادة الكتائب قبيل استشهاده.

وتوجه النابلسي في الرسالة الصوتية، بالتحية والشكر إلى قيادة كتائب القسام على ما قدموه له من دعمٍ خلال مسيرته الجهادية، قائلاً: “تحياتي لكتائب القسام في غزة وكل الضفة”.

واختتم رسالته بالهتاف الشهير: “حط السيف قبال السيف.. احنا رجال محمد ضيف”.

إبراهيم ارتقى شهيدا وهو يدافع عن وطنه، والاحتلال إن اغتال إبراهيم فإن مئات غيره سينطلقون ويكونون جميعاً إبراهيم النابلسي.

والدة الشهيد إبراهيم النابلسي

الأم النموذج

والدة الشهيد إبراهيم النابلسي، أكلمت حكاية البطولة الفلسطينية، فظهرت صابرة محتسبة، فخورة ببطولة ابنها وتضحياته، وتكون في مقدمة من يحملون نعشه والابتسامة لا تفارق وجهها، في صورة ستبقى خالدة في تاريخ البطولة والصمود الفلسطيني.

ومن أمام المستشفى، قالت إن إبراهيم ارتقى شهيدا وهو يدافع عن وطنه، ووصفته بالشهيد الحر ابن فلسطين، مشددة أن الاحتلال إن اغتال إبراهيم فإن مئات غيره سينطلقون ويكونون جميعاً إبراهيم النابلسي.

وأبدت فخرها بالطريق الذي سلكه في مقاومة الاحتلال، قائلة، إنه زلزل كيان الاحتلال، وسيخرج من رحم الشعب الفلسطيني من يخلفه ويسير على دربه.

وترحمت على نجلها المطارد بالقول، إنها وهبت فلذة كبدها أغلى ما تملك لله وتحتسبه عنده شهيدا.

وسردت اللحظات الأخيرة التي سبقت استشهاده عقب محاصرته من القوة الصهيونية في البلدة القديمة، مبينة أنها تلقت اتصالا منه يخبرها أنه محاصر ويطلب منها أن لا تحزن ولا تبكي على استشهاده.

المقاومة مستمرة وتتصاعد

رحل إبراهيم لكن مسيرة المقاومة الفلسطينية في الضفة المحتلة بقيت مستمرة، وتصاعدت وتعددت وسائلها وتطورت إمكاناتها، وأصبحت أشد عوداً وأقوى شكيمة، وباتت تؤرق الاحتلال وتشكل حالة قلق مزمنة لا يستطيع التخلص منها.

ففي عام 2022 وهو العام الذي شهد استشهاد إبراهيم النابلسي، قتل 31 صهيونياً أغلبهم من الجنود وأصيب أكثر من 525 آخرين، جراء تنفيذ المقاومة أكثر من 12188 عملا مقاوماً، منها 848 عملية إطلاق نار، و37 عملية طعن أو محاولة طعن، و18 عملية دهس أو محاولة دهس إضافة لعملية تفجير مزدوجة واحدة.

واعترف العدو الصهيوني في معطيات نشرها جيشه المهزوم بتصاعد العمل المقاوم في عام استشهاد إبراهيم النابلسي، وفق أرقام زعمها، لكنها تظهر حقيقة تصاعد ونجاعة العمل المقاوم وقدرته على إيلام الاحتلال.

فقد بينت المعطيات أن المقاومين الفلسطينيين نفذوا 285 عملية إطلاق نار في الضفة المحتلة خلال عام 2022، وأسفرت عن مقتل 31 صهيونياً، مقابل 61 عملية وقعت في 2021 وأدت لمقتل 4 صهاينة، و31 عملية في عام 2020 أوقعت ثلاثة قتلى، و19 عملية في عام 2019 أسفرت عن خمسة قتلى.

وخلال النصف الأول من العام الجاري 2023، قتل 26 صهيونياً، أغلبهم من الجنود، فيما أصيب أكثر من 243 آخرين، جراء تنفيذ أكثر من 6704 أعمال مقاومة، منها 841 عملية إطلاق نار، و19 عملية طعن أو محاولة طعن، و11 عملية دهس أو محاولة دهس، إضافة إلى عمليتي إطلاق صواريخ، و9 عمليات إسقاط طائرات استطلاع.

وسجلت المقاومة تطورات جديدة في عملياتها النوعية، والتي تمثلت في تطور التصنيع العسكري والتي كان من أبرزها صناعة وإطلاق عدد من الصواريخ وكذلك صناعة وزراعة العبوات الناسفة شديدة الانفجار، والتي أعطبت العديد من مركبات ومصفحات جيش الاحتلال الصهيوني.

إذن يرحل الشهداء ويبقى ذكرهم وأثرهم، وكرامات صنيعهم، ويمتد عملهم تطوراً وتصاعداً في العمل المقاوم، لتبقى راية الجهاد والمقاومة يسلمها شهيد لشهيد يخلفه بعد قليل حتى التحرير والعودة وتطهير الأرض والمقدسات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات