الإثنين 29/أبريل/2024

تسهيلات مالية واقتصادية.. ماذا يريد الاحتلال من السلطة بالضفة؟!

تسهيلات مالية واقتصادية.. ماذا يريد الاحتلال من السلطة بالضفة؟!

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام

حكومة الاحتلال تناقش تقديم سلسلة تسهيلات اقتصادية ومالية للسلطة الفلسطينية، ما يطرح تساؤلات عن الأهداف الإسرائيلية من ورائها، لا سيما في ظل استمرار جرائم الاحتلال واقتحام المدن وشن حملات التهويد والاستيطان.

التسهيلات التي سيقدمها الاحتلال الإسرائيلي إلى السلطة، وفق حديث للكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة في مقالة له، هي كالتالي:

1- تقسيط ديون السلطة مدة عام، وهذه الديون مستحقة لشركة الكهرباء الإسرائيلية على البلديات والمستشفيات والمرافق العامة، ويتم تأجيل هذه المستحقات، لأن تحصيلها يعني خراب السلطة، وقد أعلن نتنياهو أنه بحاجة إلى السلطة في هذه المرحلة.

2- توسيع معبر الكرامة الحدودي بين الضفة الغربية والأردن، وزيادة ساعات العمل في المعابر الأخرى على نهر الأردن، وهذه مطالب إنسانية، ولها انعكاساتها على العلاقة مع الأردن، ولا تعد ميزة اقتصادية ذات شأن كبير للسلطة، وإن درت عليها بعض المال.

3- السماح للسلطة بإصدار جواز السفر “البيومتري” وقد تأخرت الموافقة سنوات، وكان يجب أن يكون جواز السفر فلسطينيًّا، دون التدخل الإسرائيلي منذ سنة 1999.

4- الموافقة على إقامة منطقة صناعية مشتركة مع الاحتلال داخل الضفة الغربية، شمال رام الله، وسيقوم الاحتلال بتأجير الأرض التي ستقام عليها المنطقة الصناعية للسلطة، وستوظف الأيدي العاملة الفلسطينية، لزيادة المنتجات الصناعية الإسرائيلية، مع فتح أسواق الضفة الغربية، والأسواق العربية للمنتجات الصناعية الإسرائيلية.

5- إصدار المزيد من بطاقات الـ VIP لكبار مسؤولي السلطة، وهذا هو المهم.

وفق الكاتب فايز أبو شمالة فإن المهم من وجهة نظر السلطة في هذه التسهيلات هي منح المزيد من بطاقات vip لكبار مسؤولي السلطة الفلسطينية.

الاحتلال أبلغ السلطة بشكل رسمي بتلك التسهيلات خلال لقاء جمع رئيس جهاز الشاباك رونين بار وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ يوم الاثنين.

وجاء اللقاء بعد ساعات فقط من تأكيد رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حكومته معنية بضمان استقرار السلطة الفلسطينية.

وقال نتنياهو خلال اجتماع للمجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، إنه يتوجب الوفاء بالالتزامات التي قدمت للولايات المتحدة بشأن التسهيلات للسلطة.

وفوّض المجلس نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت باتخاذ قرار بشأن “منح تسهيلات” اقتصادية وامتيازات للسلطة.

السلطة وفي أعقاب العملية العسكرية الواسعة في جنين صعدت من جرائمها بحق المواطنين والمقاومين لتثبت للاحتلال قدرتها على فرض سيطرتها في جنين ومخيمها.

فقد كشفت حركة الجهاد الإسلامي عن غرفة عمليات أمنية أقامتها أجهزة السلطة في جنين تضم قادة من أجهزة السلطة كافة، وفي مقدمتها حرس الرئيس والمخابرات والأمن الوقائي.

وقال القيادي في حركة الجهاد ماهر الأخرس، إن الغرفة هي بداية ملامح خطة أمنية خاصة تقودها أجهزة السلطة بهدف إنهاء المقاومة في جنين ومخيمها.

وأوضح أن قادة تلك الغرفة هم قيادات أمنية ساهمت في محاولة فكفكة مجموعات عرين الأسود في نابلس، بالمساومة تارة والتهديد تارة والاعتقال والملاحقة تارةً أخرى.

وبين أن نشر المئات من جنود حرس الرئيس وتزويدهم بالسلاح والمركبات المصفحة يأتي كجزء من تطبيق الخطة، والتي تنحصر وظيفتها في ملاحقة أي مظاهرة تحتفي بأي عملية فدائية، أو محاصر وتطويق أي مسير للمقاومين في المخيم.

القيادي في حركة الجهاد الإسلامي كشف عن خطة تقودها السلطة لإنهاء ظاهرة المقاومة في جنين عبر تشكيل غرفة من كافة الأجهزة.

لدفعها للعمل ضد المقاومة

ويرى المختص في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد أن الاحتلال يتحدث عن تسهيلات للسلطة من أجل إرضائها ودفعها لمزيد من العمل ضد المقاومة بالضفة.

وأوضح أن هناك هدف آخر للاحتلال يريد تحقيقه هو تولي السلطة شؤون الفلسطينيين الإدارية والمالية وغيرها، وترفع عنها هذا العبئ، مشيرًا إلى أن الاحتلال يرى في سلطة قوية في السياق الذي يريده أفضل من سلطة ضعيفة انهيارها يفتح الباب على خيارات غير مرغوبة.

وزير المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، الذي يتزعم أيضاً حزب “الصهيونية الدينية” أعلن في مقالات ولقاءات، خلال شهور ماضية، على أن مشروعه هو السيطرة التامة على الضفة المحتلة، حتى لو كان ذلك بإضعاف السلطة.

وقال سموتريتش إن “إسرائيل مستعدة لتولي كل المسؤوليات”، في المقابل أكد قادة سابقون وحاليون في المنظومة السياسية والأمنية في دولة الاحتلال أن “الحفاظ على السلطة خيار استراتيجي يجب العمل على صيانته”، وهو ما يفتح الباب أمام خيارات متعددة للبحث فيها إسرائيليا.

ويرى أبو عواد أن “سموتريتش يريد ممارسة ضغط كبير على السلطة ويعلن في الوقت ذاته أنه لا مشكلة في إنهاء السلطة”.

ويضيف: تصريحات سموتريتش تأتي في سياق إيمانه وأفكاره الأيدلوجية ولكنها في سياق آخر مهم وهو تبادل الأدوار بين الأطراف السياسية الإسرائيلية، والهدف منها دفع للسلطة للتفكير في الحفاظ على البقاء، لذلك فالإجماع في دولة الاحتلال حالياً هو الحفاظ على بقاء السلطة، وتصريحات سموتريتش تأتي في سياق أيدلوجي وليس عملي حتى اللحظة، في ظل أن تيار الصهيونية الدينية لم يتمكن من السيطرة على كل مفاصل “إسرائيل”.

وحول رؤية المؤسسة الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال في هذا الملف، يقول أبو عواد: المستوى الأمني قادر على التأثير على قرارات الحكومة، وهو مؤمن بضرورة دعم السلطة، لكن لديه رؤية أمنية ترى أنه يجب توسعة الاستيطان والبقاء في الضفة المحتلة، ولكنه أكثر براغماتية من الصهيونية الدينية.

ويعتقد أبو عواد أن “السلطة لا تستطيع الاستجابة لكل ما يريده الاحتلال”.

وأضاف: السلطة تدرك أن مزيد من الضغط يؤدي للانفجار، جزء من أبناء الأجهزة الأمنية لا يقبل بالذهاب لصدام داخلي، وهي مؤمنة أن النظرة لها في الشارع أصبحت سوداوية وتحتاج لترميم هذه الصورة، والذهاب لصراع داخلي يفتح الباب أمام سيناريوهات مقلقة لها.

قرار أمريكي

الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة يقول: قرار التسهيلات للسلطة الفلسطينية لم يكن إسرائيليًّا، لقد جاء القرار استجابة لضغوط أمريكية، وجاء القرار على شكل رشوة سياسية رخيصة، منزوعة الدسم الاقتصادي، وهذا ما يتضح من جملة التسهيلات.

يتساءل أبو شمالة: ما الأهداف؟ وماذا قدمت السلطة لقاء هذه التسهيلات؟

يتابع: لقد شهدت الأيام والأسابيع الماضية حملة مكثفة من الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية، وشهدت الأسابيع الماضية جملة من الاعتداءات الوحشية على بيوت المقاومين، ومطاردتهم، ومصادرة سلاحهم.

وفي هذه الممارسات -وفق أبو شمالة- رسالة أمنية واضحة، مقدمة من السلطة الفلسطينية إلى الحكومة الإسرائيلية، يقول مضمونها: نحن قادة السلطة الفلسطينية ذخر إستراتيجي لكم، لا تخسروا هذا الذخر، نحن معكم، وإلى جانبكم، ولن ندخر جهداً في الحفاظ على أمنكم، أعطونا لنواصل العطاء من أجلكم، مطالبنا تسهيلات مالية، ومطالبكم تسهيلات أمنية، قدموا لنا المال الذي يعزز مكانتنا، لنقدم لكم الأمن الذي يعزز استيطانكم، وبالمال نحن عيونكم، ونحن ذراعكم، ونحن لهيبكم الذي سيحرق المقاومة.

العمل ضد المقاومة وتقوية السلطة

وفي الأثناء، يقول الكاتب والمحلل السياسي أشرف بدر إن السياسة الأمنية للاحتلال ترى أنه “لا تعارض بين العمل العدواني في الضفة في محاولة لتفكيك البنية التحتية والتنظيمية للمقاومة في الضفة وخاصة في شمالها والعمل في جانب آخر على تقوية السلطة لمنع انهيارها مما يقود لفراغ قد يؤدي للفوضى أو صعود قوى مسلحة”.

ويؤكد الكاتب في تصريحات تابعها المركز الفلسطيني للإعلام أن الاحتلال يعتقد أن “وجود السلطة مصلحة أمنية إسرائيلية”.

الكاتب أشرف بدر يؤكد أن الاحتلال يعتقد أن وجود السلطة مصلحة أمنية إسرائيلية.

وعن سلوك السلطة، يقول بدر: السلطة تحاول إعادة السيطرة في مناطق خاصة في جنين، لكن لم تتم العملية بالكامل، ونخشى أن تصل الأمور للصدام الداخلي بين أطراف فلسطينية، في ظل الضغط الإسرائيلي المستمر على السلطة لمنع العمليات.

وحول رؤية فصائل المقاومة، أضاف: الموقف المعلن من قوى المقاومة أنها ضد الاحتراب الداخلي والصدام، لكن الإشكالية أن الأحداث قد تنجرف إلى مستوى غير مخطط له من قبل الطرفين سواء السلطة أو المقاومة، وهذا ما لا نتمناه، ونرجو أن يحافظ العقلاء على “ِشعرة معاوية” ويمنعوا الصدام، والأمل على وعي الشعب الفلسطيني في منع الصدام الداخلي.

بدائل للسلطة

وعن السيناريوهات التي يتداولها الاحتلال في التعامل مع احتمال انهيار السلطة، يوضح: الاحتلال يطرح سيناريوهات مختلفة بينها تنصيب روابط قرى أو التعامل مع رجال أعمال، لكنهم يتعاملون مع الأمر الواقع ويفضلون التعامل مع جهة مركزية واحدة، يتعاملون معها من خلال سياسة “المنع والمنح”.

ولكن في حال انهارت السلطة بسبب عوامل داخلية، يطرحون التعامل مع عائلات أو روابط قرى أو ميلشيات، لكنها خيارات غير مفضلة، وتاريخياً ثبت أن هذه النماذج مثل روابط القرى فشلت فشلاً كبيراً، وفق بدر.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات