الإثنين 29/أبريل/2024

اقتتال غير مسبوق في عين الحلوة.. مخاطر جمّة ومحاولات لاحتواء الموقف

اقتتال غير مسبوق في عين الحلوة.. مخاطر جمّة ومحاولات لاحتواء الموقف

صيدا – المركز الفلسطيني للإعلام

الاشتباك الأعنف على الإطلاق منذ سنوات طويلة، وحركة نزوح كثيفة، مع دمار هائل في الممتلكات العامة والخاصة، وسقوط 9 قتلى و40 جريحًا، وسط محاولات حثيثة تبذلها الفصائل وهيئة العمل الفلسطيني المشترك لوقف الاقتتال، هكذا يُلخص الوضع في مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا جنوب لبنان.

وشهدت مدينة صيدا، شللاً طال الحركة التجارية والتعليمية والعمل الحكومي في المدينة، إثر مخاوف من تصاعد المعارك في المخيم، فيما يواصل الجيش اللبناني إغلاق الطرق المؤدية إلى المخيم.

وتركزت الاشتباكات منذ الساعات المتأخرة من ليل أمس والمتواصلة حتى صباح اليوم، في منطقة الطوارئ ومحطة جلول، حيث تتحصن مجموعات مسلحة من تنظيمي “عصبة الأنصار” وتنظيم “أنصار الله” وسط استقدام تعزيزات من قبل حركة “فتح” إلى المنطقة، بحسب مصادر محليّة.

حركة نزوح

وكانت حركة نزوح كثيفة شهدتها عدّة أحياء من المخيم ليل أمس، بعد هدنة ميدانية أمهلت فيها الأطراف المتصارعة الأهالي، حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، للخروج من المخيم.

وتمكنت مئات الأسر من الخروج من أحياء التعمير وحطين والراس الأحمر ومنطقة الطوارئ، قاصدين مناطق جوار المخيم والمساجد القريبة، فيما فتحت مدارس مخيم المية ومية شرق صيدا أبوابها لاستقبال عشرات الأسر النازحة.

أحد اللاجئين الفلسطينيين في منطقة التعمير وسام نعيم أفاد في تصريح صحفي أنّ 90% من الأسر في الحي قد نزحت، بعد منح مهلة حتّى الساعة الواحدة ليلاً للأهالي بالخروج.

وأضاف عزيز، أنّ عشرات العائلات معظمهم من النساء والأطفال، قصدت ملجأً في حي التعمير هرباً من الاشتباكات، وبقيت محاصرة حتّى الساعة الواحدة ليلاً، فيما دارت اشتباكات عنيفة تخللها سقوط قذائف وقنابل، على بعد 100 متر من باب الملجأ المكتظ، ما أحدث رعباً كبيراً بين الأطفال.

وكشفت مشاهد من داخل المخيم صباحاً، عن دمار كبير في الأحياء السكنية والأبنية، تركّز في منطقة التعمير وحي حطين، حيث دمّرت أبنية ومنازل بكاملها.

إحدى اللاجئات ” منال عزيز” قالت إنّ منزلها المكوّن من طابقين في منطقة التعمير، دمّر بشكل شبه كامل وأصبح غير صالح للسكن.

وأضافت اللاجئة، أنّ المسلحين يستخدمون منازل المدنيين وأسطح المباني، فيما تنهال قذائف “الآر بي جي” والقنابل على المنازل والأحياء دون أي اعتبار للسكان، مشيرةً على أنّ منزل شقيقها في الحي أيضاً دمّر، ووصفت الدمار في الحي بأنّه صادم وغير متوقع.

احتدام المواجهات

وأفادت مصادر محلية لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” بارتفاع عدد القتلى إلى 9، نتيجة الاشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين”، مشيراً إلى أنّ “الوضع الإنساني سيء جداً”، وتركّز الأضرار في حي الطوارئ والحي التحتاني وحي حطين.

وقد اشتدت وتيرة المعارك في عدة مناطق في المخيم، واحتدمت الاشتباكات عند محور حطين – جبل الحليب، وفق ما أفادت مصادر محلية، كما سقطت قذيفة في “حسبة” (سوق الخضار) صيدا، من جراء الاشتباكات، التي أدت إلى دمار كبير في المخيم.

كذلك، قالت مصادر محلية إنّ “ثمة توجه لفتح أكثر من محور في اشتباكات مخيم عين الحلوة”.

وقال مراسلنا إنّ “أكثر من 40 شقةً دُمِّرت بشكل كلي، بفعل الاشتباكات في المخيم، مشيراً إلى تصاعد أعمدة الدخان، إثر استهداف منزل بقذيفة أر بي جي”.

وأفادت قناة الميادين بأنّ “الجيش اللبناني أقفل الأوتستراد المحاذي لمخيم عين الحلوة بفعل رصاص القنص والقذائف التي تتطاير إلى خارج المخيم”.

وكان قد أشار إلى أنّ “الاتصالات السياسية مستمرة، من أجل تطويق ذيول الاشتباكات في عين الحلوة، ووقف إطلاق النار”.

ونقلت قناة الميادين عن مصدر في حركة فتح قوله إنّ “المدخل الأساس للحل في عين الحلوة هو تسليم من اغتال القيادي العرموشي”. وفي وقت سابق قال مصدر من الحركة إنّ “عملية اغتيال قائد قوات الأمن الوطني في صيدا، أبو أشرف العرموشي، قد تم التخطيط لها مسبقاً”.

جهود حركة حماس

من جانبها أكدت حركة “حماس” على مواصلة جهودها بالتعاون مع القوى والفصائل الفلسطينية والجهات المختصة اللبنانية، من أجل وقف الاشتباكات الحاصلة في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان.

وجددت الحركة، في بيانٍ لها، اليوم الاثنين، رفضها للاقتتال الداخلي في مخيم عين الحلوة، داعيةً إلى تغليب الحوار، حقناً لدماء الشعب الفلسطيني وحفاظاً على السلم الأهلي.

وأوضحت حماس أن العمل متواصل مع جميع الجهات المختصة من أجل وقف الاشتباكات وتطويق الأزمة الجارية في مخيم عين الحلوة، لتفويت الفرصة على المتربصين بالوجود الفلسطيني المؤقّت في لبنان.

وقالت إنه من الضروري الحفاظ على البوصلة الوطنية نحو فلسطين التي نتطلع إلى العودة إليها بعيداً عن أي أجندات مشبوهة، وذلك بتغليب لغة الحوار لتقوية جبهتنا الداخلية، ولتعزيز صمود شعبنا الفلسطيني في لبنان حتى تحقيق العودة إلى أرض الوطن فلسطين.

وبينت “حماس” أنها تتابع بمسؤولية وطنية، وقلق بالغ التدهور الأمني الخطير الحاصل في مخيم “عين الحلوة” في لبنان، وما نتج عنه من ضحايا وجرحى وترهيب للاجئين وتشريد الكثير من العائلات خارج منازلها نتيجة الاشتباكات.

وشددت على موقفها الثابت برفض الاحتكام للسلاح في حل الإشكالات والخلافات، لما له من تداعيات خطيرة على السلم الأهلي في المخيمات وفي لبنان.

وبيّنت أن قيادتها السياسية في لبنان تحركت فورًا بالتواصل والتنسيق مع كل القوى والفصائل الفلسطينية، ومع هيئة العمل الوطني الفلسطيني المشترك، ومع الجهات اللبنانية الرسمية والحزبية والفعاليات لتطويق الأحداث ومنعها من التصاعد والانتشار.

استقرار المخيمات

وأكدت القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في بيان، “ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار”، مشددةً على “حرصها على أمن المخيم واستقراره، بالإضافة إلى أمن الجوار”، ورافضةً “إلحاق الضرر بأشقائنا في صيدا”.

ودعت القوى الإسلامية في المخيم ” إلى تشكيل لجنة تحقيق تكشف المتورطين في كل ما حصل، وتسلِّمهم للسلطات الرسمية المختصّة”، مع تأكيدها استمرارها في السعي إلى تهدئة الوضع، ووقف إطلاق النار”.

وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، الشيخ ماهر حمود، في حديث للميادين، إنّ “ما حصل في مخيم عين الحلوة كان مفاجئاً جداً لنا”.

اشتباكات معقدة

أما النائب في البرلمان اللبناني عن مدينة صيدا، عبد الرحمن البزري، فرأى في حديثه للميادين أنّ “عناصر الاشتباك في مخيم عين الحلوة معقدة”، مؤكداً ضرورة الضغط “لإيجاد تسوية أمنية لما يجري حالياً، ثم تأمين صيغة مستدامة لتأمين المخيم”.

وقال البزري إنّ “القوى النيابية والجيش اللبناني يعملون جاهدين لتأمين تسوية سريعة لما يجري”، مشيراً إلى أنّ “الأزمة ناجمة عن تراكمات عديدة، ولذلك، فإنّ الأرضية هناك جاهزة للخلافات”.

كذلك، تمنى النائب اللبناني، “ألا يراهن البعض على أزمة تتعدى حدود مخيم عين الحلوة”.

بدوره، عبّر الأمين العام للحزب الديمقراطي الشعبي، محمد حشيشو، عبر الميادين، عن أسفه لما يجري في مخيم عين الحلوة، “بينما تتصاعد المقاومة في الضفة الغربية”.

وكانت الاشتباكات قد اندلعت في المخيّم، بعد عملية اغتيال استهدفت مسؤولاً في إحدى التنظيمات، يدعى “أبو قتادة”، بعد إصابته بإطلاق نار مباشر.

وتجدّدت الاشتباكات في المخيّم، أمس الأحد، مسفرةً عن مقتل قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا، أبو أشرف العرموشي، و4 من مرافقيه.

من جهته، أعلن الجيش اللبناني إصابة عدد من العسكريين اللبنانيين، في إثر تعرّض مراكز ونقاط مراقبة تابعة له لإطلاق نار، مؤكّداً أنّه سيرد على مصادر النيران بالمثل.

أما الرئاسة الفلسطينية، فصرّحت بأنّ “المجزرة التي استهدفت قائد قوات الأمن الوطني في مخيمات صيدا، وعدداً من رفاقه تجاوز للخطوط الحمر”، معلنةً دعمها لما تقوم به الحكومة اللبنانية من أجل فرض النظام والقانون، بما يشمل المخيمات الفلسطينية.

تهدد قضية اللاجئين

وقال ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي، إن الأحداث المؤسفة في مخيم عين الحلوة تشكل خطرا على القضية الفلسطينية، وتهدد قضية اللاجئين الفلسطينيين في دولة لبنان الشقيقة، بل تهدد أمن واستقرار المخيمات الفلسطينية فيها والجوار، وتضرّ بالمجتمع الفلسطيني، ومن شأنها أن تحدث خسائر بشرية ومادية كبيرة.

وعبر في تصريحات صحفية، عن رفض حركته الاحتكام للسلاح، وتأكيدها على السلم الاهلي، داعياً بشكل عاجل لوقف إطلاق النار، وسحب المسلحين من الشوارع، مشدداً أن هذه الاشتباكات تسيء لصورة القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، وتشوه صورة السلاح الفلسطيني، الذي ينبغي أن يوجه للاحتلال الصهيوني فقط.

وجدد تأكيد حركته على البيانات والمواقف الصادرة عن هيئة العمل الفلسطيني المشترك، واللقاء الفلسطيني اللبناني الذي انعقد في صيدا.

وحذر من استمرار الاشتباكات، وخطرها على الوجود الفلسطيني في لبنان، وعلى العلاقات الفلسطينية اللبنانية، داعياً لدعم جهود هيئات الإسعاف والدفاع المدني والمؤسسات الصحية والإنسانية في إغاثة المخيم، وتسهيل عملية نقل المصابين.

وقال عبد الهادي إنه “في الوقت الذي نؤكد على تشكيل لجنة تحقيق فلسطينية في هذه الأحداث المؤسفة، فإننا نحذر من عملية تهجير أهلنا في مخيم عين الحلوة، ومن نتائج هذا التهجير على المخيم، وعلى الوجود الفلسطيني في لبنان”.

وأكد أن هذا السلوك سيؤدي إلى ننائج سياسية خطيرة، وكارثة إنسانية وأزمة اجتماعية جديدة تفاقم الأزمات التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.

تصريحات أيمن شناعة للمركز

وأكد أيمن شناعة المسؤول السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في مدينة صيدا جنوب لبنان، أن حركته تبذل جهودًا كبيرة لتطويق الاشتباكات الدائرة في مخيم عين الحلوة.

وقال شناعة في مقابلة مع المركز الفلسطيني للإعلام إن حركته ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الأحداث، تواصلت مع جميع المكونات السياسية من أجل وضع حدٍ للأحداث وتطويقها، من أجل حفظ أمن المخيمات، وإفشال أي مخططات تستهدفها.

وأوضح أن الأحداث بدأت عندما قام أحد أحد العناصر المجمدين من حركة فتح وهو محمد زبيدات الملقب بالصومالي بإطلاق النار في محاولة لاغتيال أحد قادة التيارات الإسلامية ويدعى محمود أبو قتادة، وقتل في الحدث الشاب عبد الرحمن فرهود وأصيب 6 آخرون.

وجرى الاتفاق – وفق شناعة- على تسليم القاتل، إلا أن عملية التسليم تأخرت، فحدثت اشتباكات في داخل المخيم، وفي اليوم التالي قتل قائد قوات الأمن الوطني أبو أشرف العرموشي مع مرافقيه الأربعة في كمين مسلح في مخيم عين الحلوة.

وأكد شناعة أن هيئة العمل الفلسطيني المشترك تداعت إلى اجتماع عاجل، وأصدرت بيانًا فوريًّا لإنهاء الأحداث المؤسفة، وجرى الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار في المخيم، وسحب المسلحين من الشوارع، وتشكيل لجنة تحقيق فورية، وتسليم المشتبه بهم بتنفيذ عملية اغتيال العرموشي إلى القضاء اللبناني، وكذلك تسليم قاتل الشاب عبد الرحمن فرهود.

وأشار المسؤول السياسي إلى أنه جرى التزام فوري بإطلاق النار في الساعات الأولى بعد إعلان البيان، إلا وأن الاشتباكات عادت من جديد ولكنها بشكل أقل حدة مما سبق.

وأوضح أن هناك سعي لعقد لقاء مع قيادات صيداوية وهيئة العمل الفلسطيني المشترك، عند الساعة الواحدة ظهرًا لتثبيت وقف إطلاق النار، والبدء بالإجراءات المتخذة لضمان استتباب الأمن وإنهاء حالة الاشتباك.

وأكد أن الأحداث التي تضرب المخيمات لا سيما مخيم عين الحلوة، لا يمكن أن تأتي في سياق العمل الفردي، وإنما في سياقات منظمة تسعى لضرب المخيمات لتحقيق أجندة إقليمية ودولية، تستهدف اللاجئين الفلسطينيين.

وأضاف أن قضية اللاجئين على صفيح ساخن، وهناك من يسعى لنسف المخيمات، من أجل رسم خارطة جديدة في المنطقة، وأن أحداث عين الحلوة لا يمكن فصلها عما يجري في الإقليم والأوضاع الملتهبة في المنطقة، مؤكدًا العمل على إفشال تلك المخططات.

وأكد شناعة أن مصلحة جميع المكونات الفلسطينية هي استتباب الأمن وانتظام الحياة في مخيم عين الحلوة، حفاظًا على النسيج المجتمعي، وقضية اللاجئين وحق العودة، واحترامًا للإخوة اللبنانيين والعلاقات المتينة معهم، مشددًا أن لا أحد يريد حالة الاقتتال في المخيم.

وكشف أنه لم يطلب من حركة حماس أو الفصائل الأخرى النزول إلى الميدان للفصل بين المتقاتلين، وإذا طلب من حركته ستفعل، وفق قوله.

غير مسبوقة

الباحث السياسي محمد أبو ليلى أكد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن الاشتباكات في مخيم عين الحلوة غير مسبوقة، وهي الأعنف منذ سنوات، ونحن منذ سنوات لم نشهد ما يجري في المخيم.

وأوضح أن الاشتباكات تدور في جميع أنحاء المخيم، مشيرًا إلى أن ما يجري يستهدف الوجود الفلسطيني في لبنان، ضمن مؤامرة دولية كبرى لإنهاء حق العودة وقضية اللاجئين.

وقال: هناك مشروع لاستهداف الوجود الفلسطيني في العراق وسوريا واليوم في لبنان، لإضعاف الحالة الفلسطينية في لبنان من خلال استهداف الأمن في المخيمات.

وشدد أن ما يجري يهدف لتهجير الأهالي من مخيم عين الحلوة، ونزع السلاح من المخيمات، وهو بكل تأكيد حدث خطير.

وأكد أن الآلاف من الأهالي نزحوا من المخيم، وأن من خرج من المخيم لا يستطيع العودة إليه، والحدث يتماشى مع المخططات، مع وجود محاولات لوأد الفتنة، واحتواء الاقتتال.

اتفاق جديد وخروقات واسعة

النائب اللبناني أسامة سعد في تصريحات لقناة الميادين أفاد أنه تم الاتفاق خلال اجتماع صيدا للفعاليات والفصائل الفلسطينية والذي جرى ظهر اليوم، على وقف إطلاق النار وسحب المسلحين.

وقال: تم الاتفاق على التحقيق في عملية الاغتيال وتسليم كل من له علاقة بالعملية.

وأكد أن الجميع يريد عودة الهدوء للتخفيف على أبناء المخيم بعد الاشتباكات والخسائر البشرية والمادية.

وأوضح أن من نفذ الاغتيال يريد تهديد أمن المخيم وصيدا والدفع نحو التسيب.

وحذر من مسارات خطيرة في حال استمرت الاشتباكات، في حين أفادت مصادر إعلامية باحتدام الاشتباكات بعد الاتفاق المعلن.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات