الإثنين 29/أبريل/2024

الطريق إلى موقع «16» واللحظات الأخيرة

الطريق إلى موقع «16» واللحظات الأخيرة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

شكلت عمليات القسام النوعية خلف خطوط العدو هاجساً للعدو الصهيوني طيلة معركة العصف المأكول قبل أعوام وحتى يومنا هذا، بعد أن كبدته خسائر فادحة، وأبدع خلالها المجاهدون أيما إبداع، وقتلوا جنود العدو من مسافة صفر.

في مثل هذا اليوم 21/7/2014م، سجلت كتائب القسام من جديد صفحات العز والبطولة بدماء أبطال وحدة النخبة، الذين نفذوا عملية إنزال خلف خطوط العدو في موقع “16” العسكري شرق بيت حانون، وتمكنوا من قتل 5 جنود من بينهم مقدم برتبة (قائد كتيبة)، بحسب اعتراف العدو.

وفي ذكرى معركة العصف المأكول ينشر موقع القسام مجددًا التفاصيل الكاملة للعملية النوعية التي نفذتها نخبة القسام في موقع “16”العسكري شمال قطاع غزة.

الاستعداد والجهوزية

مع بدء الاحتلال الصهيوني حربه على غزة بالقصف الجوي، تجهز مجاهدو القسام واستعدوا أتم الاستعداد منتظرين أوامر القيادة، في الوقت الذي استمرت فيه مراصد القسام بالعمل على رصد تحركات العدو وتحديداً على المناطق الحدودية بهدف تحديث المعلومات أولاً بأول.

بتاريخ 20/07/2014، وصلت الأوامر من القيادة بتنفيذ العملية عبر النفق المعلوم ووفق الخطة المجهزة، وكان الاستشهاديون من وحدة النخبة القسامية والذين يبلغ عددهم اثنا عشر مجاهداً، على جهوزيةٍ تامةٍ، وكانوا يرتدون الزي المشابه لزي جيش العدو وغطاء الرأس، فلم يتعرف عليهم جنود العدو إلا بعدما بدأوا بإطلاق النار.
تم تجهيز المجاهدين بالأسلحة والقنابل اليدوية، بالإضافة لأجهزة اتصال للتواصل فيما بينهم، وتم تزويدهم بالأحزمة الناسفة والعبوات وقذائف التاندم، وبدأ المجاهدون بالنزول إلى النفق بكامل عتادهم، والتقوا بالتكبير والتهليل والدعاء داخل النفق وقد بدت عليهم علامات الفرح والشغف للمواجهة والنيل من أعداء الله وملاقاة ربهم، كان ذلك بعد الإفطار وأداء صلاة العشاء من تلك الليلة.   

الهدف (300 جندي)

اتخذ المجاهدون مواقعهم داخل النفق الذي يبلغ طوله 3000 متر، بعد السير لمسافةٍ طويلةٍ والوصول إلى الغرفة الأخيرة فيه والتي تبعد عن العين المقرر الخروج منها (200) متر، واستمر تواصل المجاهدين مع القيادة في داخل النفق بانتظار المعلومات والأوامر، حتى وصلت لهم المعلومات من القيادة بأن هدفهم سيكون قوةً صهيونيةً من وحدة المشاة قوامها (300) جندي تقريباً، بدأت تتجمع في موقع 16 العسكري.

وفي تلك الليلة وعند الساعة الثانية فجراً، أفادت المعلومات بأن القوة الصهيونية من وحدة المشاة، بدأت تتحرك باتجاه النفق الذي يخترق الحدود إلى موقع 16، وبشكلٍ مباشرٍ انقسم المجاهدون لمجموعتين تتكون كل منهما من ستة مجاهدين، بينما تواجد في النفق اثنين من المجاهدين من تخصص الهندسة، مهمتهم تفخيخ عين النفق لتفجيرها عقب العملية حال اكتشافها.

بدء التنفيذ

وصلت الأوامر للمجاهدين من قائد العملية، بالبدء بفتح عين النفق والتنفيذ بعد صلاة الفجر مباشرةً، ومع بزوغ الفجر وفتح العين، بدأت المجموعة الأولى بالخروج على أن تتبعها المجموعة الثانية بربع ساعة تقريباً، وبالفعل خرجت المجموعة الأولى وأخذت بالتحرك لنصب كمينٍ للقوة الصهيونية ما بين الطريق الثالث والرابع، وبقيت على تواصل مستمر مع المجموعة الثانية والقيادة.

وفي هذه الأثناء وصلت معلومات للمجاهدين من غرفة العمليات بأن القوة الصهيونية الكبيرة المتقدمة باتجاه النفق قد غيرت مسارها باتجاه آخر، وتوجهت نحو مدينة بيت حانون وأصبح من الصعب التعامل معها، فكان القرار بالانتقال للخطة البديلة وتنفيذ كمينٍ لدورية تسلك هذا الطريق.

القتل من مسافة قريبة

تحرك الجيبان العسكريان من موقع “16” على الطريق الثالث فاتخذ المجاهدون مواقع هجوميةً، وفور وصول الدورية إلى الكمين أوقعوها بين فكي كماشة، فقام مقاتل الدروع في المجموعة الأولى باستهداف الجيب الأول، وبالفعل أصابت القذيفة الهدف بدقة ما أدى إلى تفحمه وقتل من بداخله، وعندها توقف الجيب الثاني وانقض المجاهدون عليه وأجهزوا على من بداخله من مسافةٍ قريبةٍ جداً، وعندها حاول أحد الجنود المصابين فتح باب الجيب والنزول منه، فكان المجاهدون له بالمرصاد وأردوه قتيلاً.

تقدم قائد المجموعة الأولى نحو الجيب وحاول أن يسحب أحد الجنود ولكنه وجدهم جميعاً قد قتلوا، فيما تمركزت المجموعة الثانية في مكانها بهدف إسناد المجموعة الأولى والتعامل مع أي قوة إسناد، وقد تكتم العدو على خسائره واكتفى بالاعتراف بـ 5 قتلى منهم مقدم برتبة (قائد كتيبة).
في هذه الأثناء تحركت قوةٌ عسكريةٌ صهيونية، من قلبة “الباشا” إلى قلبة 16 المسيطرة على مكان العملية، وانتشرت طائرات الاستطلاع في المكان بكثافة، فاشتبكت المجموعة الأولى مع تلك القوة لمدة نصف ساعة، قبل أن يستشهد أفرادها.

صدر الأمر لأفراد المجموعة بالانسحاب بعد انكشافها لطائرات الاستطلاع، فنجح اثنان من المجاهدين في دخول عين النفق بينما تعرض باقي أفراد المجموعة للقصف ما أدى لاستشهادهم، وهنا أعطيت الأوامر لطاقم الهندسة بتفجير العين بعد اكتشافها حيث كانت مفخخة مسبقاً، وبالفعل تم تفجيرها.

وزفت كتائب القسام أبطال العملية الشهداء وهم: إبراهيم محمد حمدية ومحمد علي حويلة ومحمد نبيل العشي وبشير حاتم ريان وخالد عيد منون  وسلام ماهر المدهون وصالح بشر حمودة وعبد الرحمن محمد ظاهر وأحمد حسام عبد العزيز وبلال عبد الناصر أبو مهادي.

وبعد سنوات من العملية كشف العدو عن استهداف جيشه لأحد جنوده خلال العملية بعد وقوعه بيد أحد مقاتلي القسام.

وبثت إعلام العدو، مشاهد مصورة من طائرة مسيرة تُظهر اقتراب أحد مقاتلي القسام من جيب عسكري بعد أن استهدفه مقاتلون من الكتائب بصليات مكثفة من الرصاص، في كمين صبيحة 21 يوليو/ تموز 2014، وخروج نحو 10 مقاتلين عبر فتحة أحد الأنفاق.

وأظهر الفيديو محاولة المجاهد القسامي أسر الجندي “نداف غولدباخر” الذي لم يبين التقرير إذا ما كان حيًا أم ميتًا وقتها، وهو داخل الجيب العسكري، قبل أن تستهدفهما طائرة مُسيرة للاحتلال بصاروخ.

وبهذه العمليات النوعية خلف خطوط العدو سجلت كتائب القسام صفحات العزّة والبطولة في تاريخ المقاومة، وستبقى دماء الشهداء نبراسًا ينير الطريق ويقود المجاهدين نحو معركة التحرير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات