الإثنين 29/أبريل/2024

شكوى ضد حصار غزة.. ضرورة لازمة لإنصاف شعبنا أمام الجنائية الدولية

شكوى ضد حصار غزة.. ضرورة لازمة لإنصاف شعبنا أمام الجنائية الدولية

لاهاي – المركز الفلسطيني للإعلام

يقدم برلمانيون من غزة اليوم الاثنين، إجراءين قانونيين للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، أحدهما شكوى عن الحصار على غزة، والآخر طلب إلى صندوق تعويض الضحايا لدى المحكمة الجنائية الدولية، في محاولة لإنصاف شعبنا واختراق جدران مؤسسات المجتمع الدولي التي تكيل بمكيالين في التعامل مع قضيتنا.

وتتعلق الشكوى المقدمة اليوم، بجريمة القتل العمد نظرا للعدد الكبير جدا من الوفيات المرتبطة بالحصار، وخاصة بالنسبة للمرضى والصيادين الذين يعانون من خسائر فادحة؛ وجريمة الفصل العنصري الدولي، التي تمارسها إسرائيل بمنهجية للتمييز ضد جميع سكان قطاع غزة.

كما يقدم البرلمانيون طللبًا لدى صندوق تعويض الضحايا (الصندوق الاستئماني). حيث ينص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على إجراءات متكاملة، أي جنائية بإدانة الجناة ومدنية بتعويض الضحايا.

ضرورة لازمة

موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس يرى أن هذه الشكوى البرلمانية وطلب التعويضات تشكل ضرورة لازمة لوضع المجتمع الدولي عند مسئولياته، وهو الذي صمت طويلا لأكثر من سبعة عشر عاما متواصلة، عانى فيها أبناء شعبنا في غزة كل الويلات، دون أن يحرّك العالم ساكناً.

وأضاف أن فرض الحصار الصهيوني الظالم على غزة جاء لمعاقبة شعبنا الفلسطيني على اختياره الانتخابي الحرّ، وسط شهادة دولية عالمية على شفافية الانتخابات، ونزاهتها، لكن الاحتلال الغاصب لم يكتف برفض الاعتراف بنتائجها، بل فرض على الفور حصارا غاشما ظالما، طال البشر والحجر والشجر في القطاع، وسقط ضحيته الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني طوال السنوات الماضية، في سلوك عنصري غير أخلاقي، ومرفوض، بشهادة المنظمات الدولية.

وأوضح أن الشكاوى هذه من شأنها إنصاف أبناء شعبنا الذين يتعرضون لأبشع أنواع الحصار والظلم والاضطهاد والتجويع، والحرمان من أدنى الحقوق الإنسانية، في مخالفة جسيمة لكل المواثيق الدولية، تستدعي المزيد من التحركات القانونية والحقوقية والسياسية، لإنهاء هذا الحصار الظالم”.

ويقدم البرلمانيون الشكوى وفقًا للمادة 15.1 من النظام الأساسي للمحكمة، مع العلم أنه تم فتح تحقيق جنائي عام بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية الصادر في 5 فبراير 2021 بعد أن قضت بأن فلسطين دولة بالمعنى الوارد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مع ولاية قضائية على الضفة وشرقي القدس وقطاع غزة.

ولا تزال إسرائيل، كقوة عسكرية محتلة بالمعنى المقصود في اتفاقية جنيف الرابعة، يقع عليها التزام بالحماية المدنية للشعب الفلسطيني. ولكن، بدلاً من الاستجابة لاحتياجات السكان، قيّدت إسرائيل جميع حقوق الفلسطينيين في البر والجو والبحر، وكانت النتائج كارثية على حياة الفلسطينيين. علاوة على ذلك، ومنذ عام 2007، نفذت إسرائيل 4 حروب عسكرية مدمرة على قطاع غزة دون تمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية.

بدوره، قال رئيس منظمة العدالة الواحدة المحامي خالد الشولي: إن الحصار الإسرائيلي على غزة يؤدي لعمليات القتل العمد بين الأطفال والمرضى، بسبب إغلاق معابر الحياة، ومنع إدخال الأدوية والأجهزة الطبية ومنع التواصل مع الخارج بشكل طبيعي، وهذا مجرّم وفقاً لأحكام روما، إضافة لعملية الفصل العنصري التي يشهدها القطاع وتفرضها سلطة الاحتلال الإسرائيلي”.

خطوة لإنصاف شعبنا

ونوه الشولي خلال حديث له مع “قدس برس” إلى أنه في الخامس من شباط/ فبراير 2021 صدر قرار منح محكمة الجنايات الدولية الاختصاص على فلسطين، والجرائم التي تقع داخلها، وحدد هذا الحكم النطاق الإقليمي الذي يقع عليه الاختصاص، ويشمل قطاع غزة والضفة بما فيها شرقي القدس.

وأردف: لذلك يعدّ هذا جزء من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى أن الفلسطيني لم يكن لديه قضاء يلجأ إليه منذ العام 1921.

وأضاف: اليوم لدينا قضاء دولي، وهذه المحكمة دائمة ومستقلة وتقاضي الأشخاص على الجرائم التي يرتكبوها، ولذلك علينا أن نلجأ لها كمتظلمين، حتى لو كانت فترة صدور الحكم طويلة، فالشعب الفلسطيني يلجأ لها كنوع من أنواع مقاومة الاحتلال.

ويقول الشولي: صحيح أنَّ سلطة الاحتلال لا تنصاع لقرارات المحاكم الدولية، لكننا نلجأ للمحاكم من أجل إنصاف الشعب الفلسطيني، وهذه القرارات تعطي الشعب الفلسطيني الحق في أشكال المقاومة كافة، وهذا ما يجب أن نستفيد منه.

وشدد على ضرورة الاستمرار في اللجوء للقضاء والمطالبة بمحاكمة مجرمي الاحتلال على جرائمهم، مضيفا: سيأتي يوم وتتغير فيه المعادلة وينال كل مجرم جزاءه طال هذا اليوم أم قصر.

وأضاف: نأمل بأن تصدر أوامر متابعة أو إلقاء القبض على مجرمي الاحتلال، وخاصة في الجرائم الظاهرة التي لا تحتاج لأي توثيق كجرائم الاستيطان والفصل العنصري.

ويعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، أوضاعا اقتصادية ومعيشية متردية للغاية، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 17 عاما.

وفي تقريره الصادر في 13 أغسطس 2020، خلص مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) إلى أنّ المبلغ الإجمالي لأضرار القطاع من الحصار منذ عام 2007، هو مبلغ 16.7 مليار. وبالتناسب حتى الآن، يمكن أن يقدّر الضرر الإجمالي الآن بمبلغ 25 مليار.

الكيل بمكيالين في التعامل مع قضيتنا

في السياق، قال عضو منظمة العدالة الواحدة لحقوق الإنسان الدولية المحامي موسى العبدلات إن هناك تراجعًا واضحًا من المنظمات الدولية في التعاطي مع ملف الحصار المفروض على غزة، متهمًاً إياها بأنها تعمل بازدواجية المعايير مع قضايا الشعب الفلسطيني.

وأضاف في تصريح لـ”صحيفة فلسطين” أنّ المحاكم الدولية بما فيها الجنائية تكيل بمكيالين في التعامل مع قضايا الشعب الفلسطيني ومقاومته، إذ إنها لا تحرك ساكنًا وتُبقيها على الرف دون محاسبة مرتكبيها، على النقيض في تعاملها مع ملف الحرب الروسية الأوكرانية.

وجدد العبدلات التأكيد على ضرورة وضع آليات جديدة على الصعيدين العربي والدولي في التعاطي مع ملف حصار غزة، وصولًا لرفعه وتخفيف المعاناة عن سكانها، مشددًا على أن المقاومة هي الحل الوحيد لدحر الاحتلال عن فلسطين، فهو لا يفهم إلا لغة القوة.

وتابع أن الصمت العربي والدولي وسكوت المنظمات الدولية عن حصار غزة لم يعد مقبولًا، مستهجنًا التطبيع العربي من بعض الدول مع الاحتلال، الذي يُشكل مشاركة في جريمة حصار غزة.

مخاوف بشأن مبادئ عمل المحكمة

وبينما تواصل المحكمة الجنائية الدولية الضرب بعرض الحائط بالحالة الفلسطينية، والتقصير في دورها الرقابي والقانوني على جرائم الاحتلال، وجّه تجمع المؤسسات الحقوقية “حرية” صباح الأحد، رسالة مطولة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، نقل له من خلالها تطلعات وآمال ضحايا الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال نحو تشكيل المحكمة وبدء إجراءات التحقيق في الحالة الفلسطينية.

وعبّر “حرية” في رسالته عن قلقه العميق إزاء إعاقة وصول الضحايا من الفلسطينيين للعدالة الجنائية الدولية، واستمرار سياسة تعليق التحقيق في الحالة الفلسطينية أمام مكتب المدعي العام.

وأشار التجمع في رسالته إلى قرار الدائرة التمهيدية الأولى في فبراير 2021 بانعقاد الاختصاص الجنائي للمحكمة في حالة فلسطين، وامتداد نطاق ولايتها القضائية الإقليمي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأوضح أن إصرار مكتب المدعي العام للمحكمة على تعليق التحقيق في الحالة الفلسطينية، وتجاهله لمطالب الضحايا الفلسطينيين في الإنصاف القانوني يثير مجموعة من المخاوف بشأن قواعد ومبادئ عمل المحكمة.

وأضاف أنَّ استمرار تعليق التحقيق في الحالة الفلسطينية، يشكل مخالفة واضحة لما قررته ديباجة نظام روما ويخالف مقاصد الأمم المتحدة التي ترمي إلى تعزيز وحفظ السلم والأمن الدوليين، وهو بمثابة تصريح لسلطات الاحتلال الإسرائيلي العنصري بارتكاب المزيد الانتهاكات والخروقات لأحكام وقواعد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان والتي صنفتها أحكام نظام روما الناظم لعمل المحكمة بأنها جرائم دولية ذات مستوى عالي من الخطورة تستوجب ملاحقة ومعاقبة مرتكبيها.

وطالب التجمع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بنبذ التعامل بمعايير مزدوجة في التعاطي مع الحالة الفلسطينية، ودعاه لزيارة فلسطين المحتلة، للاطلاع على حجم الانتهاكات والخروقات التي ترتكبها قوات الاحتلال يوميًّا بحق الفلسطينيين والتي تندرج ضمن اختصاص المحكمة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات