الإثنين 29/أبريل/2024

الحرم الإبراهيمي .. معلم إسلامي يواجه التهويد

الحرم الإبراهيمي .. معلم إسلامي يواجه التهويد

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام

من رفع العلم الصهيوني، إلى رقصات بن غفير وقطعان المستوطنين التلمودية، تمتد اعتداءات الاحتلال الصهيوني على المسجد الإبراهيمي في حلقة جديدة من حلقات التهويد والعدوان.

وأقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الأحد الماضي على رفع العلم الإسرائيلي علي الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، قبل أن يقدم وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير، الأربعاء، على اقتحامه لتأدية طقوس تلمودية.

ويأتي اقتحام بن غفير ضمن سلسلة اقتحامات الاحتلال ومستوطنيه المتواصلة للحرم منذ أمس الثلاثاء، تخللها تأدية رقصات تلمودية داخله، احتفالا بما يسمى “عيد الاستقلال” (نكبة فلسطين واحتلالها).

نهج تهويدي متكرر

الاعتداءات الجديدة نموذج متكرر لنهج إسرائيلي في الاعتداءات ومحاولات فرض التهويد القسري على المسجد منذ عقود طويلة لكنها أخذت اتجاهًا متصاعدًا عام 1994 بعد المجزرة التي اقترفها ( فجر الجمعة الـ25 من فبراير/شباط 1994 الموافق الـ15 من رمضان 1415 للهجرة) المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين عبر استهداف المصلين وإطلاق النار تجاههم وهم يؤدون صلاة الفجر، مما تسبب في استشهاد 29 مصليا وإصابة 15 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.

انتهاك فاضح

وزير الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ حاتم البكري استنكر الاعتداءات الجديدة وأكد أنها تشكل انتهاكا فاضحا للأماكن المقدسة ودور العبادة.

وحذر البكري في تصريح صحفي من أن الاحتلال ومن خلال عمليات التهويد المستمرة، ومنها بث صور المستوطنين وهم يرقصون داخل المسجد وخارجه بكل راحة وطمأنينة، يعمل على تهجير المواطنين الفلسطينيين من الأماكن التي يريد السيطرة عليها في الخليل العتيقة خاصة، وفق مخطط ممنهج تنفذه حكومة الاحتلال مع المستوطنين.

ثاني أهم المعالم الإسلامية في فلسطين

و يعد المسجد الإبراهيمي ثاني أهم المعالم الإسلامية في فلسطين بعد المسجد الأقصى، ويقع في قلب مدينة الخليل جنوب الضفة المحتلة، وينسب الاسم إلى النبي إبراهيم الخليل عليه السلام المدفون فيه قبل أربعة آلاف عام.

وسميت مدينة الخليل باسمه، وفيه قباب مغطاة تقول بعض المصادر التاريخية إنها قبور للأنبياء إبراهيم وزوجته سارة، وإسحق وإسماعيل ويعقوب ويوسف وزوجاتهم عليهم السلام.

ووفق البكري؛ فإن قوات الاحتلال تتبادل الأدوار مع المستوطنين في الاعتداء على المسجد، مشيرًا إلى أنها سمحت لهم برفع علم الاحتلال والشمعدان وإطلاق مفرقعات وألعاب نارية على سطح الحرم وفي ساحاته الخارجية، وهذا يندرج في إطار فرض هيمنتهم الكاملة على الحرم الإبراهيمي ومحيطه، بهدف تحويله إلى كنيس يهودي.

ضمن قائمة التراث العالمي

والمسجد الإبراهيمي من المباني التاريخية التي ترقى إلى العالمية من حيث القدم والقدسية، وكانت أسواره شاهدا على أحداث هامة في تاريخ البشرية جمعاء على مدار أكثر من ألفي سنة، وفي عام 2017 أعلنت يونسكو إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي .

وكان صرحاً معمارياً يدل على أهمية هذا الموقع منذ القدم، وفي عام 15 للهجرة إبان الفتوحات الإسلامية حول المسلمون البناء إلى مسجد؛ لأنه بني مسجدا أصلا، بدليل أنه بني باتجاه القبلة قبل الإسلام.

المسجد الإبراهيمي

إرث إسلامي

وتؤكد الناشطة السياسية انتصار العواودة أن المسجد الإبراهيمي إرث إسلامي وتاريخي للفلسطينيين وحدهم، رغم اعتداء المستوطنين عليه ضمن محاولات تهويده الكامل وبسط سيطرة حكومة الاحتلال الأشد تطرفًا عليه.

وقالت العواودة في تصريحات تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخةً منها: إن هذه المحاولات يفشلها الفلسطيني بثباته ومقاومته، وأهل الخليل لهم تاريخ حافل بالمقاومة منذ ثورة البراق حتى أيامنا هذه كبطولة الشهيد محمد الجعبري، وكلما تمادى الاحتلال فجّر روح المقاومة لدى أبطال الخليل.

وأضافت أن الفلسطيني اليوم أصبح أقوى من ذي قبل، حيث لديه مقاومة في جبهات قتال عديدة تحمي ظهره، فلن يستسلم ولن يتنازل عن مسجده للمستوطنين.

أهمية متزايدة

وطوال عهدي الأمويين والعباسيين بقي الحرم مسجدا إسلاميا حتى الحروب الصليبية حين حوله الصليبيون إلى كاتدرائية لمدة 90 عاما، ثم حرره صلاح الدين الأيوبي سنة 587 للهجرة، وثبّت عشر عائلات في الخليل لتشرف على سدانة الحرم وخدمته.

وجاء العصر المملوكي (1250-1517م) لتزداد أهمية المدينة وازدادت رحلات الحجاج إليها وأصبحت تجذب الصوفيين من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، وحرص المماليك على توسيع مرافق المسجد من خلال عدة أعمال معمارية وإنشائية واسعة دون المساس بملامحه القديمة الأصيلة، ليستوعب الأعداد الكبيرة من رواده وزائريه من مختلف أرجاء المعمورة.

وأما في العصر العثماني 1517 – 1917م فقد حرص العثمانيون على حماية المبنى والحفاظ على طابعه الخلاب وعمارته الساحرة دون إضافة ملحقات جديدة كبيرة قد تغير من ملامحه.

ما بعد المجزرة

وبقي الحرم الإبراهيمي إسلاميا حتى عام 1967 حين وضع الاحتلال عليه العلم الإسرائيلي في الثامن من يونيو/حزيران 1967، لكنه بقي مسجدا إسلاميا خالصًا حتى عام 1994 حين وقعت مجزرة الحرم الإبراهيمي.

مجزرة الحرم الإبراهيمي

وبعد انتهاء المذبحة أغلق جنود الاحتلال الموجودون في الحرم أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى.

وخلال تشييع ضحايا المجزرة أطلق الجنود الإسرائيليون رصاصا على المشيعين، مما رفع عدد الضحايا إلى خمسين شهيدا.

ثم شكل الاحتلال الإسرائيلي لجنة تحقيق أسفرت عن أول قرار بتقسيم مسجد إسلامي إلى كنيس يهودي ومسجد.

ويضم القسم المستولى عليه من الحرم: مقامات وقبور أنبياء وشخصيات تاريخية، إضافة إلى صحن الحرم، وهي المنطقة المكشوفة فيه.

كما وضعت سلطات الاحتلال بعدها كاميرات وبوابات إلكترونية على المداخل كافة، وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه في وجه المسلمين، باستثناء بوابة واحدة عليها إجراءات عسكرية مشددة.

ومنذ ذلك الوقت توالت الاعتداءات على المسجد، وأغلقت البلدية القديمة في محيطه، وما زالت الأسواق القريبة منه -وفيها أكثر من خمسمئة محل تجاري- مغلقة، كما يمنع رفع الأذان فيه عشرات المرات شهريا.

مشروع تهويدي

وفي عام 2021، نفذت سلطات مشروعا تهويديا على مساحة 300 متر مربع من ساحات المسجد الإبراهيمي ومرافقه، يشمل تركيب مصعد كهربائي، لتسهيل اقتحامات المستوطنين، حيث خصصت مليونيْ شيقل لتمويله.

ويؤكد وزير الأوقاف أن ما يقترفه الاحتلال هو انتهاك فاضح لقدسية الحرم الإبراهيمي ولملكية وقفية خاصة للمسلمين لا يحق لغيرهم ممارسة العبادة فيها، وهذا أمر يقتضي العمل جديًّا لإيقافه والحد منه بالكامل وبكل قوة من خلال التوافد على الحرم.

الحرم الإبراهيمي

وحذّر مدير الحرم الإبراهيمي، حفظي أبو سنينة، من استغلال الاحتلال للصمت الدولي، وتهويد الحرم الإبراهيمي تمامًا، وعدم السماح للمسلمين بدخوله.

وقال أبو سنينة، في تصريحات سابقة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: إن الاحتلال يستغل الواقع والظرف ويحاول بالفعل تهويد الحرم وعدم السماح للمسلمين بدخوله.

وأكد أن الحرم الإبراهيمي مكان أثري له أهمية لدى المسلمين، وهو عنوان مدينة الخليل والقلب النابض لها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات