الإثنين 29/أبريل/2024

الجسر الهوائي .. مشروع استيطاني لتغيير هوية القدس

الجسر الهوائي .. مشروع استيطاني لتغيير هوية القدس

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام
عبر جسر استيطاني هوائي معلق يمتد بطول أكثر من 200 متر تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض واقع تهويدي يخترق فضاء سلوان بالقدس المحتلة.

بعد أشهر من العمل، شارفت سلطات الاحتلال على إنهاء مشروع الجسر الهوائي المعلق في حي وادي الربابة، ببلدة سلوان، وهو واحد من أضخم المشاريع الاستيطانية، جنوب المسجد الأقصى المبارك، الرامية لتسهيل حركة المستوطنين وتغيير معالم المدينة المحتلة.

اقرأ أيضًا: حماس تدين بناء جسر هوائي استيطاني في القدس

بصمات تهويدية

ويؤكد الخبير في الشأن المقدسي ناصر الهدمي، أن الاحتلال يسعى للسيطرة على وادي الربابة؛ تنفيذا لمشاريع ومخططات استيطانية أبرزها مشروع “الجسر المعلق” الذي يبدأ من حي الثوري مرورا بحي وادي الربابة وصولا إلى منطقة النبي داود، إضافة إلى أعمال أخرى في أراضي الحي لتحويلها إلى “مسارات وحدائق توراتية”، إضافة إلى زرع القبور الوهمية في أجزاء أخرى من الحي.

وأشار الهدمي في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن الاحتلال يركز على منطقة وادي الربابة؛ لأنها قريبة من المسجد الأقصى المبارك، ويعدها خاصرة ضعيفة نوعاً ما.

وأوضح أن الاحتلال يريد أن يدخل من هذه الخاصرة ليخترق الأحياء المقدسية ويفتتها عبر بؤر استيطانية يعيش فيها غولات المستوطنين من أجل السيطرة على المدينة ومنع الجمع المقدسي من التكامل والترابط.

ويهدف المشروع ضمن أهداف عديدة إلى تسهيل اقتحامات المستوطنين الأقصى، عبر منحهم مزيد من الأمان، وتطبيع الوجود الاستيطاني في الأجزاء الشرقية للمدينة، وتغلغلهم داخل هذه الأحياء، وبالتالي تفتيتها وجعلها  كتلة إسفنجية مخترقة وفيها العديد من الدهاليز الاستيطانية، وفق الهدمي.

وبدأ العمل الفعلي في الجسر في نوفمبر الماضي، وهو يمتد لأكثر من 200 متر بارتفاع 35 مترًا عن سطح الأرض، وعرض 4.5 أمتار.

تغيير الهوية الحضارية

ويقول حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية: إن حي وادي الربابة جزء لا يتجزأ من أرض المدينة المقدسة بالإضافة إلى الوديان الأخرى، ولذلك يستهدفه الاحتلال بالاستيطان والتهويد.

وأشار عيسى، في تصريحات لـ “المركز الفلسطيني للإعلام”، أن إسرائيل الآن تخطط لإقامة ما يسمى القدس الكبرى على مساحة 600 كيلومتر مربع، بهدف تهويد المدينة واستحداث طابع يهودي جديد وإقامة “القدس الكبرى” وفي هذا الإطار تنفذ الجسور والأنفاق بطابع يهودي يسعى لتغيير معالم وهوية المدينة الحضارية.

وخصصت حكومة الاحتلال نحو 20 مليون شيكل؛ لتنفيذ المشروع بإشراف مباشر من وزارة شؤون القدس ووزارة السياحة الإسرائيلية، وبمشاركة من سلطة تطوير القدس، وبلدية الاحتلال، وشركة “موريا” التابعة للبلدية، وجمعية “إلعاد” الاستيطانية.

ووفقًا للمخطط، فمن المفترض أن يبدأ استخدام الجسر في شهر أيار/ مايو 2023 حيث سيُمكّن الجسر المُشاة من المرور بين الأحياء المقدسية المختلفة، ويسهّل وصول المستوطنين إلى البلدة القديمة وحائط البراق.

طابع يهودي توراتي

الباحث المقدسي، محمد جاد الله يؤكد أن معالم واد الربابة الطبيعية والشكلية، قد تغيرت بشكل ملحوظ” مشيرًا إلى أن “هناك نباتات أجنبية سريعة النمو قد ظهرت في البلدة أسفل الجسر، وهذه النباتات تثمر في وقت قصير، هدفها هو خلق رواية يهودية جديدة.

وأوضح جاد الله في تصريحات نقلتها شبكة القسطل أن “هناك العديد من التغييرات التي أجراها الاحتلال في الحي من أجل المشروع، ومن ضمنها تغيير جغرافية المكان، حيث بنت بلدية الاحتلال جدرانًا، ونصبت خيامًا، وبدأت بحفر أنفاق في المنطقة، وأقامت محطات مياه وكهرباء”.

وأشار إلى أن “هدف المشروع الأساسي هو إقناع السياح الأجانب بالرواية اليهودية” موضحًا أنه “عند صعود السواح في التلفريك، سيجدون من حولهم حدائق خضراء بطابع يهودي توراتي”.

وأضاف أن “مشروع الجسر يأتي ضمن منطقة بلدة سلوان، على الحدود الغربية لمدينة القدس، لذلك يسعى الاحتلال إلى تفعيل وصول المستوطنين للمسجد الأقصى والبلدة القديمة”.

واستدرك أن “الآلية التي يعمل بها الجسر من تقليل المسافة والوقت، تزيد من توافد المستوطنين للبلدة القديمة والمسجد الأقصى”.

وحذر بأن “الاحتلال يعمل على التهويد التدريجي لمدينة القدس، من خلال المشاريع الاستيطانية؛ لخنق ومحاصرة المسجد الأقصى، وإغلاق الأفق في محيطه”.

تغيير معالم

ويؤكد الباحث المقدسي، راسم عبيدات أن الجسر الهوائي المعلق في حي واد ربابة من أخطر المشاريع الاستيطانية في القدس، وهو مشروع استيطاني سياحي.

وأوضح عبيدات في تصريحات صحفية نقلتها شبكة القسطل أن “أطماع البناء الاستيطاني في المنطقة كبيرة، ويستهدف الاحتلال بلدة سلوان بالكامل، وهي ضمن ما يسميه الاحتلال بالـ«حوض المقدس»، وتشمل كل ما هو محيط بالبلدة القديمة، وكل سفوح الجبال التي تطل على المسجد الأقصى المبارك”.

وحذر بأن “الاحتلال يريد أن يهوّد مدينة القدس بأكملها، ويغير طابعها الجغرافي والمشهد الكلي، لذلك هو يسعى إلى تنفيذ مشاريعه الاستيطانية والتهويدية، خلال هذه المرحلة”.

واستدرك أن “الاحتلال عمل على قلب حي واد ربابة بأكمله، فقد جلبت سلطة الطبيعة الإسرائيلية أشجارا كبيرة وزرعتها في الواد أسفل الجسر الهوائي، كما غيرت في معالم الأراضي ووضعت فيها إشارات توراتية تلمودية”.

ويتربع وادي الربابة على مساحة تبلغ نحو 210 دونمات، يتحدى سكانه ببقائهم سياساتِ الاحتلال ومستوطنيه الرامية لطردهم من أراضيهم.

وسمي وادي الربابة بهذا الاسم لأنه ضيّق من الأعلى، ويبدأ بالاتساع تدريجيا باتجاه الأسفل، وهو مشابه لآلة الربابة الموسيقية العربية القديمة.

جزء من مخطط كبير

المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب ينبه إلى أن “منطقة وادي الربابة جزء كبير من مخطط الاحتلال في الحدائق التوراتية المحيطة بالمسجد الأقصى”.

وأشار أبو دياب إلى أن “الاحتلال يريد خنق المسجد الأقصى من خلال الحدائق التلمودية والتوراتية؛ لتغيير المشهد في محيط المسجد الأقصى، وتغيير طبيعة المنطقة بشكل مهود، بحيث أن الاحتلال يريد غسل أدمغة من يحاول الوصول إلى المسجد الأقصى من كل الجهات”.

وأوضح أن “الهدف الأساسي من المشروع هو تغيير هوية المنطقة وفرض السيطرة على أراضي المقدسيين، ومنعهم من الانتفاع بها، ولذلك أقيم الجسر في واد الربابة على حساب أراضي المقدسيين، حتى تتم مصادرة الأراضي تحت مسمى تطوير وتحسين المنطقة”.

وذكر أن “الاحتلال مهتم بهذا المشروع، بعدّه من أخطر المشاريع الاستيطانية، الخادمة لمطامع الاحتلال، وهو ضمن مخططات تغيير الوجه الحضاري الكامل لمدينة القدس، وجعلها ذات بصمات يهودية، وسلخها بالكامل عن إرثها الحضاري التاريخي العربي”.

ورغم تسارع وتيرة الإجراءات الصهيونية لوضع بصمات تهويدية يهودية في المنطقة؛ لسلخها عن إرثها الحضاري العربي، وإحاطة المسجد الأقصى بحزام من المشاريع التهويدية، يجمع المقدسيون أن الهوية العربية الإسلامية لمدينة القدس ستبقى الحاضرة والباقية رغم أنف الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات