الجمعة 26/أبريل/2024

عبد الله أبو التين.. الطبيب المشتبك

عبد الله أبو التين.. الطبيب المشتبك

من طبيب جراح مختص إلى إداريٍّ ناجح تنقل الطبيب عبد الله الأحمد (أبو التين) في مجالات العمل ليترك بصمة في كل موقع عمل فيه ولكن بصمته الأبرز في مواقفه الوحدوية وخياراته الوطنية التي دفعته ليختار الاشتباك والثورة والشهادة.
;
من البالطو الأبيض إلى الزي العسكري وحمل السماعة الطبية إلى حمل البندقية انتقالات تبدو غريبة؛ لكنها ليست كذلك لإنسان استثنائي من شعب استثنائي يؤمن أن زوال الاحتلال ومواجهته هي المسؤولية الأُولى والأَولى أمام الجميع.

من البالطو إلى الزي العسكري
طبيبنا الثائر ;لم يكتفِ بدوره الكفاحي المرتبط بمهنته طبيبًا في موقع متقدم يعالج ما يوقعه الاحتلال من إصابات بين صفوف الشباب الفلسطيني بل أصرّ أن يكون له بصمة في كل الميادين بما فيها ميدان قتال العدو والاشتباك المباشر معه.



وحين استمرأ الاحتلال التغول على دماء الفلسطينيين في مدينة جنين ومخيمها لم يكن أمام الطبيب أبو التين من خيار إلّا أن يحمل بندقيته ويقاتل إلى جانب الشباب المنتفض لمواجهة الاحتلال ليرتقي شهيداً بعدما استهدفه قناص صهيوني برصاصة في رأسه مقبلاً غير مدبر.

صاحب اللثام الأسود
صباح الجمعة (14 أكتوبر الجاري) وخلال التصدي لقوات الاحتلال التي اقتحمت مخيم جنين لفت الانتباه ذلك الثائر البطل الملثم باللثام الأسود وهو يناور بين الأزقة ويطلق النار تجاه قوات الاحتلال قبل أن يصيبه قناص صهيوني في رأسه وتمكن الشبان من سحبه باتجاه المستشفى ليرفعوا اللثام عن وجهه لتكون المفاجأة أنه الطبيب عبد الله الأحمد (43 عاما).

ورصد الشهود أحد قناصة الاحتلال وهو يطلق النار على الطبيب المشتبك والذي أصيب بعيار ناري في رأسه اخترق عينه وحاول زملاؤه الأطباء إنقاذ حياته إلا أنه استشهد بعد نحو ساعة من إصابته كما يفيد بذلك الدكتور وسام بكر مدير مستشفى جنين.

وأعلنت كتائب شهداء الأقصى في بيان لها أن “الطبيب المشتبك من قادتها ومقاتليها وأنه كان يؤدي رسالته الإنسانية في خدمة شعبه والمرضى نهارًا والانضمام لصفوف المقاومة ليلًا والمشاركة في التصدي للاحتلال خلال كل عمليات التوغل”.

ونعى لواء الشهداء في كتائب الأقصى في جنين الشهيد عبدالله معلنا أن الشهيد أحد مؤسسي اللواء برفقة الشهيد طه الزبيدي.

وقال أحد المقاومين عن الطبيب الأحمد: “كان يحمل في حقيبته أدوية وضمادات ليعالج الجرحى وسلاحه وعتاده العسكري لمقاومة الاحتلال لقد كان مقاومًا صلبًا.. شجاع وبطل ومقاتل شرس”.

الطبيب الإنسان وحيد أمه!

والشهيد الثائر عبد الله هو وحيد أمه وقد شابت حتى أصبح طبيباً وفق تأكيد أنس أبو الرُّب أحد الأصدقاء المقربين للشهيد.

يضيف أبو الرّب لمراسلنا: “الطبيب عبد الله أبو التين على قدر ما كان زملاؤه يتحدثون عن إنسانيته أصبح مادة للفكاهة بأنه لو كمل في تطبيب الناس لضرب سمعة الأطباء؛ لأنه معظم شغله ببلاش” حسب تعبيره.

ويشير إلى أنّ الطبيب عبد الله كان يعمل مديراً لدائرة الترخيص بوزارة الصحة ورجل أعمال ناجحا وخفيف دم وظل.

ويضيف: “تزوج عبد الله من امرأة عاشت ثلاثة أرباع عمرها وأبوها مسجون ولما خرج أبوها من السجن وبدأت تعوض غيابه غاب عنها زوجها” مبيناً أنّ حبه لطفليه كان لافتًا للانتباه.

مواقف صلبة

ويشير كل من عرف الطبيب عبد الله عن قرب أنّه كان يحب الحياة وكان صاحب مواقف وطنية خلّاقة.

وزخرت صفحته على “فيسبوك” بالمواقف الوطنية؛ فحين اندلعت معركة سيف القدس سارع إلى الافتخار بمقاومة غزة قائلاً: “شعب عنده ظهر مثل غزة العزة لن يهزم”.



وكثيرًا ما احتفى بالوحدة الميدانية بين مقاومي كتائب الأقصى وكتائب القسام في إشارة إدانة غير مباشرة لنهج التنسيق الأمني الذي يحارب المقاومة وينفذ الاعتقالات السياسية.

ويوم كرّس العدو هجمته على القيادي في حماس حسن يوسف ومحاولة تشويهه بعد إيقاع أحد أبنائه في وحل الخيانة وهو الأمر الذي سارع يوسف للتبرؤ منه قال الطبيب على صفحته: “كلنا أبناؤك”؛ في إشارة تقدير ووحدة وطنية تعكس عمق الانتماء الوطني لديه.


تطرف وليونة

ويقول أبو الرب: “ولأن مزح الرجال جد كان كل ما يستشهد شاب كان عبد الله يأتي إلينا ويحكي لنا “ولاد الناس بنقتلوا وأنتم قاعدين؟!” موضحاً أنّه كان متطرفاً في المواقف الوطنية وسهلا ووسطيا في القضايا الخلافية الفلسطينية الداخلية ويمكن مرتين حكيت له عن عصبيته في طروحاته.

ويشير إلى أنّ الطبيب المقاتل لم يكن مقتنعاً بأي سلوك دبلوماسي (مهادن للعدو) مهما كانت مبرراته ولم تمنعه مهنته من أي نشاط.

ويضيف: “لم تكن عبد الله تعجبه فكرة الانقسام والتجييش والاعتقالات والتطرف والفصائلية وأي إشي يكتب عن الفساد أو التجييش أو التفرقة أو الاعتقال عن خلفية الرأي رح تلاقيه متفاعل إيجابا معه”.

ويبين الصديق المقرب للطبيب الشهيد أنّ أصدقاء عبد الله كانوا يلجؤون إليه في أي قضية خلافية حكمًا بين المتخاصمين ليضيف: “تخيل أنه ترك كل قصته الدرامية ورحل ودعس برجليه على كل الأعراف والتقاليد والفتاوى اللي قيدنا حالنا فيها”.

ويضيف أبو الرب بنبرة من الحزن: “هو هيك الموت موهوب في اختياراته وبعرف مين يختار ويمكن مواساتنا في أنه نحتسبه عند ربنا شهيد بس الحزن على الفقدان ما إله حل.

فخورون باشتباكه

واعترض صديقه أبو الرب على اختلاف الروايات حول استشهاده الدكتور عبد الله وقال: “طيب إذا حكينا زي ما نصحونا “بأنه استشهد في مهمة” بالك شو رح تفرق؟!” في إشارة إلى الرواية الرسمية للسلطة التي تحدثت أن الشهيد استشهد خلال عمله الإنساني في علاج الجرحى.

وأضاف: “الفرق في أن نقصر في واجبنا اتجاهه لأنه لا يريد منا ألا ننقل ما يريد بدون تزوير للحقيقة واللي إذا زورناها ما رح يستفيد إشي إلا أنه يصير ملف في مفرمة الورق عند رواد الدبلوماسية وعشاق المجتمع الدولي بس على الأقل هيك يبقى ملفا مخزنا في ذاكرة الأجيال الموجودة واللي جاية واللي بعدها وقدوة الهم والنا”.

واجب إنساني ووطني
وشاركه في المعارضة نسيب الشهيد الطبيب عبد الله معتز العوض كميل وقال: “عبد الله أدى واجبه الإنساني في كل محطات حياته وعالج وداوى مرضى وجرحى ولحظة استشهاده كان مشتبكا ويؤدي واجبه الوطني بطريقته”.

وأكد “باسمي وباسمه وباسم عائلته وأصدقائه وأي شخص عرفه ومحبيه وأولاده ندعوكم بأنكم ترووا الرواية الدقيقة لحظة استشهاده وأنه كان مشتبكا ومقبلا وجهاً لوجه لأنه ما رح نقبل التقليل من شأن أفعاله العظيمة اللي بتساوي في قداستها عمله كطبيب. وهذا حق له وحق لأولاده ويتخلد بجانب اسمه”.

وقال كميل لمراسلنا: لن نقبل مجاملة الاحتلال والرأي العام الدولي على حساب بطولة وروح الطبيب المشتبك الطاهرة ونرمي المزاج الفلسطيني العام في الزبالة.

وأضاف: “إذا السلطة مش قد النعي بشكله الحقيقي فاحنا مسامحين وأنتم أحرار بس ما بنسامح بأنه يتزور شكل استشهاده”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة بن غفير بحادث سير

إصابة بن غفير بحادث سير

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، اليوم الجمعة، إثر تعرضه لحادث سير....