الإثنين 29/أبريل/2024

إعلان بايدن-لابيد.. انحياز أميركي على وقع هواجس فناء الاحتلال

إعلان بايدن-لابيد.. انحياز أميركي على وقع هواجس فناء الاحتلال

تحت هواجس الخوف من المستقبل، جاء “ إعلان بايدن-لابيد” بين واشنطن وتل أبيب ليدلل على حجم الانحياز الأمريكي للاحتلال، ويكشف في الوقت نفسه المخاوف الصهيونية من سيناريوهات تغير موازين القوى التي تضع كل مستقبل هذا الكيان على المحكّ.

ووقّع الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، مع رئيس وزراء الاحتلال “الإسرائيلي” يائير لبيد، ما يسمى وثيقة “إعلان القدس للشراكة الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة”، الذي شكل محطة جديدة في رعاية واشنطن لكيان الاحتلال والتعهد بأمنه على حساب الحق الفلسطيني.

ووفق نص البيان، فإن الولايات المتحدة “تلتزم ببناء هيكل إقليمي لتعميق علاقات إسرائيل وشركائها ودمجها في المنطقة، وتوسيع دائرة السلام لتشمل دولا عربية وإسلامية أخرى، كما تلتزم بأمن إسرائيل والحفاظ على تفوقها العسكري النوعي”.

وتضمّن الإعلان هجومًا متكررًا على حركة حماس التي ذكرت 3 مرات، وكذلك الجهاد الإسلامي وحزب الله.

ويركز “الإعلان” على التزام واشنطن بأمن “إسرائيل” والحفاظ على التفوق العسكري النوعي لتل أبيب، وعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي ومواجهة الأنشطة الإيرانية بالمنطقة.

محاولة طمأنة للاحتلال
ويرى مصطفى الصواف، الكاتب والمحلل السياسي، أن “إعلان بايدن-لابيد” بمنزلة “تأكيد من الإدارة الأمريكية على الدعم الكامل للكيان الصهيوني والانحياز لكل ما يحتاجه هذا الكيان”.

وأوضح الصواف في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن هذا الإعلان هو محاولة من أمريكا لتطمين إسرائيل على أمنها؛ حيث تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن أولوية حفظ الأمن “الإسرائيلي”.

وبحسب حديثه؛ فإن هذا الإعلان لم يحمل أي جديد سوى التأكيد على ما هو عليه بين الإدارة الأمريكية والاحتلال “الإسرائيلي”، مشدداً على أن الولايات المتحدة تؤكد بهذا الأمر استمرارية انحيازها لكيان الاحتلال، وبالتالي يجب عدم الرهان على هذه الإدارة حول ما يحقق مصالح الشعب الفلسطيني.

وشدد على أن هذا الإعلان يأتي على حساب الحق الفلسطيني، منبهًا إلى أنه سيكون له ترتيبات على أرض الواقع أبرزها ما يجرى الآن في المملكة العربية السعودية من عملية تطبيع بين الكيان وإدارة المملكة العربية السعودية.

وتابع “إسرائيل بحاجة إلى هذا الإعلان الذي لم يقدم جديدًا إلا سعي الإدارة الأمريكية لتمكين إسرائيل من المنطقة الخليجية، والعمل على إقامة علاقات بين الكيان والسعودية، والتي كان أولها فتح المجال الجوي السعودي للطيران الإسرائيلي”.

وشدد الصواف على أن الهدف من كل هذه الخطوات محاصرة المقاومة الفلسطينية ومنع إنجازاتها بأي حال من الأحوال، بالإضافة إلى دمج “إسرائيل” في المنطقة والعمل على توليها الحلف الأمني المزعوم.

واستبعد أن يحقق هذا الاتفاق الأمن والحماية لـ”إسرائيل”، خاصة من المقاومة الفلسطينية التي تعد العدة، وتجهز أدواتها من أجل تحقيق هدفها الأساسي تحرير فلسطين، مضيفًا: “لذلك تسعى أمريكا إلى زرع الأمن في نفوس الاحتلال والعمل على وقف حالة الزعزعة والقلق التي بدأت تدب في قلب إسرائيل”.

تعزيز التطبيع
إياد القرا الكاتب والمحلل السياسي، يرى أن “إعلان بايدن-لابيد” الذي وقعه بايدن هو خطوة أمريكية تجاه تعزيز كيان الاحتلال في المنطقة، وأيضاً تعزيز التطبيع الذي حدث خلال العامين الماضيين خاصة بعد صفقة القرن التي تقوم أساسًا على دمج الاحتلال “الاسرائيلي” في المنطقة.

وعدّ القرا في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، “إعلان بايدن-لابيد” مجرد “وثيقة إسرائيلية بتوقيع أمريكي لشرعنة العلاقات الصهيونية مع دول مثل المغرب والسعودية والإمارات وغيرها”.

وأكد أن هذه الوثيقة لا تأتي بجديد على صعيد الخطوات التي بدأت خلال السنوات الأخيرة بين الاحتلال “الإسرائيلي” وبعض الدول.

تحشيد يائس
ويذهب الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد إلى أن “إعلان بايدن-لابيد” عملية تحشيد يائس في مواجهة التغيرات الحاصلة في المسرح الدولي، والتي تنعكس مباشرة على الوضع في المنطقة.

وأكد العقاد في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن هذا الإعلان هو بناء على ما بدأه ترمب بما يسمى صفقة القرن في إطار إعادة بناء المنطقة على أساس مفاهيمي جديد ليصبح العدو “الإسرائيلي” جزءًا أصيلاً في المنطقة.



وأشار إلى أن هذه الوثيقة تهدف إلى تصدير المقاومة الفلسطينية وإيران كنقيض لحالة الاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى أن كل هذه الإجراءات لم تنجح في وضع “إسرائيل” في صف التحالف وأن يجعلوا من إيران عدوًّا وجوديًّا.

وأضاف: “مثل هذا التحالف لا يمكن أن يكتب له النجاح أو التوفيق، خاصة أن بعض الدول التي دعيت للمشاركة في هذا الحلف لا يمكن لها أن تقبل بأن تقف لتناصب العداء للمقاومة الفلسطينية أو لإيران لأنها تخشى على مصالحها”.

وتابع “ما عادت أمريكا حليفا موثوقا فيه في المنطقة؛ لأنها قد تتخلى عن حلفائها، وما حدث في أفغانستان وترك حلفائها ورائها لا تزال ماثلة في أذهان هؤلاء الحلفاء، وبالتالي هذا الإعلان ساقط قبل أن يعلن وبذرة ميتة قبل أن تبذر في الأرض”.

الخوف من المستقبل!
وفي قراءته للإعلان يرى القيادي في حماس رأفت مرة أنه “يظهر حجم الخوف الإسرائيلي من المستقبل، والمخاوف الصهيونية على الأمن والاستقرار، وبالتالي على البقاء”.

وقال مرة في مقال نشره “المركز الفلسطيني للإعلام“: “هذا الاتفاق يجعل الولايات المتحدة الأمريكية الضامن الأساسي والنهائي لأمن الكيان الصهيوني، و يربط الأمن القومي الأمريكي بالأمن القومي “الإسرائيلي”.

كما يظهر الإعلان حاجة الكيان الصهيوني للاندماج في المحيط السياسي والجغرافي، ويتوقف بوضوح عند القلق “الإسرائيلي” من حملات المقاطعة وما يسمى “معاداة السامية”، وتقويض مكانة الكيان في المؤسسات والمحاكم الدولية.

مواجهة الإعلان

ويبقى الأهم كيف يمكن مواجهة هذا الإعلان وخفض تأثيراته السلبية على القضية الفلسطينية؟

في هذا الصدد يحدد القرا ثلاثة مسارات للمواجهة، أولاها ضرورة استمرار الرفض الشعبي لمثل هذه الخطوات، مؤكدًا أهمية إبراز الرفض الشعبي العربي وتفعيله عبر خطوات عملية؛ رفضًا لكل الخطوات المرتبطة بدمج الكيان الصهيوني في المنطقة.

أما الجانب الثاني من أشكال المواجهة فيتمثل -حسب القرا- بالمقاطعة على الصعيد الاقتصادي والرياضي والفني، مشددًا أن هذه الخطوات كانت ناجحة عبر مقاطعة الحضور الصهيوني في الدول العربية أو المشاركات العالمية.

وبيّن أن مسار المواجهة الثالث فيتمثل بضرورة تعزيز المواقف المرتبطة بالمؤسسات التشريعية الرسمية في الدول العربية التي لا تزال ترفض التطبيع، مشدداً على ضرورة تعزيز الحضور الفلسطيني في هذه المؤسسات خاصة البرلمانات والهيئات الوطنية المنتخبة سواء النقابات أو الهيئات التي تقاوم التطبيع الصهيوني في المنطقة أو على المستوى الدولي.

أما الصواف فيلخص مسار المواجهة بالإعلان عن تحالفات مضادة في المنطقة العربية والإسلامية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات