الإثنين 29/أبريل/2024

100 عام من النضال.. قراءة في الواقع وحديث عن مستقبل أكثر فاعلية

100 عام من النضال.. قراءة في الواقع وحديث عن مستقبل أكثر فاعلية

الإلهام وحده لا يكفي لتوجيه دفة الصراع حالياً مع الاحتلال ووضعه على سكة القطار الصواب في مراكمة نقاط النضال الإيجابية مع محتل من نوع خاص يعتمد نظرية الإحلال فوق أرض تعرضت للاستيطان وشعب طرد بتهديد السلاح.

لا يختلف اثنان في الشعب الفلسطيني على أهمية مواصلة النضال الوطني لاستعادة الحقوق المغتصبة بفعل الهيمنة والعدوان الإسرائيلي على الأرض والإنسان والمقدسات.

تطول سلسلة النضال الفلسطيني وتعود حلقتها الأولى لأكثر من مئة عام على الصعيد المحلي والعربي والدولي لكن واقعها الحالي يواجه تحديات داخلية وخارجية تعيق تسديد هدف في مرمى الاحتلال.

تتجسد في السنوات القليلة الماضية حالة تثويرية فلسطينية تستعيد الوعي والهوية إيماناً بوحدة المصير لكن إفرازات اتفاق “أوسلو” وتسوية متعثرة ربما تكون -حسب وصف خبراء- أكثر نقطة سلبية منذ نكبة 1948م.

وتناوبت الأجيال الفلسطينية على تفعيل أدوات مقاومة شعبية ونضالية مسلحة وغير مسلحة، في حين لا تزال تحبو في النضال القانوني والثقافي أمام ميل موازين القوى لمصلحة الاحتلال.

مرحلة جديدة
الجينات الفلسطينية في أجساد الناس ترفض الخضوع لهيمنة الاحتلال في الداخل المحتل عام 48 والضفة والقدس، وكذلك غزة المحاصرة، ويلاحظ ارتفاع حقيقي في وتيرة التحدي بين الفلسطيني ومحتله رغم فارق القوة الميدانية بأنواعها.

ويلخص المحلل السياسي حسام الدجني أهداف المشروع الوطني الفلسطيني بـ”التحرير ثم العودة إلى فلسطين بحدودها التاريخية، وممارسة حق تقرير المصير على أرض فلسطين”.

ويرى في حديث مع “المركز الفلسطيني للإعلام” أن الثورة الفلسطينية لم تترك أداة نضالية إلا واستخدمتها كما وقع في ثورات الجزائر وفيتنام، لكن الثورة الجزائرية تمتعت بوحدة الأحزاب وحركات التحرر في جبهة التحرير الوطني (FLN)، وتمويل الثورة كان من الجزائريين في الشتات.

 ويلفت إلى أن الثورة الفيتنامية تمتعت بصلابة الموقف السياسي في التفاوض الذي ربط أي تسوية سياسية تبدأ بالانسحاب الأجنبي من فيتنام، وإجراء انتخابات توحد الفيتناميين في دولة واحدة، وقد جرت المفاوضات دون وقف القتال.

قاطرة العمل الوطني طريقها طويل، والمجتمع الفلسطيني من أقصى الشمال إلى آخر جنوب فلسطين التاريخية يتهيأ لمرحلة جديدة من الصراع تبدو ملامحها الآن أكثر وضوحاً.

ويؤكد المحلل السياسي طلال عوكل أن أدوات النضال الفلسطيني فاعلة منذ بدأت، لكنها الآن ضعيفة، والمجتمع الفلسطيني يتجاوز فصائله الوطنية، وراغب في تعديل واقعه مع محتله.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “المقاومة مطلوب أن تكون بكل أشكالها صاحبة مبادرة تقاوم كل الوقت دون انقطاع، لكن الفلسطيني يحتاج وحدة أمام تضارب سياسات نخبه وفصائله”.

وحصل الفلسطينيون على عشرات القرارات من الشرعية الدولية ومحطيهم العربي والإقليمي التي كشفت عدوان “إسرائيل”، لكن لا بدّ للحق من قوة تحميه في صراع وجودي يقترب الآن نحو الحسم، وفق مراقبين.

ويقول المحلل السياسي مشير عامر: إن النضال الفلسطيني قضية وليدة عقود مضت، لكنها الآن معقدة، والثابت فيها معاناة شعب تحت الاحتلال والتطهير العرقي، ومعاناة التهجير من الأرض أدت لشتات ملايين الفلسطينيين في العالم.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: يشمل النضال جميع أرض فلسطين التاريخية، وتعددت بين مقاومة مسلحة ومقاومة غير مسلحة اتخذت أشكالًا شعبية وثقافية وقانونية، وضمت الصورة والكلمة، وجربها الفلسطيني في ساحات محلية ودولية.

وأمام واقع الاحتلال الذي قضم معظم الأرض بالاستيطان والاحتلال العسكرية ترمي مقاومة الفلسطيني القانونية والشعبية للتأثير على الرأي العام الدولي لكسب عقول وقلوب الشعوب وتعاطفهم، وحسب رأي المحلل “عامر” يعد سلاح المقاطعة الأهم مؤخراً لكشف عدوان الاحتلال.

صعوبات
ومن ظلم القول إصدار أحكام كاملة على تجربة النضال الفلسطيني رغم ما يعتريها من وقائع وتحديات؛ فهي تكافح عدوا محتلا من نوع خاص يلقى دعما دوليا من قوى عظمى.

علاج الحالة الفلسطينية، حسب رؤية المحلل “الدجني”، يكون بضرورة تأخير فكرة الدولة لمصلحة تعزيز فكرة التماسك الاجتماعي والنهوض برأس المال الاجتماعي، ومعالجة إقامة سلطة تحت الاحتلال.

ويرى أنه من المهم الاتفاق على إستراتيجية وطنية تنطلق من تقييم تجربة النضال وتقويمها، واستنهاض المشروع الوطني مجددأ، بواسطة توظيف كل أشكال المقاومة، وفقًا لمقتضيات المصلحة الوطنية التي تحددها الإستراتيجية.

 علاوة على الانقسام الفلسطيني الداخلي هناك 7 ملايين فلسطيني في الشتات لا يمارسون الآن دوراً فاعلاً في ظل اعتراف العالم بمؤسسات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير التي تجاوزت حالة الإجماع الوطني.

ويؤكد المحلل السياسي ناجي البطة أن تصويب مسار المقاومة يبدأ من قيادة الشعب الفلسطيني “إذا كانت قيادته منتخبة وتتمتع برسالة جامعة وآليات تضم كفاءات قادرة على التأثير على محتلها”.

ما يعانيه الشعب وفواعله في أتون الصراع الآن هو حالة تشتت وضياع، حسب وصف المحلل “البطة”، وحال القضية يسوء من عام 1948حتى اليوم بشكل يحتاج للعلاج العاجل، كما قال.

 ويعاني الفلسطينيون من غياب الشرعيّة في مؤسساتهم الوطنية والسياسية بفعل هيمنة تيار رئيس السلطة محمود عباس على منظمة التحرير الفلسطينية التي أضحت تابعة لمؤسسات السلطة لا العكس.

ويشير المحلل “عامر” لضرورة استمرار الحركة النضالية حتى تتغير الظروف السياسية الإقليمية؛ فنتيجة الشعوب المقاومة لمحتلها تاريخياً كانت النصر.

ويبين أن الفلسطيني بحاجة بعد 100 عام من نضاله لإستراتيجية عمل وطني تراعي جغرافيا وقضايا فلسطين كاملة، ويكون لها قيادة تمثل جميع فئات الشعب، مستدركاً أن أهم صعوباتها الآن هو الانقسام.

ويقول المحلل “عامر”: إن ملف التطبيع يمضي بدول عربية وإقليمية نحو بناء تحالفات إستراتيجية مع الاحتلال، داعياً إلى وجوب إعادة ترتيب الفلسطيني أولوياته ووحدته واستخدام أوراق القوة.

ولا يزال قفص المحكمة الجنائية الدولية خاليا حتى الآن من مدان إسرائيلي واحد مصيره تنفيذ عقوبة، في حين يمضي سلاح مقاطعة الاحتلال اقتصادياً وثقافياً ببطء سلحفاة ربما تصل بعد طول مشقة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات