الإثنين 29/أبريل/2024

الإبعاد.. سياسة صهيونية تهدف لتفريغ القدس وتهويدها

الإبعاد.. سياسة صهيونية تهدف لتفريغ القدس وتهويدها

لم تكن سياسة الإبعاد عن القدس والأقصى آلية صهيونية جديدة يبتدعها الاحتلال بحق الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة، فمع حلول عام 2003 اتخذت قوات الاحتلال منحى تصاعديا في تنفيذ سياسة الإبعاد عن الأقصى، بتقاسم الأدوار بين شرطة الاحتلال، والجماعات اليهودية المتطرفة المنضوية في إطار “منظمات الهيكل” المزعوم؛ وبات اتباع سياسة الإبعاد بحقّ العاملين في الأقصى وروّاد المسجد سياسة ثابتة تتصاعد تصاعدا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، لمعاقبة المرابطين والمرابطات، دون تفريق بين رجل وامرأة، وبين كهلٍ طاعن بالسن وشبلٍ قاصر صغير.

وفي رمضان عام 2014، بدأت شرطة الاحتلال بابتداع قانون “إبعاد جماعي صباحي للنساء” عن المسجد الأقصى، وذلك خلال الساعات التي يتمُّ فيها تنفيذ الاقتحامات للمسجد الأقصى، بحيث بات ما يقارب 500 طالبة من طالبات مصاطب العلم يمنعن يوميًّا من الدخول إلى المسجد الأقصى.

وتشير إحصاءات “مركز معلومات وادي حلوة” في سلوان إلى أن سلطات الاحتلال أبعدت خلال عام 2014 عن المسجد الأقصى 300 فلسطينيًّا، مع ملاحقة موظفي المسجد الأقصى من الخطباء والحرّاس، بالإضافة إلى اعتقال طلبة مصاطب العلم، بما في ذلك النساء والأطفال والشيوخ، وفرض الغرامات المالية عليهم.

وفي عام 2021 اتخذت قوات الاحتلال قراراً بإبعاد 519 مقدسيا -وفقاً لما رصده مركز معلومات وادي الحلوة بالقدس المحتلة- وقد توزعت تلك القرارات بين 357 حالة إبعاد عن المسجد الأقصى، و110 قرار إبعاد عن القدس القديمة، و31 قرار إبعاد عن القدس عامة، وهي الحصيلة الأكبر خلال السنوات الأخيرة في تصاعد سياسة الإبعاد بحق الفلسطينيين.

ويتفق مراقبون ومحللون، أنّ سياسة الإبعاد التي ينتهجها الاحتلال، تهدف في أساسها إلى ردع وتنكيل وتنغيص حياة المقدسيين، وملاحقة وتقييد حركة القيادات الشعبية التي تظهر في القدس المحتلة، وجاءت قرارات الإبعاد الإسرائيلية لتطال المقدسيين على اختلاف نشاطهم، فطالت أسرى محررين، ومرابطين ومرابطات في المسجد الأقصى، إضافة إلى حرّاس المسجد.

تفريغ وتحضير

الكاتب المقدسي المختص في شؤون القدس والأقصى جمال عمرو، أكّد أنّ شرطة الاحتلال لاحقت وأبعدت المئات من المقدسيين عن الأقصى بهدف تفريغه وتنفيذ مخططاتها الجديدة في المسجد.

وأوضح عمرو في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أنّ الاحتلال يهدف إلى إتاحة المجال لليهود لاقتحام الأقصى وإقامة صلواتهم من دون عوائق أو إزعاج، تحضيراً لمدينة “نقية خالصة لليهود” فارغة من الغيورين، مبيناً أنّ هناك أهدافا أعمق من الإبعاد، تتمثل في إجبار عائلة المبعد اللحاق به (للمبعدين خارج القدس) لاستخدامهم كذريعة لسحب الهويات والإقامة، بطريقة تبين أن العائلة المقدسية تتسبب بطرد نفسها من القدس لعدم التزامها بسياسة الدولة.

ويعتقد الباحث المقدسي، أنّ سياسة الإبعاد تهدف لإسكات الصوت ومنع التأثير، وهو ما يعدُّها سياسة فاشلة لا تؤثر في المؤثرين وخاصة من أمثال المرابطين، وغيرهم كنموذج الشيخ رائد صلاح.

ويشير إلى أن التصدي لسياسة الإبعاد تكمن في تكاتف المبعدين وعدم السماح للاحتلال بالاستفراد بهم، داعياً إلى ضرورة رفع مستوى الاهتمام بهذه القضية في الإعلام، وتسليط الضوء عليها، والتحشيد الإعلامي لها، ورفضها قطعيًّا، وعدم الانصياع لهذه القرارات.

تكرار الإبعاد

قبل أيام قليلة سلّمت قوات الاحتلال الصهيوني المرابطة المقدسية هنادي حلواني، قراراً جديداً بالإبعاد عن المسجد الأقصى لستة أشهر أخرى.

وأكّدت حلواني لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ قرار الاحتلال إبعادها عن المسجد الأقصى، يأتي بعد 10 أيام من قرار إبعادها لأسبوع، وعلّقت على القرار قائلةً: “للأسف، تسلّمت اليوم قراراً جديداً بالإبعاد عن جنّتي 6 أشهر، سيفوتني فيها عيدٌ آخر ككلّ عيد!”.

وأشارت حلواني إلى أنها حين طلبت استعادة بطاقة “الهوية” المحتجزة لديهم منذ أكثر من أسبوعين، أخبروها بضياعها بعد أن ذهبت من القشلة لباب السلسلة لاستلامها، وتنقلت من شرطي لآخر دون جدوى.

وعقّبت حلواني على قرار الإبعاد، أنه من أشد أنواع الظلم على النفس أن يمنع المرابطون من دخول المسجد الأقصى المبارك، في حين يعيث فيه المحتل ومستوطنوه فساداً.

وقالت: “لو أبعدوني عن الأقصى جسديا، فالأقصى كامن في نفوسنا، وسنظل مرابطين بنصرته، ورفضا لمخططات الاحتلال فيه”. 

واشتهرت حلواني برباطها حتى بعد الإبعاد؛ ولم تتوان عن الصلاة على أبواب المسجد الأقصى والرباط أمامه في رسالة واضحة للاحتلال بأن الإبعاد لا يؤثر على رسالة المرابطات وتعلقهن بالأقصى.

واستهدف الاحتلال حلواني ومنعها من السفر، وقطع عنها التأمين الصحي، كونها ناشطة وترابط في محيط المسجد الأقصى بعد إبعادها عنه.

وبلغ مجموع الفترة التي أبعدت فيها سلطات الاحتلال المرابطة حلواني عن المسجد الأقصى قرابة ثماني سنوات.

وتلاحق سلطات الاحتلال المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد عنه، وتتفاوت قرارات الإبعاد من أسبوع إلى 6 أشهر قابلة للتمديد.

ويستهدف الاحتلال المقدسيين؛ وخصوصا الشخصيات المؤثرة والمرابطين بالإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة، في محاولة لتفريغ المسجد ومحيطه من المرابطين، وسعيًا في تنفيذ مخططاته التهويدية. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات