الفدائيون الجدد.. ثوار فريدون لا حل لهم
كل الوصفات الأمنية والخطط العسكرية لا تشفع لـ”إسرائيل” حالياً في مواجهة جيل من الشباب الثائر قفز غاضباً عن عدوان الاحتلال اليومي في إطار انسداد أفق السياسية.
وقود الموجة الحالية من عمليات المقاومة ينطلق من غضب فلسطيني تضرم نيرانَه عمليات تهويد واستيطان غير مسبوقة للمناطق المقدسة والتنكيل اليومي على الحواجز العسكرية بالضفة المحتلة.
تدهور المشهد الاقتصادي بتفاوتٍ وانتهاك الحرمات الفلسطينية من الاحتلال يوجه دفّة الغضب الفلسطيني نحو الدفاع عن كرامة الإنسان في الأسابيع الماضية.
وينفذ شبان فلسطينيون منذ أسابيع عمليات مقاومة شعبية طالت رقعة فلسطين المحتلة الجغرافية بأسرها بدءًا من النقب وبئر السبع وحتى تل أبيب والخضيرة في الشمال.
قهر دائم
يتقاسم الفلسطينيون في مناطق سكناهم في المرحلة الحالية من الصراع وحدة الهوية والانتماء والمصير أمام احتلال سعى منذ قدومه لطردهم وملاحقتهم في مناطق لجوئهم القسرية.
وينتمي الشباب الفلسطيني الثائر لفئة عمرية لم تفلح معها قبضة الاحتلال الحديدية في القمع والملاحقة بعد أن غضبوا من فشل المؤسسة الرسمية الفلسطينية، فسلكوا طريق وحدة الوعي والهوية أينما حلت خطواتهم.
يقرأ أستاذ علم الاجتماع درداح الشاعر ظروف الشعب الفلسطيني وعلى رأسه فئة الشباب بأنها ظروف نفسية واجتماعية قاهرة مع احتلال لم يكتف بسلب الأرض؛ بل يواصل القهر والعنف اليومي.
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “واقع الشباب الفلسطيني الاجتماعي والاقتصادي والنفسي سيئ، وهناك انسداد أفق سياسي وغياب للحياة السياسية الفلسطينية، وهي عوامل تجمعت ليوجهوا غضبهم نحو الاحتلال”.
هيمنة اليمين الصهيوني المتطرف على مقاليد حكومات الاحتلال في العقدين الماضيين زادت معه وتيرة العدوان والتهويد دون النظر لتدهور حياة الفلسطيني اليومية.
يقول المحلل السياسي طلال عوكل: إن الفلسطينيين يئسوا من تحسن الوضع الاقتصادي عامةً؛ فكل فرد منهم يتأثر بمجتمعه عندما يرى أسرًا بأكملها غير قادرة على إعالة نفسها والعيش الطبيعي.
ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إسرائيل لا تعتدي على المصالح الفلسطينية العامة فقط؛ بل تمس مصالح الأفراد والعائلات، وهذا يخلق ردة فعل عالية، ويدفع الشباب لمواجهة الاحتلال”.
ليس المقصود من مبررات المقاومة المشتعلة حالياً حالة إحباط عامة؛ بل يجسد ما يجرى مشهد تثوير كامل على واقع احتلالي وجد فيه الشبان الفلسطينيون أنفسهم مضطرين للذود عن كرامتهم وهويتهم.
ويؤكد الخبير في شؤون القدس والاستيطان جمال عمرو أن جيل الشباب الثائر حالياً يعيش وسط ظروف ومعطيات دولية لم تتح له التقاط أنفاسه وسط عمليات تهويد وعدوان يومية من الاحتلال.
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “هذا الجيل ولد معظمه أيام اقتحام جنين و(عملية السور الواقي) 2002م، واليوم يتكرر المشهد معه بالإعدام والاعتقال وهدم المنازل”.
خارج التنظيمات
علاوة على شكل العمليات التي ينفذها الشبان الفلسطينيون والتي تأخذ طابعاً فردياً، فمعظم هؤلاء الشبان لا يتبعون قوى وفصائل فلسطينية، ولا يعملون وفق خطط معدة ومنظمة سلفاً.
العمل الفردي دون ترتيبات جماعية مسبقة يزيد من مشقة أجهزة الاحتلال الأمنية؛ فهي لضبط إيقاع الميدان عليها الولوج لرأس كل شاب فلسطيني من المرجح أن يكون منفذ عملية مرتقبة.
يرى “الشاعر” أن المحرك الكبير لعمليات الشبان المقاومة مؤخراً هو انتهاك الحرمات الذي يصفه علم الاجتماع بـ”الانتحار النفسي للإنسان”؛ فحين يرى الشاب حرماته تنتهك يقدم على فعل قوي وجريء.
ولا تملّ دولة الاحتلال من انتهاك المقدسات في مدينة القدس والخليل وبقية البلدات الفلسطينية بشكل يدفع الشبان للغيرة على دينهم ووطنهم فيترجمون ما يجرى بمقاومة المعتدي.
ويقول المحلل “عوكل”: إن غضب الشبان من إهانة كرامة الفلسطيني مسناً أو امرأة على حاجز عسكري يقحمهم ليحتلوا موقعاً في مواجهة الاحتلال، وإن حالة الوعي الوطني العميق تجاوزت الانتماءات الحزبية الفلسطينية.
الفئة العمرية للشبان الذين ينفذون عمليات مقاومة الآن تعود لجيل ولد وترعرع وسط اشتداد عمل أجهزة المخابرات والأمن التي تنسق العمل بين السلطة برام الله والاحتلال.
ويؤكد المحلل “عمرو” أن الشباب الثائر حالياً لم ينل تعبئة فكرية كانت تمارس سابقاً مع منتمي الأحزاب والقوي الفلسطينية سواء كانت يسارية أم علمانية أم إسلامية.
ويتابع: “قديماً جرى بناء شبان في تنظيمات كلاسيكية وراقبتها حكومات قمعية في دول حول فلسطين أو سلطات تحت الاحتلال ومع سقوط أنظمة عربية استيقظ شبان فلسطين الآن على واقع صادم”.
وبعيداً عن العمل التنظيمي والفصائلي وجد الشباب الفلسطيني بين قواسم مشتركة؛ فالاحتلال لم يمهلهم ليمروا بتجربة حياة طبيعية بل مارس القمع الدائم واللصيق لهم.
ملامح الثورة الآن تغطي جميع رقعة فلسطين التاريخية ويجمعها الوعي بوحدة المصير والهوية مع شبان يقفزون عن فشل السياسة وعجز المؤسسات الرسمية الفلسطينية فيضعون بصمتهم الخاصة في الصراع.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
%96 من أطفال غزة يشعرون بأنهم قريبون من الموت.. و49% يتمنونه
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت دراسة جديدة كيف أصبح قطاع غزة واحد من أسوأ الأماكن في العالم بالنسبة للأطفال، فبالإضافة إلى الدمار المادي...
القسام يستهدف 3 آليات للاحتلال ويقنص جنديين في مخيم جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الخميس، استهداف ثلاثة آليات لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وقنص جنديين...
حماس تدعو لإلزام إسرائيل بقرار الأمم المتحدة وقف حرب الإبادة في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رحبت حركة حماس بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المُطالِب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتمكين السكان المدنيين من...
استشهاد طبيب العظام الوحيد في شمال غزة.. وحصيلة الإبادة 44835 شهيداً
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد، اليوم الخميس، طبيب العظام الوحيد الموجود في شمال قطاع غزة في استهداف مباشر بواسطة طائرة إسرائيلية...
مراسلون بلا حدود: قتل الصحفيين بغزة حمام دم لم يسبق له مثيل
باريس - المركز الفلسطيني للإعلام أظهر تقرير سنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود، صدر اليوم الخميس، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولة عن مقتل ثلث العدد...
بن غفير يطالب بإقامة حواجز عسكرية دائمة في الضفة الغربية
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام طالب وزير أمن الاحتلال القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، اليوم الخميس، بإقامة "حواجز دائمة" على الطرقات في...
قوات الاحتلال تتوغل في القنيطرة وتعيق القوات الأممية في الجولان
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة "الحرية" في محافظة القنيطرة جنوب سوريا، في وقت أكد فيه مصدر أممي أن هذه...