الإثنين 29/أبريل/2024

عملية ديزنغوف.. كيف برهنت على هشاشة أمن الكيان من الداخل؟

عملية ديزنغوف.. كيف برهنت على هشاشة أمن الكيان من الداخل؟

على وقع الرصاص في قلب “تل أبيب” أفاق الإسرائيليون على واقع أليم حل بأمنهم الداخلي المزعوم، وتحاول أجهزتهم الأمنية تصوير الأوضاع أنها تحت السيطرة إلا أن ما حدث في “ديزنغوف” أثبت عكس ذلك.

ففي شارع “ديزنغوف” بقلب “تل أبيب” المعروف بحيويته ومكانته في الكيان، جلس البطل رعد حازم وتأنّى، وانتظر اللحظة الحاسمة لينقض على قطعان المستوطنين الموجودين في المكان، ليغير الصورة التي طالما أراد الاحتلال رسمها في عقول مستوطنيه بأن “تل أبيب” هي مدينة الأمن والأمان.

هشاشة منظومة الأمن

ومن جديد يثبت الفلسطيني رعد القادم من جنين أن دولة الاحتلال ما هي إلا كيان هش بالرغم من قوته الزائفة، لتأتي عمليته لتكريس شعور فقدان الأمن والأمان للإسرائيليين، وهشاشة منظومة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي أخفقت بمنع المزيد من العمليات المسلحة، كما أخفقت بمنع العمليات التفجيرية في منتصف تسعينيات القرن الماضي.

وتعد عملية البطل رعد حازم هي العملية الرابعة التي تنفذ بعمق الكيان الإسرائيلي خلال أسبوعين، وخلفت 14 قتيلا وعشرات الجرحى.

وفي دلائل على إخفاق الشرطة الإسرائيلية بمكافحة العمليات داخل المدن الإسرائيلي والخشية من فقدان السيطرة في قلب “تل أبيب” التي تعدّ عصب الحياة التجارية والاقتصادية والسياحية وعالم التكنولوجيا، استعانت الأجهزة الأمنية بقوات من الجيش؛ سعيا لتعزيز شعور الأمن والأمان لدى السكان، وفي محاولة لإظهار عدم فقدان السيطرة الأمنية في تل أبيب.

المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، أكد أن هذه العملية وسلسلة العمليات التي سبقتها لم تظهر هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية فقط؛ وإنما أثبتت فشل وانهيار فرضية الحل الأمني بأنه يمكن السيطرة على الشعب الفلسطيني، وقمعه وردعه وإنهاء حركة مقاومته من خلال الأمن والقوة العسكرية.

وقال منصور، في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إن هذا الخيار سقط عبر سلسلة العمليات الحالية التي ضربت الكيان، والتي آخرها ما حصل في شارع “ديزنغوف” في قلب تل أبيب.

فضيحة لـ”إسرائيل”

وعدّ منصور أن ما يحصل في قلب “إسرائيل” من الشبان الفلسطينيين يشكل فضيحة لكيان الاحتلال وإفلاسًا لمشروعها، وتظهر دولة الاحتلال غير قادرة على مواجهة هذه العمليات عسكرياًـ ولا تملك مشروعا سياسيا سواء داخلياً أو مع الفلسطينيين للرد على هذه العمليات، أو فتح أفق سياسي لمواجهة هذه العمليات.

وأكد أن دولة الاحتلال باتت تتخبط وتتصرف بشكل يجعلها تراوح المكان وكمن يتلقى الكرة الذي ضربها وترتد إليه.

وحول دلالات نشر قوات خاصة إسرائيلية من النخبة في الداخل، أشار أن “إسرائيل” اعتقدت أنه من خلال نشر قوات على “الخط الأخضر”، وأيضاً 8 كتائب في الضفة، وانتشار وحدات النخبة في المدن الإسرائيلية يمكنها أن تتجنب هذه العمليات أو تمنعها، لكن اتضح أن ذلك غير ممكن.

وذكر أن عملية “ديزنغوف” والعمليات التي سبقتها جاءت والقوات الإسرائيلية منتشرة ومستنفرة في كل أرجاء الاحتلال، ما يؤكد أن فرضية الأمن ساقطة ومنهارة، وأنه عندما يكون هناك إرادة لتنفيذ الفدائي أي عمل فإنه يستطيع تنفيذه رغم كل الإجراءات.

وعقب منصور على ما حصل اليوم في جنين من اقتحام بالقول: “ما حدث اليوم في جنين وما حدث قبلها من اغتيال للمقاومين في عرابة والصور التي تُنشر لقوات النخبة تأتي من الاحتلال ليعزز الثقة لدى مواطنيه بأنه مسيطر على مجريات الأحداث واستعراض لقوته، لكن في الحقيقة فإن الإسرائيلي العادي فقد الثقة بالأمن والمنظومة الأمنية وبالحكومة”.

اتجاه نحو التصعيد

ولفت إلى أن الأوضاع في الداخل والضفة تتجه نحو التصعيد، مشيراً إلى أن حكومة الاحتلال لا تملك أي أفق سياسي، ولا تملك أي قدرة على اتخاذ أي خطوات، ورئيس حكومة الاحتلال يتعامل مع الأحداث كرئيس مجلس مستوطنات.

من جهته قال الكاتب في الشؤون السياسية والقانونية أحمد أبو زهري: إن الاحتلال يعيش ظروفا أمنية حرجة في ظل تعرضه لهجمات “نوعية ومركزة” في الأيام الأخيرة من فدائيين فلسطينيين نجحوا في الوصول إلى عدة مناطق، ونفذوا عملياتهم.

كيان مهتزّ ومأزوم

وأكد أبو زهري في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن هذه العملية أظهرت الكيان وهو “يهتز” على الرغم من كل إجراءاته الأمنية المشددة، وجعلت قواته في حالة ذهول وارتباك شديدين، في حين دفعت المستوى السياسي للتواري عن الأنظار بعد الخيبة الكبيرة التي لحقت به وهو غارق في الفشل، بل عاجز تماما عن وضع (حلول سحرية) لاستعادة الهدوء وتوفير الأمن للمستوطنين.

وأضاف: “ما نقلته وسائل الإعلام من مشاهد على أثر عملية “ديزنغوف” يعطي دلالة واضحة أن الكيان يعيش حالة رعب غير مسبوقة ويفقد أمنه بل تنهار كل منظومته أمام هجوم مسلح نفذه فدائي فلسطيني استطاع التحرك بهدوء، ونجح في تنفيذ مهمته وتخفّى عن الأنظار دون أن تفلح القوى الأمنية للاحتلال في قتله أو اعتقاله في مكان العملية، بل تعجز تماما عن معرفة هويته أو تحديد مساره، وتستمر في البحث لساعات”.

وشدد أن هذه العملية مثلت أكبر انتكاسة يتعرض لها العدو في المدّة الأخيرة؛ لأنها أظهرت مدى هشاشة الوضع الأمني، وفضحت زيف الخطط التي أعدت لمواجهة العمليات، وأظهرت مدى خوف وجبن قواته وعدم قدرتها على التعامل مع هذا النوع من العمليات، في الوقت الذي يمارس فيه حملة دعائية ضخمة للتسويق لنفسه ولتحصيناته وخططه الإستراتيجية.

وتابع: “اليوم يحاول الاحتلال أن يرمم صورته التي لطخت بالعار ومرغت بالتراب من خلال تسويق نصر يثير الشفقة بل السخرية وهو يعلن تمكنه من تصفية (قتل) منفذ الهجوم صباح الجمعة في مدينة يافا بعد اشتباك مسلح معه”.

وأكد أن أجهزة الاحتلال تدرك تماما انعكاسات هذه العملية على جمهورها الذي بدا ساخطا وناقما على أداء الحكومة، وفاقدا للثقة من أداء القوى الأمنية المختلفة التي لم تستطع منع وقوع هذه العملية على الرغم من الانتشار المكثف والتعزيزات المتواصلة.

وختم: إن الإجراءات الجديدة التي تم إقرارها لزيادة تأمين مختلف المناطق داخل الكيان ستسقط مجددا مع أي عملية مرتقبة، “وحينها على قيادة الاحتلال أن يضعوا رؤوسهم في الوحل، وأن يعلنوا فشلهم أمام إصرار الشعب الفلسطيني على مواصلة الكفاح لنيل الحرية والاستقلال”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات