الإثنين 29/أبريل/2024

فروش بيت دجن.. قرية صامدة تقاوم سياسة التعطيش الإسرائيلي

فروش بيت دجن.. قرية صامدة تقاوم سياسة التعطيش الإسرائيلي

على بعد 18.5 كم شرق مدينة نابلس توجد مساحات من أخصب الأراضي الزراعية في فلسطين “قرية فروش بيت دجن” التي تصنف ضمن منطقة الأغوار الوسطى.

على أراضيها تجثم مستوطنتا الحمرة وميخورا، إضافة لمعسكر لجيش الاحتلال وحاجز عسكري يمارس عليه جنود الاحتلال شتى أنواع القهر في حق المواطنين الفلسطينيين.

ولم يدخر الاحتلال أي وسيلة إلا واستخدمها ضد أهالي القرية، من سلب للأراضي، وإعلانها مناطق عسكرية مغلقة، وهدم البيوت، وسرقة المياه الجوفية، وصولًا لتدمير خزانات المياه، وملاحقة مربي المواشي، بهدف تهجيرهم وسلب أراضيهم، التي يصرون على التمسك بها.

ومؤخرًا، أقدم الاحتلال على هدم خزان مياه بسعة 250 كوبا، للمواطن ثابت محمد أبو ثابت، والذي يقول في تصريحات تلفزيونية: سلطات الاحتلال تحاول تهجيرنا من الأغوار، من خلال الهدم والتضييق علينا بوسائل مختلفة، نحن صامدون في هذه الأرض حتى زوال الاحتلال، هذه أرضنا ورثناها عن أب عن جد”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يقدم بها الاحتلال على هذا الفعل، إذ سبق له هدم بركة خصصها الأهالي لمياه الشرب بسعة 500 كوب، وأخرى للري، العام الماضي، كما هدم خزان مياه زراعي بسعة 300 كوب في عام 2020.

وهو ما يعني حرمان أهالي القرية من الحصول على أبسط حقوقهم من المياه، في المنطقة التي تعاني أصلًا من قلة المياه بسبب سرقة الاحتلال للمياه الفلسطينية. 

ترحيل وحرمان من أساسيات الحياة

وفي حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” يقول منسق لجنة الدفاع عن فروش بيت دجن، توفيق الحاج محمد، إن هدم خزان المياه يندرج تحت سياسات الاحتلال القمعية الهادفة لتهجير سكان الأغوار، فالمياه أساس الحياة، والاحتلال يحرم سكان الأغوار من أبسط احتياجاتهم.

ويضيف أن هناك اعتداء واضحا وفاضحا على مصادر المياه الجوفية ومياه الينابيع، إذ حفروا عدة آبار ارتوازية، كل بئر منها ينتج في الساعة ما بين 700 إلى 800 كوب، تنقل عبر أنابيب ضخمة إلى مستوطنات الأغوار والبحر الميت، فيما يضخ البئر الفلسطيني بأحسن أحواله 100 كوب في الساعة. 

وجفف الاحتلال ينابيع المياه المغذية للقرية مثل عين شبلي، ومنع الاستفادة من مياه الأمطار الجارية عبر الأودية، وهدم البرك الزراعية، وقطع الأنابيب التي تزود المزارع بالمياه، والتي وصلها بعض المزارعين سرًّا بشبكة المياه الإسرائيلية، ويغرم من يقوم بذلك ويعتقله أحيانًا ويحتجز معداته “وقد حصل أن غرم أحد المزارعين 15 ألف دولار أميركي قبل مدة، كما يؤكد توفيق الحج محمد.

وتابع أن كل هذه الإجراءات القمعية، هي بمنزلة حرب على سكان القرية الذين يعتاشون من الزراعة وتربية المواشي، وهذان القطاعان يعتمدان على المياه بالأساس.

هدم المنازل ومضايقات أخرى

ويوضح منسق لجنة الدفاع عن فروش بيت دجن أن قوات الاحتلال “تحظر البناء الجديد أو ترميم القديم، وهدمت عشرات البيوت، وهناك إخطارات أخرى بهدم بقية البيوت الموجودة، وهي مع الأسف مبنية من الطين أو الإسمنت المسقوف بالصفيح، ولا تصلح للسكن الآدمي، لكنهم يستهدفون هذه المساكن ظنًّا منهم أنهم بفعلهم هذا سيجبرون سكان الأغوار على الرحيل، لكن نقول لهم خاب فألهم، لأن المواطن الفلسطيني في الأغوار مصمم وعازم على البقاء في هذه القرى، ولن نتركها فريسة لهذا المحتل الذي يستهدف البشر والشجر والحجر”.

وتبلغ مساحة أراضي قرية فروش بيت دجن 14 ألف دونم، سلبت منها سلطات الاحتلال 11 ألف دونم، أقامت عليها مستوطنتي الحمرة وميخورا ومعسكرا لجيش الاحتلال، ولم يبق منها سوى 3 آلاف دونم مصنفة مناطق “ج”، تخضع لسيطرة الاحتلال الأمنية بالكامل، ولا يمكن للأهالي أن يقوموا فيها بأي عمل إلا بموافقة الاحتلال، وهو ما يعكس تردي بنيتها التحتية والخدماتية.

وثمة مضايقات أخرى يتعرض لها سكان القرية، إذ “تقلص سلطات الاحتلال مساحات الرعي، وتلاحق مربي المواشي التي تناقصت من أكثر من 20 ألف رأس قبل عقدين إلى نحو ألفين الآن، بعدما تم تصنيف الأراضي بأنها (مناطق عسكرية)، فالاحتلال يقسم القرية لمناطق (ج) وأخرى عسكرية، وبالتالي يحظر الاقتراب منها، وأي خرق سيعرض مربي المواشي للمساءلة والتغريم ماليًّا، وربما حجزه وماشيته”، كما يقول توفيق الحج محمد.

من جانبه، قال رئيس مجلس محلي فروش بيت دجن، عازم الحاج محمد، في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إن قريته تتربع على خزان مائي كبير، وهذا هو سبب استهدافها المباشر من سلطات الاحتلال التي تسيطر على 90% من مياه الفلسطينيين، بالإضافة لأسباب أمنية وأخرى “دينية توراتية” إذ يسعى الاحتلال لتهجير سكان الفروش وسلب أراضيهم من أجل تنفيذ مخطط الضم، “فهي تحتل موقعًا استراتيجيًّا يفصل شمال الضفة عن جنوبها، ويسير بمحاذاة خط ألون الاستيطاني”.

ويضيف أن قرية فروش بيت دجن هي قرية زراعية أقيمت قبل قيام دولة الاحتلال، وكانت قرية زراعية رعوية، تجاوز تعداد سكانها 7 آلاف نسمة قبل عام 1967، لكن عدد سكانها اليوم 100 نسمة فقط، تتلقى خدماتها من مياه الشرب والكهرباء عبر مدرسة القرية لكونها مرخصة من سلطات الاحتلال، ويعدها السكان “الطابو” الذي عزز وجودهم بالقرية، في حين يرى الاحتلال ترخيصه لها قبل 4 عقود “خطيئة كبرى”.

ويوضح عازم الحاج محمد، أن سلطات الاحتلال ترفض الاعتراف بالقرية، ولم تسمح بربطها بشبكات المياه والكهرباء، وترفض منح التراخيص المطلوبة، سواء لتوصيل الخدمات أو لبناء المنازل الجديدة، أو ترميم القديمة المهدم جزء منها، وتخطر معظمها بالهدم.

ويضيف أن سلطات الاحتلال سلبت غالبية أراضي القرية لتقيم عليها المستوطنات ومعسكرا لجيش الاحتلال، وبكل قوتها تسعى لتهجير سكان القرية، وبهذا يطبق الاحتلال خطة الضم على أرض الواضع، كجزء من خطة إيغال ألون -وزير الزراعة الإسرائيلي الأسبق- الهادفة لعزل كامل الأغوار الفلسطينية والسيطرة عليها لا سيما أنه الآن يضع يده على 88% منها عبر عشرات المستوطنات ومعسكرات الجيش.

ونتيجة لسرقة سلطات الاحتلال المياه؛ تحول سكان القرية من زراعة الحمضيات، التي شكلت “هوية القرية الزراعية في تسعينيات القرن الماضي بإنتاجها 50% من سلة الحمضيات الفلسطينية آنذاك، حيث كانت تصدر للأردن فقط 30 طنًا يوميًّا على مدى 5 أشهر بأفضل الأسعار وأعلى جودة، لكن المزارعين اليوم تحولوا للزراعة الشتوية التي تعتمد على مياه الأمطار، وأخرى عبر الدفيئات لأنها لا تحتاج لمياه كثيرة، لذا بدأ المزارعون في تشييد بركا من الصفيح لجمع مياه الأمطار، وتلك المستخرجة عبر الآبار، ورغم ذلك فإن الاحتلال يلاحقها بالهدم”. كما يقول عازم الحاج محمد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات