السبت 27/أبريل/2024

الاغتيال في نابلس.. مهارة إسرائيلية أم تواطؤ من أجهزة السلطة؟

الاغتيال في نابلس.. مهارة إسرائيلية أم تواطؤ من أجهزة السلطة؟

بهدوء ودون ارتباك انسحبت القوة الخاصة الإسرائيلية التي اغتالت الشهداء الثلاثة وسط مدينة نابلس، أمس الثلاثاء، تاركين خلفهم تساؤلات كثيرة بحاجة لإجابة.

 فهل نجحت “إسرائيل” بخفة يد قواتها الخاصة وبراعتها في تنفيذ عملية الاغتيال والانسحاب بسلام، أم أن تسهيلات كثيرة حصلت عليها من الأجهزة الأمنية الفلسطينية عبر سياسات التنسيق الأمني جعلتها تجد نفسها في مرتبة المتفوق؟!

ليس هذا فقط ما يحتاج تحليلاً ووقفة؛ فتوقيت العملية أيضاً يضع علامات استفهام أخرى، وقد جاءت بعد ساعات فقط من اجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني، وانشغال قيادة رام الله بتوزيع المناصب الجديدة، وتكريس حالة التفرد وسرقة المؤسسات الفلسطينية.

سياسة “جزّ العشب”
الكاتب والمحلل السياسي ناجي الظاظا قال: إن هذه العملية هي جريمة ممتدة لما يقوم به جيش الاحتلال منذ عدة سنوات ضمن “سياسة جز العشب”، فهو يريد إنهاء وجود المقاومة في الضفة الغربية أولاً بأول.

وأوضح الظاظا، في تصريح خاص لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، أن خطوة الاحتلال تهدف لإيصال عدد من الرسائل؛ أولها أنه لا يرغب كثيراً باعتقال المقاومين بقدر ما يريد أن يغتال كل من يحمل السلاح ضد جيش الاحتلال أينما كان.

أما الرسالة الثانية، وفق الظاظا، فهي أن الاحتلال لا يقيم أي اعتبار لمسميات مناطق (أ) أو (ب) أو (ج) عندما يرتبط الأمر بالاحتياجات الأمنية الإسرائيلية.

ويرى أن الرسالة الثالثة، هي أن حالة التنسيق الأمني في أحسن أحوالها، بدليل أن عملية الاغتيال تمّت وسط المجمّعات الأمنية للسلطة الفلسطينية.
 
 وأوضح أن الرسالة الرابعة تتمثل بأن جيش الاحتلال يريد أن يقول إنه لا مسار سياسيًّا مع السلطة، وأن الحالة الأمنية سيقابلها تسهيلات اقتصادية فقط، “وعلى ما يبدو فإن هذا الأمر تم الاتفاق عليه خلال لقاء أبو مازن-غانتس نهاية ديسمبر الماضي”، وفق الظاظا.

 دور السلطة
ويؤكد “الظاظا” وجود حالة “تيسير أمني” لعمليات الاحتلال، خاصة عندما تسارع الأجهزة الأمنية بالضفة لإعادة المستوطنين وتسليمهم، وتوفير الحماية لهم عندما يدخلون مناطق الضفة.

وذكر أن هذه العملية تأتي مع تساؤلات كبيرة عن دور السلطة والأجهزة الأمنية في حماية المواطن الفلسطيني، وقال: “هل هذه الأجهزة موجودة لتوفير الأمن للفلسطيني في بيته ضمن تصنيفات أوسلو حتى في منطقة “أ”؟ وهل يمكن للسلطة محاسبة الاحتلال؟ ما هي الإجابات التي ستقدم لآلاف الشباب خلال تشييع الجنازات الذين لا يرون هذه السلطة تمثل مستقبلاً سياسيًّا وفق ما تعد؟!”.

ولفت إلى أن السلطة تغض الطرف عن السلاح الذي يظهر في الخلافات العائلية، في حين تنبري مباشرة لمصادرة أي سلاح يرفَع في وجه الاحتلال.

ويوافقه الرأيَ الكاتب والمحلل السياسي أحمد الكومي، الذي أكد في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام”، أن “هذه العملية تأتي في سياق تواطؤ السلطة الفلسطينية، خاصة أن الشهداء الثلاثة اشتبكوا في أكثر من مرة مع الاحتلال”.

وقال: إن السلطة متواطئة في عملية الاغتيال، من خلال صمتها، وعدم التدخل، وعدم منع القوات الخاصة من التسلل إلى مدينة نابلس.

أول مخرجات “المركزي”

وقال الكاتب “الكومي”: إن عملية الاغتيال في نابلس تمثل أول مخرجات الدورة 31 للمجلس المركزي.

وأوضح أن العملية تشير إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلي تحولت -ضمن مقتضيات الحالة الجديدة- إلى كاسحة ألغام لتمهيد الطريق أمام قادة “فتح” الجدد نحو الحكم.

ويرى “الكومي” أن عملية الاغتيال أمس، مختلفة عن كل حالات القتل التي تتم في الضفة الغربية، خاصة أنها تمت في وضح النهار من خلال قوة خاصة توغلت إلى وسط مدينة نابلس التي يوجد فيها مقرات عسكرية تابعة للسلطة.

ويبيّن المحلل “الظاظا” أن عملية الاغتيال أمس ليست كسابقاتها؛ خاصة أنها تأتي بعد 24 ساعة من اجتماعات المجلس المركزي الذي أُريد له أن يعيد صياغة العلاقة مع الاحتلال بشخصيات لا تنتمي لفكر المقاومة، ولا للشعب الفلسطيني الذي يريد من يدافع عنه، وفق تعبيره.

ويعيد المحلل “الكومي” الإشارة إلى توقيت عملية الاغتيال فقال: إن جيش الاحتلال اختارها بعناية بعد عدة ساعات من اجتماع المجلس المركزي، ليوصل رسالة بأن له السيادة والتفوق على المستوى الأمني، وأن أي اجتماعات أو أجندات سياسية أو ترتيبات إدارية في الضفة لا مكان لها أمام الأدوار الوظيفية لخدمة الاحتلال ومستوطنيه.

ويرى “الكومي” أن زعم الاحتلال محاولته احتواء الأوضاع الميدانية المتصاعدة في الضفة الغربية من خلال عملية الاغتيال سيكون له أثر عكسي، وقال: إن هذه الأحداث ستكون شرارة اندلاع ثورة غضب قريبة في الضفة الغربية، خصوصاً بعد عملية الاحتجاج الواسع عقب العملية.
 
 ويبقى على الدوام السؤال مشرعاً في وجه السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية: أما آن الأوان للعودة إلى صفوف شعبكم، والعمل على حمايته من تغول الاحتلال وبطش مستوطنيه، والانصياع لقرارات الإجماع الوطني بوقف “التنسيق الأمني” والالتزامات الأمنية والاقتصادية مع الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...