السبت 27/أبريل/2024

فتح.. يُغرقها عباسفهل يستخدم المخلصون فكرها الثوري طوقاً للنجاة؟

فتح.. يُغرقها عباسفهل يستخدم المخلصون فكرها الثوري طوقاً للنجاة؟

تتزاحم الكلمات على شفاه المراقبين للمشهد السياسي عند ذكر أحوال حركة “فتح”، وواقع ومستقبل أحد أكبر الفصائل الفلسطينية التي ترزح تحت هيمنة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وتشتتها إلى تيارات عديدة مختلفة.

ومنذ سنوات، تتباين الرؤى في حركة “فتح” حول دور أكبر قوى منظمة التحرير الفلسطينية، وجوهر السلطة الفلسطينية في العمل التحرري والوطني، بعد فشل التسوية، وهيمنة اليمين على حكومات الاحتلال.

“المرونة البطولية” التي يحاول محمود عباس التحلي بها، بددت الخطوط الحمراء كافة التي اتخذتها فتح كفصيل تحرري في الصراع مع الاحتلال، حتى ذابت منظمة التحرير في السلطة، واكتفت بعدد من الامتيازات والمهمات في علاقتها مع الاحتلال.

ويُعد مروان البرغوثي القيادي في “فتح”، والأسير في سجون الاحتلال، أهم شخصية في فتح، والذي كما يراه كثيرون، ورث الكثير من نهج الرئيس الراحل ياسر عرفات الثوري، ويحظى بثقة وطنية لدى حركة “فتح” والقوى الوطنية الفلسطينية.

ويرفض “عباس” عودة محمد دحلان القيادي المفصول من “فتح” إلى مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي دفعه لتأسيس تيار وتوجه جديد انشق عن مؤسسات “فتح” واحتفظ باسمها.

وقفز عدد من أصحاب الفكر الثوري في “فتح” من مركبها مؤخراً، ما أظهر أعشاباً غريبة في مشروع “فتح” التحرري الذي قطع شوطاً طويلاً من التضحيات قبل الولوج في متاهات التسوية.  

فتح والقضية
الحديث عن خطورة نهج فتح الوطني من قادة “فتح” لا يعد صيحة استفاقة، فمنذ رحيل ياسر عرفات يهيمن “عباس” على مؤسسات المنظمة و”فتح” والسلطة الفلسطينية، وفق معادلة القبول بالمفاوضات مع الاحتلال في الظروف كافة.

رفع قادة فتح الذين اختلفوا مع عباس أعلاماً حمراء أمام واقع ومستقبل “فتح”، لكن الفروق المجربة لنهج عباس السياسي منذ عقد ونصف أثبتت أنه ماضٍ بطريقة أقفلت الآذان وكممت الأفواه لكل من حوله.

ويؤكد خالد أبو هلال الأمين العام لحركة الأحرار الفلسطينية، أن “فتح” تعاني الآن من صراعات داخلية بين مراكز القوى أضحت ترفع الصوت عالياً بعد أن كانت خافتة طويلاً خلف الكواليس.

ويضيف القيادي السابق في حركة “فتح” لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “هناك تيارات متنافسة، لكن تيار عباس يسيطر على المال والقرار، والآن يجري صراع على نفوذ وميراث عباس من فريق حسين الشيخ وماجد فرج وجبريل الرجوب وتوفيق الطيراوي، ومعظمهم من سلطة عباس”.

التيارات الأخرى في فتح يمثلها تيار محمد دحلان، وله رؤية مغايرة لعباس، ويصارع أيضاً على النفوذ وميراث المنظمة والسلطة، ثم تيار مروان البرغوثي الأكثر قرباً للفصائل الفلسطينية والرؤية الوطنية، وينال ثقة شعبية.

الهدوء المضلل الذي عاشته فتح لسنوات بعد رحيل عرفات تشغل مكانه اليوم انتقادات صريحة لعباس الذي عين شخصيات من فريقه في لجان منظمة التحرير التنفيذية والمركزية والمجلس الوطني.

ويقول المحلل السياسي فايز أبو شمالة، إن ما يحدث بفتح الآن ينعكس على كامل القضية الفلسطينية؛ لأنها صاحبة مشوار النضال الطويل، وكانت تشكل بؤرة مقاومة للاحتلال.

ولم تختف من فتح أصوات تنادي بمقاومة الاحتلال، لكن أحوالها المشتتة تحت هيمنة “عباس” منحت الحظوة السياسية في السلطة لكل من يتعاون معها في مهمات التنسيق الأمني، وفق أبو شمالة.

 ويبين المحلل “أبو شمالة” لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن تيار “عباس” يدعم نفوذ حسين الشيخ وماجد فرج، واصفاً ذلك بأنه “خطير على القضية لأنهما يركزان على التنسيق الأمني والمدني، ويخالفان حركة عريقة قدمت أسرى وشهداء”.

وأصاب فتح في السنوات الأخيرة خلل بنيوي في مؤسساتها ومؤسسات منظمة التحرير المعطلة؛ ما أوقع تصادماً داخلياً في فتح نتيجة تضارب مصالح قادتها وتضارب رؤيتهم السياسية.

ويشير المحلل السياسي ذوالفقار سويرجو لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن قادة “فتح” لا يختلفون كثيراً حول مشروع أوسلو الذي مضت به منظمة التحرير، لكن الهيمنة من “عباس” على مؤسسات “فتح” تنعكس حاليًّا ومستقبلاً على مستقبل قيادة فتح والمنظمة، وفق تعبيره.

 تيار البرغوثي
كسر “عباس” عصا الخبز لكل من خالفه داخل وخارج “فتح”، فمارس سياسة قطع رواتب الموظفين، والفصل والملاحقة وقمع الحريات السياسية بالضفة وغزة.

وبلغت ذروة الخلافات مع “عباس” في “فتح” عندما اقتربت الفصائل من إجراء انتخابات شاملة ومتوالية لمؤسسات منظمة التحرير العام الماضي، فظهرت تحالفات جديدة خارج عباءة عباس.

وقبيل انتهاء موعد تسجيل القوائم المرشحة لانتخابات التشريعي الفلسطيني، قرر القيادي الأسير في “فتح” وعضو لجنتها المركزية مروان البرغوثي دعم قائمة منفصلة عن تلك التي شكّلتها قيادة الحركة الرسمية.

ويرى الأمين العام لحركة الأحرار خالد أبو هلال، أن البرغوثي يدعم كامل المواقف الوطنية صاحبة الإجماع الوطني من داخل سجنه، رافضاً التنسيق الأمني والإقصاء ومآلات اتفاق أوسلو.

لم يجد “البرغوثي” أكتافاً دافئة من تيار عباس والسلطة الفلسطينية، التي ترفض أيضاً حضور دحلان للمشهد الفتحاوي، وتقصي “حماس” و”الجهاد” من دخول منظمة التحرير.

ويقول المحلل “أبو شمالة”، إن البرغوثي أسير منذ عشرين عاماً، ومن الصعب أن يؤثر على واقع “فتح” وأنصاره في غيابه عنهم، قد لا يؤثر في لعبة السلطة والمنظمة، متهماً بوجود من يوصي ببقائه في السجون.

لا يملك البرغوثي خشبةً للقفز عن تيار عباس المهيمن على السلطة والمنظمة، فرغم شعبيته الواسعة بالضفة وغزة ورمزيته الوطنية، يحول السجن بينه وبين ممارسة دور مؤثر في “فتح”.

ويؤكد المحلل “سويرجو” أن السلطة بزعامة عباس تبحث عن مظلة عربية ودولية تخالف نهج “البرغوثي” الرافض للانحدار في العمل الوطني بعد استحواذها على مفاصل النظام السياسي الفلسطيني.

وكان عضو المجلس الثوري في حركة فتح فخري البرغوثي، قال قبل أيام إن السبب الوحيد في ترقية عضو مركزية فتح حسين الشيخ بالمناصب “هو خيانته لمروان البرغوثي”.

وأوضح أن “الشيخ” “يعمل لأجل نفسه وفي المواضع التي يريدها الاحتلال، وأهم مهمة أنيطت به دائما التآمر على مروان بوصفه مسؤول التنظيم في الضفة، وممارسة أعمال غير وطنية بحق المناضلين”.

ومن الواضح أنه رغم شعبية مروان البرغوثي؛ إلا أن مصير فريقه هو مصير بقية الفصائل الفلسطينية التي تخالف “عباس” وتياره، وما لم تحدث تطورات دراماتيكية في المشهد لن يتجاوز فرقاء “عباس” حدود الرفض.

إصلاح فتح
كممثل مسرحي راق له الدور، انحنى هانئاً بطول تصفيق الجمهور،يرى عباس نفسه رغم انتهاء ولايته القانونية الأكثر حظوة بالشرعية وقيادة منظمة التحرير رغم تدهور أحوالها.

تجرّد تيار “عباس” المهيمن على السلطة والمنظمة من كامل أوراق القوة التي عززتها فتح في مشوارها التاريخي في صراعها مع الاحتلال، ورفض “عباس” لرؤية بقية الفصائل، يحكم على مستقبل المنظمة بأن تكون أسيرة لدى الاحتلال.

ويقول “أبو هلال”، إن الاختبار الجدّي لمستقبل “فتح” يبرز عند تنفيذ أي شأن وطني، مؤكداً أن تيار عباس أوصلها لتكون حزباً حاكماً تتدخل (إسرائيل) كثيراً في تفاصيل قادة السلطة.

وبين أن الحال الآن أن القرار من “عباس” والتقييم للاحتلال، وقال: “هكذا أضحت معادلة هيمنة عباس على المشهد،وتوريث عباس لقادة من تياره زمام الأمور ووضع البرغوثي ورفاقه إما في السجن أو المطاردة أو النفي”.

صحيح أن القبطان يغرق مع سفينته مفضلاً نجاة الركاب من قبله، لكن في حالة مثل قيادة عباس ليس لأبناء فتح إلا تصحيح المسار والقفز عن تياره والعمل جماعياً مع كافة الفصائل، يقول “أبو هلال”.

ويدعو المحلل “أبو شمالة” حركة “فتح” لرفض تيار “عباس” المتنفذ بالسلطة برضى إسرائيلي، وتحديد موقفها من التنسيق الأمني والعلاقة مع الاحتلال التي أضرت بالعمل السياسي عامةً.

ويروج الاحتلال منذ سنوات مع انسداد أفق التسوية لفكرة السلام الاقتصادي الذي يتناقض مع كامل أدبيات العمل الوطني، وهي فكرة يقبلها تيار عباس ويرفضها الجميع.

ويحذر المحلل “سويرجو” من تلاشي المشروع السياسي بعد فشل أوسلو، والولوج لمرحلة استسلام كاملة للاحتلال الأمر الذي بدأ يحدث انفصاماً في نهج “فتح” الوطني.

التناقض الذي انطلقت منه فتح وواقعها الحالي بهيمنة “عباس” يثير علامة استفهام كبيرة لدى كوادر الحركة الذين يرون غير الذي آمنوا به، وهم أمام تناقض الواقع والمطلوب، إما أن يستسلموا أو ينضموا لقاطرة الرافضين لنهج “عباس”.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

شهيدان باشتباك مع الاحتلال غربي جنين

جنين - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شابان وأصيب آخران، فجر اليوم السبت، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرب حاجز "سالم" العسكري غربي مدينة جنين،...