الثلاثاء 21/مايو/2024

حوارات الجزائر.. هل تنجح بتفكيك ألغام الانقسام؟!

حوارات الجزائر.. هل تنجح بتفكيك ألغام الانقسام؟!

بعيداً عن الضجيج الإعلامي والزخم السياسي بدأ ممثلو الفصائل الفلسطينية بالتوافد إلى الجزائر تلبية لدعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لبحث ملف المصالحة الفلسطينية، ومحاولة رأب الصدع السياسي الفلسطيني من جديد بعيداً عن أعين الكاميرات.

ومن المتوقع أن تشرع لجنة جزائرية مكلفة قريباً بعقد لقاءات منفصلة مع ممثلي الفصائل، من أجل محاولة تقريب وجهات النظر، خشية أن تضاف الجزائر الأقرب شعبيا ورسميا إلى فلسطين، إلى قائمة الدول التي فشلت في إنهاء الانقسام التي بدأت حواراته من القاهرة مروراً بالدوحة والرياض وموسكو وغزة، وليس انتهاءً بالسنغال.

فرص النجاح والفشل

الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، أكّد أنّ مكانة الجزائر في قلوب الفلسطينيين، ووقوفها على مسافة واحدة من الكل الفلسطيني، قد تشكل فرصةً لنجاح تلك الحوارات، محذراً من أن الفشل يعني خسارة ساحة عربية جديدة بالغة الأهمية بالنسبة للفلسطينيين.

وأوضح الدجني في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ انسداد الأفق السياسي داخل دولة الاحتلال بإفراز حكومات تتقاطع مع رفض حل الدولتين، واستمرار الاستيطان والتهويد والعدوان من جهة، قد يشكل فرصة أخرى لنجاح تلك الحوارات، عدا عن أهمية رئاسة الجزائر لمؤتمر القمة العربية في مارس المقبل.

ولم يخفِ المحلل السياسي قلقه من العودة إلى مربع الفشل في ظل غياب الإرادة السياسية لإنهاء الانقسام الذي تعززه جماعات المصالح، بالإضافة إلى عدم وجود تغيير كبير في توجهات الفصائل ولا في وفودها التي تقود تلك الحوارات، في ظل غياب الرؤية السياسية والأهداف.

وعبّر الدجني عن أسفه من أن التعاطي مع نداءات المصالحة من الدول، هو تعاطٍ بروتوكولي، ولا يعبر عن إرادة حقيقية بالتغيير، في ظل تدخل العديد من الأطراف لاستمرار الانقسام الفلسطيني وعلى رأسها “إسرائيل”.

ومنذ صيف 2007، تعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي، ولم تنجح عشرات الحوارات التي استضافتها العديد من الدول العربية والأوروبية في رأب الصدع وإنهاء هذا الانقسام، في ظل سيناريوهات تتكرر بالعودة لنقطة الصفر في كل مرة.

وعقب استقباله نظيره محمود عباس في الجزائر العاصمة، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال مؤتمر صحفي في 6 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، عزم بلاده استضافة مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية.

ولم يحدد تبون تاريخا للمؤتمر، مكتفيا بالقول إنه سيكون “قريبا”.

ومن المقرر بعد أن تنتهي اللقاءات الاستكشافية، بعد أن يستمع مسؤولو الجزائر إلى كل فصيل فلسطيني على حدة، ومعرفة وجهة نظره حيال حل الخلاف وإنهاء الانقسام، لتحدد بعد ذلك الخطوة التالية في ضوء النتائج التي ستظهر أمامهم.

وقالت مصادر صحفية، إنّ استمرار الخلاف وعدم القدرة على جسر الهوة بين فتح وحماس، سيدفع بالجزائر للاكتفاء بهذه الاجتماعات، وعدم الدعوة لاجتماع موسع.

وفي هذا الصدد، دعا المحلل الدجني الجزائر إلى استضافة مؤثرين في المشهد الفلسطيني من ناشطين وباحثين ومفكرين ومثقفين؛ ليكون بمنزلة مؤتمر موازٍ لحوارات الفصائل، لدعم وتهيئة الرأي العام للضغط من أجل نجاح الحوارات وتطبيقها على الأرض.

ومن المقرر أن تصل ستة فصائل فلسطينية إلى الجزائر العاصمة تباعا حتى نهاية الشهر الجاري، وهي فتح وحماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية، والجبهة الشعبية القيادة العامة.

ولم تُدع حتى اللحظة، بحسب المصادر، باقي فصائل منظمة التحرير التي وقعت على اتفاق القاهرة من قبل حتى اللحظة، وسط ترجيحات أن يتم دعوتها لاحقا حين يعقد اللقاء الشامل، حال قررت الجزائر بعد اللقاءات المنفردة المضي باتجاه هذا الخيار.

بصيص أمل

وعدّ الكاتب والمحلل السياسي علي هويدي، حوارات الجزائر بمنزلة بصيص أمل، مبيناً أنّ أي مبادرة من أي دولة عربية تأخذ بعين الاعتبار دعوة الفرقاء الفلسطينيين للحوار كخطوة باتجاه إنهاء الانقسام إلى غير رجعة، هي محل ترحيب وتأييد ودعم من الفلسطينيين، هذا بشكل عام، فكيف إذا كانت الدعوة من الجزائر بلد المليون شهيد، والتخلص من الاحتلال وبلد الدعم غير المنقطع لشعبنا الفلسطيني سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.

وعبّر هويدي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” عن أمله أن يكون هناك خطوات جدية ومخرجات عملية لهذا الحوار تأخذ بعين الاعتبار حقوق شعبنا في الداخل والخارج، وأن يكون هناك توافق على برنامج سياسي مشترك يأخذ بعين الاعتبار التمسك بالثوابت الفلسطينية وعلى رأسها أن فلسطين من البحر للنهر بلد حقيقي لشعبنا الفلسطيني.

ودعا إلى ضرورة عدّ طريق المقاومة ضمن البرنامج السياسي، هو طريق تحرير فلسطين بغض النظر عن الوسائل والإمكانات التي يمكن استخدامها، بدءًا من المقاومة المسلحة أو حتى المقاومة الشعبية.

وطالب هويدي، بالعمل الجاد والفعال لإعادة منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة انتخاب أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، وانتخاب رئيس لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة، وإنهاء الاحتلال إلى غير رجعة، والتمسك بحقوق شعبنا الفلسطيني اللاجئ بالعودة إلى دياره وبلاده التي طرد منها وليس إلى أي مكانٍ آخر.

وتوقع مراقبون بإمكانية نجاح المصالحة في حال تفكيك ملفاتها والاشتغال على ما هو ممكن الآن، ولا تستطيع “إسرائيل” أو الأجندات الخارجية إعاقته، وفي هذا السياق يمكن تحقيق اختراقات في ملف التوافق على استراتيجية عمل وطني تحدد الهدف الوطني النهائي وأدوات تحقيقه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات