الخميس 09/مايو/2024

ميزانية حكومة الاحتلال.. هل اقتلعت الشوكة من الخاصرة؟!

ميزانية حكومة الاحتلال.. هل اقتلعت الشوكة من الخاصرة؟!

مثل شوكة في الخاصرة، تعود أزمة التصويت على موازنة الحكومة الإسرائيلية وتطل برأسها مجدداً مهددةً مستقبل حكومة “بينيت” التي ولدت بعد مخاض عسير. 

الخميس هو يوم الحسم في جدل التصويت على موازنة الحكومة التي تشكل كابوساً لحكومة “إسرائيل” الحالية التي تتربص بها المعارضة وعلى رأسها “نتنياهو” رئيس الوزراء السابق.

في الساعات الأولى من فجر الخميس، صادقت الهيئة العامة للكنيست على ميزانية الدولة للعام 2021، فيما تستمر في المساء المداولات من أجل إقرار ميزانية الدولة للعام 2022م.

لن يكون استئناف النقاش حول الميزانية كحفلة “شاي وكعك” فقد أجهضت من قبل التئام الكنيست 4 مرات خلال أقل من عامين؛ لأن المال العام في “إسرائيل” عرضةً للابتزاز الحزبي واقتسام النفوذ. 

وصوت على قانون الميزانية بالقراءات الثلاث 61 من أعضاء الكنيست، فيما عارضه 59 عضوا، ومن المتوقع أن تستمر المداولات والتصويت على الميزانية فجر الجمعة.

واقترحت الحكومة الإسرائيلية خطة قيمتها 609 مليار شيكل (196 مليار دولار) لعام 2021، فيما اقترحت ميزانية بـ 573 مليار شيكل (184.5 مليار دولار) للعام 2022 المقبل.

مال وسلطة

ولّى أوان التضحية من أجل مشروع “إسرائيل” بعد رحيل الكبار وآخرهم “إسحاق رابين” رئيس الحكومة السابق وجاء وقت النزول عن الجبل لاقتسام الغنيمة.

صراحة الصراع حول الميزانية بين الأحزاب الإسرائيلية ناصعة بمكان باتت فيها الأحزاب خاصة المتدينين يطالبون بالغنيمة والتمويل من أجل اتخاذ موقف يرجح كفّة أحدهم في الانتخابات.

ويقول جمال عمرو، الخبير في شئون الاستيطان، إن اليهود يعكسون في جدل ميزانية “إسرائيل” اليوم مدرستهم القديمة، فهم يتحدون ضد عدوهم لكن قلوبهم متفرقة.

ويضيف “للمركز الفلسطيني للإعلام“: “الميزانية تعكس جشع غير مسبوق في ميزانية أي دولة وكأنها غنيمة يريدون اقتسامها؛ خاصة من المنظمات وأحزاب المتدينين المؤثرين في حسم نتائج الانتخابات”.

يحتضن المشهد الحزبي الإسرائيلي بذور العجز في سير إجراء التصويت على الموازنة منذ ثلاث سنوات بسلام وسط حالة من الفوضى والجدل.

صباح الخميس، تبسّم رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت ملء وجهه معلّقاً: “هذا يوم عيد لإسرائيل، فبعد 3 سنوات من دون ميزانية والفوضى، شكلنا حكومة، وانتصرنا على فيروس كورونا، والآن نجحنا بتمرير ميزانية الدولة..”.

أزمة التصويت على الميزانية تعود لشقين لا ثالث لهما: الأول هو اقتسام المال بين الأحزاب، والثاني المشاركة في السلطة والانتخابات في المشهد السياسي الإسرائيلي.

ويرى د. أحمد رفيق عوض، المحلل السياسي، أن أزمة الميزانية في “إسرائيل” أزمة متراكمة؛ لأن كل حزب يريد ثروة من المال العام، ويريد فرض نفسه في السلطة الحاكمة.

ويتابع “للمركز الفلسطيني للإعلام“: “الخلاف قائم بين العلمانيين واليمين المتدين، وهناك أبعاد لأحزاب تفقهها الطائفية والمرجعيات والتوجهات السياسية، وهذا مشهد تفكك واضح في الدولة”.

تجسد “إسرائيل” الآن كوكب خلافات في الثقافة والفكر والأعراق، ولا يتحد المؤثرون في مشهدها سوى على خصومهم من الفلسطينيين والعرب، وهو ما يفسر عطشها لإبقاء جذوة الصراع مشتعلة.

أزمة وجود

تتكرر في الآونة الأخيرة كتابات النقد الذاتي لأداء ومستقبل دولة “إسرائيل” في مشهدها الداخلي وصراعها المستعر مع العرب والفلسطينيين وحتى خصوم خلف البحار.

العبث بالمال العام مثل الميزانية، وكأنه غنيمة في ظل مشهد تفكك وغياب قيادات سياسية واعدة غادرت قمرة القيادة بتقادم الزمن، أو تبدّل القناعات يغري بتوقع الأسوأ لمستقبل “إسرائيل”.

ويشير الخبير عمرو أن حالة التفكك وأزمة القيادة في “إسرائيل” تدعو الفلسطينيين لاتخاذ موقف موحد، والتقاط اللحظة المناسبة شعبيًّا وسياسيًّا للتأثير على الاحتلال. 

الجيل الحالي العاجز حتى عن حسم ملف موازنة حكومة، يعمل وفق برجماتية حزبية عالية تضع المال والنفوذ قبل أي مصلحة عامة لصالح واقع ومستقبل دولة. 

ويقول الخبير عمرو، إن كتاب ومفكرين في “إسرائيل” يحذرون من زيادة الاستيطان، واقتحام الأقصى، وتشقق المجتمع الإسرائيلي، حتى وصل حالة من العجز في شئونه العامة.

مساء الثلاثاء الماضي تظاهر آلاف اليمينيين “بتل أبيب”، احتجاجًا على سياسة الحكومة الإسرائيلية في ملف الميزانية، ووصفوا نفتالي بينيت بأنه “سارق ومحتال”.

وبسبب الأزمة السياسية، أعيد إجراء أربعة انتخابات للكنيست في أقل من عامين، لم تقرّ أي موازنة في “إسرائيل” منذ 2018م وفي ديسمبر 2020م جرى حل الكنيست مجدداً بسبب عجز النواب عن الاتفاق على موازنة.

ويؤكد المحلل عوض، أن ثمة دوافع عديدة لنجاح التصويت على الموازنة في الجانب الآخر، أهمها رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في نجاح حكومة “بينيت” ورغبة المجتمع الإسرائيلي في عدم عودة “نتنياهو”.

صحيح أن الولايات المتحدة تريد استقراراً في مشهد “إسرائيل” السياسي؛ لكن شجرة الخلافات العرقية والسياسية الإسرائيلية تعطي ثماراً ملونة طيلة العام تهدد استقرار سياستها الفاقدة لحكمة كبار الدولة. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات