بلفور مُشعل الحروب بخلفية دينية

هل يصح اتهام بلفور بالمسؤولية عن إشعال حرب دينية، وإذكائها في العالم، وليس في فلسطين فقط؟ لو تناولنا شخصية وزير خارجية بريطانيا سواء في مذكرات أول رئيس لدولة الاحتلال حاييم وايزمان أو غيرها من المراجع، لأدركنا أن بلفور ساهم في إقناع الحكومة البريطانية بالوعد، وأطلقه، بناء على خلفية دينية، وليس لأبعاد سياسية فقط، حتى لتبدو السياسة على هامش دوافعه الدينية أحياناً. وشخص مثل بلفور، قرأ التاريخ، ويدرك لا شك، المخاطر من تجريد المسلمين والعرب من بلاد بهذه القدسية.
كان في البداية بلفور كارهاً لليهود، لكنه تحول إلى عاشق لهم ولأهدافهم بسبب إيمانه بالمسيحية الصهيونية. فعندما كان يتحاور عام 1906 مع وايزمان حول البلد الذي يمكن أن يستوطنه اليهود، كانت إجابة وايزمان إجابة دينية طبقاً لمعتقدات بلفور “إن الصهيونية حركة سياسية قومية لكن لن يكتب لها النجاح إلا إذا عنينا أولا بناحيتها الروحية، وأثرنا بذلك الحاسة الدينية في اليهود، وهل هناك ما يصلح لتحقيق هذا كله إلا فلسطين؟”.
وفي مكان آخر من المذكرات يورد وايزمان ما يلي “وللقارئ أن يسأل: ولماذا كانت حماسة الإنكليز لليهود، وشدة عطفهم على أماني اليهود في فلسطين؟ والجواب على ذلك أن الإنكليز، لا سيما من كان منهم من المدرسة القديمة، هم أشد الناس تأثرا بالتوراة، وتديّن الإنكليز هو الذي ساعد على تحقيق آمالنا لأن الإنكليزي المتدين يؤمن بما جاء في التوراة من وجوب عودة اليهود إلى فلسطين. وقد ساعدتنا الكنيسة الإنكليزية في هذا الباب أكبر المساعدات”.
وكان التفسير الديني للصراع قد ترك أكبر تأثير في الحكومة البريطانية بالفترة التي رافقت إصدار وعد بلفور، فلويد جورج، وزير المالية البريطاني، الذي عمل على وعد بلفور، يصفه وايزمان بأنه “رجل متعصب، يُفضل أن تذهب فلسطين لليهود على أن تذهب إلى فرنسا الكاثوليكية، الكافرة”.
كان بلفور دائم النطق والحديث بـ “رؤى توراتية”، حتى إنه عندما جاء فلسطين لافتتاح الجامعة العبرية عام 1925. وبعدها زار تل أبيب قال: “أحسب أن المسيحيين في أوائل المسيحية كانوا كهؤلاء اليهود الذين يعيشون اليوم في فلسطين بالأمل”.
وعد بلفور هو أول اعتراف رسمي بالصهيونية كممثل لليهود، رغم أن أغلبية اليهود كانت ضد الصهيونية، وأزال وعد بلفور تحفظات الكثيرين من اليهود تجاه الصهيونية، وتخوفهم من تهمة “الولاء المزدوج”.
ويكفي أن نورد ما ذكره المؤرخ وليد الخالدي في كتابه “الصهيونية في مائة عام”، من أن عدد أعضاء الاتحاد الصهيوني الأميركي عام 1914 (أي قبل وعد بلفور) كان 12000 عضو، بينما لم تتجاوز ميزانيته 15 ألف دولار. وفي عام 1919 أصببح 176 ألف عضو، وميزانيته 3 مليون دولار.
ولا شكّ أن أرض فلسطين بقداستها، لم تكن لتشهد كل تلك الدماء، لو لم يكن بلفور يملك هذه الحماسة الدينية لسرقة الأرض، وتوريث ما لا يملك، على أسس دينية، ليشعل معارك تستوجب اعتذار بريطانيا.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

إصابة 13 إسرائيليًّا وإجلاء نتنياهو من الكنيست جراء صاروخي يمني
المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 13 إسرائيليًّا أثناء التوجه للملاجئ عقب تفعيل صفارات الإنذار بعد رصد صاروخ أطلق من اليمن، فجر الخميس، أعلنت القوات...

حماس: إعلان الاحتلال هدم مبانٍ في جنين استمرار لحرب الإبادة
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم الأربعاء، إن إعلان الاحتلال عن عزمه هدم أكثر من 95 بناية سكنية في...

الاحتلال يقرر تفجير أكثر من 60 بناية بمخيم جنين
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأربعاء، نيته نسف أكثر من 60 بناية في مخيم جنين شمال الضفة الغربية،...

نور حمدان.. أسير مقدسي يتنسم الحرية بعد اعتقال دام 12 عاما
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يوم الأربعاء، عن الأسير المقدسي نور حمدان من سجن ريمون الصحراوي، بعد...

رغم التضييق.. الآلاف يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في الأقصى
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس المحتلة، إن آلاف المصلين أدوا صلاتي العشاء والتراويح، مساء...

أبو زهري: التوغل البري للاحتلال يدمر اتفاق وقف إطلاق النار
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، سامي أبو زهري، أن العملية البرية للاحتلال الإسرائيلي وتقدم الآليات...

بعد مقتل موظف أممي.. لازاريني: يوم أسود آخر للأمم المتحدة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أدان مفوض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، مقتل موظف تابع للوكالة...