السبت 27/أبريل/2024

اتركوني أموت عنده..المقدسية نبابتة تتشبث بقبر نجلها ضد جرافات الاحتلال

اتركوني أموت عنده..المقدسية نبابتة تتشبث بقبر نجلها ضد جرافات الاحتلال

أمام مرأى ومسمع من العالم ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الاثنين، بمقطع مصوَّر لسيدة مقدسية وهي تحتضن قبر ابنها في المقبرة اليوسفية، قرب باب الأسباط شرقيّ البلدة القديمة في القدس المحتلة، بالتزامن مع قيام الاحتلال الإسرائيلي بأعمال حفريات وتجريف للقبور هناك من أجل إقامة مشاريع تهويدية. 

المشاهد المصوَّرة أظهرت أم علاء نبابتة وهي تُلقي بنفسها على قبر ولدها، رافضةً الانصياع لطلبات جنود الاحتلال. وواصلت احتضان القبر لدى محاولة جرافات الاحتلال إهالة التراب عليه في إطار عمليات حَفْر تخريبية تُجريها في المكان. 

 

يُشار إلى أن الشابّ المقدسي علاء نبابتة تُوُفِّي قبل 4 سنوات، وهو في الثلاثين من عمره، نتيجة سكتة قلبية حادة جرّاء حزنه الشديد على استشهاد أخيه بهاء نبابتة. 

وتتعرّض المقبرة اليوسفية لهجمة إسرائيلية ممنهَجة ومستمرة، وعمليات حفر وتجريف، وصلت إلى مداميك أثرية قريبة من عتبة باب الأسباط؛ تمهيداً لإقامة “حديقة توراتية”. وتُعَدّ المقبرة إحدى أشهر المقابر الإسلامية في المدينة المقدّسة المحتلة. 

وفي حديث لها روت أم علاء أن جنود الاحتلال منعوها من زيارة قبر ابنها، وقالت “حالي كحال أيّ مقدسية تذهب لزيارة أحبائها في المقبرة اليوسفية، لكن جنود الاحتلال الإسرائيلي حضروا إلى حيث أُوجَد بصورة يومية عند قبر ابني من أجل حمايته من عمليات التجريف التي بدأت مطلع الشهر الجاري”. 

وأضافت الأم: “كل يوم آتي إلى هنا للاطمئنان على قبر ابني علاء؛ بسبب عمليات التجريف والنبش التي يمارسها الاحتلال في المقبرة، ولن أسمح لهم بجرفه ولو على جثتي”. 

وتابعت الأم المكلومة: “وصلت إلى قبر ابني بصعوبة، وتمّ دفعي من جانب إحدى مجنَّدات الاحتلال، لكنّني أصرّرت على البقاء”. 

وقالت: “آلمني جداً مشهد جرف التراب والحجارة وسط القبر، لقد ألقيت بنفسي أمام الجرافة الإسرائيلية من أجل أن أمنعها من تحطيم الضريح، لكن جنود الاحتلال لم يرتدعوا على الرغم من المناشدات، بل أكملوا تنفيذ مخططاتهم”. 

وقالت الأُم المقدسية المكلومة: إن قوات الاحتلال منعتها من زيارة قبر ابنها، وجرفت نصف القبر، مؤكدة “الله فقط يعلم بحجم الوجع بداخلها”. 

ومنذ ساعات صباح أمس الاثنين واصلت طواقم من “سلطة الطبيعة” التابعة للاحتلال اقتحام مقبرة الشهداء -الامتداد الشمالي للمقبرة اليوسفية- وشرعت في أعمال كبيرة فيها، منها وضع قضبان حديدية حولها، وتهيئة أرضيّتها بالتراب. 

من جهته دعا النائب المبعد عن مدينة القدس أحمد عطون كل من يستطيع الوصول إلى القدس والتصدي للاحتلال للحفاظ على المقبرة اليوسفية التي تضم قبور علماء ومجاهدين من أزمنة مختلفة. 

وقال عطون -في تصريح صحفي-: “إن إصرار الاحتلال الإسرائيلي على فرض سيطرته على المقبرة اليوسفية منذ أكثر من 20 عاما، “يهدف لفرض الأمر الواقع بإنشاء حدائق توراتية بمحاذاة المسجد الأقصى وامتداد بلدة سلوان، لتحيط كالسوار على المعصم بالبلدة القديمة للقدس”، و”لتثبيت رواية إسرائيلية مغلفة بغلاف ديني توراتي لتهويد القدس”. 

وهبّ مقدسيون احتجاجاً على مواصلة انتهاك المقبرة، وطمس معالمها وتهويدها بغية إقامة مخطط الحدائق التوراتية، في حين اعتدت عليهم عناصر شرطة الاحتلال، وحاولت منعهم من الدخول إلى المقبرة.

ورفضت محكمة الصلح التابعة للاحتلال الأسبوع الماضي، طلب لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس، منع بلدية الاحتلال وما تسمى بـ“سلطة الطبيعة” من الاستمرار في أعمال الحفر والنبش في قبور الموتى، في أرض مقبرة الشهداء المجاورة للمقبرة اليوسفية. 

يشار إلى أن مقبرة الشهداء تحوي “صرح الشهيد” وعدداً من القبور القديمة والحديثة، مساحتها تبلغ نحو أربعة دونمات، وهي الامتداد الشمالي لمقبرة اليوسفية والتي تعرّضت للعديد من الانتهاكات “الإسرائيلية” على مدار السنوات الماضية. 

وتنوي بلدية الاحتلال إقامة حدائق توراتية ومدرجات تطلّ على سفوح جبل الزيتون شرقي القدس على أرض المقبرة، وغيّرت خلال السنوات الماضية المعالم المحيطة بها من خلال أعمال ادّعت بأنها “عمليات ترميم”. 

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، أعمال التجريف في المقبرة اليوسفية، الملاصقة لأسوار البلدة القديمة في القدس المحتلة، لليوم الثاني تواليًا. 

وتنبع أهمية الموقع الجغرافي للمقبرة لقربها من سور القدس وباب الأسباط الذي يعد أهم مداخل البلدة القديمة، إضافة لأنها تضم قبورا لجنود أردنيين وضريح الجندي المجهول. 

يذكر أن بلدية الاحتلال تنفذ أعمال حفر وتجريف بالمقبرة منذ عدة سنوات، وفي عام 2014 منع الاحتلال الدفن في جزئها الشمالي، وأقدم على إزالة عشرين قبرا لجنود أردنيين استشهدوا عام 1967 فيما يعرف بمقبرة الشهداء ونصب الجندي المجهول. 

وفي الحادي عشر من الشهر الجاري، وأثناء عمليات حفر قامت بها طواقم بلدية الاحتلال ظهرت رفات وعظام عشرات الشهداء والموتى المسلمين، وبعد أن هب المقدسيون لرفض هذه الأعمال، أغلقت شرطة الاحتلال المكان. 

يشار إلى أن ردّة الفعل الشعبية والرسمية على انتهاكات الاحتلال لمقابر المسلمين والتعدّي على حرمة القبور، وتكسير شواهدها، وتحطيم رفات الشهداء، ضعيفة جدًّا، ولا تتناسب مع حجم الحدث.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات